القيادة هي تلك القدرة على التأثير في مجموعة من الافراد لتحقيق اهداف موضوعة مسبقاً أو فرض ارادات معينة لصالح تلك المجموعة، وهنا يكمن سر نجاح خطط واستراتيجيات المجموعة في مدى قدرة القائد على ترسيخ المفاهيم الايجابية ورسم خارطة الطريق التي تؤدي في النهاية الى تحقيق الاهداف المرسومة وتطبيقها على ارض الواقع بأسلوب سلس وأدوات معرفية وحكمة ومحاولة تغيير المستحيل الى الممكن، واستقطاب المجاميع الأخرى للانضمام الى المجموعة أو التعاطف معها أو عدم الاحتكاك بها سلباً، فالقائد أو المدير أو السياسي يجب أن يمتلك من الأدوات مايؤهله لتنفيذ مفاهيمه او مفاهيم حزبه أو مؤسسته بعيداً عن الاسفاف والمحسوبية والترهل الفكري وبعيداً بعيداً جدا عما يسمى الآن بالفساد الاداري والمالي والاخلاقي، لأن القائد هو عماد المجموعة، وعندما يسقط في حضيض الفساد والترهل تقع المجموعة كلها في ذلك الحضيض لتنتهي تأثيرها رويداً رويداً، هذه هي القاعدة الرصينة لمجموعة مؤثرة فاعلة ذات تأثير طويل وقدرة على البقاء لمديات طويلة، أما القائد المستبد، الحالم بالمجد، الغائص في يم الفساد، النرجسي، الفارغ من المعرفة، المتعكز على عكاز السلطة المطلقة، فأنه لن يقدم لمجموعته سوى الخذلان والهزائم والحنق والاخفاق.
في عالمنا اليوم وفي مجتمعاتنا بالذات، انتشرت ظاهرة ظهور بعض القادة والسياسيين والسلطويين الذين لا يملكون الامكانيات الكفاية التي تؤهلهم للقيادة، هؤلاء ظهروا الى الساحة في رفّة جفن، مثلهم مثل بعض القادة والسياسيين الذين لديهم باع طويل في التمسك بالكراسي وهم ايضا لايملكون امكانيات القيادة، فانتشرت مع ظهورهم مظاهر الفساد والارهاب والخسارات الكارثية كتدهور الاقتصاد وشلله في بعض الاحيان، ووقوع مدن بأكملها في أيدي الجماعات الارهابية المتطرفة، بسبب سياساتهم الميتة المترهلة الضعيفة حد الغباء احيانا كثيرة، وبسبب العنجهية والاحتكار والدكتاتورية وعدم وجود الحكمة في تفاصيل قراراتهم، ولاسباب كثيرة أخرى معروفة للقاصي والداني، هذا الضعف وهذا الغباء وهذا الجهل أدى الى تدهور مجتمعاتنا ورجوعها الى القرون الغابرة، وعدم الامساك بزمام التطور واللحاق بركب التقدم العلمي والثقافي والحضاري كما يحدث في العالم الحر.
أن الفوضى المخيفة التي وقعت تحت مظلّتها المتهرّئة مصائر العامة من الناس، باتت تشكّل خطراً كبيراً على مستقبل الاجيال القادمة في هذه المنطقة، فبعض القادة والساسة الطارئون الدخلاء الذين لا يملكون ادوات القيادة الحكيمة ساهموا بشكل فاعل في الحاق الأذى بمقدرات الشعوب، والمصيبة انهم لايعترفون بفشلهم، ولايقفون عند حد، ولا يقرون بالنتائج السلبية لبقائهم في مناصبهم، وانعكاسها على مستقبل المنطقة ومستقبل الناس فيها، فالفساد المستشري فيهم أغشى قلوبهم وعيونهم، وغيّب فيهم الحكمة ان وجدت، والادهى من هذا كله، انهم يلجؤون الى حاشيتهم لتخويف الاخرين وتحميلهم الفشل الذي يسيرون في طرائقه دون اكتراث لانهم مصابون بجنون العظمة وايضا لتجميل فشلهم وتأطيره بالكلمات الفضفاضة الرنانة أو بنشاطات وهمية غير حقيقية وغير منتجة اصلاً او غير ذات جدوى لا تلبي حاجاتهم، ولهذا نرى الحكومات تتساقط وتعود، والاحزاب تتعرض للانشقاقات وتلتئم مرة أخرى بحسب المصالح الآنية لقادتهم، والناس يقبعون تحت سماء الحيرة والخسارات والجوع والموت، حقاً انها مهزلة، بكل ما لهذه الكلمة من معنى.
رحم الله معروف الرصافي حين قال :
القادة الأفذاذ سرب ٌ خائب هم في الجهالةِ لو نظرتَ فطاحل ُ
انتم بديباج الكــلام أماجـــــــــدٌ وبنكث آصــرةِ الوفـــــــاء أراذل