السنة الطقسية لكنيسة المشرق

( الكلدانية _  الأثورية )

 

 

الراهب آشور ياقو البازي

 

مقدمة :

 

حياة الانسان، له عدة جوانب عليه، أن يسلكها سواء على انفراد، أو مع جماعة ( كالعمل، والأكل، والشرب، والفرح والتسلية .. إلخ )، وفي لجة هذه الانشغالات نجده يمضي، ويصرف من حياته من دون أن يعرف كيف أنه قضاها وأين صرفها، وما هي المردوديات التي توخاها منها؟

 

لذا نجد إن الروح القدس قد لعب دوره الكبير في تنظيم حياة الإنسان، كما نعلم كيف إن آباءنا العظام، قاموا ببذل قصارى جهودهم وبمعونة الرب. قدروا على وضع طقس متين ومنظم لسنتهم. ومن خلال التنظيم يقدروا على تمجيد الرب يسوع المسيح وأعماله الخلاصية من خلال دورة السنة الكاملة، وفي كل سنة يستذكرونه. محققين رغبته حينما قال : " اصنعوا هذا لذكري "، وهكذا تتبارك السنة بصلاح الرب ( بَرِكٌ كليٌلًا دشَنّةًا بطَيبُوٌةًٌكٌ ). لكي يستطيعوا أن  " يعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله "، أو كما هو شائع وبصورة خاطئة المثل القائل : ( ساعة لربك وساعة لقلبك ).

 

العمل في الحياة لن ينتهي حتى يوم موت الإنسان، وهناك تبقى أعمال متعلقة برقبته لن يستطيع أن يوفيها، ( وهذا معلوم عندكم جميعاًوالأنكى من ذلك ما له مع ربه من واجبات عليه أداؤها من تقديم الحمد، والشكر والعرفان بجميله الذي لا حدود له، والذي لن يقدر الإنسان على إيفاء هذا الحق مهما فعل، مع إن الرب ليس بحاجة إلى صلواته !؟ ولكن العبرة انه هو محتاج لله !؟.

 

لذا فقد حدا بي عنوان هذا المقال البسيط المتواضع، إلى التوغل في الطقس، _ السنة الطقسية بالذات _ للوقوف على حقائقها، ومدلولاتها وشرح معانيها، لعلي أتوصل وإياكم من خلال هذه الدراسة البسيطة إلى فهم أفضل للطقس الذي صاغه أجدادنا الآباء والقديسين. الذين جعلوا من الفرض الإلهي يقدس كل تعاقب الليل والنهار، والذي يجعل حضور الله دائماً ومستمراً في هذا الكون.

 

هنا لدينا مفهومان عليَّ شرحهما أولاً قبل البدء في هذا المقال ( واللذان هما عنوان المقال )

 

الأول : السنة : وهي _ كما نعلم _ الزمن الذي تستغرقه الكرة الأرضية للدوران حول الشمس مروراً بالفصول الأربعة، وتعاقب الليل والنهار لمدة ( 365_366 ) يوماً، وهي المقياس الذي يستخدم لتقدير أعمار البشر و .. إلخ.

 والثانية الطقسية : الطقس كلمة يونانية[1]، نجدها في السريانية تحت لفظة ( طَكسًا ) من الفعل الثلاثي المضعف ( طَكِسوالذي يعطي معنى التنظيم، أو الترتيب (وللطقس معنى آخر هو الحالة الجوية وهكذا يتكون لنا تعريف تركيبي عام للسنة الطقسية هو ( الفترة الزمنية والمتعاقبة لتنظيم حياة الانسانوبالمعنى الأخص ( تنظيم حياة الصلاة والخدمة الكنسية عبر بحر السنة ). والسؤال الذي يطرح نفسه. هو كيف تم تقسيم وتنظيم السنة، والتي تبلغ ( 365_366 يوماً. أي 8760 ساعة. أي 600، 525 دقيقة لكي تغطي جميع التذكارات، والمناسبات والأعياد و..إلخ ؟ هذا ما سنكتشفه من خلال جولتنا هذه في سنتنا الطقسية، مبدين أولاً الطقوس ونشأتها. ثم نلج إلى تقسيمات السنة الطقسية لكنيسة المشرق ( الكلدانية – الأثورية ).

 

1_ نشأت الطقوس بصورة عامة، والمشرقي بصورة خاصة :

 

بعد أن أشرق نور العنصرة على الرسل، وهم مجتمعون في مكان واحد، امتلأت أرواحهم بنعمة الروح المتجلي في ألسنة من نار، فانطلقوا شهوداً لسر التجسد، والفداء والقيامة إلى جميع أرجاء المسكونة، كما أوصاهم معلمهم بذلك ( مرقس 16: 15وبعد بدء فترة التجسد وتكوّن الجماعة المسيحية الأولى بدأت بعض الخلافات بينهم وبين اليهود، مما أدى إلى فصل المسيحيين عن اليهود، ومنعهم من الاشتراك في الصلاة اليهودية التي كانت تقام في المجمع. وهكذا كانت البداية التي جعلت المسيحيين يكّونون لأنفسهم صلوات خاصة وفروضاً خاصة، مستلهمين خبرتهم الماضية في الصلاة والعبادة اليهودية، وطّوروا هذه الخبرة وفقاً لمفاهيمهم المسيحية الجديدة، وهكذا تكونت الصلاة الجماعية، أو الفرض الإلهي بصورة تدريجية مستلهمة معطياتها من العهد القديم والجديد، وهكذا تكونت الطقوس، وتفرعت حسب المناطق التي بشر بها الرسل. ان في الكنيسة شتى أنواع الطقوس. التي وضعها الرسل بحكمة عجيبة لسبب الشعوب المختلفة. فتكونت هنالك عدة طقوس، كالطقس القبطي، والماروني، والأرمني، وطقس كنيسة المشرق .. إلخ.

 

بالرغم من اختلافات الطقوس فيما بينها، لكنها أعضاء كثيرة في جسد واحد للخدمة والبنيان، وبذلك انشأ المسيح كنيسته واحدة في الإيمان والتعليم، ومختلفة بالأجناس، واللغات والعادات.

 

ان طقوس الكنائس المختلفة. لا يجوز أن تجهل إحداها الأخرى حتى لو كانت غريبة عنها، فلا يمكن فهم أي طقس من الطقوس، أو ليتورجية من الليتورجيات بمعزل عن الأخرى، فهي كلها قد استقت من نفس الينابيع، وهذا التشابه الناتج هو نوعاً ما شهادة صادقة للأخوّة المسيحية القديمة والعريقة، التي يجب أن تجمع كل المسيحيين في يومنا هذا. أي لا تفرقنا الطقوس واللغات عن بعضنا البعض، فكثرة الطقوس وإختلافها هي من معززات الكنيسة وجماليتها، والحوار بين الكنائس يجب أن يقوم على احترام الفروقات التي تكون ثراء متبادلاً ومتكاملاً. إذ لا يمكن أن تعبر كنيسة واحدة عن غنى ملء المسيح وقامته.

 

ليتورجيات القداس الثلاث لكنيسة المشرق

 

( 1 )

ليتورجية

القديسين أدي وماري :  وتسمى بالقداس الأول، أو القداس الرسل، وتستعمل للأيام البسيطة كلها، والآحاد والأعياد الواقعة بين أحد السعانيين وأحد البشارة، وهي أقدم الليتورجيات الشرقية.

( 2 )

ليتورجية

مار تيودوروس المصيصي :

المترجمة من اليونانية، وتسمى بالقداس الثاني، وتستعمل للآحاد والأعياد الواقعة بين أحد البشارة وأحد السعانين.

( 3 )

ليتورجية

مار نسطوريوس :

المترجمة من اليونانية، وتسمى القداس الثالث، وهي أطول الليتورجيات الثلاث، وتستخدم خمس مرات في السنة: " عيد الدنح، عيد مار يوحنا المعمدان، تذكار الملافنة اليونانين، اليوم الثالث من صوم الباعوثا، خميس الفصح "

 

أما بخصوص كنيسة المشرق، فقد كانت منقطعة عن العالم الروماني والبيزنطي، وتمسكت بتقاليدها العريقة، فلقد حافظت هذه الكنيسة على صفاء طقوسها من أي عنصر غريب. لذا بقيت رتبها قريبة من ينابيعها الأصيلة، أي من الرتب الليتورجية اليهودية، وطقوس اورشليم المسيحية، وتنسب مصادر كنيستنا تنظيم الفرض الإلهي إلى البطريرك ايشوعياب الثالث ( 649 _ 659 م وهذا ما يؤكده عوديشوع الصوباوي ( ت 1318موقد دخلت عبر الأجيال صلوات، وتراتيل جديدة على الفرض الإلهي لكنيسة المشرق. وضعها مؤلفون مشرقيون، أو اقتسبت من طقوس الكنائس الأخرى، وان كنيسة المشرق عانت من عدة اضطهادات[2]، وانشقاقات أثرت على تكّون طقسها، فطقس كنيسة المشرق. هو طقس عريق، وزاخر بالرموز والمعاني، ونظمت هذه الصلوات في كتب معينة هي:

 

1_ ( خوٌدٌرًا ) المدار، أو ألدورة

     أي مدار السنة الطقسية، وهو الكتاب الأساسي للسنة الطقسية، ويحتوي على الصلوات الخاصة بكل آحاد السنة الطقسية، والأيام الأعتيادية، وصلوات الأعياد، والتذكارات الثابتة والمتحولة. أقدم مخطوطة موجودة في كنيسة مار اشعيا في الموصل، وتسمى خوذرا مار شعيا، وهي من القرن العاشر الميلادي.

2_ ( جَزًا ) الكنز

    يتضمن فرض الصلوات لكل الأعياد طوال السنة، ويتضمن تراتيل، وترانيم وصلوات قصيرة. هو ملحق ومكمل للـ ( خوٌدٌرًا )، ويحتوي على صلوات غير موجودة فيه.

3_ ( كَشكُوٌل ) الكشكول : المجمع     ( حرفياً جمع الكل )

     يتضمن مجموعة صلوات مخصصة للاستعمال في صلاة الفجر، وصلاة الغروب لجميع أيام الأسبوع طوال السنة. وهو مكمل وملحق للـ ( خودٌرًا ).

4_ ( وَردًا )[3] الوردا

    هي مجموعة تراتيل ( عوُنًيةًٌا ) تستخدم في صلاة الليل، المؤلف هو الشاعر الكبير كوركيس وردا ( ت 1300م ).

5_ ( اَبُوٌ خَليٌم )

( ابو حليم )[4].

هو الجاثليق ايليا الثالث

يحتوي على مجموعة من الصلوات القصيرة مخصصة للتلاوة في خاتمة صلاة الصباح ايام الآحاد طوال السنة، وأيام الأعياد، وفي أيام الثلاثة لطلبة أهل نينوى ( بًعوٌةًٌا دنيٌنوًيٍاْ )، وهذه الصلوات   يتلوها الأسقف، أو الكاهن في بداية صلاة الصباح في الأعياد المارانية الكبيرة، وبعض التذكارات، وبعض الآحاد والمناسبات.

6_ ( مَزموُذٍا ) المزامير[5]

يحتوي على المزامير مقسمة بصورة طقسية.

7_ ( دَقدًم وَدبًٌةَر )[6] ( دقذام وذواثر ).

يحتوي على الصلوات الفرضية في أقسامها المشتركة، لجميع أيام السنة. ما قبل وما بعد المزمور 140 ( مًريًا قرٍيةًكٌ اَنّة عنيٌني) ( يا رب دعوتك فاسرع إليّ انصت إلى صوت صراخي )

لقد تم جمع هذه الصلوات الموزعة على هذه الكتب في كتاب واحد. مؤلف من ثلاث أجزاء في عهد البطريرك ايليا الثاني عشر ( 1878 _ 1894م وطبعها الاب بولس بيجان، ومن ثم طبعت في روما، وحالياً توجد طبعة أخرى جديدة ( 2003م ) جديدة في كتاب واحد. وهناك طبعة أخرى أثورية طبعت في الهند عام (1960م ). وتحتوي على :

 

المجلد الأول

   يحتوي على الصلوات التي تتلى من فترة البشارة إلى فترة الصوم الكبير.

المجلد الثاني

   يحتوي على الصلوات التي تتلى من فترة الصوم الكبير إلى أحد الفنطيقسطي.

المجلد الثالث

   يحتوي على الصلوات التي تتلى من فترة الفنطيقسطي إلى نهاية فترة تقديس البيعة، والتي هي نهاية السنة الطقسية.

 

 

2- السنة الطقسية لكنيسة المشرق

       ( الكلدانية _ الاثورية ) :

 

ليست السنة الطقسية تقويماً كنسياً للأعياد فحسب. بل انها سر رمزي يمكننا من الألتقاء بالمسيح وجهاً لوجه وكأنها المسيح بالذات، وعندما نعيشها بعمق الروح، ينطبع المسيح على ظهور قلوبنا، ولقد جعل الروح القدس السنة الطقسية فعلاً سراً ورمزاً لذكرى التدبير الخلاصي، فمن خلالها يأتي رب الأزمان في ترتيب زماننا، وهي أيضاً ملتقى السماء والأرض. الزمن والأبدية، الانسان والله، ولقد نظم المشارقة دورة صلاتهم الفرضية باسلوب منطقي بحيث يحتفلون بأعمال يسوع المسيح الخلاصية كلها عبر بحر السنة.

 

لقد قام البطريرك ايشوعياب الحديابي ( 659م ) بتعديلات، وتنظيمات لهذه الطقوس، وغيره من علماء عصره، ولقد رتب ايشوعياب هذه الصلوات على نظام السابوعات[7]. التي تسير بحسب حياة المخلص وأعماله الخلاصية ( مدٌبرًنوٌةًٌا وهذه السابوعات[8]، أو السوابيع هي :

 

1_ فترة البشارة ( سوٌبًرًا ):

 

تعتبرهذه الفترة بداية السنة الطقسية، وتمتد لمدة أربعة أسابيع، من ضمنها عيد الميلاد، وتعتبر هذه الفترة فترة سر التجسد. أي الكلمة الذي صار جسداً، وحل بيننا وظهر للعالم بالجسد. ان هدف هذه الفترة. ( هو اعداد المؤمنين لعيد الميلاد المجيد ).. لذلك نقرا في القداس نصوص الانجيل. التي تتحدث عن الأحداث الخلاصية التي هي سر التجسد، واتحاد الله بالطبيعة البشرية، والحبل العجائبي، ودور العذراء مريم في سر التجسد. هكذا يتهيأ المؤمنين بيسوع المسيح الذي جاء لخلاص البشرية جمعاء، لاستقباله في قلوبهم من جديد، ونجد الانجيلي لوقا يعطينا دلالة وافية على بشارة الملاك جبرائيل لمريم العذراء في انجيل  ( لوقا 1 : 26 )، وكذلك أيضاً عن ولادة المسيح في انجيل ( لوقا 2 : 1_ 7 ).

 

2_ فترة الدنح ( دنخًا ) :

 

تتكون هذه الفترة من سبعة أسابيع تلي عيد العماد، وتمتد حتى الصوم الكبير، وهي فترة الكشف عن الثالوث الأقدس، وتعني كلمة ( دنخًا ) السريانية : ( الظهور، أو شروق الشمس ). ( دلالة على ظهور الرب يسوع للعالم، وبداية رسالته الخلاصية من خلال عماده في نهر الاردن )، وان كافة الجمع الواقعة في هذه الفترة تعتبر أعياداً مخصصة لذكرى القديسين الذين هم أعمدة الكنيسة، وعلى التسلسل الأتي : مار يوحنا المعمذان، الرسولين بطرس وبولس، الانجيليين الأربعة، الشهيد اسطفانوس، الملافنة اليونان، الملافنة السريان، تذكار شفيع الكنيسة، تذكار الموتى المؤمنين[9].

 

ان هذه الفترة هي الوسيلة لإعلان الإيمان الحي بيسوع المسيح. الذي بدأ سرّ التجسد والخلاص، والذي أظهر لنا ذاته عندما اعتمد في نهر الأردن على يد يوحنا المعمذان ( متى 3 : 16 _17 ).

 

 

3_ فترة الصوم الكبير ( ؤَومًا رَبًا ) :

 

تتكون هذه الفترة من سبعة أسابيع، ومن ضمنها أسبوع الآلآم، وتبدأ هذه الفترة يوم الأثنين بعد الأحد الأول من الصوم، وتنتهي يوم خميس الفصح، وتتكلل هذه الفترة بأبهى يوم وعيد، ألا وهو عيد القيامة المجيدة، وهذه الفترة هي سر الآم ربنا يسوع المسيح، وموته وقيامته، ( وهذه الفترة تمتاز بكثافة الممارسات الروحية والجهد الذي تتسم به حياة المسيحيين، لتنشيط نمو حياتهم الروحية، ويمارس المسيحيون الصوم بجهد وإيمان لكي يعبروا من الموت إلى الحياة، ومن عبودية الخطيئة إلى حرية أبناء الله ) ( روما 8 : 21 )، وهذا الصوم هو الإقتداء بالمسيح. الذي صام أربعين يوماً، وأربعين ليلة ( لوقا 4 : 1 _ 3 )، وصوم موسى الأربعيني ( خروج 24 : 18 )، وصوم ايليا الأربعيني ( 1 ملوك 19_ 8 ).

 

4_ فترة القيامة ( قيَمةًا )[10] :

 

تتكون هذه الفترة من سبعة أسابيع مع عيد الصعود، وتعتبر هذه الفترة رمزاً لسر الفداء والخلاص، وتبدأ بأحد القيامة، وتدعى الجمعة التي تليه بجمعة الشهداء المعترفين، وفي الخميس السادس من أحد القيامة. أي بعد أربعين يوماً من أحد القيامة يأتي خميس الصعود[11]. أي صعود ربنا يسوع المسيح له المجد إلى السماء، بعد أن أعطى لتلاميذه بشارة الخلاص موصياً إياهم بأن يحملوها إلى العالم أجمع، ( وان فترة القيامة هي حاصل مخاض أليم مرت به الكنيسة مع يسوع في الآمه، وموته، وقامت معه بأبهى حلّة في العالم. لذا فترة القيامة هي الفترة المركزية، والأساسية في حياة المسيحيين، والتي على أساسها نشأت الكنيسة الأولى، وقام التبشير ). كما قال القديس بولس : " وان كان المسيح لم يقم، فتبشيرنا باطل وايماننا باطل " ( 1 كورنتوس 15 : 14 ).

 

5_ فترة الرسل ( شليٌخٍاْ ) :

 

تتكون هذه الفترة من سبعة أسابيع. إبتداءً من عيد العنصرة[12] ( عٍادًا فَنطٍاقوٌسطٍا )، ويسمى الأحد الأول من هذه الفترة بأحد المدخل إلى صوم الرسل، والذي يدوم أسبوعاً واحداً، وهدفه التذكير بجدية الحياة المسيحية. بعد فترة الأفراح والاحتفالات بعيد القيامة، والتي دامت خمسين يوماً، والتي سبقتها خمسين يوم من الصوم.

 

ان الجمعة التي تلي أحد الفنطقسطي تسمى ( جمعة الذهب )[13] (عروبٌةًا ددىبًٌا ). وفي الجمعة الأخيرة من فترة الرسل يقع تذكار الاثنين والسبعين[14] تلميذاً. ( تعتبر هذه الفترة سر حضور الروح القدس في الكنيسة. الذي حلَّ على الرسل، وجعلهم ينتشرون في أرجاء المعمورة، ويبشروا بالانجيل، ويقدموا حياتهم شهادة ليسوع المسيح ). الذي أرسلهم مبشرين للعالم قائلاً " اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم، وعمدهم باسم الأب والأبن والروح القدس " ( متى 28 : 19_20 ).

 

6_ فترة الصيف ( قَيطًا )[15] :

 

تتكون هذه الفترة من سبعة أسابيع، وتدور الصلوات فيها حول كرازة الرسل، وتوبة البشر، وهذه الفترة تعتبر سر انتشار الكنيسة في العالم، وتأتي هذه الفترة كخاتمة لسابوع الرسل، وتبدأ فترة الصيف بالأحد الأول والذي يدعى بـ ( نوسَردٍيل ) ( نوسرديل ). أي عيد الله، وهي كلمة فارسية تعني الأحد الأول من السنة الجديدة، وفي الواقع أن هذا الأحد يوافق الأنقلاب الصيفي الذي يصادف 21 حزيران. ( وان هذه الفترة تخبرنا عن انتشار الكنيسة في العالم، بواسطة الرسل، والشهداء والمعلمين )، ويكون في هذه الفترة المجال الكافي للكنيسة لكي تبدأ بالتعليم، ونشر الإيمان في صفوف الأولاد والطلبة لتفرغهم من دورسهم.

 

7_ فترة ايليا والصليب ( ايليًٌا وَؤليٌبًٌا ) :

 

تتكون هذه الفترة من سبعة أسابيع، وتبدأ بعد نهاية فترة الصيف، وتتخللها أحداث ايليا الذي أرسله الله ليغزي ابن الهلاك بغيرته المتوقدة، وتظهر علامة الصليب في السماء وهي علامة ابن الله، وانتصاره ودحره ابن الهلاك، وان صوم ايليا _ هو خاص بالكلدان فقط _ يذكرنا بمجيء المسيح للمرة الثانية، وهذا المجيء يرمز إليه عيد الصليب الذي يصادف 13 ايلول[16]، ويذكرنا عيد الصليب الذي هو رمز الفداء والخلاص بالتدبير الإلهي الذي أجراه لنا المسيح، وهو ( يدعونا إلى أن نعي ونفكر في حياتنا المسيحية الماضية، والاحتفال بإيماننا )، وأن لا نجعل من الصليب زينة، أو حليّة نرتديها على صدورنا فقط، وانما نفتخر بصليب المسيح كقول الرسول بولس : " أما أنا فمعاذ الله أن أفتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح .."   ( غلاطية 6 : 14).

 

8_ فترة موسى ( موشٍا ) :

 

تعد هذه الفترة امتداداً لفترة ايليا والصليب، وهي اسبوع واحد، أو أكثر، أو قد لا تكون أسبوعاً. وهناك اعتقاد بأن هذه التسمية  اختيرت بسبب عيدين يقعان خلال هذه الفترة ( عيد الصليب ) الذي يرمز إلى المسيح، و( عيد التجلي ). الذي يرمز إلى عودة المسيح محاطاً بموسى وايليا، وهكذا احاطوا الصليب بفترتي ايليا وموسى.

 

9_ فترة تقديس الكنيسة ( قوٌدًش عٍدةًا ) :

 

تحتوي هذه الفترة على أربعة أسابيع، وتعد هذه الفترة نهاية السنة الطقسية، ولها تسمية أخرى وهي ( خوٌدًةًٌا ) أي التجديد، وفي كتاب الخوذرا تدعى بـ (مَعلةًا). أي الدخول إلى الكنيسة لإقتراب الشتاء، وبه يحتفل بتدشين الكنيسة على غرار تكريس هيكل اليهود. وهو سر عظيم أي سر المجد الإلهي الختامي، والذي يختم به السنة الطقسية بعد مرورها بأعياد، وفترات أعاده على المؤمنين من خلال سنة واحدة من حياة يسوع المسيح على الأرض، وتعاليمه الخلاصية للبشر، وتقديس الكنيسة من جديد لإعادة الأحتفال بها من جديد، والأحتفال الحي المعاش مع المسيح في الكنيسة المقدسة على طول السنة.

 

 

وفي الختام لنا كلمة :

 

ان الصلاة لها أهمية كبيرة في حياة كل مسيحي مكرس، أو علماني، فهي تقربه من الله أكثر واكثر، وتكون كمحرار لحياته الروحية، وهي التي تجمعنا، وتوحدنا ويحل المسيح بيننا كما قال يسوع : " أينما اجتمع اثنان، أو ثلاثة باسمي أكون بينهم " ( متى 8 : 20 )، وهذه الصلاة لكي تكون أكثر حيوية، ومفهومة، ومعاشة على أتم وجه، ولكي يتعرف المؤمنون على الكنوز الروحية التي بداخلها ويغرفوا ما استطاعوا من معينها الثرِ، فهكذا يستطيع الجميع تذوق ما فيها من المعاني الروحية السامية والأصيلة يجب أن تخضع إلى ترجمة، لانها مكتوبة بلغة تجهلها الأغلبية الساحقة. ولا تكون فقط مجرد كلام شفاه،. ويجب أن تجدد هذه الصلوات للتطور حسب متطلبات الحياة المعاصرة التي يعيشها الانسان في الوقت الحاضر، ويجب اعادة النظر في رتبة القداس بحيث يظهر بوضوح أشد. الدور الخاص بكل قسم من أقسامه، والعلاقة المتبادلة بينها حتى يسهل اشتراك المؤمنين اشتراكاً تقوياً وفعالاً، وهكذا فلتوجز الطقوس مع المحافظة الامينة على جوهرها فيسقط كل ما يكرر.

 

فمن خلال هذا، حاولنا إعطاء التفسير الملائم للأعياد والتذكارات والمناسبات التي تمر من خلالها السنة الطقسية لكنيسة المشرق ( الكلدانية _ الأثورية ) التي لا بد من معرفتها وروحنتها، والتي تكاد أن تكون مجهولة كلياً أو معظمها، ونتمنى أن يكون هناك تجديداً للطقوس العريقة والتي تقوم على تحضير الاكليروس والشعب وتثقيفهم ليتورجياً، وتجديد الطقس وتبسيطه حسب الجوهر القديم الأصيل، وتكيفه مع العقلية المعاصرة وضرورة إعادة الليتورجية لتتكيف مع حاجات الانسان المعاصر ومتطلباته الانسانية والاجتماعية والحضارية.

 

الهوامش

 

[1] _ هنالك كلمة يونانية اخرى مرادفة تدعى بـ ( الليتورجية ) وتتكون من مقطعين ( Leiton ). أي صلاة أو خدمة ( Ergon ) أي الشعب، فيكون معناها صلاة الشعب.

[1] _ لذا تدعى كنيسة المشرق بحق كنيسة الشهداء، لكثرة ما أعطت من ابناء كنيستها شهداء عظام يخلدهم التاريخ منهم على سبيل المثال البطريرك مار شمعون برصباعي واخرون كثيرون. راجع كتاب شهداء المشرق.

[1] _ يضم هذا الكتاب مجموعة ترانيم . نظمها كيوركيس وردا. اطلق على الكتاب اسم ( وَردًا ) ( وردا ) تيمناً بأسم مؤلفه، وهو شاعر كبير مبدع. عاش في القرن الثالث عشر وهو من أربيل . عاصر خاميس برقرداحي، كتبت هذه القصائد خصيصاً لأيام الأعياد والمناسبات الخاصة، وهي منظومة على البحر السباعي. ويرتل بعض هذه القصائد أثناء تناول القربان المقدس.

[1] _ ويعتقد ان عنوان الكتاب مستمد من لقب الشخص الذي صنف الكتاب ألا وهو الجاثليق مار ايليا الثالث ( 1176 _ 1190م)

[1] _ هو كتاب مزامير داود. هو الغذاء الروحي الرئيس لجميع المتعبدين الأنقياء، ويستخدم على نطاق واسع في طقوس كنيسة المشرق. بل يشكل حجر الزاوية في هذه الطقوس، وقد قسمت المزامير المخصصة للتلاوة في شعائر كنيسة المشرق إلى  (التهليل والصلوات النافذة) ( ىوٌلًلٍاْ ومَذميًةًٌا )، وكل ( مَرميٌةًٌا ) تشمل بضعة مزامير تتلى طوال الأسبوع في صلاتي الصباح والمساء ( ؤلوةًٌا دؤَفرًا وَؤلوُةًٌا درَمشًا )، وعلى مدار السنة. تتلى المزامير في مستهل كل طقس من طقوس كنيسة المشرق، كالعماد، والأفخارستيا، ومراسم دفن الموتى وغيرها. كما ان جميع الأناشيد، أو التراتيل ( عوُنيًةًٌا ) الداخلة في الطقوس الكنسية، وأناشيد الشهداء ( عوُنيًةًٌا دسَىدٍاْ )، وأناشيد الجماعة ( قًلًا دجًوًا )، وتراتيل تبريك الأشهر( عوُنًيًةًٌا دطوٌكًس يَذخٍا ) تستهل أبياتها بآيات، أو عبارات مستقاة من المزامير.

[1] _ أي ما قبل وبعد المزمور ( 140 ) (مًريًا قرٍيةًكٌ اَنّة عنيٌني . ؤوٌةٌ مِلَيْ وقَبُِل . ؤلوُةٌي اَيكٌ عِطرًا قدًٌمَيك . قوٌربًنًا دايٌدَيْ اَيكٌ قوٌربًنٍى درَمشًا . )، ( يا رب دعوتك، فاسرع إليّ . انصت إلى صوت صراخي. لتكن صلاتي كالبخور أمامك، ورفع كفيَّ كتقدمة المساء )، وهو المزمور المركزي والأساسي في صلاة المساء ( رَمشًا )، ولهذا السبب يتلى يومياً على مدار السنة. ثم أضيف إلى صلاة هذا المزمور ( 140 ). مزامير أخرى تكملة له في صلاة المساء ( رَمشًا )، وهي المزامير التالية : مزمور ( 141 ) ( بقًلي لمًريًا قرٍيةٌ بقًلي لمًريًا اِةٌكَشفٍةٌ . واَرميٌةٌ قدًٌمًوىي ةَكٌشَثةُي . واوٌلؤًني قدًٌمًوىي خًويٌةٌ .....) ( بصوتي إلى الرب أصرخ، بصوتي إلى الرب أتضرع. أسكبُ أمامه نَجواي، واعلن لديه ضيقي .... ). ومزمور ( 118 : 105 _ 112 ) ( شرًجًٌا ىّي مِلةًٌكٌ لذِجٌلَي ونوٌىرًا لَشبٌيٌلَيْ . يٌميٌةٌ واَشرٍةٌ داِطَر ديٌنٍاْ دزَديٌقوٌةًٌكٌ ....) ( كلامك سراج لخطواتي، ونور يا ربُّ لطريقي. أقسمتُ وسأقوم بقسمي، فأسهرُ على أحكامك .... ). ومزمور ( 116 ) ( شَبَخو لمًريًا كلكٌوُن عَممٍاْ . وشَبُخًيْىي كلىٍين اِموًةًٌا . مِطل دعشنَةِ علَين طَيبُوٌةٍى . شَريٌرًايٌةٌ مًريًا ىّوٌ لعًلَم ). ( هللوا للرب جميع الأمم سبحوه يا جميع الشعوب، رحمته عظيمة علينا، وحقه يدوم إلى الأبد ).

هناك رأي يقال ان كتاب ( دقدًم وَدبًٌةَر ) ( دقذام وذواثر ). أي الـ ( قبل ) والـ ( البعد ). سمي كذلك للاشارة إلى فئتين، أو جماعتين من المصلين يفصل بينهما صحن الكنيسة تسمى إحداهما الجوقة العليا ( جوٌدًا عِلًيةًا )، والثانية الجوقة السفلى  ( جوٌدًا ةَخةًيةًا ).

[1] _ السابوع ( شًبٌوُعًا ) : من سبع ( 7 رقم الكمال ).أي سبعة أيام وسبعة أسابيع : وهو الفترة المتكونة من سبعة أسابيع، وتسمى باسم معين، مثل سابوع الرسل، أو سابوع البشارة و ... إلخ.

[1] _ للمزيد من الاستزادة راجع كتاب روعة الأعياد للأب منصور المخلصي، بغداد 1998. وبالنسبة لاستخراج هذه السوابيع وتحديد الفترات بدقة . راجع كتاب التقويم الأبدي ( سوٌرجًدًا مبَشلًا ) الأب فيلبس اسحق الراهب، بغداد 1991.

[1] _ ملاحظة : في هذه الفترة أيضاً هناك ثلاث أصوام باعوثا في كنيسة المشرق، وهي 1_ صوم باعوثا مار زيعا ( مًري زَيعًا)، وتجري مراسيم هذا الصوم خلال الأيام الثلاثة التي تلي الأحد الثاني من الميلاد، وتقول التقاليد، بان هذا الصوم وضع إكراماً للقديس زيعا، وإحياء لذكرى الباعوثا التي اقامها، فأوقف الرب وباء تفشى في بلاد اشور. إلا ان الكلدان قد أهملوا هذا الصوم، وانحصرت لدى الأثوريين. 2_ صوم باعوثا العذارى ( بًعوةًٌا دَبٌةٌوْلًةًٌا ). تجري مراسيمها ثلاثة أيام اعتباراً من نهار الأثنين الذي يلي عيد الدنح. نجد ذكرها في الكتب الطقسية. مثلاً الانجيل الطقسي الذي يخصص لها قراءات. إلا ان الكلدان أهملوا هذا الصوم أيضاً. لقد نظم هذا الصوم مار يوحنا الأزرق مطران الحيرة ( خيرةًا ) في عهد الجاثليق فثيون ( 713_ 740م )، والجاثليق آبا الثاني ( 741 _ 751م ). 3_ صوم باعوثا نينوى، وتجري مراسيم هذا الصوم أيام الأثنين، والثلاثاء والأربعاء من الأسبوع الثالث الذي يسبق الصوم الكبير. ان سبب تأسيس صيام باعوثا نينوى كان الأقتداء بالأعمال التوبوية التي قام بها أهل نينوى أيام يونان النبي كما وردت في العهد القديم ( سفر يونان 3 : 1، 4 : 11 ). إلا ان هذا الربط هو متأخر بدون شك. لأن السبب الحقيقي هو الوباء ( الطاعون ) الذي انتشر في عهد الجاثليق حزقيال ( 570 _ 581م ). أقاموا صلوات وأصواماً، فأوقف الرب هذا الوباء من الشعب. لذلك فرضه أساقفة بيت كرماي ونينوى على مؤمني أبرشياتهم، ومن هذه = المناطق انتشر في كل مكان، ولا زال ابناء كنيسة المشرق ( الكلدانية _ الأثورية ) يمارسون هذا الصوم تعبيراً عن شكرهم للرب لايقاف الوباء، وطلباً لغفران الله ورضوانه ومراحمه. الباعوثا : كلمة سريانية تعني الطلب، أو الدعاء.

[1] _ القيامة المجيدة على أساسها تم تنظيم السنة الطقسية في كنيسة المشرق، وتعتبر كنيسة المشرق بحق كنيسة القيامة. إذ ان عيد القيامة له من السنة الطقسية القلب. والذي يستمد منه النور لكل السنة، ويستمر فيها حضوره الخلاصي.

[1] _ عيد الصعود : يشبر إلى ان أبواب السماء فتحت لنا لكي نصعد نحن ونحيا مع المسيح إلى الأبد. قراءة العهد القديم مأخوذة منسفر الملوك الثاني ( 2 : 1_15 ) التي تتحدث عن ارتفاع إيليا إلى السماء، إن ارتفاع إيليا إلى السماء رمز ونموذج لصعود ربنا يسوع المسيح إلى السماء. تقتضي تعليمات كتاب الخوذرا، أن يخرج المؤمنون من الكنيسة وهم يرتلون لحن ( الحمد لك يارب الكل، المجد لك يا يسوع المسيح، لانك باعث أجسادنا ومخلص نفوسنا ) ( لًكٌوٌ مًرًا دكٌلًا مًودٌينَن : ولًكٌ يٌشوُع مشيٌخًا مشَبُخيٌنَن: داَنّةُوٌ منَخمًنًا دفَجٌذَين: واَنّةُوٌ فًروُقًا دنَثشًيْةَن ).وحاملين الصليب، الإنجيل، مصابيح ومبخرة. يحتفلون المؤمنون بالفروض الكنسية في فناء الكنيسة اعتباراً من هذا الخميس وحتى الأحد الأول من تقديس الكنيسة  بسبب شدة حرارة الصيف، وذلك في مكان اسمه بيت الصلاة ( بية ؤلوةًٌا ). ان هذه الفروض التي تقام في حوش الكنيسة= خلال فترة الصيف هذه هي صلاة الرمش وصلاة الصباح والقسم الأول من القداس، أي ليتورجيا الكلمة، أي من بداية القداس وحتى نهاية الإنجيل، ثم بعد الإنجيل يدخلون إلى الكنيسة لتكملة القداس وهم يرتلون ترتيلة الإنجيل ( عونيةًٌا داونجليون التي تشرح الإنجيل، والتي نجدها في كتبنا الطقسية خلال هذه الفترة فقط. أي من أحد الصعود إلى أحد الأول من تقديس الكنيسة، حيث يدخلون من بيت الصلاة ( بية ؤلوةًٌا ) في الحوش إلى البيم ( بيمًا ) داخل الكنيسة.

[1] _ يلي عيد العنصرة عيد الصعود بعشرة ايام. والعنصرة : كلمة معربة عن الكلمة الأرامية ( عصرتا _ الختام )، والأرجح أن تكون معربة عن اللفظة العبرية ( عشرتا _ الاجتماع ). في العهد القديم كانت تطلق هذه الكلمة على عيد الحصاد، ولها أيضاً تسميات أخرى منها ( البواكير، ابكار حصاد الحنطة، الحزمة الأولى، الأسابيع، الخمسين )،وهذا العيد_( عيد الحصاد). هو ثاني الأعياد اليهودية الكبرى، والذي يأتي بعد عيد الفصح بخمسين يوماً، وفيه تذكار نزول الشريعة على جبل سيناء، مثلما سيشهد في المسيحية نزول الروح القدس على التلاميذ. ولكن، لماذا يقع هذا العيد بعد عيد الفصح بخمسين يوماً ؟!. لو تفحصنا الرقم ( 50 )، لوجدنا أنه يرمز إلى الغفران، والكمال، وإلى الخلود ايضاً، ولكن كيف ذلك ؟ الرقم ( 50 ). هو ناتج ( 49 يوماً + 1 اليوم الثامن الإلهي ). وتعني الـ ( 49 ) الأسابيع السبعة، والتي ترمز إلى الفترة الكاملة ( 7 × 7 ) + 1، والذي هو يرمز إلى العام الإلهي الجديد، ولذلك دعي باليونانية بالـ " بندكستي "، واقتبسته السريانية عن اليونانية وسمّته ( فَنطاقوسطا) ( فنطيقسطي ). أما في المسيحية. فللعنصرة تسميات أخرى منها " عيد حلول الروح القدس على التلاميذ، عيد الوحدة المسيحية، عيد الثالوث الأقدس ( حسب التقليد الشرقي )، أو أحد الكمال للخمسين ( جدول القراءات السريانية القديم ) ".

    ان عيد الفنطيقسطي ( العنصرة ) يمثل نهاية الفترة الفصحية، إلا أنه بالاضافة إلى هذا الدور، فإن كتاب الخوذرا يعطيه دوراً آخر، بإعطائه عنواناً أو تسمية أخرى وهي ( أحد الدخول إلى صوم الرسل ). لذا فإنه يعتبر بداية لمرحلة  ( سابوع ) جديد له طابع تربوي، والذي يؤكد لنا هذه الفترة، هي وجود رتبة خاصة في طقس كنيسة المشرق ( رتبة السجود ) ( طكسًا دسجدةًا ) تتعلق هذه الرتبة بعيد الخمسين، وتعبر عن نهاية هذه الفترة وعن الرجوع إلى أعمال التوبة، وتأتي مباشرة بعد اكتمال القداس بعيد الفنطيقسطي، وقبل تناول القربان المقدس. أي قبل أن يرتل الشماس المزمور " سبحوا لله الحي "، حيث تزاح الستائر، ويصلي الكاهن صلاة الاستهلال : " يسجد، ويمجد، ويكرم، ويتعظم، ويشكر، ويتبارك في السماء والأرض اسم الثالوث المسجود له، والممجد في جميع الأوقات. يا رب الكل بأسم الآب والبن والروح القدس " آمين. ثم يرتل المزمور ( 66 ) " اهتفوا لله يا أهل الأرض جميعاً " ومزمور ( 86 ) " أمل يا رب إذنك واستجب لي "، وتقال هذه الردة مع كل عبارة من المزمور : " هذا اليوم حل الفاراقليط على التلاميذ : نشكر، ونمجد المسيح الملك ". إذ كلما يرتل الذين في المذبح، يسجد الذين في الهيكل، ويكملوا ما تبقى من الصلاة الطقسية لهذا اليوم. وتلي ذلك رتبة تناول القربان المقدس، وهنالك ترتيلة البيم ( عوُنيٌةًٌا دبيم ) الخاصة بهذا اليوم وهي " المجد لاسم المعزي ( الروح القدس ). الذي جعل التلاميذ حكماء وكاملين. اليوم تمم وأكمل ربنا يسوع وعوده : نطق الروح بألسنتهم، أصواتاً جديدة مليئة بالعجب. لقد فسّر هذه الرتبة كل من ساويريوس الانطاكي، ويعقوب الرهاوي، وكأنها تتعلق بحلول الروح القدس نفسه. الذي لا يستطيع الانسان أن يتلقاه ويقبله. إلا أن يكون في حالة الصلاة وبوضع السجود. لأن الروح القدس هو الذي يعلم المؤمنين سر الثالوث الأقدس الذي يليق له السجود.

[1] _ جمعة الذهب : يشرح أحد كتاب كنيسة المشرق وهو حنانا الحديابي، وهو المدير السادس لمدرسة نصيبين ( 275_610)، ان هذه الجمعة مرتبطة بالمعجزة التي اجتحها الرسولين بطرس ويوحنا، وهي شفاء المقعد على عتبة هيكل أورشليم ( أعمال 2 : 1_10 )، وتحديداً بجواب بطرس " لا فضة عندي ولا ذهب ".

[1] _ ان صلاة الفرض في هذه الجمعة أكثر غنى من أحداث هذه الفترة، ان الموتبا ( موةبًا ) هو أطول، ونجد فيه مدراشين قبل ( قلا دشىرًا )، واليكم ترجمة ردة المدراش الأول : ( مبارك ذاك الذي عظم تذكار الرسل أحباء المسيح )، ويؤكد البت الثاني من هذا المدراش نهاية صوم الرسل : " اليوم، في نهاية الصوم، هذه الكنيسة المقدسة تبتهج، وتسبح بأصوات المجد ابن الله الذي عظمكم، يا معلمي البشر جميعاً، باسم الآب والأبن والروح القدس. الذين هدوا الأنواع ( البشر ) كلها إلى حظيرة كلمة الحياة. مبارك الرب الذي أسلم إليكم مفاتيح السماء والأرض ".

[1] _ ان التسمية التي أطلقت لهذه الفترة تسمية غريبة، انها المرة الأولى التي لا يطلق فيها كتاب الخوذرا على فترة طقسية اسماً دينياً، بل اسماً دنيوياً ( الصيف ) لا علاقة له لا بعيد ديني ولا بشخصية من الكتاب المقدس.

[1] _ ان ( 13 ) ايلول هو تاريخ اكتشاف الصليب، و ( 14 ) ايلول هو تاريخ المعجزة التي جرت بإقامة الميت للتعرف على الصليب الحقيقي.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الراهب اشور ياقو البازي