محاضر معروف جدا في إحدى المدن بدأ كلامه قبالة جمهور كبير في قاعة امتلأت بأكثر من 200 شخصا. أخرج من جيبه ورقة 100 دولار، وسألهم: "من منكم يريد أن يحصل على هذه الورقة ذات 100 دولار؟".
بدأت الأيادي ترتفع تباعا من دون أن يفهموا قصد المحاضر. ثم قال: "انا سأعطي هذه الورقة النقدية لواحد منكم - ولكن أولا، اسمحوا لي أن أفعل هذا...".
وبدأ يُجَعّد المائة دولار جاعلا منها بمثابة كرة ورقية صغيرة. ثم سأل: "هل يزال بينكم من يريدها؟"، بقي الكثير من الأيادي مرتفعا في الهواء.
قال الرجل: "حسنا، ماذا لو فعلتُ هذا؟"، ثم ألقى الورقة على الأرض وبدأ يدوسها ويسحقها بحذائه. ولما رفعها كانت مشوّهة وقذرة، فقال: "الآن، هل ما يزال من يريدها؟".
بقيت جميع الأيادي مرتفعة في الهواء.
قال لهم: "أعزائي، لقد تعلمتم اليوم كلكم درسا ثمينا للغاية: بغضّ النظر عما فعلتُه أنا بورقة النقد هذه، لكنكم بقيتم ولا تزالون تريدونَها لأن قيمتها لم تنخفض. فهي بقيت 100 دولار.
مرات عديدة في حياتنا، نسقط ونتكوّم على الأرض ونتمرّغ في التراب والأوساخ بسبب القرارات التي نتخذ والظروف التي تعترض طريقنا. وقد نشعر أننا فقدنا قيمتنا. ولكن بغض النظر عمّا يحدث أو ما سيحدث لنا، قيمتنا هي هي، في عين الرب ولا يجب أن نفقدها في عيننا بالذات.
مهما كانت الظروف والتصرفات يبقى هنالك شيء لا تمسه الخطيئة أو الأحوال، "فالرب أكبر من قلبنا" (1 يوحنا 3/20) ومن مشاعرنا بل إنه يحب الأضعف والأسوأ بيننا (لوقا 15) لأنه وحده يعرفنا على حقيقتنا. فإن كانت الحياة قد جعّدتك، أو بالعكس، قد وفّرت لك حياة ناعمة نظيفة، فكلاهما لا يهم، أنت تبقى لا تقدَر بثمن في عين من يحبّك وخصوصا في عين خالقك ومخلصك. قيمة حياتك لا تأتي، ممّا تعمل أو ما تقوم به أو ما تعرفه، قيمتك من جوهر كيانك في الأساس ما أنت فقط.
أنت شيء خاص جدا، وهذا يجب عليك ألا تنساه قط في أي زمان أو مكان.
كركوك 1 آب 2019