الجزء الأول … المقدمة
جُملَتان بِكَلماتِ مَعدودة لكن فيهما يُختَصَر نَهج حَياة مُجتَمع مسيحي تَمَيّيَزَ بِطابِعِه السِلمي حَد الإفراط المؤذي و إعتَمَدَهُما نِظام عَمل لمُؤسسات كَنَسِية أضرت به و بها و ما زالت تَتَحَكَم بالمجتمع. و قد زَرَعَتا فيه قيم وتقاليد مُجتَمَعية مَورثة تَسَبَبَت له بالكثير من المعاناة والمأسي و أَضعفته و خَلَقت له إِشكاليات حقيقية أَبعدته عن الغاية المتوخاة من التعاليم والوصايا التي تدعوه لعيش حياة مسيحية تقربه من الرب….وإن بالتأكيد سبب تجذر الجُملَتين في ثقافتنا المجتمعية و تراثنا المسيحي هو من مُنطَلق إيماني موروث و محبة تفيض على الآخر بشكل لا يمكننا السيطرة عليها ربما …..‼‼ معتقدين أننا بذلك إنما نُنَفِذ الوصايا والتعاليم كما أَرادها الرب لنا تماما و لكني أرى أننا بذلك لا ننفذ الوصايا و التعاليم كما أراد الرب أن ننفذها في حياتنا و يمكن لنا بمجرد أن نَتَعَمَق في حياة الرب يسوع أن نُدرِكَ أَننا بعيدين عن إرادته حباً به و ننحرف قليلاً في السير على خطاه رغم محاولاتنا الإقتداء به …
وإن بين الجملتين توافق لا يمكن إِلا ملاحظته و بينهما ترابط لا يُمكن التغاضي عنه و إنسجام لا يمكن تجاهله خاصة و أن منطلقها كما أسلفت هو إيماني بحت و محبة خالصة لذلك فإنهما تكملان الواحدة الأخرى و أنهما و إن تُنسبان الى المسيح رغم أنه لم يقلهما صراحة و لكنهما إستنتاج من تعاليمه و حياته بحسب تفسيرات و إجتهادات آباء الكنيسة ..‼‼ لكن و بما يتوافق مع شخصيتنا و يتناسب مع اسلوبنا في الحياة و مع تراثنا المسيحي المبني على الخضوع و الخنوع تحت شعار محبة الأَعداء أو ربما بسبب رؤيتنا أن في تطبيقهما يتم تحقيق مصالح المجتمع و تخدمه…. فالمسيحية التي تدين الخطيئة و لا تدين الخاطئ تُعَبِر في نظر الغالبية العظمى من المسيحيين عن العقيدة المسيحية و إن الكنيسة التي لا تُشَهِر بأبنائها يرونها هي ذاتها التي أسسها المسيح الرب …
لذلك تَأَملتَهُما كثيرا بعد أَن أَثارتا الكَثير من التَساؤلات في داخلي لأَنَني و بصراحة كاملة كنت و ما زلت و سأبقى أَخالف المَقصود بِهِما و الهدف مِنهُما جُملة و تَفصيلا وأَرفض بشكل قاطع أَسباب إِطلاقهما والتبشير بهما خاصة وأني لا أرى فيهما سبيلاً مثاليا يُمَكِنُنا من أَن نَتَقَرب الى الرب القدير و أن نفهم حياة المسيح و تعاليمه….
بل أَنهما و في التطبيق الفعلي لهما في حياة المجتمع نجدهما تتناقضان تماماً مع تعاليم و وصايا الرب القدير و تبعدنا عنه ليس رغبة بالإبتعاد بل لعدم التَعمق في فهم و إدراك إِرادة الرب القدير من تعاليمه و وصاياه. لذلك أرى أَننا يجب أن نحاول و بجدية لفهم أسباب تَجَذُر تأثير الجملتين في عقولنا و ثقافتنا المجتمعية و المؤسساتية. قبل أن نناقش هل أن أفكاراً بعينها تستند على فهم خاطئ للوصايا و التعاليم تجعلنا نَنحَرف لا إراديا لأن نعيش المسيحية بالطريقة التي لم يريدها لنا الرب القدير و لا نكون فيها نسير على خُطى المسيح يسوع الذي نراه أحيانا يغضب بغيرة و يعاتب بمحبة و يدافع بحق و يُدين الخاطئ بالعدل و لا يتستر على السارق ….‼‼‼
و قد يرى البعض أن الخوض في ما قد يَمُسَ من قريب أو بعيد التعاليم والوصايا الإلهية و تفسيراتها و فهم آباء الكنيسة لها يُعَد نوعا من تجاوز الخطوط الحمراء قد يصل بمن يتجاوزها الى الكفر و الإلحاد ربما ….‼‼ لذلك فإنهم يتحاشون الكتابة و لا يتشجعون في التفصيل بمثل هذه المواضيع و قد يرى البعض و أنا منهم أن الكتابة و التفصيل في ذلك إنما هو محاولة حقيقية و جادة لتصحيح فهمنا و تفسيراتنا للوصايا والتعاليم الإلهية بما قد يقربنا من الرب القدير و لا يبعدنا عنه و إن في ذلك محاولة جديدة لفهم الحياة المسيحية كما أرادها لنا الرب القدير و السير على خطى المسيح الذي هو واجب على كل مسيحي ليس فقط من خلال تطبيق الموروث بالإعتماد على تفسيرات الآخرين و إعتباره دستور مسيحي إيماني لا يمكن تجاوزه أو أن نحيد عنه بل من خلال تفسيرات جديدة و فهم حقيقي بالإستناد الى حياة الرب يسوع و محاولة التعمق في فهم إرادة الرب من وصاياه و تعاليمه….
و قد يراني البعض مخطئاً أو إنني و بحسب نظر الكثيريين مشاكسا و أقتحم منطقة يُحَرَم فيها الحديث و النقاش لإنها منطقة المؤمنيين جداً جداً و جهابذة العلم و رواد التفسير الذين ربما تصورا أن فيهم من المحبة ما تَفوق محبة الرب يسوع المسيح و تواضعهم يتجاوز تواضعه ….. حتى أنتجوا لنا مقولات لم ينطق بها ….‼‼ و أحكام لم يَسنها…..
و لكني أيضاً مؤمن جدا بوجهة نظري في أن الجملتين ألحقتا الضرر الكبير و تسببتا ربما بالنكبات التي حلت بالمسيحية شعباً و إيماناً . كما يؤمن من يرى أن الجملتين هما من صُلب العقيدة المسيحية و من أهم مرتكزاتها في التعامل و بناء العلاقات و إن من الواجب العمل بهما …
و لإن سبب تَجَذُر الجملتين في عقولنا و تأثيرهما في ثقافتنا المجتمعية و المؤسساتية هو أن منطلقهما إيمان موروث و محبة خالصة و محاولة الإقتداء بالرب يسوع كما تَعَلَمنا من آباء الكنيسة و بالتالي كل ما هو مَبني على الإيمان الموروث و المحبة الخالصة بحسب رؤية أباء لا يمكن مراجعته أو مناقشه حتى و إن كان في هذا الإيمان خضوع حد الإذلال و في المحبة جُبنٌ حد الإهانة ….
و إن هذا الفهم الخاطئ لحقيقة الإيمان و معنى المحبة إنتزعا منا الشجاعة و الصدق و جعلانا أضعف من أن نواجه أنفسنا و نناقش أخطائنا ……
فهل الرب يدين الخطيئة و لا يدين الخاطئ فعلاً …؟؟؟ و هل الرب لا يُشَهِر بأبنائه فعلا …؟؟؟
سؤالين سوف نجيب عنهما في الأجزاء التالية من المقالة …..
الرجاء قراءة المقالة بكل أجزائها لتكون الصورة أوضح تحاشيا للدخول في تفسيرات لا أقصدها و لا أعنيها …
عُذراً بسبب الإطالة ….
مع التقدير …..
بشار جرجيس حبش
بعيدا عن بغديدا 12 حزيران 2018