كثير من العائلات قد يعاني واحد أو أكثر من أعضائها من طبع مزاجي متقلب، وهذا من شأنه أن يسمّم العلاقات والحياة، وقد يشعر الآخرون أن لا علاج لمن لديه مثل ذلك الطبع، أعرف رجلا كان يقول لابنه المزاجي: "ابني لا فائدة فيك فأنت تشبه أخوالك!". فتثور الأم وتجِدُ بين أعمامِه من هو "نكديّ" بامتياز، ويتحوّل الأمر إلى تراشق لا ينتهي بالاتهامات بين الزوجين، لكن المعني يكون قد حصل على ما يريد واكتشف طريقة سهلة يتنصّل بها من معالجة طبعه...
مع ذلك، المسألة يمكن أن نقرأها من زاوية أخرى مختلفة تماما.
يوجد هنالك عدد من الاستراتيجيات الذكيّة يمكن بها التعامل مع الأطباع المزاجية التي قد تظهر بيننا ومن حولنا: في البيت، المدرسة أو الوظيفة.
البعض قد يكون محظوظا فهو لا يعاني قط من أي تقلبات في المزاج الذي يشبه مناخا بلا غيوم إلى حد ما. منذ الطفولة، تراه يلعب ويلتهي بصمت، يزرع الفرح من حوله، وإذا ما بكى فذلك فقط لشأن بسيط كالجوع أو الألم، بل بالعكس الطفل الانبساطي extroverted شديد الحساسية على حزن والديه، يحاول أن يخفف عنهم. كانت الأم تبكي لوجع في بطنها فقال لها طفلها وهو في الثالثة: "لا تبكين يا ماما، سأذهب لأدعو جارتنا كي تأتي وتطبخ لك عدس!"، (لأنه كان يحب العدس جدا)، فاختلط ضحك الأم بدموعها...، الطفل سخي حقا في محاولة التخفيف عن الكبار وذكيّ في إيجاد الحلول.
لكن، من جهة أخرى، الطفل الانطوائي introverted لديه تكون الأمزجة أكثر اضطرابا، يتعالى بكاؤه وصياحُه لأدنى شيء وقد يتحوّل إلى عنف كلامي وعصبية تتصاعد كوتيرة قياسيّة فيتحوّل البيت كله إلى شحنات مكهربة.
إن التعامل مع متقلبي المزاج يصبح مملا ومرهقا على المدى الطويل. لذا، معرفة دهاليز التقلبات المزاجية أمر مفيد وفي التمييز بين طبقاتها فائدة للجميع.
الشخص المزاجي هو مجرد إنسان يتصارع مع الحياة كبقيّة الناس، لكنه وجد، في مرحلة ما من عمره، بأن استخدام النكد أداة قادرة على التأثير manipulate على من هم حوله، هذا قد يبدأ منذ الطفولة المبكرة ويستمر إلى الشيخوخة كنوع من الإدمان.
من المفيد إذن معرفة الفرق بين طبقات النكد وأسبابه في تاريخ المصاب به، فهو فعلا قد يصبح أقرب إلى المرض النفسي.
بغض النظر عن مصدر النكد، يمكن أن أعطي سبع نصائح قد تساعد على الأقل في التشخيص إن لم يكن في الشفاء:
لكن، بغض النظر عن الحالات الثقيلة، بعض الناس ببساطة هم متنمّرون bullies، يستخدمون النكد للهجوم، إنه نوع من سلاح السفاهة: "أتغدى بك قبل أن تتعشى بي"! للحصول على ما يريدون. هنا نحتاج إلى قراءة هذا الشكل أيضًا من استراتيجيات التعامل بين الناس، وما هو المكان الذي يعطى لهذا النوع من النكد في العلاقات. كثيرة هي القصص والروايات وأفلام الشباب عن التنمّر منذ كلكامش وحتى قصص "الفتوّات" في مسلسلات اليوم...
إن أي علاقة بين شخصين يجب أن تكون متكافئة وأن تتكوّن من الأخذ والعطاء. أما إذا ما كنتَ أنت تعطي دائما وهو يأخذ دائما، فلا داعي أن تضيّع الوقت معه. على حد قول يسوع لمن لا يقبل المصالحة: "ليكن عندك كالوثني والعشار..." (متى 18/17) أي اتركه وشأنه بلا أن تعاديه.
والحال إذن:
كن ذكيا في إحساسك إزاء من هو متقلب المزاج، لعل السبب هو ضعفه في التعامل مع تحدّيات الحياة الكبرى. بعض الناس ببساطة يحتاجون إلى تعاطف وتفهّم لمشاكلهم ومعاناتهم وتساؤلاتهم. هؤلاء اعتادوا – منذ الطفولة – أن يستخدموا النكد كوسيلة تعبير عن ضعفهم وعجزهم، وهؤلاء يختلفون عن النكدي الذي يتلاعب بالآخرين ليسيطر عليهم، هذا، كما رأينا، هو قصة مختلفة، إنه أقرب إلى المريض أو الذي يلعب على الأعصاب، ككل المتنمّرين.
تجنب مكافأة المتنمّر من خلال وضع واضح للحدود الشخصية بينك وبينه. لا تدع حالته المزاجية تؤثر على القرارات التي تخصّك. تعلم أن تتصرّف كما لو لم يكن هناك أي نكد على الإطلاق. فالسماح لهؤلاء الأشخاص أن يقفوا في طريقك خطأ كبير. أنت تشجّعهم للاستمرار في ذلك السلوك في المستقبل.
أملي أن أكون قد ساعدتك بالابتعاد عن الصورة كي تراها بوضوح، فذكاؤك باستخدام هذه الاستراتيجيات للتعامل سوف يكون فعالا مع الحالات المزاجية السلبية المحيطة بك كي لا تصبح حالات مؤلمة تنغّص حياتك لأننا خلقنا للعيش بسلام انطلاقا من العقل. على حد قول نابليون بونابرت (1769 - 1821): "معظم الناس يتصرفون انطلاقا من طبعهم وانفعالاتهم أكثر بكثير من تفكيرهم ومبادئهم".
كركوك 7 آب 2018