نشيد
الأناشيد
سفر حب الأب
يوحنا عيسى ثمة، في
الكتاب
المقدس، سفر
صغير يدعى
نشيد الأناشيد.
ويدل أسمه أو
عنوانه على
أفعل التفضيل
أي أحسن
وأفضل
الأناشيد. ولما كان
هذا
السفر قد
أثار وما
يزال يثير
اهتمامي
وإعجابي، منذ
فترة ليست
بوجيزة،
سأتطرق إليه
في هذا المقال
من أجل
التعريف به
وبقيمته إذ
لا يزال يحمل
قيمة
إيجابية
لأبناء هذا
الزمان بوجه
عام وللمسيحيين
بوجه خاص
ولاسيما ان
كثيرين منهم
يجهلونه في
حين ان
تعليمه يصب
في العهد
الجديد
وبالتالي في
الإنجيل
المقدس. 1. التعريف
بالسفر. يقع هذا
السفر
الجميل ما
بين سفر
الجامعة وسفر
اشعيا, وقد
نسب إلى
سليمان كما
نسبت إليه أسفار
أخرى كسفر
الأمثال
وسفر
الجامعة
وسفر الحكمة.
وهذه العادة
كانت متبعة
في القديم
لينال كتاب
ما شهرة أو
قوة من مؤلفه
أو صاحبه. ولكن، في
الحقيقة، لا
يمكن نسب هذا
السفر إلى
سليمان في
الوقت الذي
يظل مؤلفه
مجهولاً
بالنسبة
إلينا. أما زمن
كتابته فهو
يعود إما إلى
عصر الفرس في
القرن
الخامس قبل
الميلاد أو
إلى زمن
العصر الهليني
في القرن
الثالث قبل
الميلاد.
ويدل على ذلك
إنشاؤه
ولغته،
علماً بأنه
يحتوي على عناصر
قديمة قد
يرقى عهدها
إلى أيام
سليمان. يحتوي
هذا السفر
على سبع
قصائد مؤلفة
من حوارات
تجري بين
الحبيب
والحبيبة،
حوارات
تقطعها
الأصوات. إلا أن
وجود هذه
القصائد في
الكتاب
المقدس وهو
كلام الله قد
أثار وما
يزال يثير
إعجاب واستغراب
الكثيرين
وسبب
إحراجاً
كبيراً
لليهود والمسيحيين
على حد سواء.
ونتساءل هنا:
ترى، ما
الضير من وجود
مثل هذا
السفر في
الكتاب
المقدس ونحن
نعلم بأن
الحب شيء حسن
ومقدس وقد
وضعه الله،
منذ البداية،
في قلب الرجل
والمرأة
ليحقق به
وحدتهما
وتكاملهما. 2. تفسير
السفر. وفضلاً
عن ذلك، فإن
تفسير هذا
السفر قد
أثار هو
الآخر وما
يزال يثير
جدلاً
كبيراً
وواسعاً في
أوساط
الشراح. أهو
سفر رمزي أم
سفر غزلي؟ إلى هذا
السؤال أجاب
ويجيب
العديد من
الشراح بأنه
سفر رمزي أو
تمثيلي
يتحدث عن
علاقة الله بشعبه
أو علاقة
المسيح
بكنيسته
وهكذا. أما آخرون
وهم يزدادون
أكثر فأكثر
فهم يرون ان
هذا التفسير
بعيد عن
الواقع
والحقيقة
ويذهبون إلى
اعتباره
سفراً
غزلياً يدور
محوره حول
الحب البشري
من دون أن
يأتي على ذكر
الله أو
الإخصاب أو
الإنجاب. أما أنا
فأميل إلى
التفسير
الثاني إذ
أرى فيه سفر
حب بشري
يعبر،
بطريقة
رائعة، عما
يجيش في قلب
الإنسان،
سواء كان
رجلاً أم
امرأة، من
عواطف
ومشاعر
إنسانية
نبيلة كالإعجاب
والاشتياق،
يفصح عنها
الحبيب تارة
والحبيبة
طوراً آخر.
وفيه نجد
وصفاً
متبادلاً للجمال
البشري
وقلقاً
وخوفاً
وبحثاً عن
الآخر من أجل
إيجاده. 3. تعليم
هذا السفر. ولكن من
دون أن نقف
عند هذه
التفاصيل،
علينا أن
نذهب- وهذا ما
يهمنا في هذا
السفر- إلى
المحتوى أو
المضمون أي
الرسالة
التي يود
إيصالها.
وهذه الرسالة
تتمحور حول
أمور ثلاثة
جوهرية
وأساسية بالنسبة
إلى الزواج: 1.
المساواة 2. عدم جائزية
الطلاق
3. عدم جائزية
تعدد الزوجات.
وهكذا يكون
هذا السفر
شاهداً على
ترقي المرأة في
ذلك الزمان
ويعمل على
تصحيح حالة
المؤسسة الزوجية
التي نالها
التشويه
بإعادتها
إلى نقائها
وصفائها
وأصالتها
التي كانت قد
فقدتها بفعل
قساوة قلوب
الناس كما
يقول يسوع
المسيح. وعلينا
أن نتناول
الآن بشيء من
التفصيل هذه
الأمور
الثلاثة: 1.
المساواة:
في وقت كانت
المرأة
كائناً
تابعاً
للرجل وأدنى
منه بل
يعتبرها ملكاً
له، فإن
المرأة، في
هذا السفر،
على قدم المساواة
مع الرجل. أما
ما يجعلها
متساوية معه
فهو، ولاشك،
الكرامة
الواحدة
التي يتمتع بها
الاثنان
وكذلك الحب.
فالحبيبة هي
للحبيب مثلما
الحبيب
لحبيبته "أنا
لحبيبي
وحبيبي لي"
(نشيد
الأناشيد: 2: 6).
"أنا لحبيبي
وأشواقه لي"
(نشيد
الأناشيد 7: 11)
بعد أن كانت
أشواق
المرأة تذهب
إلى الرجل بعد
السقطة
الأولى،
الأمر الذي
يعتبر
تصحيحاً
للحالة. ولذا
على الرجل أن
يعتبر
امرأته
شريكة حياته
وليس شيئاً
آخر. 2.
عدم جائزية
الطلاق: في
وقت كانت الشريعة
تجيز الطلاق
فإن هذا
الزواج لا
ينوي الانتهاء
إذ هو مبني
على الحب
وليس على
اعتبارات
أخرى، هذا
الحب الذي
بمقدوره أن
يتواصل وأن يواجه
ويجابه كل
الأخطار
المحدقة به
ليخرج منها
منتصراً
قوياً. هذا ما
تقوله
الحبيبة لحبيبها
في آخر
النشيد
"اجعلني
كخاتم على
قلبك كخاتم
على ذراعك
فإن الحب قوي
كالموت
والهوى قاس
كمثوى
الأموات
سهامه سهام
نار ولهيب
الرب. المياه
الغزيرة لا
تستطيع أن
تطفئ الحب
والأنهار لا
تغمره ولو
بذل الإنسان
كل مال بيته في
سبيل الحب
لاحتقر
احتقاراً"
(نشيد
الأناشيد 8: 6-7). 3.
عدم جائزية
تعدد
الزوجات: في وقت
كانت
الشريعة
تجيز تعدد
الزوجات،
فإن الحبيب
واحد
والحبيبة
واحدة. واحد
لواحدة
وواحدة
لواحد. فلقد
كان بإمكان
الله أن يخلق
أكثر من آدم
لحواء وأكثر
من حواء لآدم.
ولكنه خلق واحداً
وواحدة ليس
إلا. هكذا
أراد الله أن
تكون
المؤسسة
الزوجية،
عندما خلق
الله الإنسان
ذكراً وأنثى
ووحدهما عن
طريق الحب
الذي وضعه في
قلبيهما من
أجل أن يتم
التكامل
والوحدة
والتواصل
بينهما
وبذلك
يتقاسمان
الحياة في
السراء
والضراء
ولاسيما
الحب الذي لا
يمكن تقسيمه
أو مقاسمته
مع آخر أو مع
أخرى إذ يجب
أن يعطي
بكليته غير
مقسم ولا
مجزء لشريك
أو لشريكة
الحياة. 4. رسالة
السفر. يشكل سفر
نشيد
الأناشيد
بحق رسالة
قوية موجهة
إلى أبناء
زماننا كما
إلى أبناء كل
زمان ومكان
ولاسيما إلى
المسيحيين
اليوم فيها
يدعوهم إلى
الحفاظ على
أصالة ونقاء
وصفاء هذه
المؤسسة
الإلهية
لتبقى مثلما
أرادها الله
منذ البدء. فلقد
أرادها الله
وما يزال
يريدها
قائمة على الحب
والوحدة
والثبات
لئلا
تزعزعها كل
الأخطار
التي قد تحدق
بها سواء
كانت خارجية
أو داخلية.
وهي ستبقى
صامدة
وثابتة،
طالما انها
تقوم على هذه
الأركان
الثلاثة
التي تشكل
أساساً قوياً
ومتيناً لها. ومما قد
يسهم في نجاح
هذه المؤسسة
الإلهية
وديمومتها
فهو، ولاشك،
حسن
الاختيار
لشريك أو
شريكة
الحياة، هذا
الاختيار
الذي يجب ألا
يقوم على
اعتبارات
مصلحية أو
منفعية لا
ولا فقط على
العاطفة أي
على القلب
وإنما على
العقل أي
يكون
اختياراً
عقلانياً من
أجل ضمان
نجاح هذه
المؤسسة
الإلهية وتواصلها
واستمراريتها,
وبنجاحها
تكون
الكنيسة ناجحة.
ولذلك فإن
الكنيسة
معنية
للغاية بهذه المؤسسة
الإلهية
وترافقها
مدى الحياة
كأم حنونة
ورؤوفة تكن
لكل أولادها
الحب. |