قناة عشتار الفضائية
 

عقب مشادة البيت الأبيض.. قمة أوروبية في لندن لدعم أوكرانيا عسكرياً استعداداً للمفاوضات

 

عشتارتيفي كوم- الشرق/

 

يستضيف رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الأحد، 14 مسؤولاً أوروبياً، في قمة طارئة، بالعاصمة البريطانية لندن، لحشد الدعم العسكري لأوكرانيا تمهيداً لمحادثات السلام المنتظرة مع روسيا. 

ووصل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى لندن، السبت، قادماً من واشنطن، على أمل تعزيز دعم القارة العجوز لبلاده، في أعقاب المشادة الكلامية مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الجمعة، ما دفع زيلينسكي إلى إلغاء مؤتمر صحافي مخطط له، وكذلك توقيع "صفقة المعادن النادرة".

صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، أشارت إلى أن ستارمر، سيؤكد خلال "محادثات خاصة" مع زيلينسكي وغيره من القادة الأوربيين، الأحد، أن "الطريق إلى السلام في أوكرانيا، يجب أن يمر عبر البيت الأبيض".

وأجرى رئيس الوزراء البريطاني، السبت، اتصالات هاتفية من لندن، شملت الرئيس الأميركي، في محاولة رأب الصدع الناجم عن المشادة الكلامية بينهما. 

وليل السبت، بعد لقاء زيلينسكي، اتصل ستارمر بترمب والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لإطلاعهما على آخر المستجدات. وقال مسؤولون بريطانيون، إن المحادثات "ركزت على المضي قدماً".

وقال أحد حلفاء ستارمر: "رئيس الوزراء سيجمع الناس معاً ويتأكد بطريقة مهذبة من إدراكهم أن هناك مفاوضات واحدة فقط، وهي مفاوضات الرئيس ترمب".

وقال حليف آخر، لـ"فاينانشيال تايمز"، إن ستارمر سيخبر الزعماء الأوروبيين أنهم بحاجة إلى مطابقة دعمهم اللفظي لزيلينسكي بالأفعال، مضيفاً: "ما تحتاجه أوكرانيا الآن هو الأسلحة والاحتياجات المدنية.. إنها لا تحتاج إلى أشخاص يقومون بالتغريد، والإشارة إلى الفضيلة".

ونقلت الصحيفة عن أشخاص مطلعين على المحادثات قولهم، إن ستارمر حض ترمب وزيلينسكي على الانتهاء من صفقة تسمح للولايات المتحدة بمشاركة بعض ثروات أوكرانيا المعدنية، في أعقاب المشادة في المكتب البيضاوي، الجمعة.

وفي لندن، هتف حشد من الناس عند وصول زيلينسكي لإجراء محادثات مع ستارمر في مكتبه في داوننج ستريت قبل القمة الأوروبية، لمناقشة خطة السلام من أجل أوكرانيا.

ووقع ستارمر وزيلينسكي على صفقة ستقدم بموجبها بريطانيا قرضاً بقيمة 2.26 مليار جنيه إسترليني (2.84 مليار دولار) لأوكرانيا مدعوماً بأرباح من أصول سيادية روسية خاضعة للعقوبات.

أخبر رئيس أوكرانيا، الذي سيلتقي بالملك تشارلز، الأحد، في إظهار آخر رفيع المستوى للدعم البريطاني، ستارمر، "نحن نعتمد على دعمكم".

 

قوات أوروبية لحفظ السلام في أوكرانيا

وسيحضر القمة بالغة الأهمية، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني أولاف شولتز، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بالإضافة إلى زعماء رئيسيين آخرين في الاتحاد الأوروبي؛ مثل رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، ورئيس الوزراء البولندي، دونالد توسك، ورئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا.

ومن المتوقع أيضاً أن يحضر رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، ووزير خارجية تركيا هاكان فيدان، الذي تعرض بلاده التوسط في المفاوضات بين كييف وموسكو، والأمين العام لحلف شمال الأطلسي "الناتو"، مارك روته.

ويأمل رئيس الوزراء البريطاني، الذي عرض بالفعل إرسال قوات على الأرض إلى أوكرانيا بعد أي وقف لإطلاق النار، أن تحذو عدة دول أوروبية أخرى حذوه، وفق دبلوماسيين أوروبيين.

وقال الرئيس الأوكراني، السبت، إنه أجرى محادثات "مهمة وودية" مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، وناقشا تعزيز موقف أوكرانيا والحصول على ضمانات أمنية موثوقة.

وكتب زيلينسكي على تطبيق تليجرام: "ناقشنا خلال محادثاتنا التحديات التي تواجه أوكرانيا وأوروبا بأكملها، والتنسيق مع شركائنا، والخطوات الملموسة لتعزيز موقف أوكرانيا وإنهاء الحرب بطريقة عادلة، مع ضمانات أمنية موثوقة".

 

إصلاح العلاقات مع ترمب

وقال مسؤولون بريطانيون، إن ستارمر أبلغ زيلينسكي خلال اجتماع، السبت، أنه يتوجب عليه أولاً إصلاح العلاقات مع ترمب، وأن أي سلام لن يدوم ما لم تضمنه الولايات المتحدة.

وقال أحد حلفاء ستارمر، إن "أولوية رئيس الوزراء هي القيام بكل ما يلزم للدفاع عن أوكرانيا"، مضيفاً: "هذا يعني أن الولايات المتحدة يجب أن تشارك. عليك إصلاح هذه العلاقة والعودة إلى صفقة المعادن".

ويريد ستارمر من أوروبا أن تضع أوكرانيا في موقف قوي لإجراء محادثات مع روسيا، ويشمل ذلك تسليح كييف وتشديد العقوبات على موسكو، ووضع خطة قابلة للتطبيق لتأمين أي اتفاق سلام.

وقال ستارمر: "بالشراكة مع حلفائنا، يتعين علينا تكثيف استعداداتنا للعنصر الأوروبي من الضمانات الأمنية إلى جانب المناقشات المستمرة مع الولايات المتحدة".

كما حض أمين عام حلف الناتو، مارك روته، زيلينسكي، على إصلاح علاقته مع ترمب، قائلاً: "أعتقد أن هذا مؤسف للغاية، اتصلت عدة مرات بزيلينسكي بشأن هذا الأمر، وقلت له سيتعين عليك حقاً أن ترى كيف ستعيد علاقتك مرة أخرى مع الأميركيين والرئيس الأميركي، لأننا مضطرون إلى المضي قدماً معاً. أوكرانيا والولايات المتحدة وأوروبا بالطبع".

كما أجرت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني محادثة هاتفية مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب مساء السبت، وفق بيان موجز أصدره مكتبها، ذكر أن المكالمة أجريت "في ضوء اجتماعها في لندن (الأحد)، مع رئيس أوكرانيا".

 

ماكرون: أوروبا بحاجة إلى واشنطن

كما عرضت فرنسا إرسال قوات للمساعدة في تأمين السلام في أوكرانيا؛ وسيستغل ستارمر وماكرون اجتماع الأحد، لمحاولة حشد استجابة أوروبية أكثر قوة.

ودعا ماكرون نظيريه الأميركي والأوكراني إلى تنحية خلافاتهما جانباً، مشيراً إلى أن أوروبا لا تزال بحاجة إلى ترمب للمساعدة في تأمين السلام.

وأضاف ماكرون في مقابلة مشتركة مع 4 صحف فرنسية: "أعتقد أنه بمعزل عن الإحباطات، يحتاج الجميع إلى العودة إلى الهدوء والاحترام والتقدير، حتى نتمكن من المضي قدماً بشكل ملموس؛ لأن ما نحن بصدده بالغ الأهمية".

ولفت ماكرون إلى أن أوروبا بحاجة إلى مساعدة من الولايات المتحدة لتقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا، لأن الأمر سيستغرق سنوات لبناء جيشها الخاص للوصول إلى الاكتفاء الذاتي.

وتابع ماكرون: "لهذا السبب، يجب علينا على المدى القصير أن نفعل كل ما في وسعنا للحفاظ على دعم الأميركيين".

ووصف قمة الاتحاد الأوروبي التي ستعقد في بروكسل في السادس من مارس الجاري، بأنها خطوة رئيسية لإيجاد "التمويل الضخم، الذي ربما يعادل مئات المليارات من اليورو"، والذي سيكون مطلوباً لبناء الدفاع الأوروبي.

 

"عصر جديد من القسوة"

من جانبها، دعت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، أوروبا إلى إظهار "قيادة حاسمة"، محذرة من "عصر جديد من القسوة" في أعقاب الخلاف بين الرئيسين الأميركي والأوكراني، وتغير موقف الإدارة الأميركية بشأن الغزو الروسي لأوكرانيا.

وقالت بيربوك، في خطاب شديد اللهجة ألقته، السبت، في وزارة الخارجية: "لقد بدأ عصر قاس، حيث يتعين علينا الدفاع عن النظام الدولي القائم على القواعد وقوة القانون أكثر من أي وقت مضى ضد قوة الأقوى"، وفق ما أوردت مجلة "بوليتيكو".

وتأتي تصريحاتها في لحظة محورية للعلاقات عبر الأطلسي، بعدما أثارت تداعيات الاجتماع تساؤلات بشأن الدعم الغربي لأوكرانيا.

كما حضت وزير الخارجية الألمانية، البوندستاج (البرلمان)، على إطلاق حزمة مساعدات متعثرة بقيمة 3 مليارات يورو لأوكرانيا على الفور، في حين يضغط على المجلس الأوروبي للموافقة على خطة مساعدات مالية وعسكرية أوسع نطاقاً.

كما أصدرت بيربوك تحذيراً مباشراً بشأن الخطاب المتغيّر في واشنطن، قائلة: "لا يمكننا أبداً أن نقبل بتبدل الجاني والضحية. إن مثل هذا التحول يعني نهاية القانون الدولي، ومعه أمن معظم الدول. وعلى المدى البعيد، سيكون ذلك كارثياً لمستقبل الولايات المتحدة".

 

"صفقة المعادن"

وذكرت "بلومبرغ"، السبت، أن المسؤولين البريطانيين فشلوا في محاولتهم لإنقاذ الاتفاق الاقتصادي بين الولايات المتحدة وأوكرانيا (صفقة المعادن)، الذي كان من المقرر التوقيع عليه قبل المؤتمر الصحافي الذي وصفته بـ"الكارثي" بين ترمب وزيلينسكي.

ونقلت عن مصادر مطلعة لم تكشف هويتها، أن فريق ترمب رفض طلب العودة إلى المحادثات، لافتة إلى ضرورة منح الجميع وقتاً للتهدئة.

ولفتت "بلومبرغ" إلى أن هذه المحاولة أظهرت أن ستارمر يحاول بشدة لتأكيد نفسه كدبلوماسي عالمي يتمتع بعلاقة خاصة مع إدارة ترمب والزعماء الأوروبيين، الذين بدأوا يفقدون صبرهم، وهو الدور الذي سيستأنفه عندما يستقبل زيلينسكي قبل قمة الزعماء الأوروبيين، الأحد، في لندن.

وأشارت مصادر داخل الحكومة البريطانية، إلى "تباين في النهج تجاه الأحداث الدراماتيكية التي شهدتها واشنطن، الجمعة، ففي حين سارع العديد من كبار القادة الأوروبيين للدفاع عن زيلينسكي على منصات التواصل الاجتماعي وإدانة ترمب ونائبه جي دي فانس، فإن ستارمر اختار التواصل مباشرة من خلال الاتصال عبر الهاتف مع ترمب.

وأضافت المصادر: "رئيس الوزراء البريطاني يمكنه الاستفادة من تفضيل الرئيس الأميركي لبريطانيا على الاتحاد الأوروبي والعلاقة العملية بين الرجلين".

ولفتت  "بلومبرغ" إلى أن هذا النهج يتناقض مع رد فعل الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية بالاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، التي قالت، الجمعة، إن "العالم الحر يحتاج إلى زعيم جديد".

 

محاولة "الحد من الأضرار"

وقالت "بلومبرغ" إن قمة الأحد، في لانكستر هاوس بلندن، أصبحت أكثر إلحاحاً في ضوء انهيار العلاقات عبر الأطلسي، مشيرة إلى تصريحات مستشار الأمن القومي البريطاني السابق، بيتر ريكيتس، في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية BBC، قال فيها: "سيكون ذلك (عقد القمة) محاولة للحد من الأضرار". 

وأضاف: "ما حققه الأوروبيون في الأيام القليلة الماضية، مثل ماكرون وستارمر، هو أنهم أشركوا الأوروبيين في المحادثة، وجعلوا ترمب يرى أن القارة يمكن أن تقدم مساهمة مفيدة، لكننا الآن عدنا إلى المربع الأول، والمخاطر تكمن في أن ترمب قد يعود إلى التواصل المباشر مع (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين".

ووفقاً لـ"بلومبرغ"، فإن الخلاف العلني، الجمعة، بين زيلينسكي وترمب يمثل "انتكاسة" بالنسبة لستارمر الذي، مثل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أجرى زيارة ودية وبنَّاءة إلى المكتب البيضاوي خلال الأسبوع الماضي. 

وقالت "بلومبرغ"، إن رئيس الوزراء البريطاني حقق بعض النجاحات الدبلوماسية في رحلته، بما في ذلك تراجع ترمب عن بعض تصريحاته التي وصف فيها الرئيس الأوكراني بـ"الديكتاتور"، حيث تساءل الرئيس الأميركي وهو يخاطب الصحافيين إلى جانب رئيس الوزراء البريطاني، الخميس: "هل قلت ذلك؟ لا أصدق أنني قلت ذلك".

ووفق "بلومبرغ"، فإنه على الرغم من أن هذا النجاح الدبلوماسي قد تم تقويضه، الجمعة، فإن أحد مصادرها في داونينج ستريت أكد أن العزيمة في لندن لا تزال قائمة، مشيراً إلى أن فريق ستارمر متمسك بموقفه ولن يستسلم.