القديسة الجديدة هي مؤسسة "بيت الرياضات الروحية في بوينوس أيريس"، وُلدت في سيليبيكا بالأرجنتين في العام ١٧٣٠ وتوفاها الله في العاصمة بوينوس أيريس في السابع من آذار مارس ١٧٩٩.
استهل الحبر الأعظم كلمته مرحباً بضيوفه ومعرباً عن سروره الكبير للقائهم لمناسبة احتفال تقديس الطوباوية ماريا أنتونيا، والتي عُرفت باسم "الأم أنتولا"، وأشار إلى أن الحجاج قدموا من الأرجنتين ليعبروا عن تعبدهم لهذه القديسة الجديدة.
هذا ثم حيا البابا الأساقفة والكهنة والرهبان والراهبات المرافقين للحجاج. وقال إن المحبة التي عاشتها "الأم أنتولا"، خصوصا وأنها كرست حياتها لخدمة الفقراء والمحتاجين، تفرض نفسها اليوم بقوة في مجتمع يواجه خطر أن ينسى أن الفردانية هي فيروس يصعب جداً التغلب عليه، وهي تخدع، وتجعلنا نعتقد أن كل شيء ينحصر في إطلاق العنان لطموحاتنا الخاصة، كما جاء في الرسالة العامة Fratelli tutti.
ولفت فرنسيس في هذا السياق إلى أننا نجد في هذه الطوباوية مثالاً وإلهاماً يعيدان إحياء خيار خدمة الآخِرين، من يقصيهم المجتمع ويتخلص منهم، حسبما جاء في الإرشاد الرسولي "فرح الإنجيل". وتمنى البابا هنا أن يساعد مثالُ هذه القديسة المؤمنين على أن يكونوا علامة للمحبة والحنان بين الأخوة.
تابع الحبر الأعظم كلمته مذكرا الحجاج الأرجنتينيين بأن مسيرة القداسة تتطلب ثقة واستسلاماً، تماما كما فعلت القديسة الجديدة التي وصلت إلى بوينوس أيريس حافية وتحمل صليباً، وذلك لأنها لم تضع ثقتها بنفسها بل بالله، وكانت تثق بأن خدمتها الرسولية هي من صنع الله. وقد اختبرت كل ما يريده الله من كل واحد منا، أي أن نتمكن من اكتشاف دعوتنا، كلٌّ بحسب وضعه في الحياة، لكي – وبغض النظر عن أوضاعنا الخاصة – نفعل كل شيء من أجل مجد الله وخلاص النفوس.
ولفت فرنسيس بعدها إلى أن هذا المفهوم هو ركيزة الروحانية الإغناطية، والتي تغذّت منها الطوباوية "الأم أنتولا" وحرّكتها في كل نشاط قامت به. وعندما تم حلّ الرهبنة اليسوعية قامت هي نفسها بإعطاء الرياضات الروحية، وبهذه الطريقة ساعدت الجميع على اكتشاف جمال اتباع المسيح. وذكّر البابا بأن هذه المهمة لم تكن سهلة بسبب العدائية التي كانت قائمة تجاه اليسوعيين، وقد مُنعت من إعطاء الرياضيات الروحية، فقررت أن تفعل ذلك سراً.
وثمة رسالة ثانية توجهها هذه الطوباوية إلى عالم اليوم ألا وهي عدم الاستسلام للصعوبات، وعدم التراجع عن حمل بشارة الإنجيل إلى الجميع، على الرغم من كل التحديات التي يطرحها هذا النشاط. وقال فرنسيس إن البيئات العائلية أو بيئات العمل يمكن أن تكون قاحلة فلا بد أن نحافظ على الإيمان ونسعى إلى جعله يُشع في تلك البيئات. ويتعين علينا، عندما نتجذّر في الرب، أن نرى في هذه الأوضاع مناسبة تحملنا على تحدّي بيئاتنا كي ننقل فرح الإنجيل.
مضى الحبر الأعظم إلى القول إنه بالإضافة إلى التعبّد الذي خصّت به الطوباوية القديس يوسف، وقد حملت اسمه، كانت يحركها شغف كبير تجاه الإفخارستيا، والتي ينبغي أن تكون محورَ حياتنا المسيحية كلها، ومنها تنبع القوّة التي تساعدنا على إتمام رسالتنا.
ومن هذا المنطلق شجع البابا فرنسيس الحاضرين على المشاركة في القداس الاحتفالي الذي سيرأسه وسيُعلن خلاله الطوباوية "الأم أنتولا" قديسة. وطلب منهم أيضا أن يكونوا شهوداً لهذه الهبة الكبيرة التي مُنحت للشعب الأرجنتيني، وللكنيسة بأسرها. وقال: نطلب منها، هي التي روجت لزيارات الحج، أن تساعدنا في مسيرة حجنا معا نحو بيت الآب.
في ختام كلمته إلى الحجاج الأرجنتينين الذين قدموا إلى روما لمناسبة احتفال تقديس الطوباوية ماريا أنتونيا، طلب البابا فرنسيس من عذراء لوخان أن تتشفع لجميع المؤمنين في الأرجنتين وفي الكنيسة الجامعة، ودعا الحاضرين للصلاة من أجله سائلاً الله أن يباركهم.
يُذكر هنا أن طالبة دعوى التقديس سيلفيا كوريالي شاركت في لقاء عُقد في دار الصحافة التابعة للكرسي الرسولي يوم أمس الخميس، بحضور رئيس أساقفة بوينوس أيريس المطران Jorge Ignacio García Cuerva وحاولت أن تقدم لمحة عن حياة هذه المرأة التي ستصبح أول قديسة أرجنتينية، مشيرة إلى أن احتفال التقديس سيُنقل مباشرة على الهواء وسيُعرض عبر شاشات عملاقة في الأرجنتين، حيث نُظمت للمناسبة أمسيات صلاة وسلسلة من المبادرات الروحية.