صحفيون رياضيون

 

 ماجد عزيزة /

خلال الأعوام ال ( 35 ) التي عملت بها في مجال الصحافة الرياضية أي منذ عام 1974 وحتى الأن ( إن كنت ما زلت مصنفا كصحفي رياضي ) ، مر علي العديد من الزملاء الصحفيين ، منهم أساتذة عملت تحت يدهم بفخر واعتزاز ، ومنهم زملاء مارسنا عملنا كمحررين في هذه الصحيفة أو تلك ، ومنهم شباب قدمنا لهم خبرتنا وما تعلمناه خلال سنوات عملنا وعملوا معنا في الصحف التي كنا مسؤولين عن تحريرها .. في هذا المقال سأحاول استذكار أحداث السنوات والأسماء وبعض الذكريات ، إن أسعفتني الذاكرة في السياحة في ملعبها .

أول صحفي رياضي عملت معه كان الأستاذ الراحل شاكر اسماعيل سكرتير تحرير جريدة الرياضي ، كان ( ابو مآرب) معلما وراعيا ، يحترم جميع من يعمل معه ، ويقدم النصيحة للذي يستحقها ، ويشجع المتميزين .. تعلمت منه رحمه الله أن على المسؤول الصحفي أن لا يتدخل كثيرا في تصحيح وتغيير أعمدة وتقارير المحررين ، لأن كما كان يقول ( كل لشّة تتعلق من كراعها ) ولنترك الأمر للقاريء فهو الذي يفرز الغث من السمين .

اما الأستاذ الراحل ابراهيم اسماعيل فقد اعطاني درسا ما زلت اسير وفق مبدأه في العمل الصحفي حتى الآن ، وهو أن تبقى مبتسما وساخرا من هذه الحياة لأنها ( أي الحياة ) ستستمر سواء بقيت أو رحلت ، واذا اصبحت مسؤولا لتحرير اية صحيفة ، فافحص العاملين معك جيدا ، فأغلبهم ( جُرُك ) وحاول أن تخضهم وتصفيهم لتتعرف على مَيهُم ( أي مائهم ) وهل هو ( صافي أم خابط ) !

عملت أيضا مع الراحل الأستاذ اسماعيل محمد ( أول معلق رياضي عراقي) ، فقد كان رحمه الله يكتب مقالته الأسبوعية ويضعها في ( صندوق الكهرباء ) المعلق خلف باب داره في الأعظمية ، وكنت اذهب لأخذها من مكانها لنشرها في الجريدة .. وكنت بين الحين والحين أجالسه في ( بلكون ) بيته المطل على دجلة أستمع لحكاياته ودروسه فقد كان أستاذا عالما ، تعلم على يديه خيرة رياضيي العراق من بينهم الأستاذ مؤيد البدري وغيره .

في جريدة الرياضي عملت مع الأستاذ عزيز الحجية ( مدير الإدارة ) وقد كان معلما شخصيا لي في الكتابة الساخرة والتراثية ، كنت ( كما ذكرت في مقال سابق ) أركن يوميا إلى غرفته في مقر الجريدة في نهاية شارع أبو نؤاس لأستمع لقصصه وحكاياته الجميلة . أما ( ابو زيدون ) الأستاذ مؤيد البدري فقد كان موسوعة في الرياضة ، ورغم انه كان حذرا في تعامله ، واقصد دقيقا في ما يريد طرحه ، لكن قفشاته اللطيفة وروحه المرحة كانت تطغي على تصرفاته خلال العمل ، فقد كان مرجا منكتا في وقت المرح ، وجادا أشد الجد وقت تحتدم النقاشات .

في جريدة الرياضي أيضا عملت مع حرامي بغداد الراحل طارق حسن ، واذا اردت اطلاق وصف على الزميل ابو زياد فلا استطيع إلا أن أقول أنه كان يمتلك أسرع ( رد فعل ) على أية جملة او كلمة تخرج من أي محرر ، كان رحمه الله لا ينفك يمازح هذا ، ويسخر من ذاك من زملاء العمل ، وأكشف سرا لا أعتقد بأن الكثيرين يعرفونه عن ( ابو زياد) وهو امتلاكه خطا عربيا جميلا يرتاح من يقرأه ولا يجد أية صعوبة في فك رموزه .

عدد كبير من رواد الصحافة الرياضية عملنا معهم في هذه الجريدة أو تلك ، وأضافوا لنا أشياء كثيرة في هذا العالم الرحب ، منهم عبد الجليل موسى ويحي زكي وراصد العاني ، ومن المصورين الصحفيين حميد العراقي وأمري سليم وجرجيس عبد النور رحمهم الله أجمعين ، ولهذا الأخير حكاية لطيفة معي فقد كنا نعمل سوية في جريدة الرياضي ، وكنا في أحد الأيام نغطي نشاطا لوزير الشباب آنذاك السيد كريم الملا ، أكملنا عملنا وعدنا للجريدة ، وبينما جلست أحرر المادة ، وكانت ندوة للوزير ، كان المرحوم جرجيس يقوم بتحميض الفيلم بعد أن التقط ثلاث صور فقط هي ما كنت لديه في الفيلم الخام .. وبعد أن قدمت المادة ( الخبر ) للأستاذ شاكر اسماعيل ( رحمه الله) دخل جرجيس وبيده ثلاث صور ، تفحصها الأستاذ شاكر وفجأة انتفض واقفا بعد أن وجد أن صورتين فيهما عدد من الذين حضروا الإجتماع ، أما الصورة الثالثة فقد كانت تحوي على شخصين كانا يجلسان عن يمين ويسار الوزير ولم يكن أي أثر للوزير في الوسط ، فصرخ : وين الوزير ؟ هنا أجاب جرجيس بكل برود اعصاب : استاذ الوزير ( خلف الدنكه ) وكان هناك عمود كونكريتي حجب الوزير عن الكاميرا ..!

من الصحفيين الذين عملت معهم بين أعوام 1980 وحتى 1999 ( عام مغادرتي العراق ) الزملاء الأعزاء .. سعدون جواد وخالد جاسم وفيصل صالح ووليد طبرة وحسام حسن ( أفضل من يقلدنا بطريقة كلامنا وحركاتنا وتصرفاتنا – تحية لأبي علي ) وفالح حسون الدراجي ( الشاعر المبدع) وصفاء العبد والراحل سلمان علي والراحل مهدي صالح رحمهما الله ، وصكبان الربيعي أفضل محرر أخبار ، ففي جعبته دائما ما يملأ صفحات الجريدة وخاصة الصفحة الأولى ، وطارق الحارس واحمد اسماعيل وعلي رياح وسمير الشكرجي ( الأنيق دائما ) ومحمد الوزني واحمد القصاب وغازي شايع ويعقوب ميخائيل ( الذي نسي أن يذكر اسمنا في لقائه الأخير ، كم نتمنى أن يكون نسيانا وليس تناسيا ! ) وعماد البكري ومحمد حنون ، ومن الشباب الذين دخلوا الدورة الصحفية الرياضية التي ( أفتتحناها) في كلية التربية الرياضية  الزملاء والزميلات ( محمد قاسم العبيدي وشيماء عماد زبير ..) .. أما في كندا ، فهناك عدد من الصحفيين الواعدين الذين استفادوا من خزين الخبرة ( مهنيا) بينهم ( الزميل ثائر صنا وسكرتير تحرير نينوى الزميل نجيب البنا ..) . تحية لأرواح الراحلين من الأساتذة ، وللزملاء الذين زاملتهم زمنا ، وتحية للشباب المتجدد والواعدين . وعذرا ان فاتني اسم من الأسماء فالأمر يعود للذاكرة .. ولعن الله الزمان الذي فرقنا .