بصراحة جدا ً .. كم (صميم باليوس) نحتاج .. كم ( باسل يلدو) نريد ؟ ماجد عزيزة /
خلال السنوات الماضية جذب الوعاظ من الكنائس الإنجيلية المنتشرة في أنحاء العالم ( والعراق بشكل خاص) المئات من المؤمنين من الكنائس الأخرى ( الكاثوليكية والآرثوذكسية) بسبب علو كعبهم ومقدرتهم العالية على ايصال كلمة الكتاب المقدس وشرحه للمؤمنين المتعطشين لمعرفة مكنوناته وما يحويه من كنوز الحياة .. وقد أخذ هذا الجانب منحيان متوازيان ، المنحى الأول كلام ( للإستهلاك فقط ) يدور بين الناس من أبناء الكنائس ( الكاثوليكية والآرثوذكسية ) حول هذه الظاهرة التي جذبت المؤمنين وحولتهم من كنائسهم الأصلية متجهين نحو الكنائس الإنجيلية المتجددة ، وهو كلام لا يغني ولا يسمن ، مع لاابالية واضحة وملموسة من قبل بعض كهنة واساقفة هذه الكنائس . والثاني الزيادة الملحوظة في أعداد الكنائس الإنجيلية وتوالدها بشكل ملموس في العراق أولا ودول المهجر التي هاجر اليها العراقيون بشكل خاص ، حتى اننا حين ( اشرنا لذلك في احدى المقالات ) راح البعض ممن يوهمون الناس بأنهم يمتلكون الغيرة على الكنيسة يصرحون بأن ذلك غير حقيقي ، وان عدد المتحولين الذين غادروا باتجاه الكنائس الإنجيلية ضئيل ولا يكاد يذكر ، بينما الحقيقة هي عكس ذلك وبشكل بات يشكل ظاهرة يمكن لها لو استمرت أن تجعل بعض الكنائس عبارة عن ( كاهن وجدران ..!) .. سألتني إحدى السيدات المحترمات عن السبب الذي أعتقده رئيسيا في زيادة عدد الكنائس الإنجيلية ؟ قلت : ضعف الكنائس الكاثوليكية والآرثوذكسية تجاهها ؟ وتجاه مواعظ الكتاب المقدس التي يقدمها ( قساوستها ) وعدم امتلاك الكنائس الكاثوليكية والآرثوذكسية لكهنة مقتدرين على مجاراة غالبية وعاظ الكنائس الإنجيلية الذين يمتلكون فهما كبيرا للمسيحية ليس بشكلها التقليدي ، ويفهمون الكتاب المقدس بعهديه ( القديم والجديد ) بشكل عقلاني وعلمي ، ولا يقدمونه للمؤمنين بشكل ( كلاسيكي ) .. وتماسهم المباشر والروحي مع المشاركين في الصلاة والتفاعل بين الإثنين ( رغم تحفظي على بعض الأمور ) ..فيما نجد غياب مثل هذه العلاقة بين كاهن الرعية ( الكاثوليكية أو الآرثوذكسية ) والمؤمنين ، وعدم وجود ذلك التماس بينه وبينهم .. وان وجد فهو تماس ( مادي ) وليس ( روحيا ) . لقد عشت ثلاثين سنة مع الآباء الواعظين ( الدومنيكان ) وخبرت الطريقة التي يوصلون بها كلمة الله للمؤمنين ، وكم كنت أتمنى أن أقضي ما تبقى من العمر في حضرتهم .. فهم قد جبلوا مع ( الكلمة) وباتوا يستطيعون ايصالها عن طرق عديدة من بينها الصحافة ، والوعظ ، والكتاب .. وغير ذلك . في مدينة ديترويت لبيت دعوة كاهنين شابين من كهنة كنيستنا الكلدانية هما الأب صميم باليوس والأب باسل يلدو ، لحضور ندوتيهما الكتابيتين ( دروس الكتاب المقدس ) .. وصعقت ..! لأمرين : الأول الحضور الكبير للندوات من قبل المؤمنين ، والثاني المقدرة العالية التي يمتلكانها والأسلوب الشيق الذي به يتمكنان من ايصال الفكرة المطروحة .. وهنا لابد أن أهنيء صاحب السيادة المطران ابراهيم ابراهيم راعي أبرشية مار توما الكلدانية في ديترويت على هذين الكاهنين الشابين وبقية الكهنة الشباب الذين يخدمون في الأبرشية ، وهذا يأتي من فهمه العميق لرسالة الكهنة الشباب وما يمكن أن أن يضيفوه بحيويتهم للأبرشية التي تعتبر الأولى بين قريناتها في عموم ابرشيات الكلدان في العالم . انا هنا لا اريد القول بأن ( الأبوين الفاضلين) وأمثالهما يستطيعان الوقوف بوجه وعاظ الكنائس الإنجيلية المتمكنين ، لأني أكن احتراما خاصا لمن أعرفه منهم ، وهم ( حسب فهمي وايماني ) يوصلون كلمة السيد المسيح له المجد بطريقة وجدوها مناسبة وناجحة وسط ( معمعة) التطور التكنولوجي ، والصراع الحضاري والديني والإيديولوجي بين مختلف الدول والأديان والمؤسسات وغيرها . بل اؤكد على انهما ( ألأبوان صميم وباسل وأمثالهما) يستطيعان بهذا الطريق المتطور والعصري الذي يسلكانه في تقديم ( الطعام الروحي) للمؤمنين ، أن يجددا روح العمل الكنسي ويجعلاها تخلع ثوبها القديم الذي عفا عليه الزمن ، وبات لا يضر ولا ينفع ، ولم يعد يستطيع أن يتمسك بمؤمنيه بل على العكس أصبح عامل انسلاخ وهروب من الكنيسة التي اهتزت جدرانها وباتت تنتظر ( مار عبد الأحد من جديد) ليسندها . وينطبق هذا القول على عدد من الآباء الكهنة والأساقفة والوعاظ من الذين عرفتهم وحضرت ندواتهم ( المباشرة أو التلفزيونية ) وعلى سبيل المثال لا الحصر ( المطارنة جرجس القس موسى وايليا باهي وبولس دحدح .. والآباء اسطيفانوس من الكنيسة الآرثوذكسية والقمص انجيلوس سعد من الكنيسة القبطية والأب وسام متي .. وغيرهم ) .
إنَّ من
أهم ما يحتاجُهُ المؤمنون في كنائسنا الآن كلمة بليغة تؤثر في نفوسهم ،
وتشرح لهم باسلوب بسيط وشيق ما جاء به العهد القديم ، وما كتبه الإنجيليون
الأربعة وكتاب الرسائل، كلمة تبعدهم عن الخطأ والخطايا وتدفعهم إلى الإحساس
بما موجود في الكتاب المقدس ، هنا أقول : كم يحتاج المؤمنون إلى
الواعظ المؤثر الذي يهز القلوب، فيخرج ما فيها من عنف وقسوة، ويدخل إليها
روح المحبة والفهم الصحيح.. وأن يكون قصده
نفع
المتلقين والتأثير في قلوبهم لإصلاح سلوك ما في واقع حياتهم، وأن لا يبتغي
من
وراء
ذلك مدحاً ولا ثناءً ولا جزاء.
|