لقاء خاص مع الكاتب المبدع جوزيف اسمر: رسالتي في الحياة ان ازرع الكلمة السريانية في كل مكان حوار: مارغريت خشويان
* اخبرنا استاذ جوزف اسمر لمحة عن حياتك؟
- يشرفني ان اكون في زيارة هذا الموقع السرياني الاصيل الرابطة السريانية والمركز الثقافي السرياني. فخر لي ككاتب في التراث السرياني، ان احظى بمثل هذا الاحترام في هذا المكان. انا من مواليد القامشلي 1946. دخلت المدرسة الابتدائية الرسمية الحكومية في وقت كان دخول المدارس الحكومية امر صعب على السريان في الخمسينيات. أكان يعتبر شيء مهم كأنه ترك الكنيسة لكن ضيق الحال اجبرني على ان ادخل المدارس الحكومية ولم ادخل مدرسة سريانية ولا يوم واحد تعلمت الابجدية السريانية في العشرين من العمر وبدأت اكتب واعمل في كل مؤسسات الطائفة السريانية في القامشلي. كنت رئيسا لأخوية مار يعقوب، رئيسا لمركز التربية الدينية، رئيسا لفرقة الرها الفنية للاندية السريانية، وامين سر لرابطة ادباء نصيبين السريان وقد استلمت قضايا عدة للطائفة السريانية من 1966 حتى 1997.
* كيف تعلمت اللغة؟
- أما بالنسبة الى اللغة فقد تعلمتها عن كبر. كنت عطشا للسريانية، تحققت النبوة واليوم لقد طبعت اكثر من 34 كتابا بمختلف نواحي التراث السرياني واللغة السريانية.
* حدثنا عن كتبك السريانية؟
- لدي قاموس سرياني – عربي ضخم من 800 صفحة، قواعد اللغة السريانية، كيف تتعلم السريانية، مرشد الانامل في لغة السريان، ولدي كتاب هو الاول من نوعه للهجة السريانية المحكية، اللهجة الطورية وقد كرمتني المنظمة الاثورية قبل 3 سنوات من اجل هذا الكتاب. لدي كتاب جديد اصدرته اسمه البلاغة السريانية في سياق العربية. طبعا قدمت له ماجدة محمد انور دكتورة اللغة السريانية في جامعة المانوفية وكتاب آخر بعنوان فاعليات سريانية في الربوع المصرية قدمت له الدكتورة ماجدة عماد الدين سالم مدرّسة اللغة السريانية في جامعة القاهرة وفي جامعة الازهر وغيرها تدرس اللغة السريانية. وطبعا بعد سفراتي المتعددة الى القاهرة لاحظت ان هناك قضايا يجب ان تطرح اهمها تلك القضايا ان كانت ان نابوليون بونابرت عندما جاء بحملته المشهورة الى مصر كان يذيعها بثلاث لغات وكانت السريانية واحدة منها. هذا امر كثر من السريان لا يعرفونه في العام الماضي طرحته في التلفزيون السرياني في السويد. النقطة المهمة الثانية: لو عدنا الى كتاب "الايام" للدكتور طه حسين وزير التعليم العالي عام 1952-1953 في مصر يقول انه عندما تخرج من الجامعة القى كلمته بالسريانية. ومَن اراد التحقق من هذا الامر فليعد الى كتاب الايام الجزء الثامن صفحة 56. لتواجد هذه القضايا ودير السريان خصوصا الموجود في صعيد مصر وهو دير ضخم جدا اشتراه اباؤنا السريان في القرن السادس الميلادي من الاقباط وسمي دير السريان وفي القرن السادس عشر تخلى السريان عنه تحت ضربات البرابرة فعاد الى الاقباط من جديد لكنه بقي سامه دير السريان وأي راهب يتخرج من هذا الدير مثلا اذا اسمه يعقوب يطلق عليه لقب يعقوب السرياني، او بطرس السرياني نسبة الى دير السريان وبهذه القضايا المتعددة جاء كتابي فعاليات سريانية في الربوع المصرية. · ما هي ميزة اللغة السريانية في العالم؟ اشعر وكأن التراث السرياني حصاد موجود ولكن مثل ما قال سيدنا المسيح "الحصاد كثير والفعلة قليلون". احاول قدر الامكان ان اجمع من هنا وهناك حتى اعيد ترتيب التراث السرياني قدر استطاعتي. عندي مثلا كتاب السريان وهو مجموعة مقالات تعرضت فيه نهايته الى هل تعلم ما هو غريب وعجيب في قضايا السريان؟ ووصول السريان الى افغانستان واوزباكستان وحتى اليوم الى اسماء المدن السريانية. كابول كلمة سريانية معناها الارض الجرداء. حيرات: المدينة الحرة. تعرضت في هذا الكتاب الى هذه القضايا الجديدة على شعبنا وعندي كتاب اسمه "النكهة التاريخية في اسماء القرى السريانية" تناولت اسماء القرى والمدن من مصر وصولا الى افغانستان. في مصر مثلا اسوان كلمة سريانية معناها الطبابة، طنطا تعني التينة.. اغلب المدن في مصر هي اسماء سريانية. انتقلت الى فلسطين مثلاً غزة تعني الكنز (كازو)، في سوريا: اليرموك: الارض المنخفضة أو حطين (معركة حطين) جمع كلمة حنطة. لم أتعرض للمدن السريانية في لبنان احتراما للدكتور انيس فريحة عنده كتاب خاص باسماء المدن والقرى اللبنانية. كل بلد يتميز بميزة واحدة في السريان. لاحظت ان ابناءنا السريان في المهاجر مثلا في الولايات المتحدة الأميركية، نيو جرسي او فلوريدا او شيكاغو استطاعوا ان يحافظوا على الاسماء بقيمة اللغة موجودة وقد تطورت وقد دخلها الكثير من اللغة الانكليزية لكن حافظوا عليها. نرى ان العائلات السريانية في فلوريدا تتكلم اللغة السريانية. كما القامشلي هولندا في الماضي كانت الدولة تفتتح المدارس لتعلم اللغة السريانية وبعد فترة توقفت الدولة عن تعليم اللغة السريانية. صار تراجع. والمشكلة في الجيل الجديد في هولندا ان هناك دخول للعديد من الالفاظ الاعجمية او الغريبة على لغته. في السويد تواجد كم ثقافي كبير، وتواجد تلفزيونات وهذا شيء اعطى دفعا لهؤلاء الناس كي يتناطحوا في سبيل ان يقدم كل منهم شيئا. نرى علماء بكل معنى الكلمة في اللغة السريانية. وهناك مدرسة لتعلم اللغة في السويد. ونرى التلفزيون واصبحوا مدارس للغة السريانية. في العراق كان فيها قبل الحرب كان هناك كم هائل من الثقافة السريانية عند اخوتنا الكلدان والاشوريين. الكل مثقف ولديهم طاقات وكتب وغيرها تلفزيون وراديو بعد منح الحقوق الثقافية. لكن بعد الحرب الذي بقي عندنا تجمّع في شمال العراق وهناك ندوات وقد عقد مؤتمر في ماردين في تركيا كنت احد المدعوين وحاضرت ومؤتمر باللغة السريانية كاملا حتى الاسلام الذين من جامعات بغداد يدرسون اللغة السريانية ألقوا محاضراتهم باللغة السريانية فكان شيء متميز هذا المؤتمر. بالنسبة الى مصر، كشعب سرياني قليل جدا، هناك كنيسة صغيرة بكل القارة الافريقية لكن القائمين على امر السريان في مصر هم الاسلام. وكل الدكاترة في الجامعة في مصر الاسلام يعلمون السرياني في جامعة الازهر وجامعة القاهرة وكل الجامعات. من الاسكندرية الى اسوان اكثر من 40 جامعة تدرّس اللغة السريانية. وطبعا هذا فخر لنا عندما نرى ان هناك اناس غير سريان يعلمون اللغة السريانية وافتخر بهم الذين يؤلفون كتب وهم لم يسمعوا بهذه اللغة. عندما تكلمت مع احد الاساتذة قال هذه اول مرة اسمع اللغة السريانية، كانوا يتعلمون على الورقة والدفتر فقط، هذا هو مجتمعنا السرياني وتواجدنا.
* كيف نحافظ على اللغة السريانية؟
- للحفاظ على اللغة علينا ان نقدم الحماس لتعلم هذه اللغة لا بالاكراه فهذه القناعة، قناعة ابونا مارون لازم ان افهم الناس على حب اللغة وكنت مدير مدرسة الترقي السريانية في برج حمود عام 1981.
* كيف ترى وضع المسيحيين في القامشلي؟
- وضع المسيحيين في القامشلي لم يتغير نحن شعب حضاري بالحقيقة، ونحترم بلدنا ونعمل بوصية الكتاب المقدس أطيعوا رؤساءكم. نفعل من الماضي الى الآن الموازين لم تختلف عندنا، لم نقم بأي مشاكل وذلك محبة لوطننا ورؤسائنا ودليل على اننا شعب حضاري، نمارس اعمالنا وثقافتنا، فهناك حرية في سوريا وذلك لان لدي 30 كتاب وكلها كتب سريانية وعربية لو لم يكن لدي حرية لما استطعت ان اكتب وأنشر هذه الكتب. هناك انفتاح للآخر.
* اخبرنا عن نشاطاتك ومحاضراتك والندوات والمؤتمرات التي تشارك فيها؟ ما هي رسالتك؟
- انا اسافر كثيرا واشارك في اغلب المؤتمرات السريانية ودائما احاول ان ازرع ولو على حساب صحتي وعلى حساب اولادي وبيتي وأسرتي، يمكن هذا خطأ لكن لدي رسالة اشعر انه طالما انا موجود علي ان اقدم شيئاً للاجيال القادمة. هذه هي رسالتي والذي يريد ان ينجح اكبر سيخسر شيئا آخر. فهناك ثمن للنجاح ولدي رسالتي وحتى ازرع كلمة.
* ما هو سبب وجودك في لبنان؟
- حقيقة انا قد حضرت مجموعة من الكتب، أحببت أن انشر هذه الكتب وأوزعها في بعض المراكز التي تهتم بهذه القضايا السريانية مثلا مركز الدراسات المشرقية في انطلياس، الرابطة السريانية، وبعض الآباء. وعندنا في المصيطبة مدرسة يجوز ان يتبنوا الكتب وتدريسها في المناهج، او في زحلة. هذه رسالتي وهدفي من هذه الزيارة.
* هل ترى في هذا الزمن ان المسيحيين يتعرضون للاضطهاد في الشرق اوسط؟
- لا استطيع ان اقول ان هناك اضطهاد في العراق مثلا مجموعات ارهابية هدفها القتل عشوائيا وأنا افضل ان يبقى المسيحيون في العراق حتى لو صار قتل وتعذيب وأفضل ان يموت في وطنه على ان يموت غريبا في وطن غريب عليه ان يحافظ على موقعه لغة، بيئة، اولاده الذي يسافر لا يستفيد شيئاً. بالنسبة الى سوريا لا احد يستطيع ان يقول شيئا. في يوم من الايام كان لدينا وزيرين في الحكومة ولدينا فاعليات جيدة في سوريا. كان هناك وزير للمالية في الاردن، اربع خمس دورات وهو وزير للمالية.
* ما رأيك بالهجرة وما تسببه من تشرذم؟
- الهجرة مرض، فالمرء أحيانا يتهجر لأسباب اقتصادية ولو استطعت لهجّرت اولادي الثلاثة. فالهجرة هروب من الواقع ولا استطيع ان افعل ذلك فأنا ارى ان الهجرة زادت عن حدها ولاسباب متعددة، هناك العديد من الناس هاجرت وحصلت على مستقبل جيد لكن لو تأملت فعلا لرأيت ان بعد عشر سنوات سيعودون الى نقطة البداية. في السويد هناك محاربة للسريان، فاذا اردنا ان نفتح مدرسة علينا الانتظار خمس سنوات للموافقة وخاصة عندما يعلمون هذا، الشعب السرياني عندما يتجمع ويشكل موقعا ثقافيا مميزا فالسويديون لن يقبلوا. امس في البرلمان السويدي طرح ان السريان سودتاليا يجب ان يتوزعوا على كل السويد. فهذه عنصرية وبهذه الطريقة تتشرذم العائلات كي يفقدوا لغتهم وتراثهم وكل شيء. فهذا امر يدل على دعوات عنصرية في اوروبا. اقول ان الهجرة صعبة، هناك ضغوطات كثيرة على الانسان لو في استطاعتي لهاجرت لكن هذه ليست قناعتي. كمثقف لو المجتمع واعي صحيح على المجتمع ان يهتم ويشجع الكتاب والمبدعين لكن لا احد يفهم بهذه القضايا. المهم لدي كتاب عن علم الاحياء باللغة السريانية لم يستطع اي انسان القيام بهذا العمل.
* كلمة للمسيحيين..
- اولا وأخيرا لا يصح الا الصحيح، علينا ان نعمل لدنيانا كما قال علي بن ابي طالب كأننا نعيش ابدا ونعمل لآخر وكأنما نموت غدا ولكن ان تراثنا ولغتنا هي الدرع الحامي لكنيستنا. انا اليوم اتلو الصلاة بالعربي لا اشعر بالقداس باللغة السريانية التي لها اهمية كبيرة في حياتي. اشعر ان الطرقات والارصفة اراها الحان ولوحات سريانية وكرّست حياتي للغة السريانية وأنا مؤمن بها وأعيش لها. * كلمة اخيرة للموقع؟ - اشكر لموقع طيباين كل جهوده الكبيرة على تسليط الضوء على احوال المسيحيين في الشرق، وخصوصا احوال السريان ونشاطاتهم وكافة الندوات والمحاضرات.
اجرت الحوار: مارغريت خشويان مديرة موقع طيباين الصادر عن الرابطة السريانية - لبنان
|