-----
منظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة (اليونسكو) قررت عام 1999 ان يكون 21 شباط من كل عام يوما عالميا للغة الام وحلت هذه الايام الذكرى العشرون للاعلان العالمي للغة الام بهدف الحفاظ على اللغات في كل انحاء العالم بشكل عام ولغات بعض المكونات والاقليات القومية المعرضة للانقراض والاختفاء بشكل خاص ومنها لغتنا الام ويقدر عددها ما يقارب 3500 لغة مهددة بالانقراض من مجموع ما يقارب 6000 لغة في كل انحاء العالم .
اغلب المفكرون والباحثون والمنظرون يرون ان العوامل والعناصر الاساسية لتكوين القومية هي (اللغة والارض والتاريخ والتراث والثقافة والانتماء والعادات والتقاليد والامال والالام ناهيك عن الدين) حيث تعتبر اللغة من العوامل الاساسية بتكوين اي قومية في العالم واللغة من أهم السمات الشخصية الإنسانية فحديث الشخص يكشف هويته وأفكاره وثقافته وارتباطاته وملامحه وعلاقاته الاسرية والمجتمعية وقد جعل بعض المفكرين اللغة اساسا ومركز الثقل للقومية او انها قطب الرحى التي تدور حوله باقي العوامل والعناصر المكونة للقومية بحيث تزيد من قوتها وتماسكها وهذا ما حصل في تجربة هيمنة اللغة العربية والتركية والفارسية عند انتشارها مع الغزوات والاسلام حيث فرضت على لغات الشعوب الاصيلة مثل السريانية والارمنية والامازيغية والنوبية الى حد طمسها مستغلين ضعف وسذاجة وغفلة تلك الامم او تقبلهم للتماهي لهذا تراجعت لغتهم بشكل كبير.
ان قوة وفعالية اي لغة في العالم واستمراريتها ومنعتها مستمدة من عدد الناطقين بها وكفاءة وعدد مدارسها فكثير من اللغات تعدت حدودها الوطنية بفعل الغزو السياسي او الثقافي او الديني وبعضها الآخر بقي رهين قومية واحدة وبعضها الآخر طُمس كليا أو شبه كلي وطرحنا هذا مرده لمعرفة احوال لغتنا السريانية التي تعرضت لمخاطر ومحاولات طمس وهزات متعددة في العراق وسوريا لولا تمسك كنيستنا المشرقية الام عبر تاريخها الحافل بالعطاء المثمر منذ تاسيسها في القرن الاول الميلادي حيث لعبت دورا فعالا واستراتيجيا في حياة ابناء امتنا وحافظت على لغتنا الام وعلى إرث الاهوتي المشرقي العقائدي رغم الاضطهاد والظلم والانقسام ولولا كنيستنا المشرقية الام لما وصل الينا الكثير من المخطوطات والكتب التاريخية والتراثية النادرة ولم يكن احد سيجيد القراءة سوى نَفَر قليل من الباحثين كما هو حال اللغات القديمة المندثرة اذا يعود الفضل كل الفضل الى الرواد الاوائل في كنيسة المشرق الام بالحفاظ على اللغة والتراث التي حملت هذا العبء لسنين طويلة.