جريدة العراقية الاسترالية

 تلتقي الفنان موشي كوريال

أجرى الحوار: لبيرون سيمون- سيدني

 

 

 

العراقيون الذين وفدوا للعيش في هذا البلد ليسوا من العالة، بل معظمهم من حملة الشهادات العليا

   ومن خرجي الجامعات العراقية بكل تخصصاتهم العلمية .

مارستُ عملي الفني عندما بلغت السابعة عشر من عمري .

من الصعب التخلي عن الفن مقابل الوظيفة .

ولدتُ في شيخان - محافظة نينوى- العراق .

أنا من خريجي معهد إعداد المعلمين- قسم اللغة الإنكليزية .

لجأتُ إلـى تركيا مرات عدة ، وحصلت فيها على Visa السفر للجوء الإنساني.

حركة الفن في استراليا تبشر بالخير والعافية .

في استراليا التقيتُ بشعراء كبار وفنانين لهم موقعهم المتميز.

أنا مع أي مشروع يرمي إلـى عكس تراثنا الفلكلوري أمام الآخرين من الشعوب .

لو تتبعنا المسيرة الفنية لأبناء جاليتنا العراقية بإمعان ، لرأيناها حافلة بكوكبة من الفنانين و الأدباء والشعراء، والمثقفين الذين لهم باع طويل في الحركة الأدبية ،وكذلك من الرموز العلمية التي تزخر بهم الساحة العلمية، ولقد دأبت جريدة العراقية التي تصدرهنا في استراليا على متابعة أنشطة هؤلاء الأدباء ، والفنانين الذين حملوا معهم تلك الطاقات الإبداعية وتلك مكارم الأدب ذخيرة حيّة يجعلون منها تراكم خبرة لاستغلالها في كل الميادين التي سيواجهون بها عند وضعهم أمام الامتحانات الحقيقية لفتح صفحة جديدة في مجالات العمل .

وكان الفنانون في مقدمة الذين وفدوا إلى هذا البلد ، وتركوا انطباعا جيداً منذ أن وطأت أقدامهم تربة هذا البلد المعطاء، استراليا الخير والأمان والعيش الكريم، لم يكونوا عالة على الوطن بل كانوا معظمهم من حملة الشهادات العالية في كل تخصصاتهم نزحوا إلى استراليا بحثا عن العيش الآمن، ومن هذه الطاقات الشابة المبدعة الفنان الغنائي المطرب موشي كوريال الذي واكب الحركة الفنية منذ أن كان في العراق ، وواصل فنه الغنائي عندما استقر في استراليا بعد حصوله الإقامة الدائمة فيها .

فأهلا ً بالفنان موشي كوريال ونغتنم هذه الفرصة الجميلة لعقد معكم هذا لأجراء حوار فني وثقافي معكم لتزويد القارئ بمعلومات مستفيضة عن بعض الجوانب المهمة في مسيرتكم الفنية وحياتكم العملية الخاصة هنا في استراليا وفي العراق أيضاً .

-  :  شكري وتقديري الفائق لجريدة العراقية التي بادرت ومن خلال  سياسة رئيس تحريرها الفنان موفق ساوا الذي عهدناه نحن الفنانين في استراليا بأنه الراعي والمتابع للفنانين ونشر  كل قضاياهم الصغيرة والكبيرة وعبر صفحة التحقيقات، ومن خلال المحرر لبون سيمون المسئول عن هذه الصفحة مشكورا والذي لا يدخر جهدا إلا وأن يقدمه لخدمة الفنان ،وإني وبكل صراحة وملء الفم أقولها، إن جريدة العراقية أغنت القارئ بكل ما هو يعود بالنفع والفائدة من خلال نشرها تقارير ولقاءات مع أكبر شريحة من أبناء الجالية العراقية دون تمييز.

العراقية : نحن بحاجة ، وقبل الدخول في الحوار معكم أن تتحدثوا لنا ولو باختصار نبذة عن  حياتكم الشخصية .

ـ  : ولدتُ في( شيخان - عين سفني ) محافظة نينوى  سنة 1974م، ثم انتقلنا إلى محافظة دهوك فأكملت دراستي الابتدائية والمتوسطة والثانوية فيها، ومارستُ عملي الفني الغنائي بعد أن بلغتُ السابعة عشر، في اتحاد الطلبة والشباب، وكنتُ مسؤولا عن الفرقة الموسيقية الفنية للإتحاد في دهوك، وكنّا نغطي المهرجانات والفعاليات في المناسبات، وكنتُ آنذاك الواجهة التي تتعامل مع كل المؤسسات والجهات التي تزمع إقامة الفعاليات.

العراقية : إنك تحمل ذخيرة كبيرة من العمل الفني مما جعلتك في موقع المسؤولية، فهل تحمل شهادة فنية، أو قد التحقت بإحدى المعاهد أو أنت من خريجي إحدى المعاهد الموسيقية ؟.

ـ  : إن قوام العائلة العراقية من الذكور أكثر من الإناث يعود بالفائدة القصوى عليها حيث تكثر فيها الأيدي العاملة فيزيد من دخلها المالي ويتحسن وضعها الاقتصادي، وكانت عائلتي بحاجة ماسة لي كي أحصل على وظيفة أكسب منها المال، لذا لم أستطع مواصلة دراستي والدخول إلى معاهد ، لذا كان التحاقي بمعهد إعداد المعلمين مرغماً على ذلك، وأيضاً احتراما لرغبة والدي .

العراقية : بعد التخرج، وأصبحت أمام الأمر الواقع في الحصول على وظيفة فهل إثرت في ممارسة فنّك؟

ـ: بالتأكيد  لا، لأن الفن قد صاحبني منذ صغري فصار شيء كبير من الصعب التخلي عنه مقابل الحصول على وظيفة واصلت ُعملي الفني إلى جانب العمل في التعليم  دون أن تعترض إحداها الأخرى .

 

العراقية : عملتَ كما قلت مسبقا ًفي العراق محافظة دهوك ، ونينوى أيضاً.

ـ : في سنة 1991م كنتُ طالباً في معهد إعداد المعلمين فرع دهوك، وأثناء الحرب العراقية

الإيرانية وأثناء هذه الأحداث (عام 1991م) التي شملت معظم المحافظات العراقية وعمّت الفوضى اضطررتُ إلى مغادرة العراق إلى تركيا سنة ومكثتُ فيها  سبعة أشهر، بعدها عدت إلى الوطن العراق في نهاية نفس السنة وبعد استقرار الوضع، وبداية 1992م انتقلت عائلتي إلى شيخان (عين سفني ) وواصلتُ دراستي في معهد إعداد المعلمين في نينوى، وتخرجتُ في نهاية 1992م بعد إكمال دراستي ، وتم تأجيل تعييننا إلى إشعار آخر بحجة انتدابنا إلى دوائر أخرى ووظائف حكومية شاغرة في دوائر الدولة الأخرى، وبقيتُ إلى سنة 1993م الشهر الثاني منها، رجعتُ مرة ثانية إلى تركيا حيث العوامل النفسية التي لاحقتني بسبب عدم الاستقرار في الوضع الأمني .

العراقية  : لماذا تركيا بالذات واللجوء اليها بين الحين والآخر ؟.

ـ  : كوني قد عشت ُ فيها سبعة أشهر فأصبح لدي استقراء كامل عن الوضع الحياتي فيها ولم  يحصل لي أية مضايقة من قبل أي جهة كانت كوني قد حصلتُ على أذن من دائرة الأمم المتحدة للهجرة UN  وتحت قانون 202 للهجرة الإنسانية، وكنت أحصل على مرتب شهري قدره 90 ـ 100 دولار أمريكي، وكان هذا المبلغ بمثابة تغطية نفقات المعيشة رغم إنه كان قليل قياساً بمستوى المعيشة، إلا إنني كنتُ أحصل على مساعدات من قبل أخي كبرييل، وأختي فريدة اللذان كانا يعيشان في استراليا آنذاك، هذا ما جعلني أستطيع العيش في تركيا وأنا أيضاً كنتُ اعمل، وقد حصلتُ على عمل في إحدى الشركات، وكانت لغتي الإنكليزية جيدة جداً مما سهلت علي أمور الوظيفة بشكل كبير.

العراقية : محطة استراحة مؤقتة في تركيا مما بعثت في نفسك الاستقرار والطمأنينة، هل   مارست  عملك الفني هناك ؟.

ـ : حاولتُ مراراً العثور على فرق فنية لأبناء جاليتنا العراقية، ولكن لم أنجح في تلك  المحاولات لأن لم يكن هناك فرق فنية عربية عراقية أو آشورية ، وفي نهاية 1993م كوِنَت فرقة موسيقية آشورية ، ولكن كان الوقت متأخر جدا  ًلممارسة عملي الفني فيها لأن ألـ Visa قد وصلت، وعليَّ مغادرة تركيا في  الوقت المحدد لي وحزمتُ أمتعتي استعدادا للسفر البعيد نحو مستقبل مشرق ويوم جديد وولادة جديدة لبناء حياة سعيدة.

العراقية : حصلت َ على الفيزا، وحطت بك  الطائرة في ارض المطار في استراليا بلد الخير والأمان، كيف بدأتَ مشوارك الحياتي في هذا البلد ؟.

ـ  : فرحتُ كثيرا، لأن هذا البلد الآمن منحني فرصة العيش والحياة الكريمة  واستقبلني  الأهل والأقارب، والأصدقاء بفرح غامر يحيطونني من كل جانب ويرعونني رعاية في منتهى الخلق والكرم .

العراقية : بدأت حياتك العملية في استراليا، ولا سيما إنك حاصل على شهادة دبلوم من معهد  إعداد المعلمين في العراق قسم اللغة الإنكليزية، ويمكن معادلتها هنا في استراليا والعمل بموجبها في التدريس.

ـ: حقيقة حاولتُ أن أترجم شهادتي ،وحصلتُ على الموافقة لمواصلة دراستي ولمدة أربعة سنوات دراسية وفي  Canberra العاصمة الأسترالية، وقد حصلتُ على مقابلة عبر دائرة ألـ Post office

حيث كنتُ مسبقاً قد ملأتُ استمارة ( Form) للدراسة، ولكن ومع الأسف حدث ما لا يحمد عقباه حيث فوتت علي هذه الفرصة الثمينة في مواصلة دراستي، وذلك بمرض والدي والذي كان يعاني من العجز في الكلى، وهذا ما يستدعي علينا بالقيام بواجب العناية به ومساعدته بمبالغ مالية كبيرة جداً حيث أن الظروف القاسية التي كان يمر بها العراق سنة 1994م من حصار إقتصادي جائر وقلة الأدوية ، وصعوبة توفير المستلزمات الطبية، ول اسيما إن حالته كانت صعبة جداً، لذا كان الحصول على عمل من الأولويات الملحة في مثل ذلك الظرف الصعب .

العراقية: واصلت البحث، وحصلت على عمل هنا في استراليا .

ـ: في البداية كنتُ أعمل صبّاغاً للدور، Pinter بعدها عملتُ في الطباعة (الصحف)  اختصاص عام في البداية، بعدها تدرجتُ إلى مساعد مشغّل Assistant Operator واستمر عملي في تلك المطبعة خمسة سنوات من سنة 1994/10 ولغاية 1999م ورغبة مني تركتُ العمل وفتحتُ مقهىً Business وتحت اسم ( Assyrian Coffee Shop ) في ستي City في منطقة خاصة بالجالية الآشورية العراقية، وكانت أمورنا جيدة جدا ًوقد استمريت في العمل إلى 2008م، وأخيراً عرضتها للبيع، وجئت هنا إلى منطقة Fairfield وفتحت مقهى الفنانين في منطقة Fairfield Height وهذه دعوة صادقة لكل الفنانين بأن تكون هذه المقهى أو المنتدى محل تجمعهم ولقاءاتهم الفنية والثقافية .

العراقية: في حديثك أحس هذا الشعور الصادق نحو العراق ، وإخوتك من الفنانين العراقيين .

ـ    : إن تصفحت كل كتب التأريخ العراقي القديم والحديث ستقرأ عنّا بأننا ننتمي إلى أعرق حضارة بناها الإنسان في العالم، ألا وهي حضارة وادي الرافدين التي ضمّت الأقوام السامية من سومريين، وآشوريين، وكلدانيين، وبابليين الذين وهبوا الإنسانية حضارة ما بعدها حضارة لا زالت آثارها شاخصة إلى يومنا هذا رغم مرور آلاف السنين عليها، ففي بابل باب عشتار العظيم، وفي نينوى الثور المجنح ، علاوة على شواخص عمرانية كثيرة تزهو بها المتاحف، والطرق في عموم العراق، باعتقادك ألا تستحق كل تلك الأسماء التأريخية الكبيرة هذا الإجلال والتعظيم ؟.

إن التأريخ هو سجل الماضي وغرس الحاضر وجني المستقبل .

 

العراقية : كيف بدأت َ عملك الفني في استراليا ؟.

ـ    : منذ سنة 1994م ـ ولغاية 1996م تزوجتُ واستقريتُ هنا في استراليا وكان علي بعد تنظيم حياتي الأسرية والعملية أن أنطلق في تحقيق هوايتي وعملي الفني كون أحمل من تراكم الخبرة مسبقاً ما يؤهلني للعمل في هذا المضمار، وبدافع وتشجيع وحث من قبل زوجتي (نادية وليم) التي كانت مراراً تدفعني أن أتواصل في عملي الفني كوني أحمل مؤهلات فنية وخبرة موسيقية وغنائية سابقاً تمكنني من ذلك ولأنها كانت تحثني إلى تحقيق رسالتي الفنية ألا وهي مسؤولية لا يمكن التخلي عنها بسهولة وهذا شيء مهم جداً في حياتي، وصممت أن أعمل .

العراقية  : كيف تم عملك في بعض المؤسسات الإجتماعية والأندية ؟.

ـ    : هناك تقليعة  كانت تتبعها بعض الأندية والمؤسسات الإجتماعية في استراليا وذلك بتقديم فنان معين لأحياء أمسية في صالتها من قبل الهيئة الإدارية وقد أدرج إسمي ضمن قائمة الفنانين الذين يقومون بإحياء أمسية فنية وفعلاً  تم اختياري لهذه المهمة الفنية، وكانت هذه الطريقة هي الاتجاه الأصولي الصحيح في الحصول على عمل فني في تلك الأندية وفي تلك الأيام بالذات كون تلك الأندية تقدم نشاط اجتماعي، وأنا بحاجة إلى التعرف على أبناء الجالية وأكون بدوري معروف لديهم كفنان ومطرب والذين يحضرون الحفلات والأمسيات في تلك الأندية، ويعود مستقبلاً بالفائدة علي، وكان رد فعل الجمهور كبير جدا ًفقد حضيتُ بالتكريم والاحترام الزائد .

العراقية : ما هي المواد الغنائية التي كنت تؤديها في تلك الأمسيات ؟.

ـ   : كوني أمتلك ثقافة وذوق موسيقي فكنتُ أجيد الغناء باللغة الكردية (بهديناني ) وباللغة العربية علاوة على الغناء بالآشورية الأم، وأنا أول فنان قدمتُ في الأماسي أغان شائعة ولمطربين أكراد كبار مثل المرحوم محمد عارف جزراوي عيسى برواري، باللغة الكردية نالت رضا واستحسان الحضور كون الغالبية من أبناء جاليتنا ألآشورية سكنوا شمال العراق، وهم متأثرون جداً بهولاء الفنانين الكرد (البهديناني) ويجيدون اللغة الكردية إلى جانب لغتهم الأصلية إجادة كبيرة والذين ينحدرون من تلك المناطق في شمال الوطن العراق وأيضاً أجيد الغناء بالتركية وخاصة أغان الفنان التركي ( إبراهيم طاطلس )، و(فيردي تيفور) وهؤلاء من الفنانين الكبار المعروفين في الساحة الغنائية في تركيا وكان الجمهور يتمتع بهذا التنوع في الغناء.

العراقية: بعد حصولك على الموقع المتميز الذي جعلك فنان معروف لدى الأوساط الإجتماعية، هل فكرت في تكوين فرقة موسيقية خاصة بك ؟.

ـ: نعم كونتُ فرقة موسيقية في 1997م ـ 1998م وكانت تحمل إسم Nohadra (نوهدرا) ومعناها ( المناضل ) نسبة إلى محافظة دهوك وإستمريتُ العمل فيها قرابة ثلاث سنوات من سنة 1997م ـ ولغاية سنة 2000م وكانت فرقة من الجودة بحيث أقمنا من خلالها الحفلات والأمسيات الكثيرة لاقت نجاحاً باهراً، وكنا نقدم أغان شائعة بمختلف اللغات ولفنانين كبار التي انتشرت أغانيهم في تلك الأيام .

 

العراقية : كيف تعرفت على الجالية بمختلف مكوناتها وطوائفها ؟.

ـ: من خلال الطلبات المتكررة على تقديم فرقتنا للمواد الغنائية المتنوعة وهذا ما جعلنا ننال شهرة واسعة في الوسط الاجتماعي، وكنتُ أغني لكل أبناء الجالية ويدون تمييز وأحي احتفالاتهم الخاصة ومناسباتهم أيضاً، لذا أصبحت لدي مكانة اعتزاز واحترام .

 

العراقية : هل مارست العزف على آلة موسيقية ؟.

ـ  : في البداية كنتُ أمارس العزف على آلة أل Key Board ثم تركتها والتجأت إلى الغناء لأن تلك هي رغبتي الحقيقية، وهو تخصصي ووجدت نفسي في الغناء أكثر من أن أكون عازفاً، ولو هذا لا يعني إن العزف شيء ثانوي بل هو الأساس في العملية الفنية، وإن استطاع الفنان من العزف على آلة موسيقية أو أكثر سيعود عليه بالفائدة الفنية وتكون له أذنٌ موسيقية حساسة جداً .

 

العراقية  : ما هي الحفلات التي قدّمتها أو شاركت في تقديمها هنا في استراليا ؟.

ـ: كثيرة هي الحفلات الناجحة والتي جاءت من تراكم العمل الفني عبر سنين طوال والتي تم تقديمها عبر الفرقة الموسيقية التابعة لي في المؤسسات الفنية والأندية الإجتماعية لأبناء جاليتنا العراقية بمختلف طوائفها، ومن هذه الحفلات كانت بمناسبة تأسيس الحزب الديمقراطي الكردستاني هنا في استراليا، فقد أقيمت حفلة ٌ ساهرة حضرتها المؤسسات والأحزاب التابعة لجاليتنا العراقية، وتم تحديد تقديم الفقرة الفنية الآشورية في الحفل بمسؤوليتي وساهمت بتقديم الأغاني الفلكلورية المصاحبة للدبكات والرقصات الفلكلورية التابعة لأبناء شعبنا الآشوري حيث نالت استحسان الحضور، وكذلك أقام الحزب الشيوعي العراقي فرع استراليا  حفلا ساهرا ساهمتُ بإحياء فقراته الفنية مع فرقتي الموسيقية وأيضاً أقامت الحركة الديمقراطية ( زوعا ) حفلته الساهرة وأيضاً ساهمتُ بإحيائها، فأنا فنان معروف لدى الجالية العراقية وعلى مستوى منظماته ومؤسساته الإجتماعية .

 

العراقية : رأيك بحركة الفن والفنانين في استراليا وخصوصا ما تقدمه الفرق الموسيقية المصاحبة للفنانين، ولا سيما أن الساحة الغنائية حافلة بتلك الطاقات الفنية الكبيرة ؟.

 

ـ: أنا سعيد جداً ومتفائل كون هذه الحركة الفنية لكافة أبناء جاليتنا العراقية وبمختلف  مكوناتها تبشر بخير وعافية ، حيث لنا من الطاقات الفنية الشبابية والشابات على مستوى عال في التقديم والأداء الفني الرائع وكذلك عملية التواصل في أداء الرسالة الفنية وهناك ظاهرة لقد رصدتها من خلال متابعاتي ومواصلتي للتجربة الفنية، أن الطاقات الفنية الشابة قد نوعت في تهذيب ذوق المستمع من خلال تقديمها الجديد في الفن.

 

العراقية : مثلك الأعلى من بين الفنانين الذين عاصرتهم ؟.

ـ: عربياً الفنان الراحل عبد الحليم حافظ ، أمّا عراقياً فهو الفنان الكبيرة ورائد المدرسة  الحديثة في الغناء والتلحين، الفنان كاظم الساهر الذي سجل حضورا عربياً كبيرا وأصبح مدرسة خاصة يشار إليها، أما آشوريا فهو الفنان الراحل أدور يوسف الملقب ب  ( بيبا )الذي ترك بصمة واضحة في ألأغنية الآشورية، غنى له الكثير من الفنانين من أبناء جاليتنا الآشورية، ولا ننسى الفنان الكبير ( إيوان آغاسي ) صاحب المدرسة العريقة الخاصة به .

 

العراقية : هل تأثرت بأحد المطربين ؟.

ـ: نعم، وهذا شيء طبيعي كوني فنان وأمتلك رؤيا وأحاسيس فنية صادقة فاختار الفنان الذي   يترك في نفسي حساً فنياً وانطباعا والذي هو في المقدمة من حيث التقييم العام وفناني الخاص هو( إبراهيم طاطلس ) رائد الغناء في تركيا ولا زالت أغانيه تغنى من قبل الكثيرين من الفنانين، ربما تسرق ألحانه وتضاف إلى أسماء أخرى إنه يغني بإحساس مرهف وعذب .

 

العراقية : تعامل المؤسسات والأندية هل لك رأي في طريقة التعامل مع الفنان ؟.

ـ: فقط لدي سؤال مما يجعلني في حيرة ،هو يجب التعامل مع فنان ما أن لا يكون على  حساب الفنانين الآخرين، أنا أرفض عملية رصد الفنان الواحد والتعامل معه فقط فليكن العمل وفق معايير فنية، وليس بناء فنان، وهدم الآخر فليس هناك فنان النخبة أو العشيرة أو الطائفة أو الصديق المقرب أو صلة القرابة ، بل استدعاء كافة الفنانين للمساهمة في إحياء الحفلات والأمسيات والمناسبات والتنوع يخلق المتعة ويزيل الرتابة والتجديد هو ما يطلبه المستمع ويقتل الاحتكار

 

العراقية : شخصية الفنان .

ـ  : إضافة إلى المواصفات البدنية والشكل والرونق والأناقة ، هناك ما يجب أن يتميز به الفنان وفي المقدمة الأخلاق الفاضلة التي يجب أن يتحلى بها، وكذلك الثقافة الفنية التي تجعله متمكنا من صنعته الفنية، إمكانية الأداء تضاف إلى الثقافة الفنية حيث إحداها مكملة للأخرى والعزف على آلة موسيقية إن أمكن ذلك.

 

 العراقية : مقومات الفن ...!

ـ : أن يكون مبنياً على قاعدة رصينة تستمد جذورها من المقومات التاريخية لتلك الأمة حيث   تستمد روحها من تراثها وفلكلورها، وأن يعبّر عن شخصية الأمة، فمثلا غناء (الراوه) هو غناءٌ له خصوصية تعود إلى مكان وزمان وشعب يختص بهذا اللون من الغناء وهو من الموال المتسلسل يروي قصة عبر الغناء ويغنى من قبل الرجال والنساء .

 

العراقية : هل أنت مع أن تكون هناك جهة أو واجهة ينضوي فيها الفنان لحماية حقوقه، وأيضاً تكون السقف الذي يلتقي تحته مع إخوته من الفنانين بكل إختصصاتهم ؟.

 

ـ: لا بد أن تكون هناك جهة تنظم وتتحمل حماية الفنان من كل ابتزاز واستغلال ولا  ضير في أن نسميها ( بيت الفن ) أو واجهة لحماية الفنان وتساهم ببرمجة وأرشفة الأعمال الفنية وكذلك المسئولة عن إقامة الحفلات وإحياء المناسبات وزج أكبر عدد من الفنانين فيها وكذلك رعايتهم ومكان التقائهم .

 

العراقية : ربما قامت بعض الجهات والمؤسسات الإجتماعية بمهرجانات فنية تراثية، ولكنها انقطعت عن إقامتها مثل تلك المهرجانات في الآونة الأخيرة، ماهي وجهة نظركم في ذلك ؟.

ـ  : إن المهرجان الفني هو هوية العبور إلى اتجاه أكبر من العطاء الفني، حيث يترتب على مشاركة الفنان في ذلك، هو التواصل في أداء رسالته الفنية وله حضور في كل المناسبات الوطنية والغير الوطنية، ولكن أنا أقف موقف الحائر من عدم مواصلة بعض المؤسسات الإجتماعية من أداء هذا الواجب الوطني وغياب هذه التظاهرة يعني الكثير الكثير في حساباتنا نحن الفنانين ربما هناك عوائق فنية واعتراضات أصبحت في مقدمة تنظيم و تهيئة مثل تلك المهرجانات وأنا مع إقامة مثل تلك المهرجانات ومع هذه التظاهرة الفنية العملاقة، وإني أدعو مخلصا الجهات ورؤساء المؤسسات الإجتماعية بتحمل هذه المسؤولية. وهناك تجربة مسجلة باسم الفنان موفق ساوا الذي اقام بمفرده مهرجان الاغنية العراقية الاول عام 2005م وتوقف وكنت احد المشاركين وعرض هذا المهرجان عبر قناة عشتار الفضائية عدة مرات ولا اعلم لماذا توقف..!!.

 

العراقية : إنك تعتمد في أرشفة أغانيك وألبوماتك على أل CD ، هل حاولت تسجيل وأرشفة أغانيك بال Video Clip وهي طريقة سريعة لشهرة الفنان وأكثر رواجاً من أل CD الذي يركز فقط على الصوت.

ـ  : فقط عملتُ فديو كليب واحد والسبب هو أن أل CD الصوتي لا يكلف ماليا كثيراً ولكن الفيديو كليب يعتمد في تصوير المادة بالصوت والصورة ، وطبعا هذا يعتمد على تقنيات فنية كبيرة وطبعاً هذه العملية يجب رصد لها أموالا كثيرة وهناك عوامل فنية أخرى من تهيئة مخرج متمكن ومصور مقتدر في عملية التصوير وأيضا اختيار أماكن تنفيذ الأغنية وتعتمد هذه العوامل مجتمعة على المادة (المال ) وأغنية الفيديو كليب ليست عملية إظهار المطرب فقط بل هي نقاء وجودة الإخراج ودون الاعتماد على التقليد في الإخراج .

إن أغنية الفيديو كليب مهمة لشهرة الفنان حيث الفضائيات تتسابق في عرض الأغنية وأيضاً هي تجارة مربحة رائجة في هذا العصر .

 

العراقية : كتّاب وشعراء الأغنية هنا في استراليا من أبناء جاليتنا ، مع من تتعامل منهم في لكتابة أغانيك ؟.

ـ : كثيرون الكتاب وشعراء الأغنية هنا وأنا أتعامل مع الأخ والشاعر الفاضل شمعون   برخو  والصديق العزيز يوسب منشه وأخي الفنان القدير إدمون سيزن، والفنان والصديق يوشيا شمعون، والشاعر ألبرت آيزك ، وأعتذر لعدم ذكر بعض الأسماء من الشعراء والكتّاب الذين أكن لهم فائق الاحترام والتقدير.

 

العراقية : أي الفرق الموسيقية هي بالمستوى المتقدم في الساحة الغنائية ؟.

ـ  : هناك عيب رئيس في تكوين الفرقة الموسيقية بمفهومها العلمي، فالشائع إن عازف على آلة الأورغ Urgen هو الذي يمثل وجود الفرقة بأكملها فالتقنية الصناعية وفرت كل المؤثرات الصوتية والإيقاعية في هذه الآلة ،أي إنها اختصرت وقلّصت بل ألغت من وجود العازفين الآخرين في الفرقة ، لذا هنا يتحدد وجود الفرقة وموقعها بوجود عازف Urge متمكن والفرق هنا كل واحدة له أسلوبه Stile وطريقة العزف .

 

العراقية: إن الفنان Raney Daniel هو موزع وموسيقي جيد على المستوى الفني في استراليا ويتعامل مع كل الفنانين في توزيع وإخراج الأغنية موسيقيا في استوديوهاته الموسيقية، هل تعاملت مع هذا الفنان والموزع الموسيقي ؟.

ـ  : Raney Daniel ، هو أحد الكوادر الفنية في جاليتنا العراقية هنا في استراليا، وهو من  الفنانين الكبار والقلائل الذين يملكون الموهبة الأخلاقية والفنية وهو يمتلك Studio موسيقي يقوم فيه بإعداد وتوزيع الأغاني وإخراجها موسيقياً حتى تظهر بالمستوى الفني والعلمي، وقد تعاملتُ معه لفترة قصيرة، ولظروف خرجت عن إرادتي لم أستطع المواصلة معه، وأملي أن أواصل التعامل مستقبلاً  كونه فنان قدير وعلى مستوى عال من الأخلاق في التعامل، وأكن له كل الاحترام والتقدير .

 

العراقية : بعض الفنانين من أبناء جاليتنا، تركوا الساحة الغنائية رغم إنهم كانوا يملكون سمعة  فنية جيدة ولهم عطاء مميز على مر السنين، وبعضهم يمارس عمله الفني خارج المساحة والدائرة التي تقع ضمنها مؤسساتنا الإجتماعية ؟.

 ـ   : ربما الظروف المعيشية، أو الظروف الأسرية ، أو ظروف خارجة عن إرادتهم جعلتم  يبتعدون عن ممارسة نشاطهم الفني ، وكذلك يعود السبب إلى بعض الأندية والمؤسسات الإجتماعية التي احتكرت فنانها دون مشاركة الآخرين، وهناك من بعض هؤلاء الفنانين يفتقرون إلى الثقافة الفنية وعدم التجديد والمواصلة في أداء رسالتهم الفنية مما جعلهم يركنون بعيدا ً فالتجديد والتنوع هي سمة العصر ويجب أن نلحق بروح العصر وهي علامة بقاء الفنان .

العراقية : وسائل الإعلام هل هي بمستوى طموح الفنان ؟.

ـ   : نعم، وجريدة العراقية  مشكورة على هذه المتابعة والتقصي عن كل ما يهم الفن والفنانين ومتابعة كل صغيرة وكبيرة عبر صفحة التحقيقات التي يساهم محرر تلك الصفحة وبجهود عالية في إظهار قيمة الفنان وسط جاليته وأمته بهذا المستوى الرائع، إن الفنان بحاجة إلى رعايته ومتابعته كونه عملة صعبة، لا يمكن التداول بها في أي محفل، وإن رئيس التحرير يشكر على جهده الجبّارة على منحنا هذا المكان العريض في جريدته الغراء.

 

العراقية : رأيكم في تنفيذ أعيادنا الوطنية والمناسبات القومية داخل أسوار الأندية والمؤسسات الإجتماعية ؟.

ـ: هو شيء عظيم، ومفخرة لنا أن يطّلع الآخرون على تراثنا وفلكلورنا الغني بالصور  الجميلة ، أسوة ببقية الأمم التي تفخر بعرض تراثها في الهواء الطلق، وسيكون الفنان الواحد منّا والذي يساهم في هذه التظاهرة أمام مسؤولية تاريخية عظيمة يستحق أن يتحملها والنجاح سيعود للجميع .

 

العراقية : تجري بين الحين والآخر كل عام سباقات فنية عالمية تساهم فيه فرق من كل أنحاء  العالم، ولأننا أمة تحمل في إرثها التاريخي ما نفخر به قدّام العالم، فلماذا لا يساهم فنّانونا في هذه التظاهرة الفنية العالمية، ونكون قد نقلنا حضارتنا وتراثنا الفني إلى الآخرين .

ـ: هذه مسؤولية تضامنية تقع على عاتق الجميع، الكل يجب أن يساهم في إعلانها، فالشاعر من خلال موقعه، والمخرج من خلال تخصصه،وأيضاً أل Cerographic (مصمم الرقصات الفلكلورية) من خلال هندسة وتصميم اللوحة، وكل هذه مجتمعة تتحمل المسؤولية الكاملة، ولكن يبقى السؤال المطروح : إلى من يهمه الأمر؟!..

 

العراقية : هل أنت مع مشروع تكوين الفرقة القومية للمسرح والفنون الشعبية تضمن كل أطياف  جاليتنا العراقية ؟.

ـ  : من الضرورة جداً، التفكير بعمق أبعاد هذا المشروع الفني الكبير، وإنه المكان الحقيقي  واللائق بالفنانين كافة وبكل اختصاصاتهم ، كل دول العالم تمتلك مثل هذه المؤسسات لماذا لا يكون لنا أيضاً مثل هذه المؤسسات الفنية الكبيرة ؟

 

العراقية : مسيرتك الفنية الكبيرة والتي أخذت منك الجهد الكبير، ما هي مشاريعك الفنية في المستقبل القريب أو البعيد وأنت فنان له طموح في تحقيق مشاريع فنية مستقبلية ؟.

ـ  : لقد أصدرتُ حديثاً أربعة َ ألبومات CD . الأول في سنة 1998م ويضم عشرة أغان ٍمن كلمات الفنان المطرب يوشيا شمعون  وثلاثة أغان من كلماتي وألحاني وأل CD الثاني أصدرته سنة 2001م من كلمات الشاعر Youkhna Ometa) ) وكلمات الفنان، ولسن ايشا والأخ الشاعر شمعون برخو، وأل CD الثالث عام 2004م كلمات الشاعر شمعون برخو، والأخ العزيز يوسب منشه وأستاذي وأخي الشمّاس داود كوركيس، والأخ أخيقر كوركيس في نيوزيلندة ،وال CD الرابع 2006م من كلمات وألحان يوسب منشه وداود برخو ،وحالياً أحضّر CD بداية 2009م كلمات وألحان  يوسب منشه  وإدمون سيزن، Emanuel youkhana.

 

العراقية : كلمة وأمنية تقولها في نهاية هذا الحوار الفني الثقافي الذي أجريناه معكم ؟

ـ  : لا شيء أفضل من أن أتمنى الخير وكل الخير لكل الذين يحاولون أن يضيفوا آجر فوق الآجر الذين وضعوها قبلنا من أجل إعلاء سور العمران والثقافة والفن، ومن تشييد تلك المؤسسات الإجتماعية والأندية من أجل خدمة الإنسان في هذا البلد الآمن المعطاء استراليا الخير بلد الجميع بكل أطيافهم وألوانهم .

 

العراقية : في نهاية هذا اللقاء أتقدم بالأصالة عن نفسي ونيابة اسرة على إتاحة هذه الفرصة للقاء بكم ، لما فيه من الفائدة لكل قراء "العراقية".

ـ   : أشكركم جزيل الشكر واقدر فيكم هذه الروح الرياضية الأدبية والفنية في إدارة هذا اللقاء والحوار في كل المجالات من حياتي الفنية والشخصية والتي ترفد القاريء ربما يريد أن يطرحها علي في يوم ما ، ولكن صحيفة العراقية اختصرت الطريق له ووضعت كل ما يحتاجه من معلومات، وكذلك أشكر الأخت هيفاء ساوا نائب رئيس التحرير في جريدة العراقية لما تقدمه من صفحات متنوعة، وبدوري أشكركم جزيل الشكر.