فيديو.. كلمة قداسة البطريرك مار آوا الثالث في الجلسة الافتتاحية للمجمع ‏السنهاديقي - ‏22 نيسان 2024‏/ أربيل‏      "الإتّحاد السرياني" أحيا ذكرى الإبادة الجماعية "سيفو" بحضور فاعليات سياسية وروحية وأمنية/ لبنان      قسم الدراسة السريانية لتربية الرصافة الثانية يقيم درساً تدريبياً لمعلمي ومدرسي التربية المسيحية في بغداد      بالصور.. امسية تراتيل لأبناء مركز التربية الدينية بعنوان (نرتل ونسبح معاً لتكون غاية ايماننا،خلاص نفوسنا) - كنيسة ام النور/عينكاوا      البيان المشترك الذي أصدرته بطريركيتا أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس والروم الأرثوذكس في الذكرى السنوية ‏الحادية عشرة لخطف مطراني حلب      بيان صادر عن مجلس كنائس الشرق الأوسط في الذكرى السنوية الحادية عشرة على اختطاف مطراني حلب      قداسة البطريرك مار آوا الثالث يستقبل وفداً من ألمانيا ترأسه المتحدث السياسي عن الحريات الدينية في العراق في مؤسسة ‘‏ojcos‏’ الألمانيّة      نص كلمة سيادة المطران فرنسيس قلابات اثناء استقبال الجالية العراقية لرئيس الوزراء العراقي في المركز الكلداني العراقي بمشيغان      الفنانة سوسن نجار القادمة من امريكا تزور قناة عشتار الفضائية في دهوك      رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني يلتقي نخبة من الجالية العراقية في المركز الكلداني العراقي بميشيغان      برشلونة: قد نطلب إعادة مباراتنا ضد الريال      حقيقة ارتباط صحة القلب والكليتين بالسيطرة على السكري من النوع 2      الرئيس بارزاني وأردوغان يؤكدان على تعزيز العلاقات بين إقليم كوردستان والعراق وتركيا في مختلف المجالات      مركز أبحاث تركي: طريق التنمية شريان الحياة لدول الخليج والعراق.. ما موقف إيران؟      البرلمان البريطاني يقر قانوناً مثيراً للجدل بشأن المهاجرين.. وافق على ترحيل فئة منهم إلى رواندا      الأمم المتحدة: آسيا أكثر مناطق العالم تضرراً من كوارث المناخ بـ2023      نيجيرفان بارزاني: زيارة الرئيس أردوغان دلالة على العلاقات القوية بين العراق وإقليم كوردستان مع تركيا      الريال يقترب من حسم الليغا بالفوز على برشلونة      البابا فرنسيس يجدّد دعوته لتغليب      بحضور ورعاية مسرور بارزاني.. انطلاق فعاليات ملتقى أربيل الدولي للصحافة
| مشاهدات : 2380 | مشاركات: 0 | 2015-08-04 10:59:03 |

بمناسبة الذكرى الأولى للنزوح.. رسالة مهجّر إلى الرئيس أوباما


عشتار تيفي كوم - ابونا/

سيادة الرئيس باراك حسين أوباما السامي الاحترام، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية
السادة أعضاء مجلس النواب والشيوخ الأمريكي الأجلاء،
سلام ومحبة واحترام...

أتمنى لشعبكم ولبلدكم ولكم كل الخير والبركات، وأدعو رب السماء، الرحمن الرحيم، المحب حتى الأبد، أن يمنحكم وافر النِعَم للسير في خدمة الإنسان وبناء الأوطان في الحقوق والقانون والعدالة، كما يطيب لي أن أكتب إلى سعادتكم هذه الأسطر بمناسبة الذكرى الأولى لنزوح شعبنا من قرى ومدن سهل نينوى... وبعد؛

سيدي الرئيس

السادة أعضاء مجلس النواب

إنني مواطن عراقي من أصلاء البلاد ومن المسيحيين، وفي بغديدا سكني وأصالتي، وفيها ترعرعتُ، وفي مدارسها تثقّفتُ، وعلى صفات أقلامها نشأتُ، وبصبغة العماذ اصطبغتُ. فأنا مسيحي محافِظ وفي الآن ذاته منفتح إلى جميع المكونات من المسلمين والشبك والإيزيديين والصابئة، وهذه كانت دائرة حياتي ومسيرتي، واليوم أنا أخدم في كنيسة ببغداد منذ 33 سنة بعد أن خدمتُ خمس سنوات، في بغديدا وبرطلة، ولا أريد أن أطيل بل الإيجاز في ذلك هو الواجب.

أنا كاهنٌ، يعني خادمٌ، وشعار خدمتي "أنا بينكم مثل الذي يخدم". فأنا إنسان أحمل في داخلي مسيرة الألم والفرح، هموم الحياة وهموم أهلي ووطني، في أحداث تتسابق مع كوارثها في الحروب كما في الحصار كما في السقوط والاحتلال، وفي كل هذا لا صوت يُسمَع بسبب ضجيج الدنيا وإطلاقات البنادق وانفجار القنابل وصعق البارود، فيقع الأبرياء قتلى بل شهداء، ولعلّكم أنتم كبير الرؤساء وحكّام الأوطان والدول وقائد لأكبر دولة عُرفت بتاريخها وأيامها، وأعضاء برلمانها عُرفوا بتضحياتهم ودقة رؤيتهم ومسيرة المخطط من أجل الحياة. فتَقدُّم علمكم وقوةُ اقتصادكم ما هما إلا رسالة لبناء العالم الحُرّ والحقوق... فهذه رسالتي أنا الضعيف، تجدون فيها الحقيقة في كلماتها، ورسالة في أسطرها، وما أرويه هنا ما هو إلا مختصر جداً جداً للحالة البائسة التي يعشها شعبنا المطرود.

سيدي الرئيس

السادة أعضاء مجلس النواب

نعم، كان بلدي يئنّ تحت حكم الدكتاتورية المقيتة والحروب التي أحرقت شبابنا في أتون النار القاتلة، ومنها انطلقنا إلى الحصار حيث العديد من أبرياء الدنيا من الأطفال ماتوا بسبب نقص الغذاء والدواء. وكانت الدنيا بعوالمها تنظر إلينا وتتألم لشعبنا المسكين الرازخ تحت نير العبودية والحروب والحصار، فلا حرية ولا كلمة ولا صوت، بل تأوّه وبكاء وأسف.

المهم كلنا كنا ننتظر قراركم، ولكن لم نكن نعلم ملحقاته. فقرار تحرير العراق، عنوان الحياة... إنه التحرير من الشر بل من الخطيئة التي أُجِّلَ مفعولها. فالكلمة قوية بمعناها ورائعة بشكلها وعظيمة بتحقيقها. وكم من آمال كنا نبني -ومن المؤكَّد- منها على صخرة الإيمان ومنها في وديان الرمال، ومهما كان من أمرٍ كنا نتأمل خيراً، وكنا نقول أن المستقبل سيكون زاهراً، وإن الحياة ستُصاغ من جديد وملؤها رغد العيش وحرية الفكر، وإن العراق بأرضه وشعبه سيحمل رقم (21) من ولايات بلد الخير والعلم والتقدم أمريكا، بل العولمة بعلمها وبمراجيحها، فلا خوف بعدُ ولا يأس بعدُ، لا فقر ولا فاقة، لا حكم ولا سيطرة، وستكون الطرق سالكة بلا حواجز فاصلة وعازلة وقاتلة، تحمل اليأس وقطع الرجاء، فهي علامات سلبية بوجودها وإيجابية بدمارها لنفسية الإنسان وحقيقة الأخوّة، وفي كل ذلك بدأ حلمنا يكبر ويكبر حتى أصبحنا ضفدعاً بكبريائنا، ولكن كانت النتيجة أنْ إنفجرنا وأصبحنا في عِداد الموتى، وكُتِبَ علينا الضياع والتشرد والتيه، فتُوِّجت الطائفية ملكة، وأخذت المذهبية زواياها، وبدأت المحسوبية مسيرتها المميتة، فتفشّى الكذب والسرقة والسلب والنهب والتفجير والتفخيخ والتهديد والوعيد وكأن الدنيا لم تكن حسب قول كتابنا "ورأى الله كل شيء حسناً" (تك1)، وكأنّ بلدي يتأمل عظمة البناء بعد حروب مدمِّرة وبعد سقوطٍ قادته أميركا العظمى، وبدأتُ أتصور أن بلدي سيكون أنموذجاً من عدة نماذج أقامتها أميركا بتجارب قوية الثبات وحقيقة الوجود كالألمانية واليابانية والكورية والكويتية، لأن أعمدتها ستؤسَّس من أعظم دولة في العالم، والمسكونة بعلمها وتقنياتها، باقتصادها ودولارها، بقانونها وحمايات حقوقها. وحلمتُ -ومن حقي أن أحلم- أن بلدي سينعم بالرخاء وبفضاء الحرية والقانون، بعطاء الفكر ورسالة الحياة، وسيكتب رصاص القلم تاريخاً مشرقاً، وسنكون أكيداً بلداً حضارياً.

وأمام كل هذا لم أكن أفكر ماذا وراء كل ذلك، من الحروب إلى الحصار إلى السقوط. خيالات تراودني وأنسج أحلاماً، وأردد في داخلي "هل هذه هي الحقيقة أم مصالح الحقيقة أم حقيقة المصالح؟"، ولم أكن أعلم هل أنا مُحتَل أم مُحرَّر؟، هل كان السقوط لرئيس أم سقوط لحكم أم سقوط لوطن؟، أإلى الوادي القريب أم إلى عمق الوديان أم إلى الهاوية القاتلة؟... فالإيجابية كانت أول كلمة في ضميري وفكري ومعالم عيوني بحدقتها ونظرتها وتأملها، ولم أكن أسمع يوماً أن هناك صوتاً يقول أننتظر الآتي أم لا. فحقيقة الخطوبة لا تكون في الرقص بل في خاتمة الموسيقى، والحكم ليس في عاطفة الضحك بل انتظار الآتي كما علّمنا المسيح الحي، ما الذي سيحلّ في المسكونة (متى 24)

وجالت الخواطر في أفكاري، وبدأتُ أتأمل وأتمرّد على ذاتي، وأصف أفكاري بالمراوِغة، هل الحقيقة التي حلّت بنا هي وهم أم نشوة من أساليب الفرح؟، وهل التحرير أصبح حلماً للرجال التعساء وسرعان ما ذهبت خيوطه مع الريح؟... بين أفكاري والفشل دارت مسألة طلاق الواحد للآخر. فالفشل كان مطلَّقاً، ربما من أبناء شعبي حيث الوفاق بعيداً عن القلوب، ولا مجال للغفران ليتربّع في مكانه بل يراوح خائفاً مذعوراً، والأحاديث على طاولات هباء ليس إلا، وكل شيء أصبح معكوساً وفي اتجاهات مختلفة للظاهر والمستور، والسبب أن أحباء الوطن أوصلوا البلاد إلى هذه الحالة المؤلمة، وإلى مسيرة نحن ندور اليوم في فلكها.

نعم، لقد استيقظتُ على حلم لم أكن أعلم أنه سيتحقق، عكس ما حلمتُ. أفقتُ وكأنني في عالم عنوانه قبل التاريخ. دخان ونار وقتل وكارثة، وأية كارثة أصابتنا... إنها بداية دمار الأرض بدءاً بأرضنا.

أتمنى أن أسأل، ولكن لا أعلم هل مسموح لي بذلك أم لا، ولا أريد أن أجرح شعوركم أو شعور شعوبكم الأبيّة، فالشعوب محتَرَمة بقيمها وأخلاقها وعلمها وكوادرها، والسؤال: هل لا تعملون لإنقاذ بلدي؟، هل أنتم سمحتم للإرهاب المتوحش أن يدمّر وطننا ويطردنا من منازلنا ومساكننا؟، هل أنتم سمحتم للإرهاب أن يسرق أموال الفقراء وخيرات الوطن بوحشية لا توصَف بل لا يمكن وصفها لمختلف الأساليب الوحشية التي قام بها وارتكابه جرائم بحق البشر والحجر، بحق الحيوان والجدران، بحق الحضارة والآثار، بحق الإنسانية والطفولة؟، هل أدركتم أن ما يحصل هو من صناعة الموت ونشر الظلام والقتل، وما الشعار الذي رفعه الإرهابيون "أكثر عنفاً" إلا علامة سيئة في مسيرة الحياة والحرية التي تقودها دولتكم الموقَّرة بين دول العالم؟، هل أدركتم أن الإرهابيين مسلَّحون بغرائز الوحشية وهم مجرَّدون من أية مسحة إنسانية؟... إنها حقيقة مُرّة. هل أدركتم أن مغازلة الشر خطيئة بحق الشعوب البريئة؟، وإنْ كان الحق لا يُحتَرم، كيف نؤمن بدوائر حقوق الإنسان؟، وكيف سنقول الحقيقة ونحن جُهّالها من أصولها وحتى منابعها وشواخصها؟.

هل أدركتم أن الإرهاب دمّر الدولة وهياكلها، ونهب المستشفيات والخستخانات، وهدم المدارس وأحرق كتبها، وفرض تعليمه الإرهابي في رياض الأطفال، وحتى مشاعل العلم أخذت تنطفئ؟، أهان المرأة وكرامتها والحياة وعنوانها. هل أدركتم جيداً عنف الإرهاب في قتل الأمريكيين الأبرياء من الصحفيين والأطباء والعاملين في الحقول الإنسانية؟... وسارت مسيرة الإرهاب في تدمير كل الشعوب والأوطان ومنها وطني وشعبي... إنها جرائم فريدة وشاذة، لا نعرف أصولها ولا نسبر فروعها وتفرعاتها في تاريخ عُرف بالألف الثالث.

هل تعلمون ما حصل بعد الإحتلال؟، لقد أصابنا الفقر والجهل والمرض والتخلف، وأصبحنا نفتقر إلى كل مقومات الحياة في الحرية والأمن والكرامة، ولا أعلم إنْ كان هذا المبتغى مما حصل بعد التحرير، لم يكن إلا تدميراً وانتهاكاً قادنا إلى الذبح والتفخيخ والتفجير وعلى بركة الله وباسم الله، وضاعت ثقافة التسامح، وشُيّعت سبل الحوار، وكل ذلك تحت راية سوداء مقدسة وأحكام مخيفة، كل ذلك أمام أعينكم يا سيادة الرئيس وسماع آذانكم وأنظاركم، وهذا ما جعلني أن لا أتخيل -بل لا استطيع أن أتخيل- عنوان هدفكم إنْ كان التحرير أم غيره، وما هي الأهداف المعلَنة والخفيّة السريّة من مسؤوليتكم، فنحن اليوم نعيش في قبور حُفرت للأحياء قبل الأموات، بل نحن في عِداد الموتى ومشاريع استشهاد وإنْ كنا أحياء وعلى أرض الله نُرزَق ومن عنده الخيرات.

سيدي الرئيس

السادة أعضاء مجلس النواب

نعم، إنني أنحني إجلالاً للتضحيات الكبيرة التي قدَّمتها قواتكم المسلحة بمختلف أصنافها، وكل الوقار للشباب الأميركي الذي أعطى حياته من أجل حقيقة وطنه. فالدنيا بكم سخاء، والمليارات التي صُرفت هي عرق جبينكم ومن نتاجه، وفي هذا يسعدني أن أذكّركم أننا وقفنا قلباً وروحاً وصلاةً معكم يوم الحادي عشر من سبتمبر عام 2001، بكينا من أجلكم ومن أجل شعبكم، وإن خفيةً، ومن أجله صلّينا في كنائسنا وبيوتنا، ورحمةً دعونا لشهدائكم كما اليوم لشهدائنا، وكنا معكم كلمةً وحقيقةً وإدانةً لهذا الإجرام، ومرّت السنون وكانت كارثة كنيسة سيدة النجاة _ والتي رأيتُ تفاصيل أحداثها بكل دقة من الألف إلى الياء، وكنت شاهداً لها - وقد نقلتُ هذا الكلام تفصيلاً إلى السناتور المحترم جون ماكين رئيس وفد الكونغرس الأمريكي والسيناتور لندس كراهام والسيناتور جو ليبرمان المحترمين وبحضور السفير الأمريكي آنذاك، الذين قاموا بزيارة إلى بلدي الجريح بعد أحداث كنيسة سيدة النجاة وبالضبط يوم الثلاثاء 9/11/2010.

سيدي الرئيس

السادة أعضاء مجلس النواب

بعد أيام سنحتفل بالذكرى الأولى لطردنا من قُرانا ومساكننا في سهل نينوى، 6 أغسطس 2014، وكم كنتُ أتمنى أن تكون مناسبة تحرير وليس ذكرى تدمير، أمام هذه المشاهد المؤلمة، ألم يحن الوقت أن تنظروا إلى شعبي بعين الرحمة والحنان؟، ألسنا في ديانتنا المسيحية -كما الإسلام كما الأخرى- أن الله رحمنٌ رحيم؟، ألم يقل ربنا يسوع في إنجيله: "كونوا رحماء فإن أباكم السماوي هو رحيم" (لوقا 36:6)؟، وفي القرآن الكريم أليست البسملة علامة رحمة رب السماء؟... وأسأل الآن: كيف سنعود؟، ومتى سنعود؟، مَن يحمينا؟.

منذ دخول داعش الإرهابي إلى أرض وطني دنّس قريتي ومدينتي، الموصل وسهل نينوى وحتى اليوم، من حينها راودتني فكرة كتابة الرسالة إلى معاليكم وإلى السادة أعضاء مجلس النواب الكرام، وطوال هذه الفترة كانت الفكرة تنمو يوماً بعد يوم في داخلي ومخيلتي، والأحداث تتسارع في مسيرة مؤلمة إلى أن أتت الساعة ليسجّل يراعي الضعيف هذه الكلمات عبر أسطر تسقيها دموع الحياة القاسية، ومسرّات ألم الاضطهاد... في رسالة تكون هي الأولى، حاملة حقيقة الإنسانية المتألمة في شعبنا الجريح، فغاية رسالتي هو تخفيف المصيبة التي يعيشها أبناء بلدتي وشعوب منطقتي المسالمين بعد أن طردهم داعش الإرهابي وعملاؤه من ديارهم وفقدوا كل شيء، منازلهم ومحتواها، أملاكهم وأحلامهم، ولم يبقَ أمامهم إلا الهزيمة والالتجاء إلى كردستان حيث الأمان، وهناك فرشوا الحدائق وملأوا الشوارع ذهاباً وإياباً، جلوساً ونظرةً، واليوم أغلبهم يسكنون عمارات بائسة لم يكتمل بناؤها وحتى محيطها، وآخرون هاجروا وقلوبهم حزينة حتى الموت على فراق أرضهم. نعم، رحلوا إلى بلدان الجوار شمالاً وغرباً، جنوباً وشرقاً، باحثين عن ملجأ يَقيهم، وعن أمن يحميهم، وعن يد تعانقهم، وعن كلمة تواسيهم، وعن محبة ترافقهم، وعن شعور بنجدتهم، ولكن لا من مجيب ولا من حديث ولا من عزاء، ولا زالت حتى اليوم مسيرتهم دون هدف وإرادة، دون علم ودراية، ووضعهم مأسوي بدرجة امتياز... هذا هو بيت القصيد، إنهم مهجَّرون، إنهم نازحون، فالحقوق مسلوبة، والحقيقة مصلوبة، والعدالة حوكمت، والقضاء إرهاب، شعوب تائهة أم أصيلة، هل نستحق أن نحيا ونواصل مسيرة البناء أم علينا أن نكون تبعية مهمَّشة لا دور لها إلا ملء البطون والنوم والصمت المريب؟، ألستم أنتم زارعي بذار حقوق الإنسان، ألا يجوز أن تزرعوا ذلك في حقول قُرانا ومدننا وحول مساكننا؟، ألا يجوز أن تمدّوا أياديكم كسحابة لحماية شعبنا الممزَّق والمضطَهَد والمطرود من مساكنه وقُراه ومدنه؟، هل لا يجوز تعويض أبناء بلدي وأبناء ديرتي لِمَا فقدوه من أموال وممتلكات كما رفعتم ذلك رايةً يوم احتلال الكويت حيث كنتم، كلمة الحقيقة، ودولار التعويض، وطابوقة البناء، وكونكريت الحياة لمدّ الجسور بين الأبناء والأصلاء في إعادة الإعمار والبناء واستمرار الحياة هبة الله، رب السماء والأرض، وكعطية لنحميها أنتم ونحن؟.

سيدي الرئيس

السادة أعضاء مجلس النواب

نعم، بحق رب السماء إعملوا على إعادة شعبنا إلى مدنه، وحرّروا بلداننا من أيدي داعش الإرهابي واطردوهم إلى غير رجعة، فالحياة أسمى من المصالح، والإنسان أسمى من المخططات، والتاريخ هو الحقيقة سيعلنها لأجيالكم وأجيالنا... إنكم كنتم هنا من أجل إعادة الحياة بسموّ التضحيات، وكم كنتُ أتأمل أن نحتفل بعودتنا إلى قُرانا ومدننا وليس بمرور الذكرى الأولى لإرهاب داعش على أبناء سهل نينوى ومكوناته المختلفة... إنه الضمير الحي الذي به نُظهر الحقيقة بدلاً من أن يكون التاريخ أسطر الخزي والعار. فعمليات التطهير العرقي والإبادة الجماعية التي طالت أبناء شعبنا والأقليات لا يمكن أن تمرّ مرور الكرام وأن تكون ريحاً في صحراء قاحلة، بل أن تحمل رسالة الإدانة... ألا يكفي الإهانة بحقنا؟... فاليوم كلنا سواد، وملابسنا سوداء، وما كسوتنا إلا أكفان... ألا يكفي تمجيد الموت والقتل والدمار وازدراء الحياة من قِبَل إرهاب مميت لا يحترم الحياة بقدسيتها، والدنيا ببشرها؟... إنه التحدي الأكبر للإنسانية إن لم يُعالَج من جذوره، بل تُقلَع جذوره.

سيدي الرئيس

السادة أعضاء مجلس النواب

نعم، أطلتُ في رسالتي، فالمختصر كان مفيداً، ولكن حالي وأحوالي قد فسدا في الحياة، وما يخلّصني هو الرجاء والأمل. فأنا لستُ أضع لكم سياسة وخططها -وأنتم أستاذ وبلدكم علماؤها- فما أنا إلا أشكو حالي وحال شعبي الذي يُنعَت اليوم بالأقلية والجالية والطائفة، إنه يجول شوارع الدنيا وحدائقها ليجد مَن يلوذ به، ومكاناً يحميه بعد أن خسر كل شيء ولم يبقَ له إلا شفاعة السماء. فالمسيح الرب الحي قال:"ثقوا، فقد غلبتُ العالم" (يو33:16)... فنحن بحاجة إلى قدراتكم وعلمكم وإنسانيتكم وسلامكم ليس إلا، ولا أكثر!. فلكل شيء نهاية، ولكل حرب خاتمة، ولكل إرهاب نهاية، ولكل معضلة حل، وما نراه إلا وجه الله.

وأخيراً، نعم، كل إحترامي لكم يا سيدي الرئيس السامي الإحترام، ولكم أيها السادة أعضاء مجلس النواب الأجلاء، وأملي أن أجد آذاناً صاغية ومكاناً في قلوبكم... ليحفظ الله بلدكم وليبارك شعبكم. وأترككم وبلدكم في حماية الرب القدير... وكما هو شعاركم، أردد أنا وأقول I TRUST IN MY GOD... ودمتم في حماية سيدة السماء، سلطانة السلام، نعم وآمين.

 










أربيل - عنكاوا

  • موقع القناة:
    www.ishtartv.com
  • البريد الألكتروني: web@ishtartv.com
  • لارسال مقالاتكم و ارائكم: article@ishtartv.com
  • لعرض صوركم: photo@ishtartv.com
  • هاتف الموقع: 009647516234401
  • رقم الموقع: 07517864154
  • رقم إدارة القناة: 07504155979
  • البريد الألكتروني للإدارة:
    info@ishtartv.com
  • البريد الألكتروني الخاص بالموقع:
    article@ishtartv.com
جميع الحقوق محفوظة لقناة عشتار الفضائية © 2007 - 2024
Developed by: Bilind Hirori
تم إنشاء هذه الصفحة في 0.5842 ثانية