لقد كانت معظم شعوب في العالم تعتقد ان سقوط الأنظمة الدكتاتورية سوف يفتح الباب على مصراعيه ويأتي بالخير الوفير ويأتي بالحريات والعدالة ويأتي بحكومات تشرع قوانين تحمي حقوق الأنسان وتحقق العدالة التي غابت عن هذه المجتمعات خلال القرون الماضية مستندة في ذلك على الصورة المتطورة في العالم التي يمضي قدما في ثورة الأنجازات العلمية في التكنولوجيا والصناعة والزراعة وفي مجال تنظيم الحياة الأجتماعية وفي ضمان حقوق الأنسان والتي لا تفرق بين انسان واخر بسبب الدين او لأي اعتبارات اخرى. وهذا يبدو جليا في الدول المتقدمة كما في الدول الأوروبية وفي أميركا وأستراليا وكندا ذات الأغلبية المسيحية، حيث يعيش المسلمون متساوون في الحقوق والواجبات في هذه البلدان وقد فتحت تلك الدول ابوابها امام الهاربين من الحروب ومن الظلم في بلدانهم ذات الأغلبية المسلمة .ولم تفرق بين المسيحي والمسلم المهاجر القادم الى تلك البلدان وهذا ما يظهر جليا في تزايد عدد المسلمين في اوروبا وأمريكا ،بالرغم من مشاكل التعصب الديني والأرهاب الذي يشارك فيه بعض المسلمين ،القادمين الى تلك الدول وهذا واضح في عدد المسلمين الذين انظموا الى القاعدة وداعش والى التنظيمات المتطرفة الأسلامية الأخرى وهم يشاركون في العمليات القتالية والأنتحارية في دول الشرق الأوسط وشمال افريقيا .والفوضى العارمة التي تجتاح الشرق وشمال افريقيا من قطع الرؤوس والخطف والتدمير الذي يشمل البنية التحتية والأقتصاد اضافة الى تهجير الأقليات اصحاب الأرض من المسيحيين قبل ظهور الأسلام في الجزيرة العربية بالأضافة الى اصدار تعليمات متخلفة من قبل التيارات المتطرفة الأسلامية كما كان في زمن طالبان والأن في الموصل وفي سوريا من قبل داعش واخواتها ومن هذه الأوامر هي تهجير المسيحيين والأستيلاء على ممتلكاتهم او اجبارهم على دفع الجزية او مواجهة القتل ،ان هذا التخلف الهمجي والعودة الى زمن الجاهلية والى زمن الغزوات يدل بالدليل القاطع مدى التخلف الذي اصاب هذه الشعوب ومدي التراجع في حقوق الأنسان ، اذ كيف يمكن لأنسان ونحن في القرن الواحد والعشرين ان يجبر انسان على تغير دينه بالقوة ؟، اضافة الى اجبار النساء على الختان كما اعلن تنظيم داعش في الموصل اضافة الى تشريع زواج النكاح الذي اباحه هذا التظيم الأرهابي ، ومن هنا يظهر مدى التخلف والتراجع الذي تحقق في المجتمعات ذات الأغلبية المسلمة والتي تلقي بظلالها وغيومها السوداء على العالم . لذلك على العالم والشعوب الأسلامية التحرك وبسرعة لمعالجة اسباب التطرف ومقاتلة تلك التنظيمات بكل قوة قبل فوات الأوان ، كما على العالم مساعدة الدول التي تكافح الأرهاب بالسلاح والمعلومات لأن الخطر يهدد الجميع والصورة القاتمة في سوريا والعراق وفي ليبيا واليمن ودول اخرى يبرهن مدى التراجع الذي اصاب هذه المجتمعات نتيجة لجوء الأرهاب الى استخدام الدين في السيطرة على هذه الشعوب ومحاولة تطبيق الشريعة الأسلامية في هذه الدول. فهل تواجه هذه الشعوب هذه الحقيقة وتحاول معالجة هذه المعضلة ؟ ام تستمر في دفن رؤوسها في التراب لكي لا ترى الحقيقة، ان عدم معالجة التطرف الديني سوف يأتي بالدمار على المنطقة والعالم وأن الشعوب المسلمة سوف تكون الخاسر الأكبر في هذه العاصفة السوداء، وأن الله من وراء القصد.