القديس يوسف خطيب مريم . لا نعرف عن طفولته إلا القليل ، تخبرنا قصص الإنجيل بأنه كان من بيت لحم لهذا لجأ إليها في أيام إحصاء السكان الذي أمر به أوغسطس قيصر . كما ذكر لنا بأن يوسف أراد العودة إلى بيت لحم بعد رجوعه من مصر لكن الأمر الذي إستلمه من السماء قادهُ إلى الناصرة , كما نطالع عن بنوته الشرعية في إنجيل متى فيقول : إنه إبن يعقوب ( 16:1 ) بينما لوقا كتب عنه بأنه إبن عالي ( 23:3 ) . فهل كان ليوسف البار أبوان ؟
في سفر التثنية ( 5:25 ) يقول ، عندما يموت رجل ولم يخلف ولداً ، كان من واجب أخيه أن يتزوج أرملة أخيه . وكان البكر منها يعتبر إبناً شرعياً للزوج الأول ، وإن كان من حيث الطبيعة إبن الزوج الثاني . أما عن زمن ولادة يوسف بحسب الإستنتاجات ، فيوسف قد ولد في السنة 25 ق.م . ويسوع ولد في نحو السنة السادسة ق.م . وهي السنة التي فيها تم الإحصاء الروماني . أما عن تاريخ ميلاد المسيح يوم 25 كانون الثاني فلم يعمل به إلا بعد ثلاثمائة سنة ليكون بديلاً من عيد الشتاء الوثني ، لا لإحياء ذكر تاريخ ولادة المسيح . أما عن زمن وصول المجوس والنجم فإنهم لم يصلوا في يوم ميلاده في المغارة ، بل بحسب الأناجيل إلتقوا بالمسيح بعد ولادته في البيت . لكن بعد أربعين يوماً على أقل تقدير . أي بعد أن قُدِمَ إلى الهيكل بعد ثمانية أيام على يد سمعان الشيخ ، وختانه . وبعدها بإثنين وثلاثين يوماً إلتقى بالمجوس ، وهذا يتفق مع الإمتثال لأحكام الشريعة في ما يخص بإطهار مريم العذراء ، وبعد لقاء المجوس جاء يوم هرب مار يوسف مع مريم والطفل إلى مصر . كما نستنتج بأن مار يوسف لم يتجاوز الثامنة عشر من عمره حين خطب مريم وكانت هي أصغر منه بسنتين أو ثلاثة فقط . وهذا يناهض التقاليد الشعبية القديمة بأن يوسف كان رجلاً مُسناً . الفريسيون كانوا يبغضون يسوع ويحاربوه بمختلف الطرق للنيل منه ، كذلك لأجل تلويث سمعته ، لكنهم لم يعيروه يوماً بأن أباه شيخاً كبيراً وأمه صغيرة قياساً به . كما لم يلّمحوا ولو لمرة واحدة إلى عدم شرعيته أو هناك فارق في العمر يجذب الإنتباه . لم يعد لأحد يشاهد يوسف متقدماً في السن ، بل يقدر بأنه إنساناً بالغاً تضفي عليه لحيته طابع الرجولة ، قليل الكلام ، طويل الأناة في أشد الصعوبات . بار مطيع لوصايا الله الذي إختارهُ لكي يدخل في الثالوث الذي إختاره في خطته الخلاصية لبني البشر ليكون أباً لأبنه المتجسد . الله أعطاه نعمة كافية لحماية بتوليته ليبقى نقياً وبحسب خطة السماء ليعمل بدقة بكل ما يريده الله منه كأب بالذخيرة لإبنه يسوع . كذلك ليكون حافظاً لبتولية مريم خطيبته أمام الله والناس ليظهر أمام الجميع كأن مريم زوجته لكي لا تحسب زانية بدون رجل ، أو يظهر إبنها كإبن غير شرعي أمام المجتمع . وبهذا يجعل الله مريم خليقة تفوق جميع الخلائق بأخلاقها وسيرتها . فمقام هذين الزوجين القديسين قد أضفى على زواجهما الى طابع القداسة .
تناقش بعض اللاهوتيين ليعرفوا هل منح مار يوسف مواهب خاصة نظراً لدعوته التي كانت تقضي المطابقة التامة لمشيئة الله . ومن الأسئلة التي خطرت ببال هؤلاء السؤال التالي : هل انتقل إلى السماء في جسده ونفسه على مثال مريم ؟ يقول البعض إنه يجوز لنا أن نفترض هذا الإمتياز أيضاً التي حددت عقيدة إنتقال مريم . نعم الله وهب يوسف مريم كرفيقة حياة فقط ، وحارساً لشرفها ومشاركاً في مقامها السامي بسبب الرباط الزوجي البتولي كما تخبرنا الأناجيل . في أيامنا تدَعي بعض الطوائف المنشقة التي تحمل بدع وهرطقات وتفسيرات خاطئة بأن مريم رزقت أولاداً من يوسف ، أو يوسف كان متزوجاً قبل زواجه من مريم وكل هذه الأخبار لا تستند إلى أي نص كتابي .
الصفاة التي أهلت يوسف لأبوة إبن الله . وبعض النصوص الإنجيلية تشير وكأن يوسف هو أبو يسوع . ويوسف يحتل مكاناً في شجرة نسب يسوع التي تبدأ من يوسف إلى داود ، والملاك أمره بأن يسمي الطفل المولود ( يسوع ) ( مت 1: 21-25 ) . أبناء الناصرة كانوا يعدون يوسف أباً ليسوع بدون أدنى شك . فقالوا عن يسوع ( أليس هذا يسوع إبن يوسف ونحن نعرف أباه وأمهُ ) " يو 42:6 " .
كما أن العذراء كانت تحسب يوسف بأنه أباً ليسوع ، قالت لإبنها ( يا بني ، لم صنعت بنا ذلك ؟ فأنا وأبوك نبحث عنك متلهفين ) " لو 48:2 " . يوسف هو أبو يسوع ( لكن ليس بالتبني ! ) . يوسف الذي أعطى ليسوع الحب الأبوي والأمان والطعام ليس أبوه بالتبني . الولد بالتبني يعني أنجبه والدان غير اللذين يتبنيانه ، وهو غريب عن عائلته الجديدة . لكن هذه الحالة ليست حالة يسوع لأن الله وحّدَ مريم ويوسف ليجعل منهما العائلة المقدسة حيث يستطيع الإبن الإلهي أن يأتي إلى العالم وأن يحصل على التربية والحب والحنان . يسوع إنتمى إلى عائلة يوسف ، فلا يجوز أن نسمي يوسف ( أباً بالتبني ) ، لهذا وجب أن نختار له لقباً آخر يليق بمار يوسف البار ليكون صلة بالأبوة ، لأن بين الأثنين علامات ابوية تختلف عما ظنه محيطه بأن بينهما أبوة طبيعية . ينطلق علم اللاهوت القديس يوسف إلى أن مقامه يفوق سائر الرجال بإستثناء يسوع ، والسبب هو الإختيار الإلهي الذي خص به ليكون خطيباً لمريم وأباً ليسوع بطريقة بتولية والمقام يعني الشأن والسمو والإستحقاق الشخصي . وفي إلفته بمريم ويسوع دليل على أنه يفوق سائر الرجال . وقداسته تأتي بعد قداسة العذراء ، ولولا هذا الإستحقاق لما أختاره الله للقيام بهذا الدور .
كان ليوسف حياة مستترة في سر مرتبط مع السماء وبأمر السماء كان يعمل بدقة . لم يذكر في الأناجيل معلومات عن حياة يوسف عدا التي ذكرها لوقا في الآيتين التاليتين ( ثم نزل يسوع معهما ، وعاد إلى الناصرة ، وكان طائعاً لهما ، وكان يتسامى في الحكمة والقامة والخطوة عند الله والناس ) " لو 2: 51-52 " . كان يوسف محامي العائلة المقدسة . الأناجيل لم تذكر أي كلام نطق به يوسف لأنه كان صامتاً يعمل بورشة النجارة متأملاً في حياة القداسة .
كرمته الكنيسة برسم أيقونات له وتماثيل ، وتسمية الكنائس والمذابح بإسمه . كما أطلقت الكنيسة ألقاب كثيرة بإسمه ، ومنها ( مثال العمال ، وشفيع العائلات ، وشفيع المحتضرين ، وشفيع الفقراء ، وشفيع المرضى ، وشفيع المتبتلين ، وشفيع الصلاة والحياة الباطنية ، وشفيع الميتة الصالحة .
الأناجيل لا تذكر شيئاً عن وفاته لكن هناك شيئاً أكيداً بأنه توفي قبل أن يبدأ المسيح بنشر رسالة الإنجيل ، ففي عرس قانا كان يسوع ومريم موجودين فقط . كذلك عند الصليب كانت مريم لوحدها .
تحتفل الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية بعيده يوم 19 آذار من كل عام . كما صدر أول تصريح في 8/ 12 / 1870 حين وضع البابا بيوس التاسع الكنيسة الكاثوليكية كلها في رعاية القديس يوسف مسمياً أياه ( شفيع الكنيسة الجامعة ) كما هناك ثلاث وثائق بابوبة أخرى تخص مار يوسف .
نطلب شفاعة القديس مار يوسف ليحمي كنيسة إبنه الإله .
توقيع الكاتب ( لأني لا أستحي بالبشارة ، فهي قدرة الله لخلاص كل من آمن ) " رو 16:1"