دأب أردوغان التلويح بين الحين والأخر بأمجاد الإمبراطورية العثمانية الإستعمارية للدول العربية ومنها العراق ، وقد ظهرت خارطة في الصحف التركية فيها الموصل وكركوك وقسم من سوريا وبلغاريا وبعض الجزر اليونانية ضمن تلك الخريطة ، وقال أردوغان بأن الموصل وكركوك كانتا لنا ،وطالب أردوغان بتعديل إتفاقية لوزان عام 1923 التي حددت حدود تركيا الحالية ، وحدود الدول الإقليمية الإخرى من ضمنها العراق ، ولو رجعنا إلى الوراء أثناء الحقبة الإستعمارية ، حيث كانت بريطانيا العظمى لا تغيب الشمس عن مستعمراتها ، والآن أصبحت شيئاً من التاريخ ، وكذلك المستعمرات الفرنسية والإيطالية والبرتغالية وغيرها ، فهل لبريطانيا وغيرها المطالبة بمستعمراتها القديمة ؟
ولماذا بروز الأطماع التركية في هذا الظرف بالذات ؟ والعراق يخوض حرب وجود ويدافع عن إستقلاله ويحارب الإرهاب نيابة عن العالم ، ولكن العلّة ليست بتركيا بل لأن العراق ضعيف وجريح وسياسيينا للإسف الشديد ولائهم ليس للعراق بل لدول الجوار ، فعلى سبيل المثال الإحزاب الشيعية تابعين لإيران منهم حزب الدعوة والمجلس الأعلى الإسلامي وحزب الفضيلة والتيار الصدري وعصائب أهل الحق وحزب الله العراقي وغيرها ، والسنّة أمثال صالح المطلك وسليم الجبوري وأسامة النجيفي وغيرهم يرتبطون بالسعودية وقطر عن طريق تركيا التي كانت ولا تزال ممراً لعبور عشرات الآلاف من الإرهابيين إلى سوريا والعراق ، فبالمال السعودي والقطري والتسهيلات اللوجستية لعناصر داعش والنصرة وغيرها من العناصر الإرهابية من قبل تركيا دمروا العراق وسوريا ومئات الآلاف من الضحايا .
لقد أصبح العراق مرتعاً لمن هبّ ودّب ، فيقول رضائي الإيراني ( الحدود العراقية الإيرانية ، حدود البلد الواحد) بمعنى تبعية العراق لإيران والفضل يعود لتبعية الأحزاب الشيعية لإيران ، وها هو قاسم سليماني والحرس الثوري الإيراني يصولون ويجولون في العراق كبلدهم ، ولا يعين الوزير إلا بالموافقة الإيرانية ، أما تركيا والسعودية وقطر ، فقد صرحوا بعدم موافقتهم لدخول الحشد الشعبي الموصل بغية تحريرها من داعش ، تصّور ما آلى إليه الوضع ، في الوقت الذي كان العراق يهابه كل دول الجوار وحتى تركيا في عهد صدام حسين ، رغمً دكتاتوريته وظلمه لشعبه .
الخلاصة : لا تستقيم أمور العراق إلا بوحدته السياسية والمجتمعية بكافة مكوناته وقومياته وأديانه ومذاهبه وأعراقه ، وعلى الجميع أن يعوا الدرس بعمق وأن يتكاتفوا ويتعاضدوا ضد الإرهاب أولاً ، ويقطعوا الطريق أما أطماع دول الجوار وغيرها ثانياً ، لأن الكل يبحث عن مصالحه ، فقد اصبح العراق كالبقرة الحلوب ،والكل يريد تمرير مشاريعه وأخذ حصته من الكعكة التي أصبحت سهلة المنال ولقمة سائغة بسبب الصراع السياسي بين من هم في القمم والسفوح في سدة الحكم العراقي ، والفساد المالي والإداري يزكم الأنوف ، فمحاربة الفساد وإستئصال الفاسدين والوحدة بين المكونات هو الطريق الناجع لعودة العراق قوياً أبياً عصيّاً ضد الأطماع الخارجية ، فهل فهمنا الحكمة والعبرة من الماضي والحاضر ، نتمنى ذلك من اعماق جوارحنا .