عشتار تيفي كوم - وكالات/
التأمين على الحياة أمر شائع في ثقافات متعددة، وتلجأ إليه عادة الشخصيات الشهيرة والثرية، لكن تلك الشخصيات نفسها قد تستهويها الفكرة وتدخل في تعاقدات مع الشركات المتخصصة من أجل تأمين أشياء تبدو غريبة لبعضهم، بينها الحيوانات وبعض أعضاء الجسم، والتأمين ضد الأشباح والاختطاف وغيرها.
الشائع هو التأمين على الممتلكات التقليدية، مثل السيارات والمنازل والمجوهرات الثمينة، خشية تعرضها للأخطار، وحينها يحصل صاحبها على تعويض مادي ملائم وفقاً لوثيقة التعاقد يحد من خسائره إلى حد كبير، وكذلك التأمين على الحياة والصحة، باعتباره نوعاً التأمين الأكثر شهرة، وفي تلك الحالة عادة يجري الخضوع قبلها لاختبارت عدة للتأكد من الوضع الصحي للعميل، وتقييم ملفه الطبي قبيل إبرام الاتفاق معه، وتلك الأنماط من وثائق التأمين كان يجري التلاعب والتحايل والاحتيال فيها من بعض منهم، سواء على الشاشات أم في الواقع بغية الاستفادة المادية، وتحقيق ثروة بعد دفع عدد قليل من الأقساط.
لكن حينما تفاجئنا الحياة بقدرات شركات التأمين على إقناع الأشخاص بدفع أقساط باهظة شهرية وسنوية في مقابل التأمين على تفاصيل غير مألوفة، فإنه ينبغي التوقف عند تلك الأفكار، لا سيما أنه جرت العادة بأن يدور نقاش محتدم بين مندوب الشركة والعميل المستهدف بغرض الحصول على صفقة تعتقد الشركة أنها هي الرابحة فيها، بينما قد تحدث منعطفات ترغم المؤسسة على دفع مبالغ طائلة في مقابل واقعة لم تضعها في الحسبان، بالتالي فالغرائب التأمينية ربما تكلف هيئات التأمين أموالاً ضخمة، وبصورة غير متوقعة، إذ تدفع ثمن مهارات موظفيها الخارقة في الإقناع.
مفاجآت غير متوقعة
نجح صاحب أحد متاجر المجوهرات في مدينة ويلمينغتون بولاية كاروينا الشمالية بالولايات المتحدة الأميركية في الحصول على تعويض من شركة التأمين مقداره نصف مليون دلاور عام 2016، وذلك بعد أن كان تعاقد معها على التأمين على متجره في أيام الإجازات الرسمية من سقوط الثلج بمقدار معين، وهو نحو 15 سنتيمتراً، وحينما سقطت الثلوج ليلة عيد الميلاد وغطت أكثر من 20 سنتيمتراً فوق سطح الأرض استحق المتجر المبلغ التأميني بعد التأكد من القياسات الدقيقة.
اللافت أن فكرة تساقط الثلوج في العطلات الشتوية في طقس الولاية أمر طبيعي وبدهي للغاية، بالتالي كان من الغريب أن يعقد اتفاق من هذا النوع، لأن الحدث متوقع تماماً، حتى وإن كان من الشائع ألا تسقط الثلوج بهذا الكم، لكن المغامرة في هذا المبلغ لم تكن في صالح الشركة أبداً.
أمّن عازف الجيتار كيث ريتشاردز على أصابعه بمليون دولار (أ ف ب)
التأمين ضد الاختطاف وطلب فدية روجت له إحدى شركات التأمين بولاية فلوريدا الأميركية أيضاً، إذ نجح عملاؤها في إقناع عشرات الآلاف من الأشخاص المعرضين للاختطاف، بينهم رجال أعمال وموظفون بالسلك الدبلوماسي ورؤساء في كبرى الشركات، بالتوقيع على وثيقة لتعوض خسائرهم في حال اختطفوا خلال رحلات أسفارهم الطويلة، واضطروا إلى دفع فدية ضخمة للمجرمين من أجل تحريرهم.
وعلى رغم ندرة تلك الحوادث فإنها وقعت بالفعل لحالتين، واضطرت خلالها الشركة إلى دفع مليون دولار لكل منهما كلفة التغطية التأمينية، لكن على مدى زمني طويل، وذلك بعد كثير من الفحص والتمحيص والحصول على أدلة موثقة، خشية أن يكون أحدهما زور واقعة اختطافه.
وعلى ذكرة التزييف إذ تمكن الأمن الأردني في فبراير (شباط) من العام الماضي من كشف واقعة خداع أقدمت عليها سيدة، بعدما أعلن وفاتها، وأقيمت مراسم الجنازة، ومن ثم العزاء، وحصل ذووها على مليون ونصف مليون دينار أردني، أي ما يعادل تقريباً مليون دولار أميركي، إذ كانت أمنت على حياتها مع ثلاث شركات دفعة واحدة بالبلاد، التي أرسلت الأسرة إليهم شهادة الوفاة، وبعد الشك في الموقف، أجرت الحهات الأمنية التحقيقات، ليتبين أنها لا تزال على قيد الحياة، وأن الجثمان الذي دفن في المقبرة كان دمية بلاستيكية.
بلغ المبلغ التأميني على ساقي تايلور سويفت 40 مليون دولار (أ ف ب)
على جانب آخر قد يستغرق الأمر ثلاثة عقود وربما أكثر كي تعترف شركة التأمين بأحقية العميل بالتعويض المالي المعتبر، وذلك وفقاً لواقعة شهدتها الملاعب الأسترالية، إذ طالب لاعب كرة القدم السابق في البلاد شون سميث تعويضاً من شركة التأمين التي كان يتعامل معها خلال فترة احترافه اللعب في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، إذ تعرض لإصابات متعددة برأسه، وطوال تلك المدة كان يحاول مع فريق أعماله إقناع جهة التأمين بأن من حقه أن يحصل على التعويض الملائم وقيمته تعادل مليون دولار أميركي، لكن من دون جدوى.
ووفقاً للتقارير الطبية الموثقة أقر الفريق القانوني للشركة بجدية الإصابة التي خلفت آثاراً طويلة المدى في صحته العقلية، وفي قدراته الجسدية، وكل هذا من جراء ممارسته للعبة في شبابه، إذ يبلغ من العمر الآن 51 سنة، فلم يحصل سميث على التعويض إلا قبل أربع سنوات وحينها مثل خطوة فارقة في مجال إصابات الرياضيين بالدولة وفقاً لتقرير "بي بي سي".
رومانسية عالم التأمينات
من يقتنون الحيوانات الأليفة أيضاً يقتسمون معها الاهتمام والرعاية بالتساوي، ومثلما يقومون بتعاقدات من أجل التأمين الطبي لأنفسهم، وكذلك التأمين على الحياة يفعلون الشيء نفسه بالنسبة إلى حيواناتهم المحببة، إذ انتشرت هذه الخدمة التأمينية في عديد من الدول، ففي حال أصيب الحيوان المنزلي بمكروه فإن النفقات تتحملها الشركة التي جرى اختيارها للتأمين، وذلك بعد الخضوع لفحوص دقيقة، وبعد أن يكون تقريره الطبي مستوفياً للشروط، ووقتها تتكفل المؤسسة التأمينية بالنسبة الأكبر من موازنة الإجراء الطبي الذي يخضع له.
غير أن الغرائب في عالم التأمين تتخذ منحى أكثر تطرفاً في نظر بعضهم، فبينها مثلاً ما يغطى براعم التذوق لدى مجموعة من الأشخاص "الذواقة"، فشركات القهوة العالمية تدفع قسطاً تأمينياً كبيراً لمتذوقي نوعيات البن لديها.
ووفقاً لتقارير تداولتها وسائل إعلام دولية متعددة فإن شركة كوستا الشهيرة أبرمت اتفاقاً مع شركة تأمين على لسان أحد أبرز موظفيها الذي عرف عنه براعته في التذوق، ووصلت قيمة البوليصة إلى 14 مليون دولار أميركي، فيما ناقد الطعام ذو الأصول المجرية إيغون روناي أمن أيضاً على لسانه الذواق بما يقترب من 400 ألف دولار أميركي، وعرف عنه إسهامه في رفع جودة مذاق الأطباق في المطاعم العالمية الشهيرة.
أمّنت أمريكا فيرارا على ابتسامتها وأسنانها نظراً إلى تميز مظهرها بهما (أ ف ب)
وشركات التأمين بدورها تبتكر دوماً نوعيات غير مألوفة للغاية من وثائق التأمين وعلى رغم شدة غرائبها إلا أنها تجد من يقبل عليها وبينها تأمين يغطي أضرار انتهاء العلاقات العاطفية، بخاصة حينما يصل الطرفان إلى مرحلة الخطوبة وقرب الزفاف الرسمي، فإذا حدث وتبدلت أحوال القلب، من حق الطرف الذي أبرم اتفاق التأمين أن يحصل على تعويض مالي يعوضه بعض الخسائر المالية التي تكبدها جراء تلك العلاقة.
لكن بالطبع لا توجد تعويضات نفسية ملائمة تضاهي كسرة القلب والفشل العاطفي، إلا أن اليابانيين يحاولون إدخال الرومانسية بأكثر من صورة في عالم التأمين وإضفاء طابع إنساني على صفقاته، حتى لو كانت رومانسية مدفوعة الأجر، وتتعلق بعدم الشعور بالوحدة في مناسبات عيد الحب، وعليه فإن الجهة التي يجري التعاقد على الوثيقة معها مسؤولة عن تأمين الهدايا المميزة لعميلها سواء زهوراً أو شيكولاتة في حال كان بلا رفيق.
القائمة طويلة وتتسم بكل ما هو غير متوقع مثل تأمين بعض الفنادق لعملائها ضد رؤية الأشباح، أو التأمين ضد أضرار انقطاع التيار الكهربائي، أو حتى التأمين ضد ترك العمل بصورة فجائية، وهي وثائق تصدرها مؤسسات التأمين للشركات في حال حصل أحد موظفيها على مكسب مالي ضخم على حين غرة كأن يفوز باليانصيب ولم يعد بحاجة إلى الالتزام الوظيفي، فيقرر ترك منصبه بالعمل، وفي هذه الحالة من واجب جهة التأمين أن تغطي تكاليف استقدام موظف بديل.
غرائب المشاهير
وفي حين يبدو من المنطقي أن تقدم شركات التأمين خدماتها لأصحاب الثروات وصفوة المجتمع ممن لديهم القدرة على دفع الأقساط التأمينية ومن لديهم ممتلكات يخشون تعرضها لتلف، فإنها تفعل الشيء نفسه في إقناع المشاهير بتأمين ممتلكاتهم من المواهب الخاصة، بالتالي نجد من يؤمن على حنجرته مثل الفنان عبدالحليم حافظ، الذي كان من أوائل النجوم في العالم العربي، إذ لجأ إلى الأمر بالتعاون مع شركة إيطالية متخصصة في التأمين، في مقابل ما يعادل 50 ألف جنيه مصري في ذلك الوقت، وذلك بناء على نصيحة الأطباء المعالجين له خارج مصر، إذ كان يعاني داء البلهارسيا المزمن والأدوية والجراحات التي خضع لها كان من الممكن أن تؤثر في سلامة أحباله الشخصية.
وفي تلك الفترة وما بعدها كان هناك هوس بين مشاهير الفن في العالم العربي للتأمين على ممتلكاتهم، إذ خاض التجربة عدد كبير منهم وبينهم نادية لطفي التي أمنت على سيارتها، لكن الشائع لدى النجوم في المجالات المختلفة هو السعي إلى تأمين رأسمالهم الحقيقي والمتمثل في مصدر تميزهم وإعجاب الجمهور بهم، والأمر أيضاً قد يشمل بعض أعضائهم جسدهم، فماريا كاري تؤمن على أحبالها الصوتية، أما عازف الكمان أوليفر لويس فيؤمن على أصابع يديه بمليون دولار، أي مايعادل 100 ألف دولار لكل إصبع باعتباره من أسرع عازفي الآلة في العالم، إذ دخل موسوعة غينيس، لتمكنه من عزف مقطوعة "Flight of the Bumblebee" خلال 63 ثانية فقط، كذلك أمن عازف الجيتار كيث ريتشاردز على أصابعه بالمبلغ نفسه.
ناقد الطعام إيغون روناي أمّن على لسانه الذواق بما يقترب من 400 ألف دولار (أ ف ب)
كما وصفت مجلة تايم لاعب الكرة الإنجليزي السابق ديفيد بكيهام بأنه صاحب أغلى بوليصة تأمين للأطراف في عالم الرياضة، إذ تبلغ وثيقة تأمين ساقيه 195 مليون دولار، لكن ذلك قبل عقود طويلة، فبعد سنوات ظهر ليونيل ميسي الذي تبلغ قيمة التأمين على ساقيه 750 مليون يورو، وهي بوليصة تتفوق كثيراً على القيمة التأمينية لساقي كريستيانو رونالدو حينما كان يلعب في صفوف نادي ريال مدريد إذ لم تتجاوز 150 دولاراً أميركياً.
وإن كان من الملائم أن يلجأ رياضي موهبته هي كرة القدم للتأمين على ساقيه، نظراً إلى كونهما مصدر قوته وأساس اللعبة التي تفوق فيها، فإنه من الملفت أن تقوم كثيرات من نجمات العالم بالتأمين على سيقانهن أيضاً في مقابل ملايين الدولارات، وذلك وفقاً لمجلة "بيبول"، والحيثيات هنا مختلفة بعض الشيء، إذ يعتقدن أن سيقانهن أجمل من ألا تترك من دون تأمين، وبينهن هيدي كلوم العارضة البارزة ببوليصة تأمين تصل إلى مليوني و200 ألف دولار أميركي.
وقائمة التأمين على السيقان تضم كذلك جيمي لي كورتيس وريانا وماريا كاري وتايلور سويفت، إذ وصل المبلغ التأميني على ساقي النجمة التي دخلت التاريخ بالفوز بأربع جوائز غرامي لأفضل ألبوم، إلى 40 مليون دولار، حتى إنها مازحت قطتها في منشور سابق لها على "إنستغرام" بأن الخدوش التي سببتها لها في ساقها قد تجعلها مدينة لها بهذا المبلغ.
يلجأ رياضيون موهبتهم هي كرة القدم إلى التأمين على ساقهم (أ ف ب)
في حين اختارت جوليا روبرتس أن تؤمن على ابتسامتها الشهيرة في مقابل 30 مليون دولار، كذلك أمنت أمريكا فيرارا على ابتسامتها وأسنانها نظراً إلى تميز مظهرها، وقررت مايلي سايرس أن تخضع لسانها للتأمين، إذ اشتهرت بتحريكه على جانب فمها بطريقة مميزة.
ومن غرائب المشاهير أيضاً قيام لاعب الكريكيت الشهير ميرف هيوز بالتأمين على شاربه الكثيف في مقابل 300 ألف دولار، متجنباً أطرافه كما يفعل عادة معظم الرياضيين، لكن على ما يبدو أنه ليس أكثر غرابة من الممثل ولاعب كمال الأجسام والسياسي الأميركي السابق أرنولد شوارزنيجر الذي قرر التأمين على حاجبيه المعروفين بمظهرهما الأشعث اللافت، نظراً إلى انخراطه في أدوار أكشن ببداية مسيرته كانت بعضها تتضمن حرائق، إذ كان يخشى تعرضهما للاشتعال. |