حاولت أن أجتهد في حضرة معلمي واصفا له البحر ومركب شعبنا....
لم يعد مركبنا يحتمل البحر، هذا البحر تتكسر موجاته بأستمرار معلنة اللاثبات والتشتت معا .
بحرنا انتهازي الطباع وغدار كالثعلب ، يعرف من اين تؤكل الكتف، حتى وان كان ذلك على حساب الناس الطيبين من ابناء شعبنا ..... في ذلك المركب الأخير وذاك البحر الآسن ، شرع المركب يحمل افواجا من شعبنا متأبطا تأريخه الممزق المأزوم المقسم على نفسه ، مركب شقته دموع متلاطمة لتصبح امواج لذلك المركب الذي شق طريقه من هكاري مرورا بقوجانس وسلامس وبعقوبة ليستكين بعرس دموي آخر في سميل وصوريا وسهل نينوى محتفلا بأجساد الاطفال والنساء والشيوخ العزل... انه القدر الذي يفعل ما يشاء عند غياب العقل
يا معلمي ....
هل لي أن أختصر لك تاريخ شعبنا بمركب اشرعته من أجساد أطفالنا وبحر من شطوط تتوحد لتعتاش على معاناة شعبنا الاعزل، هل هذا يكفي ؟ ..
يستمع اليك ويبتدأ من حيث انتهيت ، معلمي ليس كباقي “المعلمين” يسبح دوما عكس تيارات البحر ، انه التحدي للوصول الى بر الآمان بعيدا عن نزوات وانتهازية موجات البحر التي فقدت البوصلة منذ ان استكانت روح الانهزامية فينا .....
معلمي ، بديهي الحكمة وبتواضعه انتصر في الكثير من الجولات على البحر واشباحه ..اسلحته وهو في وسط البحر الآسن.... ايمانه العميق وصبره بذلك المركب الذي ينتظر وينتظر طوق نجاة لشعب مزقته الفتنه بالرغم انه في وسط بحر يلتهم كل شيء في لمحة بصر ... لا مفر كله بحر في بحر ... وعليك ان تختار بين ان تبحر في البحر حتى النهاية أو أن تبحر في البحر حتى النهاية .. انها نبؤة لا مفر منها ان تحيى في وسط كله بحر ..
حدثني معلمي عن احوال البحر بعد ان خبرته السنون .. كيف يتلون البحر وتتكسر أمواجه ، فبإمكانك أن ترى البحر أحمر اللون أو اصفرا أو أسودا قاتما كأوضاع شعبنا ... ينتهي من حيث ابتدأ ... معلمنا لم يعد يأتمن للبحر بالرغم انه جرب ذلك مرات ومرات عدة ليكون صديقا له في هذا العالم المنسي ، معللا النفس بالاماني...مرددا لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الارض التي تحمل بين ظهرانيها شعبا اعزل رافعا يديه للسماء مطلبه الوحيد في ذلك البحر ان يعيش بسلام ..... ولكن هيهات قدرك ايها المعلم .. أن تعيش وأن تعيش من أجل جمع انقاض مركبك واشلائك هذا قدرك واحذر ان تغدر بك تلك النوارس التي تدغدغ ضحكات الاطفال وهي تطير وترقص بحركات بهلوانية خلف مركبك ، فقد غادرت طباعها الطاهرة الانيسة لتغدو أكثر شراسة من الآخرين لكي تفوز ببعض الفتات من تلك الأجساد الطافية الطاهرة من أجساد شعبك ...
ما العمل يامعلمي..؟ هل هذه إرادته ..؟ ليخصك الله بشعب أعزل منقلب ومنقسم على نفسه ، لتدركه اصقاع العالم بأنه أول المتشردين في مدنها البائسة لينافسوا غسالي الصحون في تلك المطاعم من الدرجة الثالثة ..!
هل هي إرادته ان يخصك ربك بشعب يحب الغريب اكثر من القريب ، ويهوى الاغتراب بدلا ان يعيش في ارض الاجداد وان يحكم نفسه بنفسه ...
هذا قدرك ايها المعلم... تحية حب واعتزاز يا من كنت واضحا ومحبا لشعبك
تحية حب واعتزاز يامن كنت صابرا على اهوال بحرنا الذي لاقرار له سوى الانقسام والتشرذم بمعية الغدر والخيانة
سلام عليك يامعلمي وبلسما شافيا لقلبك الموجوع ..
في الهزيع الأخير من الليل ... لعل تلك النجمة التي تنتظرك ترشدك مع شعبك الى شاطئ الآمان .. معلمنا يبشرنا بالقادم المشرق وان طال الزمن سنبقى معه وعلى ركبه سائرون ..
نشرت في 30/ آيار / 2012 ومازالت صالحة للنشر بعد التعديل 21/ايلول/2018