عشتار تيفي كوم - اليتيا/
عقد غبطة البطريرك مار أغناطيوس يوسف الثّالث يونان الكليّ الطوبى بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، ندوة صحافيّة في المركز الكاثوليكي للإعلام تحت عنوان “تجذّر مسيحيّي الشّرق في أرضهم”، بمشاركة سيادة المطران بولس مطر رئيس اللّجنة الأسقفيّة لوسائل الإعلام ورئيس أساقفة بيروت للموارنة ورئيس المركز، والخوري عبده أبو كسم مدير المركز، وبحضور سيادة المطران مار باسيليوس جرجس القس موسى المعاون البطريركي والزائر الرسولي للسريان الكاثوليك في أستراليا ونيوزيلندا، المونسنيور أفرام سمعان معاون النائب البطريركي للسريان الأرثودوكس في القدس، الأب حبيب مراد أمين سر بطريركيّة السريان الكاثوليك الأنطاكي ورئيس الديوان البطريركي، وأعضاء اللجنة اللجنة الأسقفيّة لوسائل الإعلام وحشد من الإعلاميّين.
بدايةً، رحّب سيادة المطران مطر بغبطته وقال نحن المسيحيين ابناء هذا الشرق قبل الكثيرين بزمن طويل وحضارتنا اعطت الحضارة العربية الكثير وأخذنا منها وصرنا نحيا مصيراً مشتركاً ضمن الإحترام للجميع، وهذا مطلب حق.
شاركنا في مصير هذا الشرق لقرون وقرون ولكننا كنا معذَّبين فيه ايضا، حملنا الصليب، بكلّ فخر، صليب الفداء والمصالحة بين الناس جميعاً، لنصبح كلّنا ابناء الله موحّدين.
مرّ المسيحيون في هذه السنوات المنصرمة عبر مطبات كبيرة، هُجِّر من هُجِّر، قتل من قتل وصمد من صمد، ولكننا على الرغم من كل ذلك متشبّثون بأرضنا، بحقوقنا وبشراكة المصير مع إخواننا من أجل مستقبل زاهر.
عودة المسيحيين الى ارضهم واندماجهم مع سائر المواطنين يجب ان تكون قضية اسلامية وقضية عالمية صوت غبطتكم معروف في العالم بمطالبتكم بتبنّي قضية العودة ونحن في لبنان حاملون قضيّة العودة بروح الأمل والرجاء.
ألبطريرك يونان
شكراً من القلب للمطران مطر لكلمات الترحيب الموجّهة لي ولكل أخواتنا وأخواتنا المعذّبين اليوم في بلاد الشّرق مسيحيّين وغيرهم، وهو المعروف عنه الانفتاح على الجميع والشعور بآلام الابرياء من شعبنا في الشرق الوسط والذي يحث على جمع الكلمة ما بين الأطراف المختلفة إن كان في لبنان وخارجه في العالم.
ارحب أيضاً بإسمكم بأخي صاحب السيادة المطران مار باسيليوس جرجس القس موسى جرجس، إبن العراق وبغداد قرقوش، كما أشكر الأب عبده لدعوته وجميع الحاضرين.
ليس الوقت هنا كي نعيد ما حدث لاخوتنا وأخواتنا المسيحيين في العراق منذ ما يقرب من العقدين وفي سوريا منذ ما يقرب من سبع سنوات
كلنا نعلم الآلام والمعانات، دوامة العنف التي حدثت في العراق وجعلته يعيش في الفوضى وكذلك الصراعات في سوريا التي غذّاها بعض الفوضى اكبر عدو للمكونات الصغيرة والمسالمة الأقوياء في العالم، مستغلّين التعصّب الطائفي وما يسمّى أيضاً الجهاد التكفيري حتّى يخلق في هذا البلد، جار لبنان، الفوضى الّتي هي أكبر عدوّ للمكوّنات الصغيرة، المسالمة والنزيهة في شرقنا الأوسط، ومن بين هولاء، المسيحيون هم الاكثر استهدافاً.
يقولون لنا أن المسيحيّين ليسوا مختلفين عن غيرهم من الاديان والطوائف الاخرى الذين عانوا الحروب والصراعات والجرائم التكفيريّة والاضطهاد والتهجير والقتل، ما هو صحيح، إن المسيحيّون لم يختلفوا عن غيرهم ولكنّهم المكوّن الاكثر استهدافاً والأكثر تعرّضاً لمصيرهم في هذا الشرق لأنّهم يعتبرون أنفسهم مكوّن أصيل، ولكن لا يقبله البعض إن كان أولئك التكفريّين أو المسلّطين الجبناء في حكوماتهم، أو الدول التي تسعى لتحقيق مصالحها بطريقة نسمّيها “الوصوليّة”، وقد عانينا من هذه السياسة التي تسعى فقط للمصلحة.
نحن نقر ان المرجعيات الاسلامية تدعو الى بقائنا في الشرق ونشكر لها هذه البادرات، انما هناك عناصر تسعى وتساهم لتهجيرنا من ارضنا وموطننا الأصلي.
نحن مكوّن أساسي في الشرق منذ آلاف السنين ولدينا ايماننا بالرب يسوع مخلّصنا، رسول السلام والمحبّة والأخوّة والذي دعانا لمحبة الجميع وحتى الاعداء. نحن موجودون في هذا الشرق كمكوّن حضاري ومعروف انّنا ساهمنا في تكوين حضارة هذا المشرق، ومشهود لنا أنّنا كنّا في أساس النهضة العربيّة في القرنين الأخيرين. لكن، وللاسف، هناك من يريد اقتلاعنا من موطننا الأصلي في الشرق، إن كان بشكل مباشر إراديّاً من خلال العصابات التكفيريّة المجرمة التي ساهمت باقتلاعنا، أو بطريقة غير مباشرة وهي عدم الإكتراث لنا لأنّنا لسنا أمّة بالعدد ولا نملك آبار البترول، ولا نهدّد أحداً بأعمال إرهابيّة، لذلك أُهملنا.
اليوم علينا أن نقلب صفحة الماضي ونصلّط الأضواء على حاضرنا.
هناك النقاط السلبيّة: التهجير، الاقتلاع وعدم تمكننا من إقناع أولادنا وشعبنا أن يبقوا في أرضهم، لأنّهم وللأسف فقدوا الثقة في الّذين يحكمونهم وطبعاً خافوا على مصير مستقبل أولادهم بسبب الإرهاب الذي تمّ وحصل في السنوات الأخيرة، نحن لا نتهم احدا ًولا نريد أن نكفّر احداً، لكن للاسف هناك من كفّرنا.
عندما نعود الى قرانا، إن كان في العراق وسوريّا، نجد آثار هذا الترهيب الدّيني، الحرق وتكسير الصلبان والايقونات وحرق الكنائس، وهذا ما أنا يالذّات رأيته، في حين هذه الآثار غير موجودة في مناطق أخرى، وهذا ما يسمّى بعامل انتقامي ناتج عن الكراهية.
اليوم علينا ان نفكر كيف نساعد شعبنا للبقاء والتجذر في ارضهم رغم كل ما حلّ بهم،
نحن تعوّدنا التهجير والإضطهاد والسلب والقتل، نتذكر منذ مئة سنة ما حصل للمسيحيّين من أرمن وسريان وكلدان في الدولة العثمانيّة آنذاك، وماذا حصل أيضاً للمسيحيّين في لبنان من تجويع واضطهاد، وما يحصل اليوم لشعبنا في العراق وفي سوريا وهو اشبه بابادة.
اليوم نريد أن يعود أهلنا ويبقوا متجذّرين، اليوم نحن نتعزّى بما يصلنا من صور واخبار عن عودة ابنائنا الى سهل نينوى واعادة البناء، ولكننا نذكر ان المساعدات كلها تأتي من المؤسسات الكنسيّة المحليّة والاقليميّة والعالميّة وليس من الحكومات الّتي هي بعيدة عن التفكير بواجباتها لترميم ومساعدة الأهل للعودة إلى بيوتهم. كما نفرح بدعوة الرعاة الكنسيّين لمن يرغب بان يعود إختياريّاً، ونحن كبطاركة سعينا ونسعى ونصرخ ونطلب من الدول مساعدتنا بالمحافظة على تجذر ابنائنا في ارضهم، ونطلب من القيّمين على مصير العالم أن يساعدونا أن نبقى متجذّرين في أرضنا، فنحن لا نريد ان نهجَّر، وهذا ما ذكرناه في اتصالاتنا ولقاءاتنا مع الحكام والدول. نطالب ان نبقى، حتّى نعيش بكرامتنا الإنسانيّة ونحافظ على إيماننا.
كيف نساعد اولادنا على العودة؟
علينا ان نطالب الحكومات المحليّة بتأمين الأمن والسلام والاستقرار وانشاء ادارات ذاتيّة لتأمين نوع من الأمان والاستقرار لابنائنا في ارضهم.
من ناحية أخرى علينا ان نذكر بأنّ لبنان اليوم، على صغر مساحته وعلى قلّة الموارد، ارضاً خصبة لاستقبال النازحين من مسيحيين وغير مسيحيين سيما اولادنا الذين اقتُلعوا من ارضهم بحثا عن الامان.
البعض من هولاء يريدون العودة الى ارضهم ونحن سعينا لدى فخامة رئيس الجمهوريّة بالنظر في امرهم لاعفائهم من الغرامات وابدى فخامته استعداده لذلك مشكورا، وكذلك نشكر اللواء مدير الامن العام، اللواء عبّاس ابراهيم ومعالي وزير الداخلية نهاد المشنوق لسعيهم في هذا الإطار، خاصّةً بالنسبة لعودة العراقيّية الّذين يحتاجون لإستقلال الطائرات للوصول إلى بلدهم، نحن ممتنّون لهم وسنتابع هذه المساعي حتى نعطي لاولادنا نوعا من الامل.
يسوع قال للتلاميذ “انا هو لا تخافوا”
نحن مستعدون لحمل الصليب وبذل الذات من اجل الايمان بالرب يسوع، لكن يجب ان نعرف نعطي معنى لحمل الصليب بالشهادة للرب بكرامتنا وحتى الاستشهاد، ونحن في الشرق كنيسة شاهدة للرب بحياتها وشهيدة له لا تخاف ان تبذل حياتها في سبيل ايمانها بالرب يسوع
نحن كي نطمئن اولادنا، يجب ان تكون هناك اصلاحات حقيقية تعطينا الامل بالمستقبل
انا ذكرتُ واذكر دائماً مبدأ فصل الدين عن الدولة، حان الوقت كي نعرف ان نقدّم الديانة بمفهوم المطالبة بحرية الانسان ونحن نطالب اخوتنا المسلمين بجميع مرجعياتهم بموقف واضح بقبول الآخر المختلف دينيّاً، وهنا يجب ان تكون للحكومات والمجالس النيابية الجرأة كي تراجع دساتيرها وقوانينها بما يتناسب مع الحرية وقبول الآخر والمواطنة، وهذا ضروري لاقناع ابنائنا بالعودة الى الارض. نحن ككنيسة لا نتدخل في شوون الدولة انما نعلّم قول الحقيقة بالمحبة وجعل القوانين على مستوى واحد بين جميع المواطنين.
ألخوري عبده ابو كسم
بفرح كبير نستقبل غبطته في بيته فهو مركز جميع البطاركة والأساقفة الكاثوليك.
لقد سعينا جاهدين لابراز محنة اخوتنا في العراق وسوريا ونتذكر زيارتنا معكم ومع غبطة الكردينال الرّاعي الكليّ الطوبى وسيّدنا البطريرك لحّام أطال اللّه عمره وسيّدنا غبطة البطريرك مار فرام، الى اربيل وكم سعيتم غبطتكم من أجل تخفيف محنة الصليب.
نحن نؤمن انه بعد الصليب والموت هناك القيامة، وقد بدأت القيامة في العراق وننتظرها في سوريا. أليوم هناك كثيرون يودون العودة ولكنهم بحاجة الى ضمانات.
المسيحيون مواطنون درجة اولى، علينا ان نعرف كيف نبني الفرح حولنا مع الشهادة للرب بفرح ودون استسلام.
نحن من هذا المركز نعلي الصوت معكم مجددين الطلب الى فخامة الرئيس واللواء عباس ابراهيم ا ما نطلب من الدول والامم المتحدة ان تساعد في اعادة الاعمار.
كما ان الاستقرار الامني بحاجة الى ان يترافق مع الاستقرار الاجتماعي واعادة الاندماج بين المواطنين.
نحن مثل حبة القمح التي تُزرع في الارض وتموت ولكنها متى ماتت تعطي الحياة.