شر البلية ما يضحك مثل شائع بين العراقيين، يضرب للشدة او المصيبة التي تأتي في غير حينها ومحلها فيتعجب منها المبتلى ومن شدة الحزن والقهر يضحك، ونحن المسيحيين في الشرق عموما وفي العراق خصوصا ما اكثر المصائب التي من شدة الحزن تضحكنا حتى الاغماء، لاننا رغم ما عانيناه ولمسناه، من الاخر المختلف دينيا وقوميا وطائفيا، من قتل وفتك وتدمير وتهجير وووو.....الخ لا زالت الديدان المحسوبة علينا اسميا وغبنا تنخر عظامنا لتقتلنا وتعيش هي نفسها، والامثلة على ذلك لا تعد ولا تحصى لان المتابع لشأننا القومي ووضعنا المأساوي لا يتلمس سوى الخيانة وفرض الذات وابرازها والاتجار بمآسي الالاف وحيواتهم للوصول الى مركز كارتوني مرفق بامتيازات تسيل اللعاب لجنى الاكثر من سحت الحرام والتمتع به على حساب اغلبية مشردة وضائعة.
بعد تحرير سهل نينوى من سيطرة داعش الارهابي تأمل سكان المنطقة من المسيحيين وغيرهم خيرا وتمنوا ان تكون عودتهم سريعة مدعومة داخليا وخارجيا لاعمار ما دمر واصلاح ما يمكن، املا في عودة الحياة الى مجراها الطبيعي كسابق عهدها لما قبل داعش وجرائمه، لكن على ما يبدو ان العودة لن تكون سريعة كما ظن البعض او بالاحرى ستكون محفوفة بالمخاطر ما لم يكن هناك تطيمنات دولية لسكان هذه المناطق الذين لم يتركوا البلد ( لان الكثير منهم ترك البلد الى غير عودة )، وبدلا من توحيد الجهود الانسانية والخطاب السياسي للمسيحيين لتضميد جراح اهلنا من سهل نينوى وغيرها من المناطق والامساك بيدهم للوقوف ثانية وبعث الامل في نفوسهم اليائسة والمرهقة، لمسنا العكس من البعض الذين يتحدثون باسمنا وهم غرباء عنا وعن قضيتنا، حيث كان تحرير سهل لهؤلاء فرصة ذهبية اخرى لتثبيت وتعظيم الذات والاتجار بالمأساة كما هو ديدنهم، لكن رغم ذلك لم نكن نتوقع وننتظر ان تسوء الامور الى حد اطلاق النار بين الاطراف المسيحية المسلحة دون سبب وجيه.
لا اعرف بالضبط كم هو عدد المسلحين المسيحيين في منطقة سهل نينوى لكن المعروف ان كل طرف منهم مدعوم من جهة اخرى، والاسئلة المحيرة التي تبرز الى السطح بغض النظر عن المعتدي والمتطاول هو لماذا يعادون بعضهم وفي هذه المنطقة بالذات وبهذا الوقت الحرج؟ اهذا من مصلحة شعبنا؟ ولماذا يتطاولون على البعض والاخر يترقب خطواتهم لتصفيتهم؟ ولو كانوا بهذه الشجاعة لماذا لم يحرروا المنطقة من سيطرة داعش دون مساعدات وتدخلات خارجية؟ واسئلة اخرى كثيرة تهيج الجراح وتثير الشكوك والظنون.
ان المتسلطين على رقابنا وحفنة من المستفدين ماليا والمخدوعين بالشعارات القومية والطائفية الضيقة لا يهمهم مصير الشعب المحتسب في خانة المنقرضين في وطن كان اصله، ولا يهمهم مستقبل الاجيال القادمة من ابناء هذا الشعب سوى ما يدخل في جيوبهم من فوائد، لذلك فان هؤلاء يحاولون وبكافة الطرق والاساليب تثبيت انفسهم وابرازها حتى لو كان ذلك على حساب دماء شعبنا ومستقبل اجياله القادمة، ان عملية تبادل اطلاق النار التي حصلت في ليلة 14 شباط 2017 ( ربما هناك سوء فهم لا اكثر، اليس من الممكن انهم كانوا يحتفلون بعيد الحب! ) بين جماعة بابليون وجماعة الاتحاد الديمقراطي السرياني وما تلاها بعد ذلك من ايضاح لوحدات حماية سهل نينوى كشف لنا نحن العامة الكثير من الخبايا والنيات السيئة على حقيقتها للذين يدعون تمثيلنا والباكين على قضيتنا زورا، فلو كانوا يحملون هم الشعب وجاءوا من اجله كان عليهم توحيد الجهود وتوجيه فوهات بنادقهم الى الذي ينقض علينا كلما سنحت الفرصة بسبب او دونه وليس الى بعضهم البعض هذا عسكريا، اما سياسيا فشعبنا بحاجة الى سياسة نظيفة ومستقيمة تخرجه من هذا الوحل الذي يتمرغ فيه من سنين لكن بما ان شعبنا يفتقد الى ساسة بالمعنى الصحيح للكلمة فاننا نترك السياسة ونحنى رأسنا لكل المصائب خجلا دون ان نتفوه حتى بحرف!، اما بالنسبة لايضاح وحدات حماية سهل نينوى فكان صفعة اخرى زادتنا الما، فبدلا من ان تقوم هذه الوحدات بتقريب وجهات النظر والتدخل لحل الخلاف سلميا بين الاطراف المتنازعة، جاء ايضاحها تكرارا وتأكيدا لمطلبها بعدم السماح لتعدد المرجعيات الامنية! وعدم السماح للمجموعات المسلحة الاخرى! التي لا تنطبق عليها معايير التدريب والانضباط والالتزام! للتواجد في المنطقة ( هل يمكن لسيادتهم ان يذكروا لنا مثالا واحدا للميليشيات المسلحة المنتشرة في العراق تطبق عليها المعايير والقوانين المطبقة في الجيوش النظامية؟ )، اي ما معناه اخلاء الساحة امام وحدات حماية نينوى فقط!.