الرجاء قراءة الجزء الأول و الثاني و الثالث من المقالة من أجل أن تتوضح الصورة بشكل أفضل ….
الخاتمة …..الجزء الرابع …مار بطرس و الديمقراطية المباشرة …..
القسم الأول ….
بالتأكيد لا يحتاج مار بطرس الرسول الى التعريف بشخصه و أعماله و لكن الديمقراطية المباشرة قد تحتاج الى التعريف بها ( بشكل مبسط ) رغم أنها أكثر الديمقراطيات ممارسة في مؤسساتنا حتى و إن كانت بشكل غير رسمي لكنها تمارس دائما حتى في نطاق العائلة لأنها الديمقراطية النقية النزيهة التي تمنح الحقوق بعدالة تامة و لا تفسح مجالاً قيد أُنملة للتلاعب و التزوير إن أعتمدت في المجتمعات الراقية الواعية و قد يكون هذا هو من أهم أسباب عدم إعتمادها من قبل الأنظمة السياسية والحكومات الفاسدة لأنها تجردهم من سلطاتهم و تكشف حقيقة رصيدهم الشعبي و تعريهم تماماً أمام الشعوب….و كمثال على الدول التي ما تزال تمارس الديمقراطية المباشرة هي جمهورية سويسرا..ذلك أن الديمقراطية المباشرة تنجح ممارستها في المجتمعات الصغيرة و تتحقق الأهداف منها بشفافية تامة بشكل كبير …
وليس معنى الربط بين أسم مار بطرس الرسول بالديمقراطية المباشرة أن هذا يعني أنه كان سياسيا محنكاً و بارعاً…بل أنه كان صيادا شجاعا غيورا قادراً على تحمل المسؤولية و يحترم الشعب الذي يضحي لأجله لذلك فإنه أعتمد الديمقراطية المباشرة من غير أن يَعيّْ شيئا عنها ربما، لكنه مارسها بمنتهى الشفافية و النزاهة و قد يكون هذا بسبب تفكيره كصياد سابق إختبر في عمله الديمقراطية المباشرة و ربما قد هذا ما هداه اليها. ذلك أن مهنته التي كانت تعتمد حينها بشكل أساسي على الحَدس في إختيار وجهة الصيد و منطقة إلقاء الشبكة رغبة في صيد وفير و بالتأكيد أن العملية كانت تتم مع شركاء في مركب واحد و من الوارد جداً أنهم كانوا يختلفون فيما بينهم في إختيار وجهة الصيد و منطقة إلقاء الشبكة و كان حلهم الوحيد للإتفاق بحثا عن الرزق هو التصويت المباشر العلني على حَدَس أحدهم و يعتمد الذي ينال أكثرية الأصوات بعد التصويت…
إن طريقة التصويت العلني المباشر بالتأكيد قد تعلمها مار بولس من عمله في الصيد و إعتمدها تماما في إختيار متياس الرسول بديلا للخائن يهوذا لأنه لم يجد أي وسيلة أخرى متوفرة و لكنه بهذه البساطة المفرطة و الإيمان بقدرة الشعب أثبت أنه بذلك يمارس الديمقراطية المباشرة و فيها أبدى إحتراما كبيراً لإرادة الشعب و جعله يمارس الديمقراطية المباشرة من غير أن يعي معناها بحسب تعريفها منذ نشأتها و من غير أن يختبر وسائلها المتعارف عليها في الزمن الحاضر…
لذلك اجتزأَ بعضاً من الأيات المهمة المدونة في نص من سفر أعمال الرسل ( 1 / 15- 26 ) كتأكيد للممارسة الديمقراطية المباشرة العلنية التي اعتمدها مار بطرس في أول خطوة لبناء الكنيسة ….
( 15 وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ قَامَ بُطْرُسُ فِي وَسْطِ التَّلاَمِيذِ، وَكَانَ عِدَّةُ أَسْمَاءٍ مَعًا نَحْوَ مِئَةٍ وَعِشْرِينَ. فَقَالَ: 16—17—18—19—20—21—22—23 فَأَقَامُوا اثْنَيْنِ: يُوسُفَ الَّذِي يُدْعَى بَارْسَابَا الْمُلَقَّبَ يُوسْتُسَ، وَمَتِّيَاسَ. 24 وَصَلَّوْا قَائِلِينَ:«أَيُّهَا الرَّبُّ الْعَارِفُ قُلُوبَ الْجَمِيعِ، عَيِّنْ أَنْتَ مِنْ هذَيْنِ الاثْنَيْنِ أَيًّا اخْتَرْتَهُ، 25لِيَأْخُذَ قُرْعَةَ هذِهِ الْخِدْمَةِ وَالرِّسَالَةِ الَّتِي تَعَدَّاهَا يَهُوذَا لِيَذْهَبَ إِلَى مَكَانِهِ». 26 ثُمَّ أَلْقَوْا قُرْعَتَهُمْ، فَوَقَعَتِ الْقُرْعَةُ عَلَى مَتِّيَاسَ، فَحُسِبَ مَعَ الأَحَدَ عَشَرَ رَسُولاً….)…إذن الحضور ( مائة وعشرون إسماً ) كان هؤلاء ربما يمثلون الجماعة المسيحية التي تمكنت من الحضور الفعلي بدليل أنهم ( أقاموا ) إثنين من بينهم.و بالتأكيد قبل ذلك كان الحاضرين قد تحاوروا و تناقشوا حول الأصلح و الأحق من بينهم حتى تم الاتفاق على إثنين و لا يمكن أن يتم هذا الإتفاق ما لم يكن هناك قد سبقته عملية التصويت المباشر العلني و من بعد ما تم الإتفاق بغالبية الأصوات على إثنين أوكلوا مهمة إختيار أحدهم الى الرب بإلقاء القرعة بينهما …هذه الممارسة التي قادها الرسول بطرس هي جوهر الديمقراطية المباشرة النقية الشفافة التي لا مجال فيها للتزوير و التي تختار الأجدر و الأحق بوعي كامل و مسؤولية و حرية مطلقة …
بشار جرجيس حبش
بعيدا عن بغديدا 16 / أيار / 2019