الرسالة البطريركيّة لقداسة البطريرك مار آوا الثالث، لمناسبة رأس السنة الآشوريّة الجديدة 6774      الثقافة السريانية وفرقة شمشا للتمثيل يحتفيان بيوم المسرح العالمي- عنكاوا      سوق خيري‏ بمناسبة عيد القيامة المجيد - عنكاوا      تخرج دفعة جديدة من طلبة كلية نصيبين اللاهوتية المسيحية الاشورية في سيدني      الثقافة السريانية تهنئ المسرحيين السريان بيومهم العالمي      القداس الالهي بعيد بشارة العذراء مريم بالحبل الالهي‏ - كنيسة ام النور في عنكاوا      البطريركية الكلدانية تلغي المظاهر الخارجية للاحتفال بعيد القيامة      بمشاركة مدير قسم الدراسة السريانية في تربية البصرة .. وفد مشترك يقدم محاضرات توعوية وهدايا لطلبة المدارس      العيادة المتنقلة التابعة للمجلس الشعبي تزور قرية افزروك شنو      الرسالة البطريركيّة لقداسة البطريرك مار آوا الثالث لمناسبة العيد العظيم لقيامة ربّنا للعام 2024      ليس العمر.. ميسي يتحدث عن "العامل الحاسم" في اعتزاله      خبيرة ألمانية تدعو إلى الصيام عن البلاستيك      كلمة رئيس الوزراء مسرور بارزاني بشأن القرارات المُتخذة في اجتماع مجلس الوزراء      الكهرباء العراقية تعتزم شراء غاز حقل كورمور بإقليم كوردستان      الخارجية الروسية: أنشطة "الناتو" في شرق أوروبا والبحر الأسود تهدف للاستعداد لمواجهة محتملة مع روسيا      الولايات المتحدة تعرض 10 ملايين دولار مكافأة مقابل معلومات عن "القطة السوداء"      العراق يتجه لحجب "تيك توك"      الاتحاد الاسباني يرفض تخفيف عقوبة تشافي      انفوجرافيك.. عيد القيامة والبيض الملون      توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي)
| مشاهدات : 1970 | مشاركات: 0 | 2015-06-20 18:58:11 |

الـــــــوداع . . . . . الاخيـــــــــــــر / قصـــــة قصيـــرة

مال الله فرج



نزل الخبر عليها كالصاعقة واصابها بالصدمة وما عادت تستطيع استيعاب الموقف والرد عليه او خوض مناقشة ولو سريعة ومقتضبة حوله،  ففجأة بعد تناول وجبة الغداء وفيما هي تعد له كالعادة شاي الظهيرة في ذلك اليوم الحزين ، اعلمها ابنها  الصغير الذي كان اخر ما تبقى لها برغبته في السفر ليضعها بين خيارين ،اما ان ترافقه الان ام  بعد ان يستقر وتتحسن ظروفه.

منذ سنتين وهي تعيش وحيدة معه بعد وفاة زوجها بازمة قلبية لم تمهله ورحيل  ابنتيها الى الخارج اثر زواجهما ، وبذلك فقد كان وحيدها ذاك كل ما تبقى لها ، وكل حياتها.

حاولت ان تثنيه لكنه كان مصرا ، ولما الح عليها بمرافقته ،سالته معاتبة (ومن سيبقى الى جانب والدك ، هل تريدني ان اتركه لوحده ؟؟؟) فقد تعودت منذ وفاته على زيارة قبره يوم الاحد من كل اسبوع بعد ان تفرغ من صلاتها في الكنيسة القريبة ، تحمل شمعتها وتذهب اليه توقدها امام قبره وتصلي له راكعة ، ومن ثم تروي له تفاصيل اسبوعها وكانه يسمعها ، وربما كانت تتخيل ذلك  من شدة حبها له ، ثم تقبل قبره وتنثر دموعها هناك قبل ان تغادره ، عادة اسبوعية التزمت بها ولم تتخل عنها حتى في اسوأ الظروف .

بعد مناقشات وجدالات وبكاء ونشيج وعتاب مر ، حلت ليلة السفر ، كانت منذ الصباح الباكر وحتى منتصف الليل ضائعة لا تدري ماذا تفعل ، مرة تنصحه واخرى تعيد ترتيب حاجياته واخرى تسأله من سيعد لك  وجبات الطعام والشاي واخرى تؤكد عليه ان يتدثر بالاغطية جيدا قبل ان ينام فالجو هنالك بارد .

في تلك اليلة وهو يحاول النوم عبثا ، فقد كانت الليلة الاخيرة بين ام تعشق وحيدها وبين  شاب يرى فيها عالما من المحبة والحنان لن يتكرر ابدا ، تظاهر بالنوم مغمضا عينيه نصف اغماضة لمتابعة حركات والدته  ، كان يسمع صوت اقدامها وهي تتحرك في جميع الجهات  وتفتح حقيبته بين فينة واخرى لتدس شيئا ، وكلما فتحتها كانت تخرج قطعة من ملابسه تشم ضوعها وكانها تشم كل جزء فيه وتعيدها ثانية ، واذ توقفت قدماها عن السير هنا وهناك فتح عينيه ليفاجأ بها جاثية امام صورة العذراء تصلي وتنشج بصمت والدمع يسيل بهدوء على خديها ، كانت تدعو له ، امسك دموعه بمكابرة وهو يشعر انه خارج الكون ضائعا في منطقة فقدان الوزن يريد الامساك بثوب والدته ولا يستطيع والعواصف تبعده عنها شيئا فشيئا.

في الصباح،  وهما يتشاغلان بتناول وجبة الافطار الاخيرة عبثا ، والتي كانت  بطعم الحنظل لم ينبسا بكلمة ، فكلمات الوداع ثقيلة كانت ومريرة وموجعة لم يستطع ايا منهما تلفظها , واذ سمعا منبه سيارة التاكسي التي ستقله الى المطار ، احتظنا بعضهما بشدة في عناق موجع  مرير ، لم ينبسا بكلمة ، فقد قالت الدموع عنهما كل شيئ ، ورسم النشيج المتبادل عمق المشاعر الموجعة التي تفجرت تلك اللحظة ، واذ تراخت اصابعهما ، نزعت عن رقبتها صليبها الذهبيي ، قبلته والبسته اياه ، وكأنها كانت تضعه امانة بين يدي المسيح  ليرعاه في الغربة بدلها ، قبل يديها ورأسها وانحنى لتقبيل قدميها ، وغادر مسرعا والدمع يهطل مدرارا ، وكان اخر ما شاهده منها وهو يلوح لها من نافذة السيارة، يدها وهي ترش الماء من خلفه ليذهب سالما ويعود سالما ، وفقا للاساطير اللشعبية.

في طريقه الى المطار كانت لقطات من شريط ملون يوثق جانبا من حياته يمر امامه ، كم مرة قبلته تلك الام الرائعة وكم مرة حمته من عقاب والده عندما كان يشاكس شقيقتيه وكم ومرة سهرت الى جانبه حتى الصباح لمجرد ان صحته كانت متوعكة وكم مرة حرمت نفسها من احتياجاتها البسيطة لتوفر له ملابس جديدة وكم مرة جثت امام صورة العذراء وصلت لاجله .. وكم وكم وكم ؟ ومع كل تلك اللقطات كان تنفسه يسرع ودقات قلبه تتصاعد وسيطرته على دموعه تضمحل ، بينما اخذت عقدة الشعور بالذنب تتفاعل وتنبثق بقوة في اعماقه ، لكنه تجاهلها ، محاولا تبرير موقفه ذاك بحقه في البحث عن مستقبله رغم عدم قناعته.

في المطار تشاغل عن استذكار لحظات الوداع المريرة بمحاولة التأكد من وثائقه واحتياجاته ، وضحك من نفسه وهو يفاجأ بانه قد اصطحب مفاتيح الدار معه  وحدث نفسه قائلا (من يدري ربما اعود يوما وافاجأها بعودتي) ، لكنه ما ان فتح حقيبة اليد الصغيرة لاستخراج جواز السفر منها حتى فوجأ بمبلغ مالي متواضع هو كل ماكانت تمتلكه والدته الى جانب القطع الذهبية التي تمتلكها وبضمنها دبلة الزواج الذهبية التي لم يسبق ان فارقت اصبعها منذ ثلاثين عاما ، كما وجد القلادة الذهبية التي اهداها لها قبل سفره ، ومع كل هذه الاشياء كانت هنالك ورقة صغيرة كتبت عليها والدته (ولدي الحبيب .. هذا كل ما املكه ما حاجتي به بعدك ، عسى ان يساعدك في غربتك وسادعو لك دائما ان يحرسك وويحفظك ويوفقك الرب ويعيدك لي سالما لا ترسل اي مبلغ فتقاعد والدك يكفيني ).

دارت الدنيا به ، تذكر في تلك اللحظة المريرة كم عانت والدته بوداعه وكم ستعاني في غيابه ، واستعاد معها وصية الرب (اكرم اباك وامك) وشعر بالخجل من نفسه ومن عقوقه ، حمل امتعته وقفل عائدا وكله شوق لاحتضان والدتهه ،هذه المرأة العظيمة وعناقها وتقبيل يديها وقدميها ، وطلب المغفرة منها عن جحوده تجاهها.

اراد مفاجأتها ، فلم يطرق الباب ، بل فتحه ودخل ليفاجأ بوالدته جاثية امام صورة العذراء وبين يديها مسبحة الصلاة وقد اتكأت برأسها على الحائط كأنها قديسة في حالة مناجاة ضارعة.    

ناداها برفق لكنه لم يسمع ردا ، وتوقع انها غاضبة منه ،اقترب منها ليحتضنها بشوق وليقبلها بمحبة وليطلب منها المغفرة ، ليفاجأ بموتها ، فقد اسلمت الروح تلك الام الرائعة وهي تدعو له بالموفقية.  

لقد كان وداعا اخيرا .. لكنه وداع حزين .... لن ينساه عبر السنين.

     

 










أربيل - عنكاوا

  • موقع القناة:
    www.ishtartv.com
  • البريد الألكتروني: web@ishtartv.com
  • لارسال مقالاتكم و ارائكم: article@ishtartv.com
  • لعرض صوركم: photo@ishtartv.com
  • هاتف الموقع: 009647516234401
  • رقم الموقع: 07517864154
  • رقم إدارة القناة: 07504155979
  • البريد الألكتروني للإدارة:
    info@ishtartv.com
  • البريد الألكتروني الخاص بالموقع:
    article@ishtartv.com
جميع الحقوق محفوظة لقناة عشتار الفضائية © 2007 - 2024
Developed by: Bilind Hirori
تم إنشاء هذه الصفحة في 0.5708 ثانية