أول تعليق من كاهن كنيسة سيدني عقب "الهجوم الإرهابي"      مصدر: والد المشتبه به في هجوم كنيسة سيدني لم يشهد أي علامات تطرف على ابنه      أستراليا.. الشرطة تؤكد الطابع "الإرهابي" لهجوم في كنيسة      السوداني يسعى إلى حل التداعيات الناجمة عن سحب المرسوم الجمهوري الخاص بتعيين غبطة الكاردينال ساكو      العيادة الطبية المتنقلة التابعة للمجلس الشعبي تزور قرية بيرسفي      مارتن منّا: هناك محاولات لإعلان التوأمة بين عنكاوا و وستيرلينغ هايتس الأميركية      اللقاء العام لمجلس الرهبنات الكاثوليكيّة في العراق/ أربيل      غبطة البطريرك ساكو يستقبل السفير الفرنسي لدى جمهورية العراق      قناة عشتار الفضائية تتمنى الشفاءالعاجل للمطران مار ماري عمانوئيل      محافظ نينوى يزور مطرانية القوش      معرض ميسي يفتح أبوابه.. فماذا يمكن أن تشاهد؟!      تقنية ثورية.. زرع جهاز في العين قد يعالج مرض السكري      رئاسة إقليم كوردستان: نجاح الانتخابات يعتمد على مشاركة جميع الأحزاب والكيانات السياسية فيها      العراق.. أكثر من 27 ألف إصابة بالحصبة و43 وفاة بالمرض      خطوة عراقية أخرى باتجاه وقف إهدار ثروات الغاز المصاحب      فيتو أميركي ضد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة      السبب الحقيقي وراء انقطاع خدمات Meta المستمر      جدل حول آثار جانبية حادة لاستخدام الأدوية المضادة للذهان لتخفيف الزهايمر      مايلز كاغينز‏: الحوار حول استئناف تصدير نفط إقليم كوردستان سيبدأ قريباً      إلزام يوفنتوس بدفع 9.7 مليون يورو كرواتب متأخرة لرونالدو
| مشاهدات : 2561 | مشاركات: 0 | 2016-05-01 09:56:59 |

حوار حول المكون المسيحي الكلداني السرياني الاشوري في العراق اجرته الناشطة تيريزا ايشو مع المفكر العراقي د.علاء الجوادي سفير العراق في الدانمارك

 

عشتار تيفي كوم/

كتبت السيدة تيريزا أيشو رسالة جاء فيها: سعادة ألسفير ألعراقي في ألدانمارك ألاستاذ د. علاء حسين موسى الجوادي... تحية عراقية طيبة، بأسمي وبأسم (موتوا دانمارك) والجالية العراقية، والدانماركيين من أصول كلدانية سريانية أشورية عراقية. نتقدم بطلبنا للقائكم وذلك يوم الجمعة المصادف 22/4/2016 في ساعة تحددوها أنتم في وقت العمل للسفارة بين 9-16. حيث اننا نريد أن نعبر عن قلقنا في ما يمر به الوطن من احداث ونزاعات ان كانت على صعيد الارهاب وداعش وتحرير المناطق ألمحتلة، أم في سلب حقوقنا ان كان في مناطق ضمن ألاقليم، ام خارج الاقليم في بغداد، من سطو وتجاوز على بيوت وأراضي المكون ألمسيحي. لذا نرجو ان تخصصوا وقت لنا للاستماع الى قلقنا ورفع شكوتنا واحتجاجنا الى السلطات العراقية. ونحن بأنتظار جوابكم. وتقبلوا تحايات مسؤولة المكتب... تيريزا أيشو... وهي احدى مرشحات الكوتا المسيحية في تشكيلة وزرارة التكنوقراط التي أنتخبت بمبادرة من اللجنة المستقلة التي شكلت من قبل السيد مقتدى الصدر.

وقد رحب السيد السفير بهذا الطلب واستضاف الوفد واستمع لارائهم، ورفعها للجهات الحكومية التي ارادوا ان تصل اليهم... ومن جهة اخرى فقد اجرت الناشطة الاشورية تيريزا ايشو والسيدتين كفاح جميل روفائيل وألهام رحيم الوفد المرافق لها من لجنة موتوا دنمارك للكلدان السريان الاشوريين حوارا مفصلا مع المفكر العراقي الوطني البروفيسور الدكتور السيد الجوادي وذلك بتاريخ 22- 04- 2016، وقد اعدت السيدة تريزا تقريرا جاء فيه:

 

تقول تيريزا ايشو: كان لقاؤنا وحوارنا مع سيادته أيجابياً وتناول هموم الوطن المشتركة التي لم يختلف عليها أي من الحاضرين من الطرفين. وأن أختلفت وتقاطعت وجهات النظر في بعض الاحيان، حول ألحلول والتنظيم والوحدة في العمل. وبعدما طرح موتوا دنمارك مذكرة مطاليبه التي تشكل مطاليب أبناء شعبنا الكلداني السرياني الاشوري في الدانمارك والتي عبر عنها في تظاهراته في أورهس، ولقاءاته في البورك وأورهس وكوبنهاغن، كما رفعنا مذكرة بمطاليبنا الى السلطات العراقية عبر السفارة العراقية وسعادة السفير الاستاذ د. علاء الجوادي.

وتضيف تريزا: بعد ذلك، تحول اللقاء الى حوار علمي وتاريخي وثقافي مع الاستاذ العالم والمطلع الدكتور الجوادي ليس بصفته سفيرا انما بصفته مفكر عراقي وطني. لقد فاجأنا هذا الرجل المتبسم الوجه والمتواضع والمؤدب بالخزين الوارف من الاطلاع والمعرفة والتحليل والرؤية والعودة للاصول الذي كان محط استحساننا للسفير العراقي د. علاء الجوادي، في ما يخص تاريخنا، وتاريخ كنائسنا المشرقية، وتاريخ أرض العراق واصالته التي لايختلف عليها أثنان، حيث هي أرضنا نحن أبناء النهرين الاصلاء من ألاشوريين ألكلدان السريان. فقيمناه –للحقيقة- تقيما عالياً، وخرجنا من محضره ممتنين ومرتاحين ومستفيدين من فكره النير.

 

- تيريزا ايشو: في البدأ طلبنا من سيادته بصفته باحث ومنفتح على الفكر الاخر والفكر الديني العراقي والعالمي عن نظرنه للمكون المسيحي في العراق؟

 

- الدكتور الجوادي: الوجود التاريخي الحضاري للعراق يرقى الى اكثر من ستة الاف من السنين وقد علّم هذا البلد العالم والبشرية اسس العلوم الانسانية وبنى اول حضارة بشرية وتكاثر السكان في هذا البلد وهاجروا منه الى كل بقاع الارض. العراق مركز العالم ومبتدأه. نقول ذلك لا لاننا عراقيون بل لأن البحوث العلمية الحديثة اثبتت ان للعراق السبق بالكثير من اسس الحضارة.

ألم يذكر التوراة في سفر تكوين الاصحاح  11 الايات 4- 6، ان بابل كانت مركز كل البشرية بعد انتهاء الطوفان، إذ تجمّع البشر كلهم في أرض شنعار اي العراق (وقالوا هلم نبني لأنفسنا مدينة وبرجاً رأسه بالسماء ونصنع لأنفسنا إسماً... فنزل الله لينظر المدينة والبرج اللذين كان بنو أدم يبنوهما. وقال الله: هوذا شعب واحد ولسان واحد لجميعهم، وهذا ابتداؤهم بالعمل، والآن لا يمتنع عليهم ما ينوون أن يعملوه، هلم ننزل و نبلبل ألسنتهم...). وما افهمه من القصة أنهم خافوا من الهلاك بطوفان اّخر، فرأوا أن يصنعوا مدينة ذات أسوار، وبرج عالٍ يصل إلى السماء، ليكونا حماية لهم ضد الطوفان، ويلجأوا إليهما إذا حدث طوفان، ومن بعد ذلك حسب رواية التوراة تفرقوا في الارض لكل لغته ولا يفهم بعضهم البعض. وهكذا تفرق أبناء نسل نوح فعلاً في البلاد والجزر، وبقي في العراق مجموعة من ابناء نوح ليستمروا بحمل مشعل الحضارة ولتكن سومر واور واكد وبابل واشور حواضر لهم وليظهر بينهم بعد اجيال ابو الاباء ابراهيم الارامي العبراني الذي سيكون من نسله اباء الاديان اليهودية والمسيحية والاسلام. ومع كل المتغيرات وتعاقب الدول الا ان ابناء العراق الاصلاء من سومريين واكديين وكلدانيين واشوريين استمروا يتكاثرون ويتناسلون في ارض العراق من شماله لجنوبه ومن شرقه لغربه وعندما جاء العرب المسلمون الى العراق وجدوا امرين مهمين اولهما وجدوا شعبا مؤمنا بالله وبشرائعه واديانه، ووجدوا ثانيا شعبا لغته وجنسه قريبان من لغتهم وجنسهم. فكان التعايش بين سكان العراق القدماء من مسيحيين ويهود وصابئة وبين القادمين الجدد للعراق من عرب مسلمين. وبرز الكثير من ابناء هذه المجاميع العراقية في الدول الاسلامية لما تحولت الكوفة عاصمة للامبراطورية الجديدة والكوفة والنجف كلاهما الامتداد الحضاري للحيرة المركز الاكبر للكنيسة المشرقية يومها. هكذا نظرتي الى المسيحيين في العراق وبقية اخوتهم من ابناء الديانات الاخرى. فهم همزة الوصل بين حضارات العراق القديمة والحضارة العربية الاسلامية من جهة وهم ناقلي حضارة الرومان واليونان والفرس الى الدولة الجديدة. من الطبيعي لو اردنا ان نغطي هذه المساحة لاحتجنا الى مجلدات كبيرة.

ومن الاثباتات ان الكثير من الاسماء الحالية للمدن العراقية ما زالت تزهو بالفاظها العراقية القديمة فلو ننظر في تطورت التسميات عبر التاريخ ولو أعدناها الى أصولها سنجد الاسماء الاشورية النهرينية ما زالت حاضرة حتى اليوم. وكان العرب يطلقون على هذا الخليط العراقي المتماسك الكلداني الاشوري السرياني اسم النبط. ويذكر التاريخ ان خالد بن الوليد عندما عسكر بين الحيرة والنهر وتحصن منه اهل الحيرة في القصر الأبيض وقصر ابن بقيلة. فبعث إلى اهل تلك المنطقة ابعثوا إلي رجلا من عقلائكم أسأله ويخبرني عنكم فبعثوا إليه عبد المسيح الغساني وكان رجلا كبير السن وشهد الكثير من الاحداث وكان مسيحيا، فأقبل يمشي إلى خالد فلما دنا من خالد، قال أخبرني ما أنتم؟ قال: عرب استنطبنا ونبط استعربنا. وقوله عرب استنبطنا، ونبط استعربنا، معناه أنهم عرب ونبط خالط بعضنا بعضاً وجاوره، فأخذ كل فريق منا من خلائق صاحبه وسيرته" ويقال ان النَّبَطُ والنَّبِيطُ: جيلٌ مَعْرُوف كانوا يَنْزِلونه بالبَطائِح بَيْن العِرَاقين. وحديث ابن عباس وهو ابن عم النبي محمد والامام علي: "نحْن مَعاشِرَ قريشٍ من النَّبط مِن أهل كُوثَى" قيل: لأنّ إبراهيم الخليل عليه السلام وُلِدَ بها، وكان النَّبَط سُكَّانَها. ويوصي بهم الامام علي فيقول: أوصيكم بالأنباط خير فأن لنا بهم رحم ماسة. وكوثي هي الكوفة الكبرى.

وكان لمسيحيي العراق دور كبير في نشر ونقل العلم لنأخذ مثلا مدرسة جنديسابور في جنوب الامبراطورية الفارسية في منطقة سوسة التي كان يديرها العلماء السريان وكان قسم منهم من القساوسة ألسريان، ولا أحد ينكر دور اللغة السريانية في ترجمة موروث الحضارات العراقية القديمة مثل الاشورية والسريانية وكذلك اليونانية الى العربية.

 

- تيريزا ايشو: هل يمكن لسيادتكم ان تحدثونا باختصار عن مدرسة جنديسابور التي اشرت اليها في حديثك؟

الدكتور الجوادي: نعم ان مدرسة جُنْدَيْسَابُور' هي مدرسة قديمة للطب والحكمة في بلاد فارس المجاورة للعراق، أنشئت قبل الإسلام زمن حكم سابور بن أردشير واستمرت حتى العصر العباسي. بعد وفاة سابور الأول بما يقرب من اثنين وأربعين عاماً وكانت المدينة قد أصابها الخراب فجدد بناءها سابور الثاني او سابور ذو الأكتاف وأراد هذا الحاكم أن تكون جنديسابور مركزا للنشاط العقلي فاعتنى بجمع كتب الفلسفة اليونانية وأمر بترجمتها إلى الفارسية، واستقدم للمدينة من ذاعت شهرته من العلماء والحكماء، واستدعى عدداً كبيراً ممن نبغوا في الطب وكانت لهم مؤلفات طبية، وكان منهم الطبيب الشهير تيودورس. وموقع المدرسة في مدينة سوسة وهي قريبة من جنوب العراق. وفى سنة 489 م، أغلق الإمبراطور زينون مدرسة الرها -في شمال بلاد ما بين النهرين- لاعتناق أساتذتها المذهب النسطوري، المخالف لمذهب الإمبراطور البيزنطي، وقد فر عدد كبير من هؤلاء الأساتذة إلى جنديسابور، فرحب بهم أكاسرة بني ساسان، ووفروا لهم الحياة الكريمة، فاتخذها النسطوريون وطنا لهم وأنشأوا بها مستشفاً كبيراً، ورتبوا بها المحاضرات والدروس لتعليم الطب. وكانت اللغة السريانية هي لغة الدراسة في الطب والعلوم الطبيعية في مدرسة جنديسابور، ثم اتسعت دائرة العلم بها في عهد خسرو الأول (531-579 م) الذي كان شديد الإعجاب بالثقافة الإغريقية ورغب في أن يجلب علم الإغريق إلى مملكته، لذلك رحب بالفلاسفة الذين طردوا حين أغلق جستنيان مدارس أثينا، فترجموا كتب المنطق والطب إلى الفارسية. أن العلوم اليونانية والسريانية والهندية والفارسية كانت جميعها تدرس في مدرسة جنديسابور. وقد اتصل العرب بأكاديمية جنديسابور قبل الإسلام، وأتيحت الفرصة لبعض الطلاب أن يواصلوا دراستهم هناك، ولعل أشهرهم الحارث بن كلدة الثقفي، كان من الطائف، وسافر إلى اليمن وفارس، وتعلم الطب في جنديسابور. وكانت مدرسة جنديسابور أحد الروافد التي تلقى منها العرب العلوم اليونانية والسريانية، وكان أطباؤها -بصفة خاصة- يعتزون بعلمهم وبشخصيتهم العلمية المتميزة.مع وجود التحديات للمكون المسيحي ما هو في رأيكم منهج العمل؟

 

- تريزا ايشو: ولكن يبقى هذا ليس مبررا، لعدم اتحاد الاطراف المسيحية فالمكون المسيحي محدود العدد والامكانيات ويتعرض لمشاكل حقيقية قد تؤدي الى زعزعة كيانه التاريخي في العراق، لذا ينبغي ان تكون عند ممثلي ومسؤولي هذا المكون رؤية ستراتيجية وتكتيكية واضحة لابناء المكون ولعموم العراقيين.

تيريزا ايشو: ما هو رأيكم بمنهج العمل الذي ينبغي اتخاذه، امام التحديات الخطيرة التي تواجه المكون المسيحي؟

 

-الدكتور علاء الجوادي: المكون ألمسيحي-الكلداني السرياني الاشوري مكون صغير ومستهدف. وفي نفس الوقت هناك العشرات من ألاحزاب التي تمثله، وهي غير متفقة مع بعضها وليس لها مطاليب موحدة، ولا تعمل بأتحاد في البرلمان ككتلة.

- تريزا ايشو ترد فتقول: أن هذه هي ليست فقط مشكلتنا وأنما هي مشكلة كافة الاحزاب السياسية العراقية، فهي متشظية وليست متحدة حول اهداف وطنية يتفق عليها الجميع او ابناء كل مكون للوصول لتحقيق الحاضر والمستقبل المشرق للعراق ومكوناته كافة. فمثلا لا الاحزاب الشيعية متحدة، ولا الاحزاب السنية، ولا حتى الاحزاب الكردية متفقة. فكافة هذه الاحزاب تتضارب مصالحها مع بعضها. ومع ذلك فمن الايجابيات ان أحزاب المكون المسيحي لا تختلف على بعض الاهداف العامة التي تطالب بها لتحقيقها، وهي الاقرار والاعتراف بالمسيحيين كشريك ومكون اساسي أصيل في الوطن، وعدم قتلهم وابادتهم، وتهجيرهم، وسلب دورهم واراضيهم. وقتل قساوستنا ورجال ديننا، وأغتصاب نسائنا وسلب أموالنا، وتهميشنا في الحكومة وأدارة الدولة.

 

- الدكتور الجوادي: هذا جيد جدا واضيف ان ألانسان المسيحي أنسان متحضر مسالم منظم، ولكنه يدفع ثمن ذلك، يعتدى عليه ويهمش داخل وطنه. فالعراق الغني بكل شئ، حتى بأديانه التي كان يعج بها كاليهود، الصابئة المندائيين، المسيحيين، ألايزيديين وغيرها. تم الغاء الوجود اليهودي من العراق بمؤامرة معقدة ساهم به الاستعمار البريطاني والحركة الصهيونية والنظام الحاكم يومها في العراق وقد اقتنع بعض اليهود بالدعايات الصهيونية بارض الميعاد في فلسطين -الوطن القومي لليهود حسب الصهاينة- وهاجر القسم الاكبر بتأثير من الخوف. وساعد الصهاينة في هذه النقطة مسلمون جهلاء متطرفون ووفرت الحكومة قوانين تسهل وتدفع اليهود لترك وطن استوطنوه قبل اكثر من الفين وخمسمائة سنة ليذهبوا للمجهول!!! والنتيجة هي طرد 120 الف من اليهود بصورة او اخرى. بعد ان تم في احداث الفرهود المعروفة سرقتهم، والاعتداء عليهم وأغتصاب بناتهم. واخشى اننا سنخسر الى الابد الصابئة المندائيين والايزيديين والمسيحيين من العراق، أذا أستمرت الامور على ماهي عليه الان.

ما زالت العدوانية تسري في دماء البعض فمثلا حتى اليوم يعلق معارضون للحكومة في ساحة التحرير المشانق من دون تحديد من سيشنق عليها. فهل هذا هو حال الديمقراطية؟! وهذا ما شهدته احدى مظاهرات سنة 2016 واخذ يهدد احدهم بالقضاء على الفساد مازالت الحبال موجودة. وذكرني هذا الصوت النشاز بهتافات بعيد ثورة تموز الخالدة "ماكو مؤامرة اتصير والحبال موجودة"!!!

وعن عمق وتشابك العلاقات في العراق، ذكر السفير على سبيل المثال أربعة من بطاركة سلوقيا وطاق كسرى كانت وصيتهم أن يدفنوا في النجف مما يكشف الصلات العميقة في تاريخ ابناء المنطقة فالنجف بناءً على هذه الروايات التاريخية كانت مقدسة عند أولئك البطاركة رحمهم الله، وممكن قراءة ذلك في مؤلفات أسحاق بن متي في كتابه المعروف "كرسي بطاركة ألمشرق". ومن يذهب الى النجف اليوم سيرى تلة منحدراتها بأتجاه بحر النجف، وتسمى الطارات، وفيها محاريب عبادة محفورة على التلال الطينة وتسمى القلايات ومفردها قلاية. وهناك مئات القلايات ألتي كانت صوامع للرهبان، ذلك ان تلك الاراضي كانت تعتبر ارض مقدسة. وأسم النجف القديم السرياني أربا نقيا، اي الاربعين نعجة ذلك لان ابونا ابراهيم الخليل اشتراها من اهلها بـ 40 نعجة. وهكذا يفسر علميا مصدر اسم اربيل بطريقتين وهي اولا:اربا ايلو اي الألهة الاربعة، وثانيا: قرب الله بقلب القاف الى الألف فتكون أربا أيلو اي القريبة من الأله،  وهكذا كربلاء المكونة من كرّب ايلو والقاف تلفظ كافا في بعض اللغات السامية فتكون قرب أيلو اي القريبة من الأله. لان الكاف مشتقة او محورة من القاف.

 

- تيريزا ايشو: ما هي في تصوركم اسباب اضطهاد الاقليات الدينية في العراق؟

 

- الدكتور الجوادي: اود ان اثبت ان الاقليات الدينية عاشت متحابة ومتأخية في العراق بمعظم تاريخها ولكن حصلت في فترات رجّات وهزّات في العراق ادت الى اختلال النظام فيه او وصول قوى غاشمة ودكتاتورية حصلت فيها اضطهادات لعموم المجتمع وبعض الاحيان خص الحاكم ظلمه بطائفة او مجموعة معينة مثلا كان المتوكل العباسي من اشد المضطهدين للمخالفين لعقيدته الدينية من مسلمين مثل الشيعة ومن غير المسلمين مثل المسيحيين واليهود، وهو من الاباء الروحيين والفكريين للتنظيمات الارهابية مثل داعش. أما الخط العام في العراق هو التعايش السلمي الانساني بين مكوناته المتعددة والمتنوعة. وحول ما نراه من اضطهاد وعدم قبول الاخر، فهناك عدة اسباب قد يكون منها:

1- دول لا تريد الاستقرار للعراق

أن من يقف وراء حملة التهجير المبرمجة من مختلف مناطق العراق، لا يريد الديمقراطية وألتعايش السلمي للعراق، هم أعداء يقبعون في دول مجاورة للعراق او دول اخرى في العالم، وهم الذين يحوكون المؤامرات عليه، لان استقرار نظام ديمقراطي فدرالي انساني في العراق يجعلهم خائفين على عروشهم من مطالبات شعوبهم بنظام ديمقراطي انساني فدرالي مثل العراق، فيما اذا لو نجحت تجربة العراق، لذلك فقد سعت معظم الدول في المنطقة لاسقاط النظام العراقي الجديد. ولو نقوم ببحث علمي سياسي ونجمع العوامل، سنرى أنه صراع أقليمي دولي. فالبعض لا يريد أن يكون العراق ديمقراطي فدرالي تعددي مسالم يعيش به الكل ويحكمونه، وينعمون وبأكلون فيه سوية من هذه المائدة العراقية الكريمة المعطاء. اقامة وترسيخ الحياة الكريمة في العراق سيؤدي الى ان تتفكك انظمة وكيانات وسينتشر سلميا نظاما جديدا في الشرق الاوسط.

ولكن هذه الاطراف الخارجية ما كان لها ان تكون قادرة على تحقيق مساعيها التخريبية، لو لم يوجد من يتعاون معها في داخل العراق. التدخل الخارجي فتنة يعتمد عليها اعداؤنا من خلال التأليب البعض على البعض الاخر. وأذا سمحنا له بذلك نحن العراقيين انفسنا فانه سينجح في فتنته. فمثلاً ليس هناك خلاف عقائدي كبير بين السنة والشيعة. ولكن البعض نجح وما زال يسعى في دفع الشقيقين الى ان يقاتل بعضهم البعض بتأليب من عوامل خارجية.

2- موقف تاريخي من مسيحي العراق

هناك موقف متحسس من الاشوريين والكلدانيين العراقيين في اذهان البعض وذلك لان الشعبين العراقيين الساميين في التاريخ القديم كان لهما الدور في هدم دولة اسرائيل القديمة على يد الاشوريين واستجلاب الالاف من بني اسرائيل لشمال العراق وبالذات في منطقة حدياب اولا-حدياب كانت مملكة قديمة شمال بلاد الرافدين كانت عاصمتها في مدينة أربائيلو والتي هي أربيل حاليا-، ثم القضاء على دولة يهوذا واسر الالاف كذلك من اليهود وجلبهم لبابل، وهذا الاحساس قد يولد عقدة تاريخية عند البعض ضد بقايا مكوني الامبراطوريتين العراقيتين الكلداني والأشوري. جاء في متبنيات الفكر العدواني على العراقيين القول: ...إِسْرَائِيلُ غَنَمٌ مُتَبَدِّدَةٌ. قَدْ طَرَدَتْهُ السِّبَاعُ. أَوَّلاً أَكَلَهُ مَلِكُ أَشُّورَ، ثُمَّ هذَا الأَخِيرُ، نَبُوخَذْرَاصَّرُ مَلِكُ بَابِلَ هَرَسَ عِظَامَهُ... لِذلِكَ هكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ إِلهُ إِسْرَائِيلَ: هأَنَذَا أُعَاقِبُ مَلِكَ بَابِلَ وَأَرْضَهُ كَمَا عَاقَبْتُ مَلِكَ أَشُّورَ... اُدْعُوا إِلَى بَابِلَ أَصْحَابَ الْقِسِيِّ. لِيَنْزِلْ عَلَيْهَا كُلُّ مَنْ يَنْزِعُ فِي الْقَوْسِ حَوَالَيْهَا. لاَ يَكُنْ نَاجٍ... لِذلِكَ يَسْقُطُ شُبَّانُهَا فِي الشَّوَارِعِ، وَكُلُّ رِجَالِ حَرْبِهَا يَهْلِكُونَ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ... هكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ: إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَنِي يَهُوذَا مَعًا مَظْلُومُونَ، وَكُلُّ الَّذِينَ سَبَوْهُمْ أَمْسَكُوهُمْ. أَبَوْا أَنْ يُطْلِقُوهُمْ... وَلِيُّهُمْ قَوِيٌّ، رَبُّ الْجُنُودِ اسْمُهُ. يُقِيمُ دَعْوَاهُمْ لِكَيْ يُرِيحَ الأَرْضَ وَيُزْعِجَ سُكَّانَ بَابِلَ... سَيْفٌ عَلَى الْكَلْدَانِيِّينَ، يَقُولُ الرَّبُّ، وَعَلَى سُكَّانِ بَابِلَ، وَعَلَى رُؤَسَائِهَا، وَعَلَى حُكَمَائِهَا.

هذا كلام منسوب للنبي ارمياء عليه السلام ولو صح فان له تفسيرا ايجابيا بعيدا عن الرؤية الصهيونية العدوانية، فارميا تحدث كذلك عن دمار بني اسرائيل ومعابدهم، لكنه عند البعض يفسر بما يؤدي الى العداء المستحكم لابناء وذراري اشور وبابل... ولكن لنسأل هل ان هذا الكلام نزل للواقع عبر تنظيمات ارهابية على رأسها داعش التي تسعى لتدمير البقية المتبقية من حضارت العراق العريقة؟؟؟ للاسف الجواب: نعم!!!

ان هناك ثمة حساسية من ظهور عراق قوي في العالم على اساس احتمالية قيام العراق مرة اخرى بتكرار ما حدث في الماضي مرة ثالثة!!!

3- التفسير الخاطئ للقران والاحاديث النبوية

وحينما يتم الاستشهاد بالايات القرأنية من قبل البعض، التي ماعادت تناسب عصرنا، وأبراز الفروقات، فيقوم أعداء الوطن بأستغلال هؤلاء المسلمين الجهلة لتنفيذ مؤامراتهم وجرائمهم. فتتعمق الفكرة في رؤوسهم، من أن ألاشوريين الكلدان السريان أعداءهم، وتستغل بعض الدول هؤلاء الجهلاء المتعصبين على حافة المجتمع لتحريضهم على الاخر والاستيلاء على ممتلكاتهم بل ازهاق ارواحهم ووصلت عند داعش الى انتهاك اعراض الايزيديات وبيعهن كسبايا بعدما مارسوا بالاكراه جهاد النكاح مع عراقيات من نفس مذهبهم.

4- اضطهاد الحكومات الدكتاتورية للاسلاميين المعتدلين

احد اهم الاسباب التي ادت الى تولد نزعة التكفير عند الحركات الاسلامية السنية هو الحكومات الدكتاتورية فقد خرج من السجون المصرية في الفترة الناصرية وغيرها من السجون مجاميع من البشر او اشلاء البشر ممن عذبوا تعذيبا رهيبا ادى بهم الى التطرف واعتبار الجميع -عدا افرادهم- كفارا ومهدوري الدماء، وقد تعكزوا على فكر ابن تيمية وابن عبد الوهاب في تكفير الاخرين.

 

- تيريزا ايشو: انت تتعاطف مع غير المسلمين ما خلفية ذلك؟

 

- فوضح الدكتور الجوادي: أن طفولتي كانت في منطقة قنبرعلي. وكان يعيش فيها الكل متألفين، ألمسيحي والصابئي والمندائي، والتركماني، والعربي والازيدي. كما ان تربيتي العائلية كانت باتجاه محبة الاخرين، وامي مع كونها امرأة مسلمة شيعية الا انها تنذر للسيدة العذراء وتوقد شموعا في الكنيسة وتعشق السيدة العذراء وابنها السيد المسيح عليهما السلام، وعندها الكثير من الصديقات المسيحيات، وكانت تحدثنا كذلك عن صديقاتها اليهوديات، قبل ترك اليهود للعراق وتذكر نظافتهن وعفتهن وجمالهن، كما كانت لها صديقات صابئيات، كما انها كانت تحب كثيرا الشيخ عبد القادر الكيلاني الفقيه المتصوف السني وكانت كثيرة الزيارة لضريحه المبارك، كما كانت تعتقد كثيرا بالسيد احمد الرفاعي المتصوف السني كذلك.

وابي كان متسامحا مع كل الناس وله اصدقاء من كل الطوائف والمذاهب والقوميات والاديان وكان يؤكد دائما على انسانية الانسان ويردد دائما: ان اكرمكم عند الله اتقاكم" ويفسر اتقاكم من يكون صادقا مع الله ومحسنا مع الناس ويكف عن الناس شره...

كما اني بنيت منظومتي العقائدية بدراسة وقراءة الالاف من الكتب حول الانسان والمجتمع والقيم الاخلاقية والاديان وقرأت عشرات المرات الكتب المقدسة للاديان السماوية الابراهيمية وغيرها من الاديان فتوصلت عن قناعة الى احترام الجميع كما منحني الله قابلية البحث عن المشتركات بيني وبين الاخرين...

وانا اتعاطف مع مظلومية كل مظلوم وقد قضينا شطرا من عمرنا ونضالنا في الدفاع عن اشقائنا من ابناء الشعب الكردي المناضل في مظلوميتهم وما حل بهم من محاولات تعريب دموية غادرة وكذلك دافعنا وندافع عن اشقائنا التركمان الذين تعرضوا كذلك لحملات ابادة وتهجير وتعريب منظمة وما زلنا ندافع عنهم في حربهم ضد الارهاب وفي محاولات الغائهم القومي والاجتماعي وكنا وما زلنا ندافع عن كل الاقليات الدينية المظلومة في العراق والتي لا تمتلك القوة في الاحتفاظ بكيانها مما يجعل مسؤوليتنا تجاههم مضاعفة.

الانسان هو انسان قبل ان يكون اي شيء اخر وتأتـي الانتماءات الاخرى في مرحلة ثانية فمن حق كل مكون او انتماء ان يعتز بانتمائه ويحافظ على مكتسبات جماعته بشرط عدم الاعتداء على الاخرين فهذا هو الخط الاحمر، فاذا كنا ندافع لعقود عن حقوق المضطهدين من ابناء العراق الشيعة، فيجب ان نكون في مشروع دفاع جاد ومتحرك للدفاع عن سنة العراق لو نالهم اي مكروه على يد مكون اخر او عدوان مصدّر للعراق من الخارج.

 

- تيريزا ايشو: ما هو موقف الاسلاميين من المسيحيين والمسيحية؟

 

- الدكتور الجوادي: الاسلام يحترم اهل الكتاب والمسيحيين احد اهم فصائل اهل الكتاب والمسيحية دين سماوي كريم في التصور الاسلامي وفي القرأن دعوة صريحة للتعايش السلمي مع المسيحيين ونصوص الفقه الاسلامي ونصوص القران والحديث النبوي الشريف واحاديث ائمة اهل البيت الكثير من النصوص التي ترفض ظلم المسيحيين او اليهود او ابناء الديانات السماوية الاخرى بل عموم الانسان. ولكن هناك تصورات لا تمت الى الاسلام الحقيقي بصلة ولم تتمكن من فهم المبادئ الاسلامية او انها تستغل ظروف الفوضى العارمة التي تعصف بالبلاد فتقدم اطروحات عدوانية على غير المسلمين وتنسبها للاسلام والاسلام بريء منها لانه دين الرحمة والمحبة. لذا انا ادعو المنتمين للتيارات الدينية ألاسلامية بمراجعة تصوراتها في التعامل مع الاخر وبجرأة وشجاعة وان تقوم بحركة نقد ذاتي لعموم مواقفها واقصد بالاسلامية شقيها ألشيعية وألسنية، ليبلوروا منهجاً أنسانياً في التعامل مع ألمسيحيين والاديان الاخرى بل في التعامل الداخلي فيما بينهم.

فمثلاً الامام علي بن أبي طالب كان يدعو دائما للتعامل بالحسنى مع الناس وبالذات اهل الكتاب فالناس عنده نظير لك في الخلقة او اخ لك في الدين. ولكن ما تقوم به بعض التيارات الاسلامية هو البحث عن مساحات الاختلافات وأيجاد الفوارق وتأويلها لصالح العنف والعدوان، ولاعطاء مبررات لقتل المسيحي وغيرهم.

ولكن جهل بعض المتحدثين باسم الاسلام وألمسلمين وعدم أمكانية بعض اطراف الحركة الاسلامية أن تقدم رؤية أنسانية لآستيعاب ألاخر في العراق والعالم.

 

- تضيف تيريزا ايشو:  فمثلاُ موقف الاستاذ د. علاء الجوادي من أنه مدافع عن اليهود المظلومين في كل انحاء العالم وبشكل خاص اليهود العراقيين ولكنه ضد الصهيونية كحركة استعمارية استيطانية تطرد الاخرين من بلادهم وهو يتعاطف مع اليهود الذين اضطهدتهم النازية لكنه يرفض الصهاينة الذين احتلوا ارضا عربية ليطردوا سكانها من مسلمين ومسيحيين.

تقول تيريزا ايشو: ويعتقد المفكر السيد الجوادي، من اجل توسيع دائرة المؤمنين الموحدين، ان الله اعطى لكافة البشر شريعة ابتداءً من ادم ونوح ابوي البشرية جمعاء ثم انزل اديانا للناس لتنظيم حياتهم وهدايتهم ولهم انبياء وهؤلاء الانبياء حتى اذا لم يذكرهم التوراة والانجيل والقرأن فانهم أنبياء لشعوبهم. وهكذا للمجوسية، البوذية، والكنفوشية، وديانات اخرى لا نعرفها او لم نسمع بها وهناك انبياء للاوربيين، فسقراط اعتبره نبيا لروما، وأثينا اللتين كانتا مركز ألاشعاع الانساني، هذا ما قاله السيد الجوادي.

 

- ويضيف الجوادي: بل اميل بعض الاحيان للمقارنة بين لقمان المذكور بالقرأن وسقراط للتشابه الكبير في حياتيهما وفكرهما. فكيف لايبعث الله لهم بأنبياء وهو العادل مع جميع عبادة وما الداعي لن يترك من خلقهم من البشر من دون هداة ويركز فقط على منطقتنا العربية ويحصر النبوة ببني اسرائيل وببني اسماعيل انا لا اقتنع ان الله خلق سكان امريكا (الهنود الحمر) ولم يرسل لهم انبياء يهدونهم وكذلك للبشر في افريقيا او استراليا او سهول شمال اسيا ومن سكانها المغول وغيرها من اطراف الارض. انا افكر بنوع من التوسع في فهم رحمة الله لعباده وانها لهم جميعا وجاءهم الخطاب الرباني بلسانهم وعلى يد رجال صالحين منهم!!! وذلك ان ألانسانية هي محور الوجود والانسان كل الانسان هو خليفة الله في الارض. فهل من المعقول ان يكون الله منح الشرق الاوسط بين بلاد الشام والعراق والجزيرة العربية فقط أنبياء ولم يكن مع غيرهم عادلا فيعاملهم مثل ما عامل به انسان الشرق الاوسط!!! فسقراط وفيثاغورس والكثير من عباقرة روما واليونان هم بحق أنبياء ويمكن التعرف على ذلك من خلال فكرهم وممارساتهم واخلاقيتهم.

وفي اعتقادي ان الله عز وجل بعث انبياء لشعوب الدول الاوروبية وتحركوا في مجتمعاتهم كأنبياء ومفكرين وفلاسفة.

من طرف اخر ان هناك العديد من المدارس الانسانية التي ظهرت في اوربا وروادها مسيحيون وهي تنتقد استغلال الدين المسيحي في استعباد الانسان، وهناك أحزاب ديمقراطية تؤمن بالمبادئ الانسانية في الغرب المسيحي، وهناك اتجاهات مهمة بينهم تمدح الاسلام وتنتقد حتى الحروب ألصليبية.

ويتابع السيد الجوادي حول انبثاق فكر الحركة الاسلامية الحديثة فيقول: ففكر الحركة الاسلامية العالمية والعراقية المعاصر فكر تنبع نسبة منه من مرحلة ألصراع بين الدول الاوروبية المحتلة وهي مسيحية وكانوا يخوضون حربا دامية مع الدولتين الاسلاميتين العثمانية التركية والقاجارية الفارسية ومع المسلمين في الهند ومع بقية الدول الاسلامية. وقد اثر ذلك كثيرا على فكر الاسلاميين، فمثلاً حسن البنا أسس حركته الاخوان المسلمين في عام 1928 وكان ذلك في قمة ألصراع مع الدول الاوروبية ومصر تحت الاستعمار البريطاني والبعثات لتبشيرية تقوم بدور ساند للاستعمار وفي الجزائر قتل الاستعمار الفرنسي اكثر من مليون جزائري ثم حصلت مأساة فلسطين وظاهر المعادلة هو تحالف مسيحي يهودي ضد المسلمين. كل ذلك ادى الى تولد خزين من سوء الظن والاحقاد وهي ستجد الوقت المناسب للانفجار.

سبب اخر ادى الى ابتعاد بعض اوساط الحركة ألاسلامية المعاصرة او الحديثة عن العقلانية والتأني في اتخاذ المواقف وهو إنسياق البعض وراء الفوضى والعدوانية الفوضوية بتأثير من جهلاء الناس ورضخت القيادات لضغوطات المتطرفين وهنا لعبت المزايدات دورها فالكل يريد ان يثبت تمسكه الاكبر بالاسلام من خلال شعارات متطرفة وهنا اصبح وكأن الاكثر صراخا والاشد في طرح الشعارات الحادة هو الاكثر التزاما بالاسلام والدين، وساهمت هذه الاجواء في نشوء اجواء غير ناضجة ولم يساعد على ان تبلور بعض تلك الحركات فكراً أنسانياً. وتغلبت على الممارسات اليومية طبائعهم البدوية القاسية وكان من نتائجها اراء وممارسات حادة ضد غير المسلمين او ضد مسلمين لا يتقبلون مناهج متطرفة معينة.

واخذ البعض يسرق بيوت المسيحيين، وهذا يذكرنا بفرهود اليهود في الاربعينيات!! ولكن جميع ألكتب الدينية الاسلامية واقوال النبي والعلماء تحرم الصلاة في الاماكن المغتصبة، ومنها بيوت المسيحيين المغتصبة، ولا تحلل لهم استملاك اراضي وبيوت ناس اخرين غصبا.

ويوصي السيد الجوادي: بضرورة أن تكون احدى أهم ممارساتنا في نضالنا اليومي أيضاً هو ألكشف عن حقيقة ديننا التاريخية الرائعة الغنية الاصيلة في كل شئ ومنها رعاية وحماية غير المسلمين ضمن المجتمع الاسلامي.

 

- تقول تيريزا ايشو: وأظهر الدكتور علاء الجوادي محبة جمة للطائفة النسطورية ولتعاليم نسطورس التي أبيدت كما انه يَكِنّ لها كل الاحترام والوقار والمحبة. فالطائفة النسطورية حسب تصوراته طائفة عراقية اصيلة لكنها مظلومة بصفتها جزء من مظلومية المسيحيين كما انها مظلومة من قبل المسيحيين انفسهم وكانت ضحية للارساليات التبشيرية، ولانها الاضعف فهي ليس لها أعلام، ولا تملك نقوداً أخذ امتدادها التاريخي بالتقلص، وهم الاصلاء العراقيون.

 

- يقول الجوادي: وفلسفة نسطورس ويوحنا فم الذهب من الفلسفات التي اكِن لها عميق الاحترام. وكان ممكن ان يكون نسطورس هو البابا ولكن التأمر والمصالح ودور كنيسة الاسكندرية كل ذلك ادى الى حرم وطرد نسطوروس ويقال انه تم اغتياله لاحقا. ويذكر الجوادي: من أقوال القديس مار نسطورس (ان هدفي في الحياة هو، ان يُمجدوا جميع من على الأرض اسم الله كما هو في السماء، وأما بالنسبة لنسطورس فليكن محروماً)، ما اعظم هذه الكلمة وما اعظم نسطورس. ومع انه كتبت آلاف المقالات ومئات الكتب، عن القديس مار نسطورس، ولكنهم ومع كل الآسف لا يدركون أو يتجاهلون فهم تلك التعاليم الفكرية والأخلاقية السامية لهذا القديس الذي لم يخرج عن تعاليم الكتب المقدسة والآباء القديسين، فان كل من يدرس تعاليم وأقوال هذا القديس ويقارنها بتعاليم الكتب المقدسة وتفاسير الآباء، سيلاحظ عظمة فكره، هذا القديس مار نسطورس فُهمَ خطأً وان تعاليمه لم تكن مخالفة لتعاليم الكتب المقدسة لأنه إستمد تعاليمه من الآباء الرسل.

 

- تيريزا ايشو: لقد سمحت لنفسها المليشيات وعصابات السطو المسلح التابعة لها والاغوات المتنفذة المدعومة، بالاستحواذ على اي بيت وقصر جميل ان كان في المسبح او العرصات او على ابو نؤاس في بغداد، او في منطقة نهلة في كردستان، بدون ان نستطيع ايقافهم، لاننا عزل وهم يملكون السلاح والسلطة، التي يتم استغلالها.

 

- الدكتور الجوادي: حول المجاميع التي تستهدف وتسطو على بيوت وممتلكات واراضي المسيحيين والاقليات من قبل الكتل الكبيرة، اولا وقبل كل شيء ان ذلك لن يدوم طويلاً. وأنهم بذلك يحفرون قبورهم، حينما سيثور الشعب عليهم ويهدمون بأناملهم كل طابوقة وضعت باطلاً ليس في مكانها الصحيح. وهذا فساد وظلم. وثانيا ان هذه المواقف العدوانية لا يمكن تحميلها دائما على القيادات السياسية والاجتماعية للمكونات حيث اننا نسمع ونقرأ للقيادات العربية السنية والشيعية والقيادات الكردية كل الشجب والنقد لحالات الاعتداء على المسيحيين مما يدعونا الى التأكد عند اطلاق التصريحات لئلا نقع بالظلم الذي نشكو من افاته واضراره... ينبغي ان نكون دقيقين في حديثنا فهناك جرائم تقوم بها الحركات الارهابية التكفيرية وهناك انفلات من بعض القوى الاخرى يؤدي الى وقوع ظلم على المسيحيين وغيرهم، لكن الثانية مدانة من قبل القيادات الشاخصة في المجتمع اما اذا ثبت ضلوع القيادات بالدليل بالجرائم ضد المسيحيين فهذا امر لا يمكن السكوت علية وينبغي فضحة بالادلة وبالاساليب القانونية والحضارية وادانته على كل الاصعدة فلا يوجد شخص اكبر من ان يحاسب او يفضح اذا كان مجرما او مساهما ومشجعا على جريمة كائنا من كان...

 

واضيف: ولكن بسبب الاحتلال وموازين القوى في المنطقة وتهالك الكثير من البنى الحضارية في العراق وغياب القيم الرشيدة في اوساط واسعة من المجتمع ظهرت مشكلة عراق اليوم من خلال وجود مجاميع ذات هويات قومية ومذهبية ودينية مسلحة وتتعامل مع الاخر بقوة السلاح، وتفرض وجودها السياسي بالقوة والتهديد وتبني مملكتها المالية بواسطة ابتزاز الاخرين ولا تمارس هذه القوى عدوانيتها ضد المسيحيين خاصة بل حتى مع المكون الذي تنتمي اليه!!! وللاسف يتم كل ذلك ضمن نظام يؤكد على هويته الانسانية والمدنية والديمقراطية والفدرالية!!! لنكن صريحين أذ ان ألشيعة مسلحون، السنة مسلحون، الاكراد مسلحون، وألدواعش مسلحون. ولكن هناك سنة وشيعة واكراد غير مسلحين لذا فان اي قرار لهم سيلغى لصالح المسلحين ممن يشتركون معهم بالهوية، وهو ما عبرت عنه الحكومة بالسلاح غير المنضبط وطالبت بحصر السلاح بالحكومة ووصف بعض السياسيين هذه المجاميع بوصف المليشيات الوقحة الخ من الاوصاف!! ومن هنا تبدأ المشكلة لتنتقل بعد ذلك اتوماتيكيا الى الاقليات وهم غير مسلحين وبضمنهم  المسيحيين من الكلدان ألسريان الاشوريين.

 

- تريزا مقاطعة: ولذلك أستطاع الجميع تنفيذ اضطهادهم علينا، وليس لنا خيار الا ان نقاتل مع الحشد الشعبي او مع البيشمركة للدفاع عن انفسنا.

 

- ويستمر الجوادي بالحديث فيقول: من المعيب ان يُظلم الانسان لانه ضعيف، يروي عبد الله بن عباس عن نبينا محمد صلى الله عليه واله وسلم قوله:  كيف تقدس أمة لا يؤخذ لضعيفها من قويها؟ وَالْمُرَادُ بالحديث: أَنَّهَا لا تُطَهَّرُ أُمَّةٌ مِن الذُّنُوبِ لا يُنْتَصَفُ لِضَعِيفِهَا مِنْ قَوِيِّهَا فِيمَا يَلْزَمُ مِن الْحَقِّ لَهُ؛ فَإِنَّهُ يَجِبُ نَصْرُ الضَّعِيفِ حَتَّى يَأْخُذَ حَقَّهُ مِن الْقَوِيّ "وهنا ليس فرق بين مسلم ومسيحي او يهودي او صابئي الضعيف هو الضعيف واذا لا يخذ له حقة فالامة لا تقدس اي لا تطهر وتبقى ملوثة باثامها.

 

- وتتداخل السيدة تريزا فتقول: بسبب تسلط القوي على الضعيف، لذا نشاهد الكثير من امثلة ظلم الضعيف مثلا: الشيعي مضغوط في الموصل لان السنة هم الاكثرية. وألسني مضغوط في بغداد او البصرة لان الشيعة أصبحوا هم الاكثرية. والمسيحيين والشبك والايزيديين والمندائيين والتركمان مضغوطين لانهم هم الاقلية وعزل ووقعوا تحت يد داعش الارهابي وغيرهم من الاقوياء!!!

 

- الجوادي يواصل: سيدتي اقولها بكل صراحة ما زال هناك انسان مظلوم لاي سبب من الاسباب ولا يؤخذ حقه من ظالمة فالامة بمجموعها مسؤولة عن الظلم ألم يثر ويغضب علي بن ابي طالب عندما هجم جيش ارهابي من الشام من اسلاف الدواعش التاريخيين، على عراقيات مسلمات ومسيحيات في الانبار واعتدوا عليهن؟ وفي خطبة له عليه السلام وقد قالها يستنهض بها الناس حين ورد خبر غزو الأنبار بجيش معاوية فلم ينهضوا، فيقول: وَلَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ الرَّجُلَ مِنْهُمْ كَانَ يَدْخُلُ عَلَى الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ وَالْأُخْرَى الْمُعَاهِدَةِ فَيَنْتَزِعُ حِجْلَهَا وَقُلُبَهَا وَقَلَائِدَهَا وَرُعُثَهَا مَا تَمْتَنِعُ مِنْهُ إِلَّا بِالِاسْتِرْجَاعِ وَالِاسْتِرْحَامِ ثُمَّ انْصَرَفُوا وَافِرِينَ مَا نَالَ رَجُلًا مِنْهُمْ كَلْمٌ وَلَا أُرِيقَ لَهُمْ دَمٌ فَلَوْ أَنَّ امْرَأً مُسْلِماً مَاتَ مِنْ بَعْدِ هَذَا أَسَفاً مَا كَانَ بِهِ مَلُوماً بَلْ كَانَ بِهِ عِنْدِي جَدِيراً. بموجب كلام علي بن ابي طالب ان عدم الدفاع عن المظلوم وبضمنهم المسيحيين جريمة كبرى لا يمكن السكوت عنها من قبل المجتمع والدولة والحكومة.

وينبغي الا ننسى ان الكثير من روحية الاجرام قد تفشت في مجتمعنا بعد حكم الدكتاتورية البعثية لعقود من الزمان فهي من مخلفات 40 عاماً من تربية حزب البعث ألعدواني.

واما ما تقوم به بعض الاحزاب التسلطية وان تظاهرت بالاسلامية بادعاء انها تقوم بتطبيق الشريعة الاسلامية وأسلمة المجتمع فان عملها هذا يجانب الحقيقة فالاسلام دين رحمة ونظام وقوانين، ولماذ لا يبرز هؤلاء المتأسلمون الجانب الايجابي الاسلامي. فهم لايأخذون الجانب الجيد فيها وهو أن يعطوا للفقراء ويهتموا بالضعفاء، ولكن فقط يطبقون أجزاءً من الشريعة في غير محلها وعلى يد اشخاص ليسوا اصلا يصلحون للحكم والقضاء فيقتلون مثلا نساء بتهمة الزانية، يذبحون وينهبون.

المجتمع العراقي يحتاج الى ان تكتمل عنده دورة النمو الحضاري لمرحلة بعد الدكتاتورية الصدامية، لا سيما وقد مر بمراحل تأزم وحروب وحصار عبر 40 سنة لحكم نظام دكتاتوري بعثي، نظام يختزل الاغلبية العراقية بشخص دكتاتور واحد... ثم انتقل المجتمع الى ديمقراطية غير واضحة المعالم تفشت بها المحاصصة والفساد والطائفية والانفلات. وما زال تأثير البعث الشوفيني يتحرك تحت السطح فالكثير من المتنفذين في الحكم من اصول بعثية لكنهم ركبوا الموجة الجديدة وتصدروا المشهد السياسي وتمركزوا بالاماكن المؤثرة. فبدل من وضع اليد على الفساد الحقيقي ومعاقبة المفسدين نراهم يطرحوا محاور غير حقيقية وتنسجم كثيرا مع منطلقات البعثيين في قمعها للمعارضة الوطنية.

 

- تريزا: هل من تصورات عملية للحفاظ على المسيحيين؟

 

أولا أنا أقر بتهميش المسيحيين والاقليات، وأضطهادهم. واعتقد ان قوانيننا التي سنها البرلمان العراقي بعد سنة 2003 حتى الان لم تصل لمستو الطموح الذي كنا نبشر به ونريد ان نراه واقعا ملموسا في مجتمع ديمقراطي ايام نضالنا في ايام المعارضة...

وأُثبّت كذلك انه برزت امامنا بعد سنة 2003 الكثير من الممارسات البعيدة عن قيم الانسانية والوطنية والاسلام والعروبة، بسبب الجهل او مصالح الاطراف السياسية المادية والشخصية والدعم من قوى الاعداء. وانا ادعو معكم من هذا المنبر للحفاظ على جزءٍ غالٍ من مكونات العراق الاصيلة واقول بألغائهم يصبح العراق الذي عرفناه من الماضي. ونحن لسنا بأختيارنا أصبحنا عراقيين، وانما بالولادة والفطرة جئنا الى العراق فوجدنا مجتمعا مزيجا من كل المكونات وتعايشنا بعضنا مع البعض كاخوة ومواطنين وجيران هذه صورة العراق الذي نعرفه واي تغير سيشوه صورة العراق الاصيلة.

 

-تريزا متساءلة: وماذا اذا رفعنا مظلوميتنا الى العالم؟

 

- يجيبها الدكتور الجوادي: ان من يُضطهد له الحق في ان يدافع عن نفسه وبكل الوسائل المشروعة ومن حقه ان يوصل صوته لكل العالم ويتبع اساليب الحكمة والتدرج ويسلك السبل القانونية في عمله. ويجب ان اقول ان البعض يرفع عصا الارهاب امام المظلومين عندما ينقلوا معاناتهم لمجالات دولية، فيجلدوهم بانهم يلجؤون للعامل الدولي! الانسانية تقول لهؤلاء يجب ان لا نتعكز على هذه الحجة. وكلنا عندما كنا في المعارضة هربنا حينها من وطننا بسبب احكام الاعدام الجائرة التي اصدرها صدم بحقنا، وهربنا حقناً لدماءنا، ورفعنا اصواتنا بمظلوميتنا، ولكن كان كل ذلك مع الحفاظ على انتماءاتنا وقناعاتنا الوطنية. ولانه من الخطر بمكان ان يتحول المظلوم الى جزءٍ من مفردات ألصراع ألسياسي الدولي والاقليمي على العراق.

ايدت تريزا الدكتور الجوادي فقالت: ورغم أنهم يعتدون علينا وعلى اعراضنا وبيوتنا فعلينا ان نبقى على عراقيتنا وندافع عن أنفسنا ونطالب بحقوقنا ونحن ابناء العراق الذين لا يتخلون عنه ابدا.

 

- تيريزا ايشو: هل تحدثونا سيادتكم عن الصراع السني-الشيعي واثره على المسيحيين؟

 

- الدكتور الجوادي: وحول صراع التيارين الاسلاميين الكبيرين في العراق والعالم، السني والشيعي، اقول: انه أصبحت التيارات الشيعية والسنية متداخلة كثيراً في مواقفها اليوم. صحيح هناك حركات سنية أرهابية تكفر المسيحيين، وحركات شيعية وسنية غير منضبطة أخلاقياً قد تعتدي على المسيحيين ولكنها لا تكفر المسيحي.

إما ما يتعلق بالشيعة في اماكن سكنى المسيحيين فانهم لا يؤمنون بالغاء المسيحيين بل ان مشلكة الطرف الشيعي هي انه توجد مجاميع وعناصر ليس لهم تنظيم وتوجيه منضبط بل هم عصابات من الحرامية تسرق وتخرب كلما تصل له ايديهم لا فرق عندهم بين مسيحي او مسلم شيعي فهم لصوص ومسلحون والمسيحيون ضعفاء ولا يستطيعون الدفاع عن انفسهم فيسقطون لقمة سائغة بأيديهم وتمضغها اسنانهم الملطخة بالدماء ولتتحول الى سحت ونار وسموم في اجوافهم. والشيعة كجماهير وكقيادات وكمرجعية لا يفكرون بالغاء هوية المسيحيين او اليزيديين او الصابئة بل يدافعون عن هذه المجاميع وفتاوى المرجعيات وعلى رأسها المرجعية العليا ممثلة بالسيد السيستاني تحرم بشكل قاطع اي مساس بابناء الاديان الاخرى وتدعو للدفاع عنهم، لذلك اصبح من الواجب علينا تحديد البوصلة فهناك فرق جوهري بين مجاميع لصوص منفلتة وبين مجاميع تكفير والغاء هوية منظمة.

الشيعة والسنة العاديين لا يكفرون اخوانهم المسيحيين فسنة المدن المتحضرة مثل بغداد والبصرة والموصل وغيرها ليست لهم مشكلة مع المسيحيين بل تعايشوا معهم وعلى الاغلب ان من اضطهد المسيحيين هم تكفيريون وافدون للعراق باجندات تكفيرية للمسلمين من سنة وشيعة ومن الطبيعي ان تكفيرهم سيشمل المسيحيين، اضافة للمخربين الوافدين هناك من التحق بهم من العراقيين الطائفيين التكفيريين. ومع هؤلاء التكفيريين العراقيين ينبغي ان تبذل المؤسسات الدينية كل جهدها في اثبات انحراف تفكيرهم وعقيدتهم عن الاسلام المحمدي الاصيل.

والمشكلة الاكبر التي تعانيها الاقليات الدينية هي طردهم من اراضيهم ومناطقهم والغاء هويتهم التي حافظوا عليها في مدنهم وقراهم منذ الاف او مئات السنين، لذا ينبغي لنا جميعا ان نحافظ على الهوية المتميزة  للصابئي والازيدي، وألشبكي والاشوري والكلداني والسرياني والتركماني، كما نحافظ وندافع عن هوية الكردي والعربي. العراق بلد متنوع القوميات والمذاهب والاديان وكل محاولة لفرض دين او مذهب او قومية على الاخر ستبوء بالفشل اولا وستدمر العراق ثانيا. لقد عانى العراق كثيرا من محاولات الشوفينيين العرب في تعريب الاكراد والتركمان وفشلوا فشلا ذريعا ولكن كان الثمن خسارتنا للملاين من الدماء العراقية في حروب مجنونة مدمرة وزرع ارضية لعدم الثقة بين المكونات. فلا يحق للاقوى الغاء الاضعف وتحويل هويته الى هوية اخرى.

 

-تيريزا ايشو: المسيحيون في شمال الوطن في الاقليم الكردستاني يعيشون في اراضي ابائهم واجدادهم، وهناك تهديد لهويتهم من قبل بعض الاكراد  مثل الاستيلاء على اراضيهم وتكريدها ، فما رأيكم؟

 

- الدكتور الجوادي: انا اثبت لكم بكل اطمئنان ان المسيحيين يعيشون باراضي ابائهم واجدادهم في شمال العراق في كردستان وخارج كردستان وهم يعيشون باراضيهم في بغداد وكركوك وكل مدن العراق وانه حق انساني ووطني علينا عربا واكرادا ان نحافظ على وجودهم وتراثهم وتاريخهم وينبغي عدم المساس باماكن وجودهم وسكناهم وكنائسهم وتراثهم. وفي الحقيقة فانا اتابع الموضوع عبر كتابات لمسيحين وايزيديين وشبك وارى ان هناك ثمة اختلافات بين كتاب ومثقفي هذه المكونات فمنهم من يعتبرون انفسهم جزءً من الاكراد او كردستان وقسم اخر لا يتقبل ذلك ويؤكد على انتمائهم القومي والديني الخاص المتميز عن العرب والاكراد والتركمان. كما اني قرأت لبعض الكتاب المسيحيين عن وجود تهديد لهويتهم من قبل الاكراد مثل الاستيلاء على اراضيهم وتكريدهم. على اي حال فوجود ألمسيحيين-الكلدان السريان الاشوريين والاقليات الاخرى قضية مهمة جدا في المنظور الفكري والسياسي للطرفين فالمسيحيون في شمال العراق يشكلون كيانا عريقا اقدم في وجوده في العراق من كلا القوميتين العربية والكردية وهم في الوقت نفسه معتزون جدا في فهم تاريخهم واصولهم اللغوية والعرقية والدينية ولا يرضون باي ثمن الغاء هويتهم القومية او اللغوية او الدينية وهم يعيشون باراضيهم التاريخية منذ الاف السنين، لذلك ينبغي على الجميع حساب كل العوامل بدقة بالغة لحساسية الموضوع... ويردد المسيحيون دائما انهم من حيث التصنيف اللغوي والعرقي والثقافي اقرب الى اشقائهم العرب الساميين وان اختلفوا معهم بالدين لكنهم يركزون على خصائصهم حتى مع ابناء عمومتهم العرب الساميين مثلهم ولا يقبلون الغائها بتعريبهم كما حصل مثلا مع طارق عزيز الذي عُرِب وأُسلم قسرا ولكنه عندما مات اكتشفنا انه مسيحي وطلب بدفنه في مقابر المسيحيين!!! وقد ولد في بلدة تلكيف شمالي الموصل لأسرة كلدانية كاثوليكية، وقد ولد باسم ميخائيل يوحنا الذي غيره لاحقاً إلى طارق عزيز.

كما ان ارض شمال العراق مليئة بالرموز والاثار الاشورية التي ترقى الى اقوى امبراطورية في التاريخ الانساني اعني امبراطورية الاشوريين، واثارهم ظاهرة في كل مكان ومنها لوحة النصر للاشوريين على اعدائهم في جبال شمال العراق الشماء، والتي اقتبس الزعيم الخالد عبد الكريم قاسم تصميم شعار الجمهورية العراقية منها وهو النجمة التي تنبثق منها اشعة الشمس هذا في ظاهر الارض ولو نقشط الطبقة الخارجية لهذه الارض لظهرت تحتها الاراضي والاثار الاشورية التي تثبت اشورية هذه المنطقة، فأربيل أشورية ومعناها أربا أيلو. وكركوك أشورية ومعناها كرخ سلوخ، والمصادر التاريخية تشير الى ان ”سردنا بال“ ملك الاشوريين هو الذي انشأها. ولو تم تحليل جينات العراقيين في الجنوب والوسط وعموم العراق فستظهر اصالتها وانتماؤها الى نفس الجين الاشوري الكلداني العراقي الاصيل.

 

- تيريزا ايشو: ما رأيكم في مطالبتنا بأقليم أداري مسيحي كلداني سرياني أشوري، نضمن به حقوقنا القومية والادارية والدينية؟

 

- الدكتور الجوادي: اقر الدستور العراقي النظام الفدرالي لكل العراق وحسب اليات دستورية محددة، ولكن يجب طرح المطالب دون تحدي الاطراف الاخرى وطرح شعارات غير مناسبة ومثيرة لحساسية الاخرين من اجل الحفاظ على الدم العراقي من اي طرف كان. لقد ظلم المكون المسيحي منذ فترة مبكرة في تاريخ الدولة العراقية الحديثة لذا ينبغي ان نناضل من اجل منع قيام مذابح ضدهم كما حصل في مذبحة سميل التي كانت مذبحة قامت بها الحكومة العراقية بحق أبناء الطائفة الاشورية في شمال العراق في عمليات تصفية منظمة بعهد حكومة رشيد عالي الكيلاني ازدادت حدتها بين 8-11 آب سنة 1933، ووقعت المذبحة في بلدة سميل بالإضافة إلى حوالي 63 قرية آشورية في لواء الموصل آنذاك (محافظتي دهوك ونينوى حاليا)، والتي أدت إلى موت المئات او الالاف من الآشوريين وكان الشعب الأشوري قد خرج لتوه من إحدى أسوأ مراحل تاريخه عندما أبيد أكثر من نصفهم خلال المجازر التي اقترفت بحقهم من قبل الدولة العثمانية أبان الحرب العالمية الاولى. وصورت هذه المجازر على أنها أول انتصار عسكري للجيش العراقي!!

اقول بكل وضوح ان الغاية من تأسيس الفدراليات في العراق هو التعايش السلمي مع بقية العراقيين وليس لجعلها وسيلة تدمير ضد ابناء الوطن الواحد.

وقد وقفنا بقوة مع اخوتنا الاكراد في مطالبتهم باقامة اقليمهم الفدرالي بعدما اتفقوا على ان ذلك هو الضمان لهم في حفظ حقوقهم القومية والثقافية والانسانية... ونحن نرى ان الصراع لن يحل في العراق الا بالاقرار بحقوق الجميع واذا كان السبيل لذلك هو اقامة الأقاليم لكل مكون فما المانع في ذلك أسوة بالاقليم الكردي. على اي حال فبعد ما مر به المسيحيون-الكلدان السريان الاشوريين، والايزيديون، والشيعة في شمال العراق من التركمان وألشبك، اقول من حق هؤلاء الناس ان يفكروا بالاسلوب الذي يضمن استمرار وجودهم وحياتهم ومكونهم بشرط ان يتم وفق اساليب ديمقراطية ودستورية وقانونية وبالتوافق مع الاخرين. والمسيحيون بصوتهم الموحد هم الاقدر على تحديد ما يناسبهم.

أن نظام الاقاليم جيد لحماية خصوصية ألاقليات. فالعرب يشكلون النسبة الكبرى من سكان العراق، ولكن يجب ضمان حقوق المتبقين من سكان العراق أيضا.

 

- تيريزا ايشو: كمفكر عراقي ما هو رأيكم بأسلمة القاصرين؟

 

- الدكتور الجوادي: موضوع أسلمة القاصرين يرتبط الى حد كبير بالصراعات السياسية واثبات الوجود اكثر من هدفها تطبيق حكم شرعي اسلامي!!! وقد طرحت في الوقت غير المناسب واظهرت بعض الفصائل المحسوبة على الشيعة وكأنهم المكمل الفكري لحركة داعش في اسلمة غير المسلمين في مناطق نفوذها، وكان ينبغي لمن طرحها ان يفكر بشكل اعمق ويفكر بالوضع السياسي والامني المضطرب وان يفكر بالظلم المحدق بالاقليات غير الاسلامية. كان على الجميع ترك هذه المسألة كما هي كانت مسكوت عنها في كل القوانين التي اصدرتها الدولة العراقية منذ تأسيسها وكما هو حال قوانين كل الدول الاسلامية والعربية. وكونها متروكة في القوانين العراقية لم تترتب عليه مشاكل يشار اليها بالاهمية لذا ارى انه من الاجدر عدم الخوض بها، وعندما يكبر الاطفال القاصرون فهم يختارون دينهم. ويعتمد الامر على مهارة وثقافة الوالدين أثناء تنشئتهم للابناء لمعرفة دينهم لكي يختار الطفل عندما يكبر فيما بعد اي دين يقتنع به ومن دون اكراه، فالقاصرين يعتبرون غير مكلفين الى حد بلوغهم الشرعي، فيقرروا فيما بعد خيارهم. والعقيدة في الاسلام هي قناعة الانسان، وهي مسألة تتبع من اجتهاد الشخص وبحثه وليست مسألة تقليد اعمى... على اي حال باثارة هذه القضية، حصلت ضجة في العراق بعد إضافة مادة في قانون هوية الاحوال المدنية تتعلق بالهوية الدينية للقاصرين من ابوين احدهما مسلم واعتبرتها الاقليات الدينية غير الاسلامية تستهدف الأقليات الدينية. وقد زارني عدد من ممثلي الاقليات الدينية مثل المسيحيين والصابئة لانقل صوتهم المعترض الى قيادة الدولة مطالبين حفظ حقوق الأقليات الدينية في العراق بسبب ما أثارته المادة 26 من قانون البطاقة الوطنية الموحدة من إشكالات قانونية واجتماعية تهدد وجود من تبقى من أبناء هذه الأقليات، وقد اعتبر ممثلو هذه الأقليات في البرلمان العراقي أن هذه المادة التي تجبر الأبناء القاصرين من أتباع هذه الديانات على تغيير دينهم إلى الإسلام دون إرادتهم لا يختلف عما يقوم به تنظيم داعش من أساليب تجبر الناس بالسيف على تغيير دياناتهم. وتحرك وفد من ممثلي هذه الأقليات (المسيحية والصابئية المندائية والإيزيدية) ضمن البرلمان العراقي بهدف إيجاد حل مرضٍ لهم. على اي حال الرأي الغالب عند المسؤولين العراقيين إن حقوق الأقليات الدينية وحمايتها في العراق واجب تشريعي يفرض على الجميع الشروع في وضع لوائح قانونية تستند إلى الدستور... لتقريب وجهات النظر بين كل الأطراف السياسية، خاصة في ما يتعلق بقانون البطاقة الموحدة بما يضمن حقوق الجميع... وأهمية عدم التمييز بين المواطنين على أساس الدين أو المذهب أو الطائفة. وتحركت كذلك رئاسة الجمهورية واعدت صيغة معدلة بهدف إعادة التصويت على المادة 26 من قانون البطاقة الموحدة التي أثارت الأقليات الدينية في العراق. والتي تجيز في فقرتها الأولى لغير المسلمين في حال أبدل أحد الوالدين دينه نحو الإسلام أن يتحول الابن القاصر إلى الإسلام تلقائيا دون إرادته. ويذهب المعترضون عليه الى انه هذا هو منطق في غاية الغرابة ولا داعي له لأن البطاقة الموحدة هي بديل لقانون الأحوال الشخصية وبالتالي تعد صيغة جامعة لكل العراقيين على أساس المواطنة دون التدخل في عقائدهم... وقد اثيرت ضد هذه المادة التي صوت عليها البرلمان انتقادات قوية فبينت أن المادة 26 من قانون البطاقة الموحدة تخرق نحو خمس مواد في الدستور العراقي وهي المواد 2 و14 و37 و41 و42 والتي تؤكد على حماية الحريات العامة من حيث العقيدة وحقوق الإنسان وفي مختلف الجوانب المتعلقة بالدين والمعتقد، الأمر الذي أدى إلى حصول مخاوف حقيقية من قبل أبناء الأقليات غير المسلمة في العراق لجهة التعسف في تغيير أديانها نحو الإسلام بشكل خارج عن إرادتها. وتحرك الناشطون من هذه المجاميع الدينية وناشدوا المرجعيات الدينية الشيعية والسنية ورئاسة الجمهورية لكون رئيس الجمهورية هو حامي الدستور، وكذلك رئيس البرلمان. وأسفرت هذه التحركات للناشطين عن اتفاق يتمثل بصياغة قرار يؤدي إلى معالجة الخلل في تلك المادة محل الجدل والنقاش.

ويذهب صديقنا النائب يونادم كنا الى ان "المطلوب من التشريعات أن تحقق مبدأ المساواة بين العراقيين لا أن تنتهك هذه المساواة التي هي في الواقع انتهاك لمبدأ المواطنة... وأن مشكلتنا هي مع الفقهاء الذين كانت فتاواهم بمثابة النار التي تأكل المزيد من الحطب بسبب الاختلافات الفقهية، بينما هناك رجال دين كبار شأن الإمام الخوئي الراحل لديهم رؤى منفتحة على هذا الصعيد... وأن وضع هذه المادة في هذا الظرف الصعب الذي يعيشه العراق والذي يمثل بيئة طاردة للأقليات كأنما يراد بها القول للأقليات غير المسلمة إنه لم يعد لديكم وجود في هذا البلد.

وكانت الكلمة الفصل للامام السيد السيستاني المرجع الديني الاعلى اذ اصدر ردا على سؤال وجه له من قبل مجلس النواب العراقي حول المادة ٢٦ من قانون البطاقة المدنية الموحدة والتي تنص على ان القاصر يتبع بديانته أبويه فإذا اسلم أحدهما أُلحق بالمسلم.

وكان المقترح البديل الذي قدمته لجنة الاوقاف والشؤون الدينية مع ممثلي الاقليات، عن المادة التي تم التصويت عليها، ينص على انه (بعد بلوغ الانسان السن القانوني اي 18 سنة، وكان احد ابويه قد اعتنق الاسلام سواء كان الابوين منفصلين او مستمرين بعلاقتهما، يكون مخير امام القاضي على اختيار الدين المسيحي او الاسلامي)". وقد وافقت جميع الاطراف على المقترح المرسل للمرجعية. وجاء رد السيستاني بالموافقة على المقترح وضرورة العمل به. ورأي سماحة الامام السيستاني نابع من دراسته لكل الظروف الاجتماعية والسياسية والانسانية المحيطة بالقضية وهي فتوى لدفع مفسدة كبيرة قد تمزق المجتمع وكسب منفعة اكبر في تطمين ابناء العراق في ضمان مستقبلهم في بلدهم العراق.

 

- تيريزا ايشو: هناك تهميش للمسيحيين في اجهزة الدولة مثلما حدث مرة اخرى مجدداً في ورقة حكومة العبادي البديلة الاولى التي قدمها بدون مرشح مسيحي ولا من المكونات، وهكذا في التشكيلة ألثانية، تم أختيار كادر غير معروف لجماهيرنا، ولايكفي ان يكون المرشح كادرا أكاديميا، أذا لم يكن على الاحتكاك مع الجماهير ويعرف معاناتهم، وليس له خبرة وارضية جماهيرية، ولا أختبر وتعرف على العمل الجماهيري عن كثب. ما تقولون وانتم الانساني المثقف المنفتح عن تهميش المسيحيين في التمثيل الوزاري الاخير؟؟

 

- الدكتور الجوادي: وحول تهميش المسيحيين ومحاولة الاستيلاء على المقعد اليتيم لتمثيلهم الوزاري... اقول: ان ألدستور العراقي ضمن حقوقهم، والدستور لم يقر المحاصصة لكنه اهتم بالمكونات وتمثيلها. والحقيقة المكون المسيحي لم يكن مهمش منذ تأسيس الدولة العراقية في 1921 ولحد 2015. فالمكونات كانت موجودة وممثلة بالمسيحيين، أليهود، والمندائيين والازيديين والاكراد الى جانب العرب. واستمروا في كل الحكومات ليس كمحاصصة وانما كمكون أساسي في الدولة.

يقول السفير د. علاء الجوادي: أن العبادي صديق قديم لي واظنه يثق بأفكاري لذا أدعوه الى اشراك عادل للمسيحيين في اي وزارة على أساس الكفاءة والنزاهة والتمثيل.

 

تيريزا ايشو: في ختام اللقاء والحوار

شكرنا الاستاذ د. علاء الجوادي على اللقاء الغني والثري بمعلومات يحس المرء في حاضرته أنه واحد منا وليس بعيد عنا وعالماً وضليعاً بتاريخنا وثقافنا وتراثنا ويحمل همومنا معه. ويقر ويعترف بمطاليبنا العادلة في حقوقنا غير المنقوصة في وطننا الام.

والى لقاءات اخرى مثمرة على ارض الواقع

 

صورة تذكارية في نهاية اللقاء الحواري

وحضر اللقاء الاخوة كادر السفارة السيدين ألاخ احمد والاخ نجم ومن طرف موتوا الدنمارك السيدتين كفاح جميل روفائيل وألهام رحيم.

تيريزا أيشو وموتوا دانمارك للكلدان السريان الاشوريين-كوبنهاغن- بتاريخ 22/ 04/ 2016

 














أربيل - عنكاوا

  • موقع القناة:
    www.ishtartv.com
  • البريد الألكتروني: web@ishtartv.com
  • لارسال مقالاتكم و ارائكم: article@ishtartv.com
  • لعرض صوركم: photo@ishtartv.com
  • هاتف الموقع: 009647516234401
  • رقم الموقع: 07517864154
  • رقم إدارة القناة: 07504155979
  • البريد الألكتروني للإدارة:
    info@ishtartv.com
  • البريد الألكتروني الخاص بالموقع:
    article@ishtartv.com
جميع الحقوق محفوظة لقناة عشتار الفضائية © 2007 - 2024
Developed by: Bilind Hirori
تم إنشاء هذه الصفحة في 0.6325 ثانية