التقيناها في واشنطن ..
أيرين خان الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية

* نلسون مانديلا ناضل بدون عنف ..والحركات الإرهابية الآن تريد خلق بلدان ليس فيها قانون
* الحكومات التي يسود في بلدانها القانون صارت ساحة وضحية للإرهاب
على هامش مؤتمر مكافحة الإرهاب الذي عقد في العاصمة واشنطن ، التقينا بالسيدة ( أيرين خان) الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية بعد انتهاء محاضرتها التي القتها في اليوم الأول للمؤتمر وبعد كلمات الإفتتاح مباشرة ، حيث أكدت في بداية اللقاء بأن بعض الحكومات تهدر سيادة القانون وحقوق الإنسان، وتغذي العنصرية وكراهية الأجانب، وتؤدي إلى فصم عرى المجتمعات، وتزيد من مظاهر التفاوت، وتغرس بذور العنف وتؤجج الصراع، وذلك من خلال ما تنتهجه من سياسات تتسم بقصر النظر ونشر الخوف والانقسام . وقالت إن "سياسات الخوف تؤجج دوامة لا تنتهي من انتهاكات حقوق الإنسان، لا قداسة فيها لأي حق ولا أمان لأي إنسان". فقد أدت "الحرب على الإرهاب" والحرب في العراق، بما حفلت به من انتهاكات لحقوق الإنسان، إلى تعميق الانقسامات وإلقاء ظلال سوداء على العلاقات الدولية، مما يجعل من الصعب حل النزاعات وحماية المدنيين".
وفي كثير من الأحيان، كان المجتمع الدولي الذي يجتاحه الانقسام وانعدام الثقة، عاجزاً أو ضعيف الإرادة في مواجهة الأزمات الكبرى لحقوق الإنسان خلال عام 2006، سواء في غمار الصراعات المنسية، من قبيل الصراعات في الشيشان وكولومبيا وسريلانكا ، أو الصراعات التي تُسلط عليها الأضواء في الشرق الأوسط.فقد استغرقت الأمم المتحدة أسابيع عدة لكي تستجمع إرادتها وتدعو إلى وقف إطلاق النار، خلال النزاع الذي اندلع في لبنان وأدى إلى مصرع ما يقرب من 1200 مدني. ولم يُبد المجتمع الدولي أي اهتمام للتصدي لكارثة حقوق الإنسان الناجمة عن القيود الشديدة المفروضة على تنقل الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، أو الهجمات التي يشنها الجيش الإسرائيلي دون تقدير للعواقب، أو التقاتل فيما بين الفصائل الفلسطينية.
وقالت : وفي ظل مناخ عدم الاستقرار، الذي يمتد من حدود باكستان إلى القرن الإفريقي، راحت الجماعات المسلحة تستعرض قوتها وتُقْدم على ارتكاب انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي. وإن المستقبل ينذر بعواقب وخيمة لحقوق الإنسان ما لم تسارع الحكومات بمعالجة المظالم التي تغذي تلك الجماعات المسلحة، وما لم توفر قيادة فعالة قادرة على محاسبة تلك الجماعات عما ارتكبته من انتهاكات، وما لم تبادر هذه الحكومات بمحاسبة نفسها".ففي أفغانستان، أهدر المجتمع الدولي، وأهدرت الحكومة الأفغانية، الفرصة التي لاحت لبناء دولة تقوم على أساس من حقوق الإنسان وسيادة القانون، وهو الأمر الذي جعل أبناء أفغانستان نهباً لانعدام الأمن والفساد فضلاً عن أعمال التمرد على أيدي حركة "طالبان". وفي العراق، عملت قوات الأمن على إثارة العنف الطائفي، بدلاً من أن تسعى إلى كبح جماحه، وثبت أن النظام القضائي يتسم بالقصور على نحو مؤسف، أما أسوأ الممارسات في ظل نظام صدام حسين، مثل التعذيب والمحاكمات الجائرة وعقوبة الإعدام والاغتصاب دون عقاب أو مساءلة، فظلت حيةً على سابق عهدها.
وقالت : لقد ازداد وتعمق الانقسام بين المسلمين وغير المسلمين، وهو انقسام تغذيه إستراتيجيات مكافحة الإرهاب التي تنطوي على التمييز في البلدان الغربية. ونتيجةً لذلك، تزايدت حوادث التخويف من الإسلام، ومعاداة السامية، والتعصب، والاعتداءات على الأقليات الدينية في مختلف أنحاء العالم.وفي الوقت نفسه، انتشرت جرائم الكراهية ضد الأجانب في روسيا، بينما تفشت مظاهر عزل أبناء طائفة "الروما" (الغجر) وإقصائهم في بلدان أوروبا، مما يدل على الإخفاق الفادح لقيادات هذه البلدان في مكافحة نزعات العنصرية وكراهية الأجانب.
كما تعرضت حرية التعبير للقمع بأشكال عدة، تراوحت ما بين اضطهاد بعض الكتاب والمدافعين عن حقوق الإنسان في تركيا، وقتل نشطاء سياسيين في الفلبين، وصنوف المضايقة والمراقبة المتواصلة التي يتعرض لها المدافعون عن حقوق الإنسان في الصين، والتي بلغت حد الزج بكثير منهم في السجون، فضلاً عن اغتيال الصحفية أنا بولتيكوفسكايا، والقوانين الجديدة التي تحكم عمل المنظمات غير الحكومية في روسيا. وقد أصبحت شبكة الإنترنت ساحة جديدة للنضال من أجل إقرار الحق في الاختلاف والمعارضة، حيث قُبض على عدد من النشطاء، وتواطأت بعض الشركات مع الحكومات في فرض قيود على الوصول إلى المعلومات عبر الإنترنت في بلدان عدة مثل الصين وإيران وسوريا وفيتنام وبيلاروس. واكتسبت الأشكال القديمة للقمع زخماً جديداً تحت ستار مكافحة الإرهاب في بلدان مثل مصر، بينما انطوت قوانين مكافحة الإرهاب ذات الصياغات الفضفاضة تهديداً لحرية التعبير في المملكة المتحدة.
وبعد مرور خمس سنوات على هجمات 11 سبتمبر/أيلول، تكشفت خلال عام 2006 أدلة جديدة على الطريقة التي تعاملت بها الإدارة الأمريكية مع العالم بوصفه ساحةً هائلةً لما تسميه "الحرب على الإرهاب"، حيث أقدمت على اختطاف واعتقال عدد من المشتبه بهم واحتجازهم بصورة تعسفية وتعذيبهم ونقلهم بين سجون سرية في مختلف أنحاء العالم دون حساب ولا مساءلة، في إطار ما أسمته الولايات المتحدة عمليات "الترحيل الاستثنائي".وأضافت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية قائلةً: "ليس هناك ما يصور بدقة الطابع العالمي لانتهاكات حقوق الإنسان مثل "الحرب على الإرهاب" التي تقودها الولايات المتحدة وبرنامجها الخاص بعمليات "الترحيل الاستثنائي"، والذي شاركت فيه حكومات في بلدان أبعد ما تكون عن بعضها البعض، مثل إيطاليا وباكستان وألمانيا وكينيا"."وبالرغم من ذلك، فإن إستراتيجيات مكافحة الإرهاب لم تسفر عن نتائج تُذكر في التقليل من خطر العنف أو ضمان العدالة لضحايا الإرهاب، ولكنها أضرت ضرراً كبيراً بحقوق الإنسان وسيادة القانون على المستوى العالمي".
وجوابا على سؤال كيف نقف بوجه الإرهاب العالمي قالت : العمليات الإرهابية ارتفع عددها ويجب أن نفكر بطرق جديدة لحماية الناس ، ولا يمكن أن نفكر بذلك بمعزل عن التفكير بحقوقهم ، يجب أن نواجه التحديات ونوجد الطرق التي نفهم بها الناس ما هي حقوقهم وحقوق الآخرين ، وأن نتعامل مع الذين لا يفهمون حقوق الإنسان ، هناك من يوجه لنا النقد لأننا لا ننتقد الحكومات التي تحرم شعبها من حقوقه ، اننا نركز على الجزائر وأفغانستان فقط ولكن لا نتحدث عما يجري في بريطانيا مثلا ! اننا نؤكد بأن الإنسان يجب أن يحترم وسواد القانون هو الذي يجب أن يكون في كل مكان ، وان يكون جزءا لا يتجزأ من الحياة العامة ..
سألتها : ما مفهوم العنف لديك ؟ قالت : ما هو العنف ؟ ما هو الإرهاب ؟ نحن نسميها حربا على التطرف ونحن دقيقين في هذه التسمية ، يجب أن نحدد المشكلة كي نحلها .. العنف هو الإرهاب نفسه ، والتطرق لهما هو شحنة عاطفية وسياسية ، نحن نعرف أن المتطرفين الذين نشير لهم انما يناضلون لنيل حريتهم لكنهم يفعلون ذلك بواسطة العنف ، مانديلا ايضا ناضل لكن بدون عنف ! الحركات الإرهابية الآن تريد خلق بلدان ليس فيها قانون ، والحكومات التي يسود في بلدانها القانون وتعمل به ، صارت ساحة وضحية للإرهاب .
وعن الصاق تهمة الإرهاب بالإسلام أجابتني : ليست جميع العمليات الإرهابية ذات منطلق اسلامي ، هناك عدد قليل من الإسلاميين ينخرطون في العمليات الإرهابية المتطرفة ، وهناك الكثير من المسلمين لا يستعملون العنف مثل الإخوان المسلمين في مصر ، والحزب الإسلامي في تركيا ، فيما نجد اسلاميين آخرين يستعملونه مثل اسلاميي الجزائر وحركة حماس والقاعدة ومن يتبعها . يجب على المجتمع الدولي أن لا يضع خطة عامة للتعامل مع المسلمين ، الإسلام متنوع ، ويجب ايجاد عدة خطط كل على حدة وكل حسب هدفه ، ولكن يجب توفير الحماية للمدنين .
