Free

 

لقد ترقبت بعض الحلقات من برنامج الشرقية free الذي سمعت عنه الكثير وانوي ان اتسا ءل ويتساءل معي الاف المشاهدين العراقيين  ماهو الهدف من هذا البرنامج ؟

وارجو ان يجيب على هذا التساؤل المشروع الاستاذ  القدير سعد البزاز مدير ومالك قناة الشرقية او احد منظري هذا البرنامج  ...

ربما يتذكر الاستاذ سعد البزاز لقاءنا خلال الايام الاولى لاجتياح القوات الاميركية بغداد في نيسان 2003 في صالة  فندق شيراتون وكنا جمع من الاعلامين العاطلين بامر بريمر انذاك عندما راح يتحدث عن فرصة الاعلام العراقي الذهبية وان المتلقي العراقي بحاجة الى عملية جراحية من اجل اعادة الحياة لشخصيته الحقيقية  ... الخ وكنت وكثير من الاعلامين معي نتوقع ان تصبح المؤسسة التي ينوي البزاز تاسيسها ارقى مؤسسة اعلامية لاحقا,

 بعد فترة وجيزة التقيت مع الاستاذ صباح الربيعي في مبنى الاذاعة والتلفزيون المهدم وكان قد كلف شخصيا باستدعاء نخبة من الاعلاميين للانضمام الى قناة الشرقية التي لم تكن بهذا الاسم بعد فاستدعاني للالتحاق بقناة الاستاذ سعد البزاز الا اني اعتذرت كوني قد حصلت على فرصة للعمل في قناة خليجية انذاك ..

توالت الايام وانقضت الشهور واذا بقناة سعد البزاز تطل باطلالة جميلة  وذكية كان وراءها  بعض من العاملين في دائرة الاعلام المنحلة واكثرهم زملائي ويملكون خبرة وحرفة جيدتين فشرعت الشرقية القناة الغنية الى استحداث برامج واقعية لامست مشاعر الناس وهمومهم عبر برامج جماهيرية لاغبار على وطنيتها وموضوعيتها ابتداءا من كرسته وعمل وبطاقة تموينية وصاية وصرماية والكاميرا التي تتجول في انحاء المدن حتى فترة وجيزة حين اطلت علينا ببرنامج free الذي ليس له علاقة باي شيء يخص العراق او شعب العراق وقضاياه المصيرية التي يتم رسمها في هذا الوقت الراهن ,علينا ان نفهم في البداية ان جميع برامج التلفزيون اليوم تخضع لدراسات علم الاتصال الجماهيري الذي هو وحده يقرر ان هذا البرنامج او ذاك يحمل رسالة وهدف يخدم الناس و لو وضعنا برنامج فري في هذا الميزان وقيمناه وفق معايير الاتصال الجماهيري لحصل على اقل درجة تقيما بل اسوئها لاسيما اذا علمنا انه تم تخصيص مبالغ طائلة تقارب المليوني دولار اميركي ... كل هذا البذخ الاعلامي  من اجل رسالة تافهة لاتحظى باي هدف عند الاكادميين في هذا الفن   

مااود ان اضعه هنا امام القارئ ملاحظات مهمه منها ان مشاهدي التلفزيون اليوم اكثر ذكاءا واكثر وعيا الى حد انهم في بعض الاحيان يفهمون حتى اخطاء المونتاج والراكور  ومن هذا المبدأ انتقد بشدة الاعلام العشوائي غير المدروس الذي تنتهجه بعض القنوات العراقية والعربية وعلينا جميعا ان ندرك مثلما ادرك غيرنا  ان الاعلام لم يعد ارتجاليا ولا خاضعا لمزاج شخصية معينة او فئة معينة ... فالاعلام الغربي والاميركي مثلا يخوض صراعات يومية من اجل البقاء في اعلى القائمة

ان برنامج free يذكرنا بالنكته التي تقول ان احدهم اضاع قرشا في ليلة مظلمة فاحرق 100 جنيه من اجل ان يعثر عليه ..  وهذا ماتفعله بعض هذه القنوات  التي تنتظر ان يديرها ذوو الرأي والمحترفون من اجل ان نصل جميعا الى قلوب العراقين نلم شملهم ونداوي جراحهم  ونربت على اكتافهم ونبني لهم بيوتا وافراحا بعد حزن طويل عاشوا فيه  تائهين ومتعبين هل ياترى شاهد منظروا الشرقية حلقات من برنامج اوبرا وينفري التي استضافت فيه مليارديرا اميركيا قام ببناء قرية كاملة وبالغة الجمال والجاهزية الحضارية فقط بمليون دولار لاغير ....

انا لا اطالب الشرقية كقناة تلفزيونية عراقية ان تبني قرى او دور للايتام او تشترك في انتاج برنامج تاهيل ضحايا الحروب من العراقيين فهذا هو من واجبات الحكومة الثرية في بغداد لكني ايضا اطالب الشرقية وقف البذخ الفاحش على البرامج التي لاتتناسب ميزانياتها مع ماخطط له من اهداف فقد اطل علينا الاستاذ سعد البزاز بما هو معروف عليه من وسامة واناقه ولباقة حديث وقوة حضور ليقول كلمات قليلة عن المغزى  المتوخى من برنامج فري  الا انه اخفق وقضم ظهر مشروع برنامج free باكمله عندما اخبرنا بانه اراد ان يقول من خلال هذا البرنامج ان الشباب العراقي حر وقادر على ان يحقق الكثير, ولكن يااستاذنا البزاز هدفك هذا لايتطلب منك كل هذه الميزانية الباذخة التي نتساءل جميعا من اين جاءت ... كان اولى بك ان تنظر مع من ينظرون معك في انتاج برامج مثل التي كنت تقوم بها في بداية انطلاقة قناتك قريبة وتلامس احاسيس الناس فالشباب الذين اظهرتهم في برنامج فري لم يبتكروا جديدا اذ لم نلحظ عليهم قدرة عقلية فائقة بل على العكس كانت تحركاتهم ساذجة وانبهارهم بالمدن التي زاروها يظهر فقر عقولهم كما ان معظهم كان يتصرف بلا مراعات لتقاليد مجتمعنا العراقي المحافظ وكأنه مولود في باريس او نيويورك بلا تكلف وبجرأة نسوية غير موجودة على ارض الواقع العراقي هل كان هدف البرنامج اظهار جمال ماليزيا وماعلاقة ابراج ماليزيا العالية بحضارة وتاريخ العراق هل يعتقد منظرو الشرقية ان ملايين الدولارات التي سحبوها من جيوب شبابنا البسطاء عبر الاس ا م اس مبالغ مشروعة كانت ستحقق بالطبع برامج هادفة كثيرا ارقى من الدمى التي تلبسها ميس كَمر وحواراتها الفارغة مع سعد خليفة والاخرين في امكنة ليس لها شكل امكنتنا وتاريخنا وواقعنا ...

رفقا بالمشاهد العراقي و بالموروث العراقي ايتها الشرقية

رفقا بقواعد ونظريات الاتصال الجماهيري والبرامج الهادفة

ان قناة الشرقية سجلت اخفاقات متتالية ليس في نظر العامة فحسب بل في نظر النخبة الاعلامية العراقية التي تطمح ان ترى اعلاما عراقياً ناجحا يضاهي الاعلام الغربي الحر بعد ان عقد الكثير عليها الامال

ليس ضروريا ان ترى الشرقية نفسها كبيرة ولكن من الضروري ان يراها الناس كذلك .....

والحق اقول :اذا لم تعد الشرقية لنهجها الاول فانها ستهوي كغيرها من القنوات التي هوت وعلى راي كونستانتين جورجيو:على باب رجل اصم يمكنك ان تطرق الى الابد,

 

الكاتب والمخرج

عبد الخالق الجواري