مقابلة مع اللواء الركن د. قرياقوس متشــو قرياقوس
أجرى المُقابلة: وســام كاكو
إسم تداوله البعض من أبناء شعبنا بسرية كبيرة في الثمانينيات، لرجل ساعد الكثيرين منهم ومن غيرهم. رجل وصل الى رتبة لواء ركن في الجيش السوري، إنضم الى حزب البعث على يد طارق عزيز، حاصل على دكتوراه في العلوم العسكرية، مسؤول المُخابرات الخارجية السورية مع رفعت الأسد لمدة 17 عاماً، مُدرسا للغة الإنكليزية، مُقربا من الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد ومن الرئيس الحالي بشار الأسد، خصص صدام حسين مُكافأة مالية مقدارها مليون دينار عراقي ثمناً لرأسه، حاولت القوات العسكرية الإسرائيلية أن تغريه وتطلب منه أن لا يُحارب لصالح العرب بحجة إنه ليس عربيا فلماذا يُحارب مع العرب ضد إسرائيل! إتصلتُ به هاتفياً وهو في سوريا وكنت مُستعداً للذهاب الى سوريا للقائه والإستماع اليه ولكنه وفر علي هذا الجهد مشكوراً. مَنْ هذا الرجل؟ إلتقيته في مدينة فينكس بولاية أريزونا الأمريكية وسألته مَنْ أنت؟ فأجاب بنشاط واضح وبإبتسامة عريضة ووجه يعكس طيبة فطرية لا تتناسب مع ما مارسه من وظائف قاسية وصعبة في حياته: أنا قرياقوس متشو قرياقوس، في الأصل أثوري من التيار العليا من حكاري، هاجر أجدادي الى داخل العراق وبعدها الى سوريا حيث ولدت في تل تمّر بسوريا عام 1942.
- حدثني عن حياتك ونشاطاتك؟ - في طفولتي لعبتُ كرة القدم وقد أحببتها كثيراً. تخرجتُ من الإعدادية في عام 1959-1960 وتم قبولي في كلية الطب بأسيوط في مصر إبان فترة الوحدة بين مصر وسوريا، ولكن بسبب هوايتي للعسكرية لم ألتحق بكلية الطب. كنتُ أرغب في الطيران وفي عام 1961 قدمتُ طلباً الى الرئيس جمال عبد الناصر لأكون ضابط طيار فقال لي عبد الناصر: أنت ستكون أول طيار في القوة المُوحدة للجمهورية العربية المُتحدة، ولكن الإنفصال الذي حدث في عام 1962 حال دون تحقيق هذا الهدف. في عام 1967 وقبل حرب 5 حزيران تطوعتُ في الكلية العسكرية السورية وشاركتُ في الحرب بصفة ضابط تلميذ. في عام 1968 تخرجتُ ضابطاً وكانت معارك الإستنزاف جارية مع الإسرائيليين وأبليتُ بلاءاً حسناً فمنحني الرئيس حافظ الأسد في عام 1970 رتبة إستثنائية ولقب بطل الجمهورية فأصبحتُ برتبة ملازم ثان على سلاح المدفعية والصواريخ. - ومتى بدأ نشاطك الفعلي مع أبناء شعبنا؟ - في السبعينيات كانت توجد أحزاباً سرية في سوريا لأن الأحزاب لم تكن مسموحة وهي على أية حال لم تكن أحزاباً قوية، ثم بدأت تنشط بشكل فعلي في عام 1980. في العراق بدأ النشاط الحزبي لأبناء شعبنا بعدما ذهب مار شمعون الى أحمد حسن البكر وكان ذلك بين عامي 1977 و 1980 فنشطت الأحزاب ولكنها كانت كلها سرية أيضاً. في سوريا لا توجد أحزاباً إثنية أو دينية مُعلنة فمثلا يوجد مؤيدون ومُساندون لزوعا ولكن لا يوجد منتسبون ويُمكن للحزب أن يُمارس نشاطه ضمن أحزاب المُعارضة. في الثمانينيات جرى تجمع حزبي دعا اليه حزب بيت نهرين لدعم زوعا وقد تم جمع تبرعات في هذا التجمع وقد تبرعتُ أنا بمبلغ غير قليل من الدولارات في حينها. أنا أدعم كل الاحزاب الأثورية التي أراها تعمل لصالح هذا الشعب. بدأ نشاط زوعا في سوريا في التسعينيات، فعندما إنهزم الشباب المسيحي الى الشمال فرّ الكثير منهم الى إيران عندما بدأت الحرب العراقية الإيرانية وبعدها جاء بعضهم الى سوريا وفتحوا لهم مكتباً في سوريا، أنا كنت أدعم الجميع لأني كنت ضابط مُخابرات وقد دعمتهم مادياً وكان ذلك بموافقة الحكومة السورية. - كنتم تعطون الأموال من الحكومة السورية، أليس كذلك؟ - طبعاً من الحكومة السورية وليس مني أنا ولكني تبنيتهم وقد عملوا معي، وملف صدام كان عندي، أنا وصلت الى مرحلة إغتيال صدام، وكانت العملية وصلت الى نهايتها ولكن عندما إستشرنا (أنا ورفعت الأسد) الرئيس حافظ الأسد قال: أوقفوا التنفيذ، نحن لا نُوافق على أسلوب الإغتيالات حتى لو كان صدام حسين، دعوا شعبه يُحاسبه. لذا توقفنا، ونحن بالطبع رجال أمن ومن طبيعتنا أن نكتسح العدو أو المُقابل ونرفع كل شيء من أمامنا لنصل الى مرحلة صالحة للتفاوض السياسي. حافظ الأسد لم يُؤمن بالإغتيالات أبداً. - في أي سنة كان هذا؟ فكر قليلا ثم قال: سيدي العزيز... في عام 1981-1982. أنا شخصياً وصلتُ إليه وحتى صدام كانت له منشورات تقول إنه مَنْ يقتل الرائد قرياقوس له مليون دينار عراقي، كنتُ في حينها برتبة رائد، وقد حاول عدة مرات إغتيالي في سوريا ولكنه فشل علماً بأني في الأخير إلتقيتُ بصدام في عام 2002، لاحظ المُفارقة. كُنت رئيس وفد عسكري في بغداد للتعامل مع التصنيع العسكري، كُنت مع رئيس الوزارة السورية في حينها مُصطفى مير، واستقبلني صدام وقلتُ له أنا اللواء قرياقوس الأثوري. - وهل عرف بأنك نفس الشخص الذي كنت تُخطط لاغتياله؟ - أعتقد ذلك لأنه قال بالحرف الواحد: سمعان بهذا الاسم يا سيادة اللواء. - وكيف وجدت صدام؟ - إنه إنسان غريب، عيناه تقدحان شرراً عكس حافظ الأسد، كان وجه صدام مُخيفاً ولا تستطيع أن تقرأ وجهه ولا تعرف ما في قلبه. - كل العمل الذي قمت به كنت تملك موافقة الحكومة السورية به؟ - أنا لا أخطو خطوة إلا بموافقة الحكومة السورية خاصة الأمن السوري. - لماذا كل هذه الثقة بالأمن السوري والحكومة السورية؟ - أنا أعمل لوطني ولأمتي، لا أستطيع أن أكون نافعاً لأحد إن لم أكن صالحاً لوطني. إن لم أكن جيداً في وطني لن أستطيع أن أكون جيداً لأمتي، أنا أفتخر بكوني سوري وأنا أعبد وطني، صحيح إن أبائي عراقيون وهذا شرف لي ولكني أؤمن بوطني، أنا لست شوفينياً وأتعامل مع الكل وأؤمن بالكل بالمسلم والمسيحي والكردي. - طيب ماذا فعلت عندما خرج رفعت الأسد؟ هل حصلت لك مشاكل؟ - وضعوني في الأمن القومي لمدة ست سنوات دون عمل أو وظيفة فضجرت كثيرا وأوقفوا ترفيعي فكتبت رسالة الى حافظ الأسد... توقف قليلاً كما لو إنه إستدرك موضوعاً آخراً فقال: حتى ذهاب البطريرك الى سوريا كان يتم عن طريقي. قاطعته قائلاً: أي بطريرك؟ - مار دنخا وغيره، أنا كنت أكتب تقريراً الى رفعت الأسد أخبره بأن البطريرك الأثوري يريد أن يأتي الى سوريا وعندها كانت الدولة تقوم بواجبها تجاهه ونحن كنا نقوم بواجبنا من حراسات وغيرها. الآن أكمل لك موضوع ترفيعي، كتبتُ رسالة لحافظ الأسد بعثتها له بيد البطريرك لأني قلتُ للبطريرك إذا لم يجري ترفيعي الى رتبة عميد فإنه سيجري إحالتي على التقاعد خلال سنة واحدة. أخذ البطريرك الرسالة وعندما إلتقى بحافظ الأسد قال له حافظ الأسد: لماذا لا يقوم الأشوريون بإجراء... وأراد أن يُكمل الحديث ولكن البطريرك قاطعه قائلا: أي إجراء نفعله، نحن لنا ضابط واحد فقط لديكم ولحد الآن لم يتم ترفيعه فهو عقيد من ثمان سنوات، فقال له حافظ الأسد: سيادة البطريرك أنا أعرف العقيد قرياقوس جيداً وأعتز به كثيراً ولكن يجب أن يكون لدينا مِلاك ليجري ترفيعه، حتى أخي رفعت لا يوجد ملاك لترفيعه ولكن إعتبر إن موضوع العقيد قرياقوس قد إنتهى. طبعاً الرسالة التي كتبتها له وصلت وقد كانت رسالة شديدة قلتُ فيها أنا بعثي والقيادات كلهم أصدقائي ويقول الأثوريون إن (حافظ الأسد أكلوا للعقيد قرياقوس وكبوا لـ برّة) إنزعج حافظ الأسد كثيراً من هذا الكلام وبعد 24 ساعة أصبحتُ عميدا ولكني جلستُ مع حافظ الأسد لساعتين قبل ذلك وسألني عن الرسالة فقلتُ له: إن الأثوريين يقولون إن حافظ الأسد إستفاد من قرياقوس وقد رماه بعد ذلك فقد إستخدمه في الحرب وغيرها ثم اهمله.
- في أية سنة كان ذلك؟ - في عام 1992 حيث أصبحتُ عميداً وقد تقاعدتُ برتبة لواء ركن. كما إني عضو في القيادة، والأمين القطري صديقي جداً وقد قرأنا في نفس المدرسة وأنا حزبي قبله.
- أنت لواء ركن أليس كذلك؟ - نعم لواء ركن فضلاً عن إني حاصل على شهادة الدكتوراه في العلوم العسكرية.
- في أي سنة حصلت على الدكتوراه؟ - في عام 1993.
- أستطيع أن أنشر هذه المعلومات أليس كذلك؟ - إنها معلومات عادية ويُمكنك نشرها. - أنا دائماً أراعي في النشر مسألتين أولهما سلامة الشخص الذي يُعطيني المعلومات والثانية سلامة أهداف شعبنا وضرورة المُحافظة عليها.
- وهذا الصحيح. أنا الآن أدعو الى مؤتمر لكل الأثوريين من منظمات وأحزاب وكلهم في سوريا علماً بأني بعثي، أنا بعثي منذ 45 عاما، طارق عزيز هو الذي نظمني في الحزب في سوريا في عام 1953، كنت صغيرا بعمر 12 سنة تقريبا، كنت في الصف السادس الإبتدائي، كان طارق عزيز منفياً الى سوريا في الجزيرة في حينها، وإلتقيت به في الشام وجلستُ معه لثلاث مرات وقد إلتقيتُ به وهو في الحكم أيضاً وكنتُ مع وزير الدفاع السوري.
- وكيف وجدتهُ؟ - إنه شخص ذكي جداُ وعالي المستوى بغض النظر عن السياسة... إنه ليس شخص بمستوى عادي، ولكن أنت تعلم عندما يجلس مع صدام فإنه لا يستطيع أن يؤثر عليه لأن صدام كان يفعل ما يريد، ولكن إن لم يكن طارق عزيز شخصاً ذكياً وشجاعاً لما كان بإمكانه أن يصل الى ما وصل اليه. - عندما تريد أن تعمل مقارنة سريعة بين الرئيس بشار الأسد والرئيس الراحل حافظ الأسد تسمع بعض الناس يقولون إن حافظ الأسد كان يفرض في وقته قيوداً على الشعب ولكن بشار الأسد يبدو أكثر إنفتاحاً ما قولك في ذلك؟ - الأوضاع في حينها كانت تستوجب ذلك، في زمان حافظ الأسد كانت الأمور بهذا الشكل قُمنا بالثورة في 8 آذار وضربنا الكل وأخذنا الحكم، كان حافظ الأسد مُرغماً أن يكون كذلك وإلا كان أعداؤنا قد فعلوا ما أرادوا، إن لم يكن حافظ الأسد ذكياً وقويا لما إستطاع أن يتقدم الى الأمام، الأمر إختلف مع بشار الأسد إنه أكثر إنفتاحاً وديمقراطيته تتقدم الى الأمام وما في تفكيره من ديمقراطية أكبر مما يُطبقه الآن ولكن لا يُمكن أن تُحرك الديمقراطية والعمل الديمقراطي في سوريا بشكل مُفاجيء وسريع جداً لكي تُضاهي أميركا وأوربا. هنا قاطعتنا عاملة المطعم الذي كنا نجلس فيه وجلبت لنا كأسين من النبيذ الأحمر وقالت: هذا مُقدم لكما من الشخصين الجالسين على المنضدة التي بجانبكما، فإلتفتنا إلى الشخصين الجالسين هناك وشكرناهما وإستغربنا منهما هذا الكرم لأننا لم نعرف من هما. قاما من مكانهما وجاءا نحونا فسلما علينا وقال أحدهما بلغتنا الآرامية الدارجة: أنت ربْ خيلا –اللواء- قرياقوس. أجابه: نعم أنا هو. فقال: أنت ساعدتني كثيراً في سوريا في الثمانينيات وسمعتك الآن تتحدث فعرفتُ إنه أنت ربْ خيلا قرياقوس فأردتُ أن أسلم عليك وأشكرك. لم يتذكر السيد قرياقوس الشخص وقد تأسف لذلك، وقد بدا إن واحداً من الشخصين كان يعرف إبن اللواء قرياقوس وهو الطبيب جوني المُتخصص بالأمراض القلبية في مُستشفى بأريزونا. قال قرياقوس عن إبنه: إن جوني كان من الأوائل في سوريا، وهو وبشار الأسد كانا في صف واحد وهما أصدقاء جداً. قال عنه الشخص: إن د. جوني شخص رائع جدا وهو يُساعد أهلنا كثيراً وهدا طبعا ليس غريبا لمن هو إبن اللواء قرياقوس. شكرناهما كثيرا وقد قال اللواء قرياقوس لهما أنا خادم لكم ولشعبي. ثم قال واحد من الشخصين لي: هل تعلم إن اليهود قالوا له لماذا تُحاربنا... قاطعه اللواء قرياقوس قائلاً من أين سمعت هذا؟ ثم أكمل قائلاً هذا الكلام صحيح فقد قال لي آمر اللواء حسن جميل إن اليهود أذاعوا كلاما يقول "قرياقوس لماذا تُحاربنا فأنت لست مُسلما ولست عربياً فلماذا تُحاربنا؟" لقد أزعجتُ اليهود كثيرا لأن الجبهة التي كنتُ فيها لم يستطع اليهود إقتحامها ثم إستدار نحو الشخص الذي ضيّفنا وقال له ثانيةً: من أين سمعت هذا؟ أجابه: من أبي رحمه الله في بغداد فقد قال لي يوماً كان لدينا ضابط واحد فقط في الحرب مع اليهود وقد إحتار اليهود معه ولم يستطيعوا أن ينتصروا عليه، وقد عرفوا إنه أثوري وهو الضابط الأثوري الوحيد في كل الجبهة الذي وقف بوجههم، فقالوا لماذا تُحاربنا وأنت لست عربياً ولست مُسلماً. قال اللواء قرياقوس: في حينها فرّ 17 ضابطاً من الجبهة وأنا الوحيد الذي بقيت في الجبهة وقد قُتل الكثيرون من عندي، 19 عسكرياً قُتلوا من سريتي في حينها ولم أنسحب. لذلك إرتاح لي حافظ الأسد وقد أمر بحضوري أمامه ...
قاطعته قائلا: لم يعرفك حافظ الأسد قبل ذلك؟ - كلا لم يكن يعرفني، وقد إستقبلني وعندما إجتمعتُ به قال لي: لماذا لم تفرّ مع الآخرين وبقيت لوحدك في الجبهة؟ فأجبته: سيدي أنا لا أستطيع أن أفرّ من الجبهة. قال: لماذا، من أين أنت؟ قلتُ له: أنا أشوري. وأردتً أن أكمل ولكنه قاطعني قائلاً: لا تُكمل أنتم الأشوريون معروفون، في حياتك كلها مهما إحتجت لشيء تعال إلي ومكتبي مفتوح أمامك. لهذا السبب كل الضباط الذين كانوا مع رفعت الأسد تم تسريحهم ولم يتم تسريحي أنا، كنا فقط ثلاثة أنا وإبن أخت حافظ الأسد وشخص آخر، لماذا؟ لأنه عرف إني ذلك الشخص الذي وقف في الحرب. - إن غايتي من هذه المُقابلة، فضلاً عن التعريف بكم، هي ما يلي: ربما تكون قد سمعت إنه يوجد مشروع كبير لشعبنا الآن وهو مشروع الحكم الذاتي وله الكثير من المؤيدين وكذلك الكثيرمن المُعارضين، أريد أن أعرف رأيكم بخصوص هذا الموضوع. - ما هي نوعية هذا الحكم الذاتي وبمن سيرتبط؟ بالأكراد أم بالحكومة المركزية، أريد أن أعرف كي أحدد موقفي؟ - لحد الآن هذا الموضوع ليس مُحددا. - أنت تعلم إنه لا يوجد آثوري لا يرغب بالحكم الذاتي في هذا الوقت ولكنه موضوع صعب أو أعتقد ذلك، لماذا لأني دائماً أؤمن بالعدد، الديمقراطية تحتاج الى العدد، لا توجد ديمقراطية، صحيح يوجد توافق مثلما قالوا عن يونادم كنا عندما أصبح نائبا قالوا إنه خرج بالتوافق ولكن كان له ناس إنتخبوه وهكذا في شمال العراق أو كردستان كما يدعونه الآن، يوجد خمسة نواب، أولئك النواب لا يملكون العدد. أنا أحدد موقفي من الحكم الذاتي بمدى إرتباطه وستراتيجيته وبمن، فمثلاً تكتيكياً يُمكن ربطه بالشمال ولكنه ستراتيجياً غير صحيح، أنا من وجهة نظري حتى الأكراد لن يسمح العرب لهم أن يعملوا على هواهم، يُمكن أن يعطوهم حق التعليم وغيره ولكن لا يُمكن تجزئة العراق، العراق واحد. - أنا أحترم وجهة نظرك هذه ولا أحد يُوافق على التقسيم، ولكني أريد أن أقول شيئاً: الدراسات التي ظهرت من عام 1981 كانت تُروج لمشروع كبير في المنطقة، فأميركا كانت تعمل على هدف هو العراق وهم يعملون من 1982 على جعل العراق فدراليات، يعملون على هذه الستراتيجية لفترة 26 سنة وهم يعملون طويلاً على ستراتيجيتهم وأنت تعرف كيف يعملون استراتيجيا على مراحل. الستراتيجية الأخيرة المُحددة للعراق هي جعل العراق ثلاث فدراليات: سنّة وشيعة وأكراد. المسيحيون لا يُساندهم أحد. - لأننا لا نملك الثقل المطلوب. - صحيح نحن لا نملك ثقلاً ديمغرافياً أو مالياً، ولكننا نملك تاريخاً كبيرا وأصالة، وفهماً وإدراكاً واسعين ولا أحد يُساعدنا بهذه الغاية، نحن كنا لا نعمل لأهدافنا بل لأهداف من نعيش معهم ولكننا الآن نريد شيئاً آخراً، لقد سمعتُ من داود برنو يقول مرة: إننا عند الحاجة كنا نذهب الى ليبيا لطلب المُساعدة وكانوا يُساعدوننا، فسألته أنت كنت في سوريا ألم تكن لديك مُشكلة مع الحكومة ا لسورية فقال: كلا الحكومة السورية هي التي كانت تقول إذا إستطعتم الحصول على المساعدة فخذوها. قاطعني قرياقوس قائلاً: القذافي كان معهم وكان يُساعد كل المُنظمات. قلتُ له: أؤلئك كانوا يُساعدوننا لأهدافهم ولكننا الآن نريد مساعدة أنفسنا وعمل شيء لشعبنا. نُريد الحكم الذاتي، نُريد تثبيته في الدستور أولاً... - قال مُتسائلاً: الحكم الذاتي غير مذكور في الدستور؟ - كلا! - يجب أن تعملوا على تثبيته في الدستور إذن، لأنه من غير تثبيت ذلك في الدستور لا أحد يعطيكم الحق في الحكم الذاتي. إنه مفهوم ممتاز جداً وفي أي مكان كان وبأية مساحة كانت. - نحن لدينا مناطق وقرى خاصة بنا ونريد إقامة منطقة الحكم الذاتي في المناطق التي يقطنها أغلبية من أبناء شعبنا وسيتمتع أبناء شعبنا بالطبع أينما كانوا في العراق بحقوق الحكم الذاتي وإمتيازاته. - هذا شيء ممتاز! - قلتُ له: سوريا في هذه المعمعة التي فيها أميركا في العراق وأميركا لها عداء مع سوريا ، وتوجد من الجانب الآخر إسرائيل كيف تستطيع سوريا أن تقف واحدة ومُتماسكة أمام هذه العاصفة التي حولها في منطقة تحترق بالنار، ما سبب ذلك هل هو بسبب تقديم بعض التنازلات لبعض الأطراف أم بسبب القيام بإتصالات سرية أو بسبب إتفاقيات غير مُعلنة مثلاً، ماذا تعتقد هو السبب إنها مثل الباخرة الواقفة متماسكة في بحر مُتلاطم الأمواج؟ - لنأخذ مثلاً صغيراً وهو حزب الله، ما هو حزب الله؟ الدول العربية كلها لم تستطع مقاومة إسرائيل، وحزب الله ليس أكثر من عشرة آلاف شخص وقف ضد إسرائيل وخاض حرباً ضدها، وخسرت إسرائيل ولم تستطع الدخول الى لبنان، وقالت إسرائيل بأنها عملياً خسرت الحرب مع حزب الله، طيب لماذا؟ لأن حزب الله مُوحّد ويعمل بإيمان. الشعب السوري جيد جداً وهو مُوحّد في الأزمات ومُتماسك جداً هذا من جهة، ومن جهة ثانية، للشعب السوري الحق، الحق يُعطي قوة ويرفع عالياً، ونحن نُطالب إسرائيل وأميركا بحقوقنا ليس أكثر، والقيادة السورية لها ثوابت لا تتخلى عنها أبداً، لن أركع لأن التاريخ يشهد بأنه لا يُمكن لأي إستعمار أن يبقى في الوطن دائماً ويتغلب عليك، لا بد أن يخرج لاحظ تركيا حكمت 400 سنة وكذلك الفرنسيين ولكنهم خرجوا. لابأس أن تتعذب الأجيال ولكن كرامتنا تبقى فوق هذا من ناحية، من ناحية ثانية كل نظام حكم له سياسة خارجية وأخرى داخلية، سياستنا الخارجية ممتازة جداً أما السياسة الداخلية فيها مشاكل وأخطاء ولكن هذه الأخطاء يُحاول النظام أن يدفع بها للحل، لدينا رشاوى وتسلط مُخابراتي ومشاكل أخرى وديمقراطيتنا ليست 100%، ربما تكون 50% لأننا لا نستطيع فلماذا لا تكون حرية للأحزاب الدينية السورية مثل أميركا مثلاً. قوات الأمن لدينا قوية جداً والقوات المُسلحة قوية ولدينا سلاح ممتاز، نحن نُقارب في قوتنا لإسرائيل ونكاد نُساويهم، وهم يفتقرون الى العمق الستراتيجي الذي نمتلكه نحن. - ولكنهم يمتلكون القدرة النووية. - فليكن ذلك، لو ضربوا القنابل النووية فإنها ستؤثر عليهم أيضاً ولو ضربونا بأسلحة نووية تكتيكية فإنها لا تؤثر علينا ونحن نستطيع أن نضرب إسرائيل بألاف الصواريخ بثواني ولو ضربت إسرائيل بأسلحة نووية استراتيجية فإنها ستدمر إسرائيل أيضاً لأنه لا يوجد فرق جغرافي كبير. - قلتُ: لو كان الأمر كذلك فلماذا لم تأخذوا إسرائيل من اليهود كل هذه السنين؟ - لا نستطيع لان العرب خونة ولا نستطيع، متى كان العرب واحداً؟ أبداً لم يكونوا. قلتُ له: المنظمة الأثورية في سوريا... وقبل أن أكمل قال: نعم، بشير السعدي، حدث إنشقاق بينهم، أنا كنت مُدرساً لبشير، كنت أدرسه الإنكليزية، أحترم بشير السعدي كثيرا وساعدته كثيراً وأصبح عضواً في مجلس الشعب ولكنه كثير المشاكل. - إنه سوري الولادة أليس كذلك؟ - نعم إنه سوري وقد عمل مع زوعا لفترة ثم ذهب الى أميركا وغيرها وجماعته لم يرتاحوا منه.
- كنت أقرأ عنه، وماذا عن سليمان؟ - سليمان ممتاز جداً. - ولكن ما دام لا توجد تنظيمات مُعلنة... - إنها تنظيمات مُعارضة. - ولكن كيف يعملون؟ هذا سؤالي - سوريا لا تُمانع بشرط أن لا يعمل ضد سوريا.
- ولكنك تُسميهم مُعارضة فعلى ماذا يعترضون إذن؟ - يعترضون على الأخطاء الموجودة في الدولة مثل الإعتراض على قانون معين، هذا معنى المُعارضة وليس القيام بإنقلاب أوغيرها.
- إذن الإعتراض بموجب القانون...سمعتُ إن الأكراد يُحبوك كثيراً لأنك ساعدتهم؟ - نعم أنا يُحبني الأكراد في سوريا كثيراً وقد ساعدتهم كثيراً، لم أفرق بين العرب والأكراد والأثوريين في حياتي ولكني خدمتُ بصورة خاصة جماعة الجزيرة لأني من الجزيرة ، إن نجاح الإنسان هو في عدم إرتكاب الخطأ، لم أرتكب الخطأ لا في العسكرية ولا في حياتي العامة لهذا السبب يُقدرونني كثيراً.
- قلت بأنكم تريدون أن تعقدوا مؤتمراً؟ - نعم. - ما هو وما هي أهدافه؟ - مؤتمر للآشوريين في كل العالم للأحزاب والمنظمات الآشورية لبحث وضع الأشوريين في شمال العراق وما يريدوه لشمال العراق وربما يكون في الشهر العاشر من هذا العام 2008 وسأستحصل الموافقة من الحكومة السورية، من الرئيس السوري نفسه وستكون الدعوة لكل الأحزاب الآشورية والصحفيين وغيرهم وستتكفل الحكومة السورية بكل النفقات. أنا أقوم بدور الوسيط بين الحكومة السورية والمنظمات الآشورية والذي يقوم بتوجيه الدعوة سيكون أحد الأحزاب الآشورية السورية المعارضة وهذا شيء كبير وسيحصل لأول مرة، ولسوريا مصلحة في ذلك لأنها ستثبت للعالم بأنها بلد ديمقراطي. -قلتُ له: الآن يوجد لشعبنا مجلس شعبي كلداني سرياني آشوري يعمل في العراق وأميركا ودول اخرى في العالم. - سألني بسرعة: من وراءه؟ - أجبته: شعبنا. - ممتاز جداً، ونحن بدورنا سندعوهم الى المؤتمر وأهلاً وسهلاً بهم، سنرسل لهم الدعوة. - قلتُ له: لو كان هذا المؤتمر لصالح جمع شعبنا وتوحيده لا أعتقد إن أحدا سيقف ضده ولكن لو كان للتفرقة وخلق بديل للمجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري فأعتقد بأنه سينظر إليه بمثابة خيانة. - قال بقوة: كلا نحن نعمل على جمع شعبنا وتوحيده ونتمنى أن يحضر رابي سركيس اليه أيضاً، سنوجه الدعوة له وحتى لو قال كلمة واحدة فقط في المؤتمر فإن ذلك يعني الكثير لنا، لنا فخر كبير به، في الحقيقة أنا مُحمل بدعوة من الرئيس بشار الاسد الى رابي سركيس لزيارة سوريا وأرجو إيصالها لسيادته. إن رابي سركيس نجم في قلبنا لأنه يخدم شعبنا بكل همة وإخلاص.
قبل التوديع تبادلنا أرقام الهواتف لنبقى على أتصال مع بعضنا وشكرته على تلبيته دعوتي وودعنا بعضنا.
وسام كاكو |