عشتارتيفي كوم- رووداو/
في أربيل، عاصمة إقليم كوردستان، يعاني السكان من اعتداء لا هوادة فيه على حواسهم، نتيجة غازات محركات السيارات ومولدات الكهرباء، الأمر الذي يصعب من عملية التنفس.
إذ في كل مكان، يمكن رؤية الدخان المتصاعد من المولدات والسيارات التي تحرق الوقود بشكل غير منتظم، وهو يغطي المدينة، لاسيما في فصل الصيف، وهو ما سيجرنا لمعرفة أحد أسباب تزايد درجات الحرارة.
حالة جعلت من أجواء أربيل تبدو أقرب إلى حالة الضباب الدخاني الذي خيم على العاصمة البريطانية لندن عام 1952، لمدة 5 أيام، كما وصفها الأكاديمي في قسم الموارد الطبيعية بجامعة السليمانية، صالح نجيب.
ويقول نجيب لشبكة رووداو الإعلامية، إن في ذلك الحين، تسلل ضباب داكن إلى المنازل في لندن، تسبب في وفاة الآلاف، نتيجة اعتماد المواطنين على الفحم الرخيص الغني بالكبريت والذي كان يغذي حالة الضباب الدخاني.
اعتماد اللندنيون آنذاك على الفحم الرخيص، كان سببه تصدير المملكة المتحدة البريطانية الفحم عالي الجودة في محاولة لتسوية ديون الحرب العالمية الثانية.
هنا يبرز سؤال، طرحه نجيب: إذن "كم عدد الأرواح التي فقدت في إقليم كوردستان بسبب الضباب السام الذي يحجب مدننا الآن؟".
ولعل ما طرحه الباحث بجامعة السليمانية، يأتي نظرا إلى أن أربيل تعاني من أحد أعلى مستويات تلوث الهواء في العراق، حسبما قال وكيل وزارة البيئة العراقية جاسم الفلاحي، لرووداو، في وقت سابق من شهر نيسان الماضي.
وأشار الفلاحي حينها إلى عدة أسباب لذلك، "أبرزها أعمدة الدخان المنبعثة من مولدات الكهرباء وكثرة السيارات"، وهي التي سيتضح أنها تستخدم وقودا منخفض الجودة، ويحتوي على ذات المركب الكيميائي (الكبريت) الذي تسبب بضاب لندن الخانق.
وحول ذلك أكد رئيس قسم الكيمياء في جامعة صلاح الدين، سنكر صالح لرووداو، أن "المشكلة الأكبر لجميع أنواع الوقود في كوردستان (...) هي أنها تحتوي على نسبة عالية من الكبريت"، وهو ما يضطر السائقون إلى ملء خزانات وقود سياراتهم بوقود دون المستوى المطلوب، أي المحمل بالكبريت.
ولفت صالح، إلى أنه "كلما زادت نسبة الكبريت في الوقود، زادت نسبة الغاز المنبعث (ثاني أوكسيد الكبريت - SO2)".
ويساهم تراكم الجسيمات السامة مثل ثاني أوكسيد الكبريت في الغلاف الجوي في تشكل الضباب بالمدن، الذي يسبب مشاكل خطيرة في القلب والأوعية الدموية والجهاز التنفسي.
وعلى مدى العقود الأربعة الماضية، قامت الحكومات في جميع أنحاء العالم بسن لوائح أكثر صرامة لخفض مستويات الكبريت والمركبات السامة الأخرى في المنتجات البترولية.
ويعود هذا الاتجاه إلى الحاجة لتقليل تلوث الهواء الناجم عن المحركات، حيث لعبت المنظمات البيئية دورا مهما في الدعوة إلى هذه اللوائح الأكثر صرامة.
وعلى مستوى وقود مولدات الكهرباء، تحدد المعايير الدولية عادة مستويات الكبريت بما لا يتجاوز 50 جزءا بالمليون في الديزل (الكاز).
في حين توصي المعايير العراقية بأن تكون مستويات محتوى الكبريت في الديزل أقل من 8000 جزء في المليون، وهو بالفعل أعلى بأكثر من ضعفين من المعايير الدولية.
وبهذا الصدد، قال نجيب، إن "مولدات الكهرباء في الأحياء، وهي أحد أساب التلوث الرئيسي، تستخدم الديزل، لكنه ليس ضمن المعايير الدولية... وهذا أيضا يحتوي على نسب كبريت عالية".
ويوجد ما يقرب من 4000 مولد كهرباء خاص في إقليم كوردستان، بحسب تقرير عام 2021 الصادر عن مكتب إحصاء إقليم كوردستان .
وقد درس نجيب الانبعاثات الصادرة عن المولدات في السليمانية وقام بحساب مستويات نصيب الفرد من مختلف الغازات الضارة.
وأشار في حديثه لرووداو، إلى أنه "فقط من المولدات، يتعرض كل مدني لـ 265 كيلوغراما من ثاني أوكسيد الكربون ... وما يقرب من 980 غراما من ثاني أوكسيد الكربون".
على الجانب الآخر، وجدت دراسته أن تركيزات ثاني أوكسيد الكبريت في هواء محافظة السليمانية تتجاوز بكثير إرشادات منظمة الصحة العالمية.
وأوصى نجيب بوضع مولدات الكهرباء على مسافة 300 إلى 500 متر من المناطق السكنية لتقليل تركيز الغازات الضارة التي يستنشقها الناس.
وعلى الرغم من أن هذه الغازات التي تفرزها مولدات الكهرباء، لن تبقى حول المنازل، ولكنها عندما تنطلق في الأجواء، فمن المؤكد أن أي شخص قريب منها سيحصل على حصة من هذه الغازات، وفق نجيب.
ولفت، إلى أنه "إذا لم يحصلوا على 980 غراما من ثاني أوكسيد الكبريت، فسيحصلون على 500 غرام"، بإشارة إلى أن المواطنين سيستنشقون تلك الغازات.
وبشأن وقود السيارات (البنزين) المحترق، فإنه يعد مصدرا رئيسيا لثاني أوكسيد الكبريت في إقليم كوردستان.
هذا ويوجد في أربيل وحدها ما يقرب من 60 ألف سيارة مسجلة موثقة في تقرير منظمة إقليم كردستان لعام 2020، ولكن تقديرات العدد الفعلي للمركبات على طرق المدينة أعلى بكثير.
وتفرض وكالة حماية البيئة الأميركية المستقلة (EPA) معيارا متوسطا يبلغ 10 جزء في المليون من محتوى الكبريت بالبنزين.
بيد أن البنزين المباع في إقليم كردستان يحتوي على مستوى كبريت يتراوح بين 25 ألف إلى 29 ألف جزء في المليون، حسبما نقل صالح لرووداو، عن أرقام دراسة أجريت سابقا.
وأشار رئيس قسم الكيمياء في جامعة صلاح الدين، إلى أن "هناك الكثير من الكبريت في البنزين… وهو لا يتوافق مع المعايير".
يشار إلى أنه يمكن للسائقين في العراق وإقليم كوردستان الاختيار بين ثلاث درجات للبنزين: العادي والممتاز والسوبر، مع زيادة مستويات الأوكتان بهذا الترتيب.
توصي معايير الحكومة العراقية بألا يتجاوز البنزين العادي والممتاز والسوبر مستويات الكبريت التي تبلغ 100 و10 و10 جزء في المليون على التوالي.
وبدورها لا تسمح المعايير لحكومة إقليم كوردستان -الأقل صرامة من معايير الحكومة العراقية- بما لا يزيد عن 100 و100 و50 جزء في المليون بنفس الترتيب.
وعلى الرغم من ذلك، أن البنزين المباع في محطات إقليم كوردستان لا يتطابق مع معايير الحكومة المحلية رغم "تساهلها".
وبحسب دراسة نشرها صالح ومجموعة باحثين، في أبريل 2023، فإن 9.1% فقط من عينات البنزين العادي التي أُخذت من محطات الوقود في أربيل كانت مطابقة لمعايير حكومة إقليم كوردستان، ولم يكن الوضع أحسن فيما يتعلق بالبنزين الممتاز والسوبر.
كما وجدت الدراسة، أن في بعض عينات البنزين المحسن والسوبر التي خضعت للاختبار، تحتوي على نسبة تقارب 300 جزء في المليون من محتوى الكبريت، أي ما يزيد عن المعيار المحدد من قبل حكومة إقليم كوردستان، بضعفين ونصف.
فيما أظهرت دراسة أجريت عام 2011، قام نجيب خلالها بقياس انبعاثات الغازات السامة من محركات 812 سيارة تعمل بالبنزين و175 سيارة تعمل بالديزل، وأشار إلى أن "بعض السيارات التي قمت بقياسها أطلقت 50,000 جزء في المليون من ثاني أوكسيد الكبريت".
ولا تقتصر المشكلة على كميات الكبريت في الوقود، بل أن سوء صيانة المركبات جنبا إلى جنب مع انخفاض جودة الوقود يؤديان إلى مستويات عالية من الانبعاثات.
وحول ذلك، يقول نجيب، إن "السبب هو وجود مشاكل في محرك السيارة، وعدم وجود محولات تحفيزية، وسوء جودة الوقود... هذه هي الأسباب وراء هذا المستوى من الانبعاثات".
وأوضح، أنه "إذا لم تحصل السيارة على الأوكسجين الذي تحتاجه، سيكون الاحتراق غير كامل، وستتحول بعض الوقود إلى (سخام). وهي مادة سوداء يطلق عليها أيضا مسمى الكربون الأسود"، مشيرا إلى أن "المشكلة الكبيرة لحياة الإنسان... هي السخام والجسيمات المعلقة".
ولفت إلى أن "الملايين يموتون بسببها اليوم لأن هذا السخام يحتوي على طبقات، وكل طبقة تحتوي على مركب كيميائي مختلف".
ولتدارك تلك المخاوف، يحتاج البنزين إلى التحسين من خلال تكريره على المستوى الجزيئي، لكن إقليم كوردستان، وفقا لصالح، "لا يمتلك المنشآت اللازمة"، إذ "لا يقومون بالمعالجة لأن ذلك يتطلب مصافي كبيرة".
ويتطلب البنزين خلال عملية التكرير "تغيير هيكل بعض المركبات من خلال عمليات مثل الألكلة، البلمرة، والإيزوميريزم (كلها عمليات مزيج كيمائي) لزيادة الأوكتان".
لكن في إقليم كوردستان، "يقومون بزيادة الأوكتان المنخفض من خلال إضافة مركبات كيميائية معينة، لكنها سامة. مركبات مثل التولوين، الزايلين... كل منها له أضرار".
بالتالي أنه إذا لم يتم تضمين الإضافات بطريقة علمية ولا تتبع الإرشادات والمعايير الدولية، فقد يشكل البنزين الممتاز والسوبر خطرا صحيا أكبر من البنزين العادي، بحسب صالح.
ولفت، إلى أن عمليات إضافة المواد المحسنة بطريقة غير علمية "لا يوجد فرق فيها، فإن لم يتم تقليل الكبريت والمواد الأخرى، يبقى البنزين سيئا. وعلى العكس من ذلك، قد تكون الإضافات التي يضعونها، مع المخاوف البيئية والصحية، أسوأ بكثير".
وبين، أنه "عندما يقوم شخص ما بتعبئة البنزين" الذي خضع لعمليات إضافة مواد محسنة بشكل غير علمي، "يكون الأمر جيدا في الأيام القليلة الأولى، ولكن بعد ذلك يبدأ المحرك في الطرق لأن الإضافات تتبخر".
كما أنه عندما تضاف الإضافات بشكل غير صحيح، تشكل تهديدا مباشرا لحياة الناس من خلال التسبب في انفجار خزانات الوقود.
وأكد صالح، أن "العديد من الحالات التي حدث فيها حرق ووفاة كانت بسبب أنهم يضيفون الكيروسين أو النفثا الخفيفة للحفاظ على البنزين سائلا"، مشيرا إلى أن "بعض المركبات التي تستخدم كإضافات سيكون فيها ضغط بخار مرتفع، مما يؤدي إلى توليد الكثير من الضغط في خزان وقود السيارة".
ووفقا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة (CDC)، فإن التعرض للزايلين يمكن أن يسبب تهيجا في الجلد، العينين، الأنف، والحلق، كما يسبب صعوبات في التنفس، وتلف في الرئة، ومشاكل في الذاكرة، وقد يؤدي التعرض طويل الأمد إلى صداع، دوخة، ومشاكل في الجهاز العصبي، بينما تكون الحالات الشديدة قاتلة.
ويرتبط التعرض للتولوين، الذي يشبه أعراض الزايلين، بعيوب خلقية ومشاكل تطورية لدى الأطفال، وفقا لإدارة السلامة والصحة المهنية (OSHA). كما يزيد التعرض لمستويات عالية من التولوين أثناء الحمل من خطر الإجهاض التلقائي.
وكلا التولوين والزايلين يخضعان لتفاعلات كيميائية تخلق جزيئات ثانوية تتغلغل في الرئتين، مما يسبب التهابات وتفاقم الحالات التنفسية.
وفي السياق، لفت صالح، إلى أن "بعض الإضافات تساهم أيضا في إذابة البلاستيك في مضخات الوقود"، قائلا إن "الإضافات التي يضعونها هي مذيبات قوية جدا... التولوين والزايلين نشطين جدا".
وفي أوائل تموز، أفادت مديرية الدفاع المدني في أربيل بأن مضخات الوقود المعيبة تسببت في حرائق بما لا يقل عن 12 مركبة.
هذه المخاطر هي نتيجة لجهود منتجي البنزين المحليين لتلبية طلب السائقين، واقتصاد أفضل للوقود، وتقليل الضغط في المحرك، مما يضحي بالبيئة وسلامة الصحة وحياة الناس من أجل مستويات أوكتان أعلى.
في السياق، أفاد مصدر لرووداو، اشترط عدم الكشف عن هويته إن "هناك ثلاث مصافي فقط في إقليم كوردستان تجري عمليات الإصلاح الصحيحة"، مضيفا أن "المصافي الأخرى غير المرخصة وغير المنظمة تقوم فقط بخلط البنزين والنفثا الخفيفة والثقيلة والإضافات لتحقيق التقييمات المطلوبة للأوكتان، مما يجعلها مصافي بالاسم فقط".
وأكد المصدر، أن "أي مصفاة شرعية لن تقوم بتضمين الإضافات، وحتى لو فعلت ذلك، فلن تعترف بذلك بسبب عدم قانونيته"، مضيفا أن "الجمهور يفتقر إلى الوعي بالاختلافات بين البنزين المعالج بشكل صحيح والنسخ ذات الجودة المنخفضة".
وبين، أن "معالجة البنزين بشكل صحيح تقلل بشكل كبير من المواد الضارة، مثل الكبريت، من خلال عمليات إزالة الكبريت وإزالة الغازات"، ومع ذلك، يتم إطلاق بعض هذه الغازات الضارة في الغلاف الجوي من خلال عملية الحرق.
وتفتقر المصافي العراقية إلى القدرة على إنتاج بنزين من الدرجة السوبر، ويعتقد صالح أن ذلك يرجع على الأرجح إلى التكلفة العالية لترقية المنشآت وعدم رغبة المستهلكين في دفع أسعار أعلى في المضخة مقابل الوقود المحسن.
وعلاوة على ذلك، فإن تأثير المصافي غير المنظمة، بات يؤثر أيضا على المياه الجوفية والتربة من حيث التلوث، مما يضر بالمحاصيل والحيوانات والمقيمين.
في أبريل 2019، قال رئيس بلدية أربيل، نباز عبد الحميد، لرووداو، إنهم أغلقوا "40 من أصل 104 مصفى مدرج من قبل وزارتي الداخلية والموارد الطبيعية لعدم حصولها على تراخيص وعدم اتباعها للوائح".
وفي عام 2017، ادعى غالب محمد، رئيس لجنة الطاقة في السليمانية آنذاك، والذي يعتبر ناقدا بارزا لحكومة إقليم كوردستان، أن "العديد من هذه المصافي مدعومة من قبل أشخاص مؤثرين ومسؤولين".
وجود هذه المصافي أثر أيضا على الأعمال المحلية، إذ يقول غفور بكير، وهو مقيم في قرية ترجان التي تبعد 37 كيلومترا عن أربيل، لرووداو، إنه "اضطر لإغلاق مطعمه بسبب الدخان من العديد من المصافي القريبة التي تلوث الهواء، مما يجعل الأكل غير مستساغ لزبائنه".
وقال سلام أنور، مزارع في القرية، إن "الشيء الوحيد الذي نحصل عليه من تلك المصافي هو دخانها"، مضيفا أن "الدخان يسقط على محاصيلنا ويعيق نموها".
بينما أفاد أهالي قرية ترجان، بأن "المرض أصبح منتشرا بينهم منذ افتتاح المصافي في حوالي عام 2010، مثل أمراض السرطان وضيق التنفس والربو".
وسط هذا المشهد، يتضح أن عدم فرض الامتثال لمعايير الانبعاثات وسوء صيانة المركبات يساهم بشكل كبير في المستويات العالية من انبعاثات المحركات السامة، كما أن نقص الاستثمار في وسائل النقل العامة الفعّالة يشجع الناس على البقاء معتمدين على المركبات الخاصة.
في عام 2019، أصدر مجلس حماية وتحسين البيئة في حكومة إقليم كوردستان مرسوما يعاقب على التلوث، حيث كانت قيادة مركبة تنبعث منها مستويات عالية من الغازات ستُعرض صاحبها لغرامة قدرها 200,000 دينار (168 دولارا في ذلك الوقت) ومن الممكن أن تقرر شرطة المرورية مصادرة المركبة.
ومع ذلك، يشتكي المجلس بانتظام من عدم امتلاكهم السلطة التنفيذية لفرض لوائحهم، وسعت رووداو للتواصل مع المجلس للتعليق حول ما ورد في هذا التقرير، لكنه لم يرد على الاتصالات.
فيما كان المتحدث باسم مجلس البيئة، عبدالرزاق خيلاني، قال لرووداو في حزيران الماضي، "نحن لسنا هيئة تنفيذية... نحن نشرف على عمل الوزارات الأخرى".
في غضون ذلك، يمكن يوميا مشاهدة المركبات التي تنبعث منها كميات كبيرة من الدخان الداكن الذي يملأ الهواء، على الطرقات، في وقت تهدر فيه المولدات كل مرة تنقطع فيها الكهرباء العامة.
إلى ذلك، يمثل الضباب الذي يعلو أربيل تذكيرا دائما للعيون والأنوف -التي لم تعتد على الرائحة والمنظر الكئيب- بضرورة اتخاذ إجراءات منهجية لتطوير بدائل أنظف.
إعداد: ديدار عبدالرحمن
تحرير: عبدالله سلام
|