النصيحة أمام الناس فضيحة ، لكن الغرض هو تصحيح الخطأ وليس التشهير وتقليل القيمة ، ولكن ! يجب إنتقاء الأسلوب والوقت المناسب ، وحبذا لو كان بمحبة وجهاً لوجه وعلى إنفراد ، ويكون أسلوب التلميح أجدى وأنفع من التصريح المباشر ، فالمتلقي يعي تماماً المقصود من التلميح بشكل مبطن ما يرمي إليه الناصح .
وقد يتلقى الناصح ردّ فعل عنيف من المثقف المغرور ، فيجادل ويحاول الإنتصار في النقاش فيكون من يقدّم النصيحة في وضع لا يحسد عليه ، فبدل تلقي الشكر ، قد يغضب المنصوح ويؤدي النقاش إلى ما لا يحمد عقباه ، فلا تنصح المثقف المغرور إلا مضطرّاً .
وقد تنصح شاباً مراهقا، فيكون ردّ فعله غير متوقعاً ، فهو يعتبر جيله الأذكى والأكثر تقدماً ومعرفةً من الجيل القديم ، فلا يتقبل النصح ، ويعتبره إهانة له وتدخلاً في حياته وحريته ، فلا يتقبل النصح ، وإن تضاهر بقبوله ، لكن في داخله يكون رافضاً للنصيحة جملة وتفصيلاً ، فلا تنصح الشاب المراهق ، إلا عند الضرورة القصوى ، ولكن بحذر وبالتلميح وبمحبة .
وقد تنصح إمرأة جميلة ، فتكون في حالة لا تحسد عليها من شدّة ردّ الفعل أحياناً ،لأنها تتوقع المديح لا النصيحة ، لكونها مغرورة بجمالها وبعقلها وبإختيار ملبسها وزينتها ، فكن حذراً ، فيفضل أن تكون النصيحة بمحبة ومغلّفة بالمديح أحياناً لإمتصاص غضبها وكسب ودّها ، فلا تنصح المرأة الجميلة لئلا تفقد صداقتها .
والنضوج عند الإنسان يتناسب تناسباً طردياً مع تقبل النصيحة ، فكلما كان الفرد أكثر نضوجاً وأوسع ثقافة كلما كان تقبله للنصيحة أكثر تفاعلاً وتفهماً ، وإياك إياك أن تنصح الفرد أمام الملأ ، فذلك يعتبره إهانة وإنتقاصاً من قيمته وفضيحة لشخصه . فمتى ننضّج ونتقبل النّصيحة برحابة صدر ، هذا يتوقف على مدى وعيّنا وإدراكنا ورحابة صدرنا ، وعلينا أن نشكر من يقدّم النّصح لنا بدل غضبنا وإستيائنا ، فهل نفعل ؟