بدءاً و للأهمية أُنوه الى ما يلي ....
إحترامي الشديد لسر الكهنوت و إيماني بقدسيته و لكني لا أقدس الأشخاص ..كائن من كان .....
أينما يرد مصطلح قادة الكنيسة في هذه المقالة فالمقصود به من هم في قِمة هَرم السلطة الكنسية من أَصحاب السلطة ومُخَطِطي السياسات و المُشَرعين للقَوانيين..... وليس التنفيذيين الذين هم الكهنة المحكومين بحكم الطاعة الذي يُهُدِد سر كَهنوتَهم إن إنتفضوا أو إعترضوا .
من أجل إتضاح الصورة يرجى قراءة الأجزاء الأول ( المقدمة ) و الثاني ( الجانب الروحي ) و الثالث ( الجانب السياسي ) و الرابع ( الجانب الإجتماعي ) من المقالة على صفحتي ...مع التقدير
الجزء الخامس ....
الخاتمة ..
كما أسلفنا في المقدمة من هذه المقالة الى أن المُسَبِبات لما حَصل في كنيسة أوربا وإن إختلفت عن المُسَبِبات لما يَحصل كبدايات فقط في كنيسة العراق لكنها في النهاية سوف تؤدي الى ذات النتائج لأنها إنطلقت من نفس المُنطلق الذي هو نظام الحكم الثيوقراطي للشعب ( حُكم رجال الدين ) ...... ففي أوربا و إن لم تكن الحالة التي تَسَبَبَت الى ما سميت بحركة الإصلاح و النهضة الأوربية و كانت نتيجتها المقاطعة الشعبية الشبه التامة للكنيسة رغم إحتفاظ الشعب بالقيم و المبادئ و الأخلاق المسيحية نجد في العراق أن شعبنا المسيحي والكنيسة معاً يَتَعَرضان و مُنذ سنوات عديدة و بشكل مُمَنهَج الى أبشع أنواع القَهر و الإضطهاد مُتَخِذاً صوراً عديدة و أشكالاً متنوعة لهدف واحد تحاول أن تحققه الحكومات المُتَعاقبة و العصابات الإرهابية برغبة عارمة و توافق شعبي و مما لا شك فيه أن ليس لقادة الكنيسة و الشعب القدرة والإمكانية لمواجهة كل هذا الكم الهائل من الإضطهاد بمختلف صوره و أشكاله بالسياسات التي أعتمدوها في المواجهة بل كان يجب على قادة الكنيسة أن يتوقفون أمامه طويلأ لمحاولة فهم ما يُحاك و يخطط ضد شعبهم الذي وقف عاجزا و مشلولاً مُعتَمِداً بشكل تام على قادة الكنيسة الذين كان يجب عليهم أن يحاولوا مواجهة الإضطهاد بوحدة الكلمة و المواقف بالشجاعة و الحكمة التي تَوَسَمَها الشعب فيهم و أن يستندوا عليه بالدرجة الأولى و ليس على جهات بعينها و يربطوا مصيره و الكنيسة بهذه الجهات ..... لذلك لم يحالفهم التوفيق في رسم السياسات و إستنباط الحلول الناجعة و الكفيلة بمواجهة الازمات الكثيرة التي تُوِجَت بكارثة التهجير القَسري و إِغتصاب الأرض و هَدر الحقوق و بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على هذه الكارثة و رغم تحرير كل البلدات المسيحية في سهل نينوى فإنه ما يزال التَرَدي في المعالجات مُستَمِراً و كأن الأمور خرجت عن نِطاق السيطرة و لا يمكن مواجهتها .....
و إن حالة القطيعة الدفينة بين الطوائف فرضت نفسها و أصبحت في حُكم الأمر الواقع الذي لا يمكن تغييره لذلك بدأت كل طائفة تبحث عن مصالحها و حماية إبنائها بدليل ما حصل مع إنطلاق أعمال الإعمار لمناطقنا التأريخية في سهل نينوى و رغم تلكؤ الجهات الداعمة ( التي وَعَدَت بالإعمار مشكورة ) و إهمال مُتَعَمد من الحكومة مِما تَسَبَب ببطئ عمليات إعادة التأهيل و الإعمار فإنه تم إبطائها أكثر من خلال تقسيم البلدات طائفيا لغرض الإعمار و محاولة كل طائفة إستجداء الأموال لإعمار مناطقها فقط ...!!!!!!! ( ليس من المعيب مطلقاً الإستجداء من أجل الشعب )
وقد يظن البعض أن أزمة التهجير القسري هي الخاتمة لهذا الإضطِهاد المُمَنهَج ولكن الدلائل كلها تشير عكس ذلك و المؤشرات تتجه الى ما هو أسوأ من التهجير القسري و ما التباطئ و التهاون من كل الأطراف العراقية و الدولية التي تتحكم باللعبة في العراق في إعادة المناطق المسيحية الى أصحابها الشرعيين إلا إشارة مقلقة لما يُحاك في الخفاء من أزمات جديدة سوف تطال شعبنا تحقيقاً لرغبة دفينة في تهجيره و صولاً به الى الإبادة الجماعية ( طبعاً ليس بالضرورة أن يكون القتل هو فقط أداة الإبادة الجماعية ... ) .
إن شعبنا المسيحي المسالم حَدَ مَحبة الأَعداء يُعاني اليوم أشد المعاناة و يعيش أقسى المآسي بسبب الأزمات الحالية إضافة الى الضعف الظاهر على قادة الكنيسة سياسيا بسكوتهم المُطبق و عدم وضع النقاط على الحروف....!!!! و هم المعنيين بوضعها. و هنا يمكن إلقاء اللّوم شاء من شاء و أَبى من أَبى على ما آلت اليه الأوضاع من تفاقم و تدهور على من أعلن قيادته للشعب المسيحي و تحمل المسؤولية السياسية راغباً بها و ليست مفروضة عليه ......
و إن في كل الجوانب التي رافقت أزمات شعبنا ( الجانب الروحي و السياسي و الإجتماعي ) لم تكن المعالجات بمستوى الحدث و كانت سلبية أكثر منها إيجابية بسبب سوء إستخدام السلطات و قلة الخبرة في المعالجات و الإعتماد في كل تحركاتهم في البناء مع الهَدامون الذين يشكلون مجاميع من بعضِ بعض و أكررها بعض من الفاسدين عَصابيوا الأَعين و صاميّ الأَذان يتوزعون في عدد من المواقع والمؤسسات الكنسية بمباركة قادة الكنيسة و قد تمكنوا من أن يتسلقوا على أبراج نواقيس الكنيسة ليخنقوا بفسادهم و ضعفهم أَصداءها التي دائما وَحَدَت المسيحيين مواقفاً و أَفراحاً و أَحزانا و خنقوا أيظا بعمالتهم تطلعات الشعب المسيحي و أضاعوا الحقوق ....
المخيف في الأمر أن نكون نحن ( الجُهال ) بحسب تَقيّيمهم و رأيهم و لا نستحق ربما الرد على ما نطرح و نحذر منه .. نكون أول المبادرين بالكتابة و نحاول أن نُعلق الجرس ونَقرَع ناقوس الخطر رغم عِلمنا بما يتبع هذا الفعل من ضَرَر شخصي و ما قد يُكال من أسوأ الإتهامات و الإفتراءات مَصحوبة بأقذر الكلام و مشفوع بنظرات عدم الرضى لكل من يَتَطَرق الى مواضيع تَندرج في خانة ( ممنوع النقاش و تجاوز الخطوط الحمراء و عدم إحترام القامات و القيادات..!!!! ) ..نأسف جداً أن نكتب فيما كان يجب أن يفعله قادة الكنيسة
و رغم ذلك فإننا قد نشهد أياماً تعلوا فيها الأصوات عاليا عسى أن يُسمَع له صدىً على منابر يفترض بها أَن تكون أول المبادرين لحماية الكنيسة وعلاقتها الروحية مع الشعب. فاليوم همساً وغداً دوياً .
نحن ( الجُهال ) نخجل أن نجادل الحُكماء ولكن الطامة الكبرى أننا لم نلمس الحكمة التي كنا نأمل أن نجدها فيهم ....و الأحداث تتوضح يوما بعد آخر بما تجعل كَفَتنا تميل نحو أن طروحاتنا هي الأصح بدليل عدم وضعهم الشعب في الصورة الحقيقية لتحركاتهم و سياساتهم و كأنهم يخجلون الإعلان عن إنجازاتهم بحجة أنها ( سياسة على أعلى المستويات ) والطامة الأكبر أن لا أحداً يستمع أو على أقل تقدير أن لا أحد يحاول بجدية ان يناقش بموضوعية وصدق, على الأقل ليخرسونا و يكشفوا لنا خطأ أفكارنا و توقعاتنا بل ما زال البعض منهم يُكابر و يرفض النزول عن العرش الوَهمي الذي أَوهَمَهُم به البعض من المنافقين و المتملقين و ما زالوا يخاطبون الشعب من أعالي بروجهم ....
وإن إستمرت المعالجات بهذه الطريقة البائسة و الضعيفة الخاضعة لإملاءات خارجية لجهات خارج البيت المسيحي أو حتى داخلية من البيت المسيحي فلا يمكن بهذه الحالة أن تكون الكنيسة قادرة لأن تقود الشعب الى بر الأمان و إنقاذه من مستقبل مجهول و مصير محتوم لا يتمناه شعبنا المسيحي الذي لن يكون حينها قادراً لأن لا يشك بضعف قادة الكنيسة .......!!!!!!
إن الكنيسة لم تعي حقيقة دورها في هذه الأزمة فَجُلَ مل قامت به هو المناداة من كل المنابر أن شعبنا بخير وبأمان في كردستان العراق و كأن الشعب لم يفقد كرامته في ليلة واحدة ومعها كل أراضيه وكنائسه وتأريخه وتراثه ... و إنغمست راغبة في أعمال ليست من صلب رسالتها و ركزت جهودها في عمل لا تَتَقِنَهُ و لن يُمكِن أن تَتَقِنَهُ مطلقاً ........
لذلك فإن ظلت القلنسُوَة الحمراء مُتَرَفِعَة عن الشعب صامة أسماعها عن صوته فإنها يوما ما لن تجد يداً تَتَلَقَفُها إذا ما سقطت ( لا سمح الله ) و إن ظلت قابضة على صولجان السلطة فإنها يوما ما لن تجد من تَتَسَلَط عليه.......
بشار جرجيس حبش
بعيدا عن بغديدا 4 كانون الأول 2017