ما اسهل على اللصوص لسرقة الدار ، إذا كان صاحب الدار أو أحد أفراد أسرته شريكا ًوعميلا ً لهم ، فكل الذي يحتاجونه هو التنسيق بين الزمان والمكان والإختيار الأنسب لتتم السرقة بشكل سلس ، لأن الخيانة من داخل الدار أشدّ قسوة من السرقة . وما دفعني لكتابة هذه المقدمة ، هو إبتلاء العراقيين على مرّ التاريخ بالعملاء واللصوص ، فلم نتعلم ولن نتعلم من دروس الماضي ،فلا زال الخونة في تزايد مهول واللصوص يتكالبون عليه من كل حدب وصوب ، لكثرة خيراته من جهة ، وهشاشة جبهته الداخلية من الجهة الأخرى ، لكون حكامه خونة وعملاء وشركاء للطامعين .
عندما كان الحكم الملكي ، كانوا يتهمون الحكومة بالعمالة للإنكليز ، وبعد مجيء عبدالكريم قاسم ( الرجل النزيه ) قتلوه ليتسنى لهم نهب خيرات البلد، وبعد عبد السلام وأخيه عبدالرحمن عارف ، إستمر الحال على هذا المنوال ، ثمّ جاء البعث ، وزادت واردات العراق بشكل مهول ، فكان النهب بشكل مهول أيضا ً ، وما تبقى صرف على التصنيع العسكري ، وبعد رحيل صدام في 2003 ، تنفس العراقيون الصعداء لعلهم ينعمون بالأمان والرخاء والإستقرار ، فكانت الطامة الكبرى ، فأصحاب الكلمة ومن في القمم وسفوح السلطة ، خونة وعملاء وسرّاق ، ومنذ إثنى عشر عاما ً ، والإرهاب ينخر جسد العراق ، والملايين والمليارات نهبت وتحولت إلى البنوك الخارجية ، ولا زال المواطن العراقي المسكين يعاني ليس من الفقر والعوز فقط ، بل من فقدان الأمن ولا يزال لا يؤمن على حياته لوجود العملاء والخونة شركاء للسرّق والإرهابيين .
إن مهزلة داعش وسيطرتها على ثلث مساحة العراق ، دليل صارخ على ما ذهبنا إليه ، فلولا خيانة صاحب الدار وعمالته للسّراق والإرهابيين لما إحتلوا الموصل وثم الرمادي وصلاح الدين ومناطق شاسعة من ديالى وصولا ّ إلى جرف الصخر ، وما حدث في الرمادي مؤخرا ً ، يدمي قلب كل عراقي شريف ، ويخزي كل عميل أن يخون بلده وشرفه خدمة للإرهابيين والسرّاق لأسباب مادية نفعية أو سلطوية أو إنتقامية كيدية ، وما دام هناك شركاء من داخل البيت العراقي مع الإرهابيين، فلا إستقرار ولا أمان والنهب سيستمر، والعراقي سيصبح غريبا ً في بلده مسلوب الحق مستباح الكرامة يرزخ تحت خط الفقر . والحل الأمثل والصحيح ، هو تنظيف البيت العراقي من العملاء والخونة ، ليتسنى لنا القضاء على السرّاق والإرهابيين ، وبغير ذلك ستكون هناك سلسلة لا تنتهي من الإنتكاسات وخيبات الأمل ، والدمع والدم الذي
سال لحد الأن أنهارا ً ، سيزداد سيلانا ً لا سامح الله .