حين نتابع حياة الشعوب على الأرض، تستوقفنا حقيقة جلية وناصعة ، هي أن الإنسان وكما أراده الله يوم خلقه، هو قيمة مميزة في الحياة، ولكن القلائل من أبناء البشر يدركون هذه القيمة ويسلكون وفقها خلال حياتهم، فيعملون كل ما هو خير ومُسِرٌّ ومفيد لأبناء جلدتهم ومجتمعاتهم، وبمعنى آخر يتاجرون بالوزنات التي جعلها الله من نصيبهم لإسعاد البشرية والرقي بالمجتمع نحو الأحسن دائماً، وهكذا يخلدهم التاريخ، وهكذا يبرزُ العظام عبر الأجيال.
واليوم أقف عند شخصية مميزة ومدركة لمكانتها، تعي ما منحها الله من مواهب وقدرات في المركز التي هي فيه، وأقصد بذلك الأمير تشارلس ولي عهد المملكة المتحدة، الذي يولي اهتماما خاصا ومشكورا، بالمؤمنين ابناء الكنائس الشرقية التي نزحت إلى المملكة المتحدة نتيجة الضيقات التي تمر بها بلاد الشرق وخاصة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إذ بادر بمحبة واهتمام ، إلى زيارة هذه الكنائس دوريا ، ولقاء رموزها ورعاتها، والتحدث إلى رعاياها، ليتعرف على احتياجاتهم ويقف عن قرب معهم، ويسمع إلى ما مروا به من ضيقات ومعاناة، بل ينتعش روحيا بتراتيلهم التي يؤدونها بلغة السيد المسيح الآرامية ، فيبدي كل ما هو ممكن من مساعدة ، وفي كل ذلك تعزية كبيرة لهؤلاء، مجسدا بذلك قول الرب على لسان إشعيا النبي : عزوا عزوا شعبي (إش40: 1) .
وليس هذا غريبا على العائلة المالكة البريطانية ، فاذا عدنا بالتاريخ إلى القرن التاسع عشر، نجد أن المرحومة جلالة الملكة فكتوريا (1901+) تستقبل سنة 1874م. قداسة مار إغناطيوس بطرس الرابع البطريرك الأنطاكي (1894+) الذي قصدها للمساعدة في التخفيف عن معاناة وضيقات شعبنا في كنيستنا السريانية في الهند في تلك الفترة، حيث أبدت جلالتها كل عون ، ما جعل البطريرك يذهب إلى الهند ويرتب امور الكنيسة هناك وفي كل ذلك كان على اتصال مع جلالتها، ونال منها كل الدعم لنشاطاته في الهند.
ونحن ابناء الكنيسة السريانية الأنطاكية المقدسة إذ نبتهج ونثمن ونشكر ما يقوم به هذا الأمير المبجل، نرفع أكف الدعاء إلى الرب مخلصنا، أن يعضد ويسدد خطواته، ويبارك أعماله لما فيه خير الإنسانية وسمو المجتمع البشري على هذه الأرض، آمين.
14 كانون الثاني 2014م