قناة عشتار الفضائية
 

غبطة البطريرك يونان يترأّس الصلاة الافتتاحية الرسمية لأسبوع الصلاة من أجل وحدة الكنائس في كنيسة مار اغناطيوس في الكرسي البطريركي، المتحف – بيروت

 

عشتارتيفي كوم- بطريركية السريان الكاثوليك/

 

في تمام الساعة السادسة من مساء يوم السبت 18 كانون الثاني 2025، ترأّس غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، الصلاة الافتتاحية الرسمية لأسبوع الصلاة من أجل وحدة الكنائس، بحسب الطقس السرياني الأنطاكي، وذلك في كنيسة مار اغناطيوس الأنطاكي، في الكرسي البطريركي، المتحف – بيروت.

    شارك في الصلاة صاحب الغبطة الكردينال مار بشارة بطرس الراعي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للموارنة، وصاحب الغبطة يوسف العبسي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك، وصاحب القداسة آرام الأول كيشيشيان كاثوليكوس كيليكيا للأرمن الأرثوذكس، وصاحب الغبطة روفائيل بيدروس الحادي والعشرون ميناسيان كاثوليكوس بطريرك كيليكيا للأرمن الكاثوليك، وصاحب السيادة المطران باولو بورجيا السفير البابوي في لبنان، وصاحب النيافة المطران مار اقليميس دانيال كورية ممثّلاً صاحب القداسة مار اغناطيوس أفرام الثاني بطريرك أنطاكية وسائر المشرق والرئيس الأعلى للكنيسة السريانية الأرثوذكسية في العالم أجمع، والقسّ جورج مراد ممثِّلاً القسّ جوزف قصّاب رئيس المجلس الأعلى للكنيسة الإنجيلية الوطنية في لبنان وسوريا، ورؤساء الكنائس في لبنان أو ممثّلوهم.

    وشارك من كنيستنا السريانية الكاثوليكية أصحاب السيادة: مار أفرام يوسف عبّا رئيس أساقفة بغداد وأمين سرّ السينودس المقدس، ومار متياس شارل مراد النائب العام لأبرشية بيروت البطريركية، ومار اسحق جول بطرس مدير إكليريكية سيّدة النجاة البطريركية بدير الشرفة ومسؤول رعوية الشبيبة، والآباء الخوارنة والكهنة من الدائرة البطريركية، ومن دير الشرفة، ومن أبرشية بيروت البطريركية، والرهبان الأفراميون، والراهبات الأفراميات، وطلاب إكليريكية سيّدة النجاة البطريركية بدير الشرفة.

    كما شارك أيضاً عدد من المطارنة والخوارنة والكهنة والرهبان والراهبات والشمامسة من مختلف الكنائس، وجموع من أبناء رعايا أبرشية لبنان البطريركية وإرسالية العائلة المقدسة للمهجَّرين العراقيين في لبنان للسريان الكاثوليك، ومن المؤمنين من الكنائس الشقيقة.

    بعد صلاة البدء التي أعلنها غبطة أبينا البطريرك، أقيمت رتبة صلاة بحسب الطقس السرياني الأنطاكي، تخلّلَتْها ترانيم باللغة السريانية، أدَّاها الجوق البطريركي وطلاب إكليريكية سيّدة النجاة البطريركية بدير الشرفة، وقد جمعت الصلوات والترانيم نُخَباً مختارةً من صلوات زمن الدنح المقدس وأحدَي تقديس البيعة وتجديدها.

    وتوالى على تلاوة الصلوات الخاصّة والقراءات المقدسة من العهدين القديم والجديد، الآباءُ البطاركةُ والمطارنةُ من مختلف الكنائس. فجاءت الرتبة منسَّقةً ومنظَّمةً بشكلٍ مرتّبٍ ولائقٍ، وكانت أمانة سرّ بطريركيتنا السريانية الكاثوليكية قد هيّأت برنامج الرتبة في كرّاس خاص بالمناسبة.

    وبعد الإنجيل المقدس، ألقى غبطة أبينا البطريرك موعظة روحية بعنوان "... وعلِّموهم أن يحفظوا كلَّ ما أوصيتُكم به، وهاءنذا معكم طوال الأيّام إلى نهاية العالم". فرحّب غبطته بجميع الحاضرين، مؤكّداً على ضرورة الصلاة من أجل وحدة الكنائس، ومتطرّقاً إلى أهمّية أن "نلتقي في هذا الكرسي البطريركي وهذه الكنيسة المُشيَّدة على اسم القديس مار اغناطيوس الأنطاكي، الأسقف الشهيد، وهو من أشهر الآباء الرسوليين معلّمي الإيمان، الذي طحنَتْه أنياب الوحوش وأضحى خبزاً نقياً للمسيح، كما كتب في رسالته إلى كنيسة روما. هذا القديس هو أوّل مَن أعطى صفة الجامعية للكنيسة، إذ كتب في إحدى رسائله السبع: "حيث يسوع المسيح هناك الكنيسة الجامعة". وهي صفة نردّدها في "قانون الإيمان"، وبها يتميّز اجتماعُنا الروحي هذا المساء. كما عرفَتْها بنوع خاص الكنائس المشرقية منذ العهود الرسولية، ولا تزال تعيشها، رغم ما تنتاب تعدُّديتها في السلطة والطقوس والتقاليد من أزمات وتحدّيات ومؤثّرات سياسية وثقافية قد تنالُ من أمانتها لمعلّمها الإلهي وكرازتها ببشرى الخلاص".

    ونوّه غبطته إلى أنّنا "نتشارك جميعاً صلاة الافتتاح لهذا الأسبوع، على مثال الكنيسة الأولى التي كان أعضاؤها يجتمعون معاً ويصلّون سويّةً بقلبٍ واحدٍ وروحٍ واحدةٍ، "مجتهدين في المحافظة على وحدة الروح برباط السلام"، ومجسّدين المحبّة علامةً مميَّزةً لمشاركتنا في إنجيل الخلاص. جميعنا أعضاءٌ في جسدٍ واحدٍ رأسه المسيح، وعلينا أن نعيش وحدتنا بصدقٍ ومصداقيةٍ، بروح المحبّة الأخوية، والحوار والإنفتاح المستمرّ على بعضنا البعض، من خلال الإصغاء المتواضع إلى يسوع معلّمنا ومثالنا، كي يؤمن العالم بشهادتنا، وعلى رجاء أن يتعرّف علينا الربّ ويعترف بنا تلامذةً له في مجيئه الثاني المجيد".

    ولفت غبطته إلى الحاجة "اليوم إلى إيمانٍ راسخٍ بالرب يسوع، على مثال مريم وأختها مرتا التي دعاها الرب إلى الإيمان به إلهاً حيّاً، بقوله: "أتؤمنين بهذا؟"، وهي الآية التي اتُّخِذَت شعاراً لأسبوع الصلاة من أجل الوحدة في هذه السنة. كما نُحيي ونحتفل هذا العام بيوبيلٍ إيماني بامتياز، هو مرور 1700 عام على انعقاد مجمع نيقية المسكوني الأول. فهل تساءَلْنا أين هي أنطاكية ونيقية في مسيرة إيماننا اليوم؟ لقد نقلت إلينا نيقية، بعد مخاضٍ طويلٍ من الدراسات المضنية، وبعد صلواتٍ وتأمّلاتٍ عميقةٍ، جوهر إيماننا بأعظم أسراره، أي: أسرار الثالوث الأقدس، والخَلق، والتجسُّد الإلهي، والفداء بالآلام والموت والقيامة، وسرّ التقديس بالروح القدس وماء المعمودية".

    وتأمّل غبطته "بهذا اليوبيل، الذي يحييه جميع المؤمنين بالرب يسوع ويجمعهم، بالإلتزام غير المنفصل بطلب المعلّم الإلهي أن نبقى واحداً فيه، كما عبّر جهاراً في صلاته إلى أبيه السماوي ليلة إقباله على الصلب والموت فداءً لجنسنا البشري: "ليكونوا بأجمعهم واحداً كما نحن واحد". ولكي نحقّق هذا الهدف الذي نحنّ إليه جميعُنا، نحتاج اليوم إلى يقظةٍ إيمانيةٍ مُبرِّرةٍ ومُحييةٍ، نعيشها بصدقٍ في عائلاتنا وكنائسنا ومجتمعاتنا، كي تثمر شهادتنا للإنجيل! وإن كنّا ننادي بإيمانٍ واحدٍ ورجاءٍ واحدٍ، فلنسأل ذواتنا أين نحن من المحبّة، رباط الكمال؟ أجل، إنّ الوحدة المنظورة لكنائسنا هي نعمةٌ إلهيةٌ وعطيةٌ من الروح القدس، لأنّ التاريخ، بما فيه من سلبياتٍ وخواصِّ التقاليد واللغات، فرض على كنائسنا أن تتعدّد في بلاد الشرق الأوسط، وليس هناك من سبيل للوصول إلى توحيد السلطة والمؤسّسات. ولكن على المحبّة أن توحِّد النفوس والقلوب ليؤمن العالم، وهي المحبّة التي تعلو ولن تزول".

    وأكّد غبطته على أنّه "لا يخفى على أحدٍ أنّ توق الإنسانية إلى السلام وحاجتها إليه يعودان إلى غابر الأزمنة منذ نشأة الخليقة العاقلة. أمّا الرجاء فهو فضيلةٌ إلهيةٌ تحنّ إليها النفوسُ المؤمنة، في عالمٍ تكتنفه المخاوف وتهدّده ظلماتُ الشرور والإيديولوجيات المُعلَنة والخفيّة التي تتسرّب عبر وسائل التواصل الإجتماعي، عابرةً الزمان والمكان. وفي غمرة التحوّلات المفاجئة والمتراكمة في مجتمعاتنا المشرقية، تأتي دعوة قداسة البابا فرنسيس إلى إحياء سنة الرجاء اليوبيلية، استجابةً ناصعةً للآمال والتطلُّعات التي على الكنيسة أن تقدّمها لعالمٍ يتخبّط في تعرُّجات الشكوك، بل اليأس والقنوط، وتأكيداً ساطعاً على الوعد الثابت للرب يسوع القائل: "هاءنذا معكم طوال الأيّام إلى نهاية العالم"، مهما قست الظروف وعظمت التحدّيات".

    وأشار غبطته إلى أنّنا "جميعنا مدعوون اليوم لنقدّم مبرِّراً مُقنِعاً لرجائنا الذي لا يُخَيِّب في الرب يسوع "الطريق والحقّ والحياة"، لذَوي الإرادة الصالحة في العالم أجمع، لا سيّما للأجيال الصاعدة المتعطّشة إلى الحرّية الحقّة والبنّاءة. وعلينا أن نعترف بدايةً بالنقائص والأخطاء التي ارتكبها البعض منّا، تجاه الأضعف بين إخوتنا وأخواتنا المؤتَمَنين إلى رعايتنا، ليستقيم تعليمنا، ونتمثّل بتفاني الراعي الصالح ومحبّته ووداعته تجاه الجميع".

    وتناول غبطته الأوضاع الراهنة في لبنان، فقال: "صلاتُنا معاً في هذا المساء من أجل الوحدة علامةُ رجاءٍ حيٍّ للمسيحيين في العالم كلّه، وبشكلٍ خاصّ لكنائسنا في الشرق الأوسط، لا سيّما في لبنان الذي بدأ يلوح فيه بريق الأمل بغدٍ مُشرِقٍ مع انتخاب فخامة رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، الذي يطيب لنا أن نقدّم له باسمكم جميعاً التهاني والأدعية من أجل أن يعضده الرب ويقوّيه في قيادة لبناننا الحبيب وانتشاله من وهدة الأزمات التي يتخبّط بها منذ سنوات، سياسياً واقتصادياً وأمنياً، مع جميع معاونيه في خدمة هذا الوطن – الرسالة، وفي مقدّمتهم الحكومة الجديدة التي نتمنّى لرئيسها المكلَّف القاضي نوّاف سلام التوفيق في تشكيلها من ذوي الكفاءة والاختصاص. فتتضافر الجهود للنهوض بالوطن وتحقيق تقدُّمه وازدهاره وعودة من هجره إليه، وخاصّة الشباب، مستقبله الباسم".

    وتوقّف غبطته عند الأحوال "في سوريا العزيزة التي عانى مواطنوها الصعوبات والآلام نتيجة الصراعات الهدّامة التي ابتُلِيَت بها منذ سنواتٍ عديدةٍ، والتي نسأل الله أن تعود إلى سابق عهدها من التطوّر والازدهار، بتكاتُف جميع مواطنيها على نتوُّع مكوّناتهم، بالمساواة والحرّية، ولا سيّما المكوِّن المسيحي الأصيل والمؤسِّس فيها".

    وعبّر غبطته "عن الارتياح الكبير بقرب انتهاء مأساة حرب غزّة مع إنجاز اتّفاق وقف إطلاق النار"، آملاً أيضاً "أن يتجنّب العراق العزيز النزاعات والانقسامات بتعاضُدِ أبنائه ووحدتهم، وخاصّةً شعبنا المسيحي، لمتابعة مسيرة النهوض ببلدهم"، مستذكراً "أبناءنا في مختلف بلدان الشرق وفي عالم الانتشار حيث تشتّت أهلنا، والذين يحافظون على ثباتهم بالإيمان رغم التحدّيات الجمّة".

    وشكر غبطته "اللجنة الأسقفية للعمل المسكوني في مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان، ومجلس كنائس الشرق الأوسط، على إعداد صلوات هذا الأسبوع وتنظيمها والدعوة إليها"، مهنّئاً "مجلس الكنائس بمناسبة سنة اليوبيل الخمسين على تأسيسه، سائلين الله أن يوفّقه في متابعة تأدية رسالته في خدمة الشركة والوحدة بين الكنائس في الشرق الأوسط، بعيش الحقيقة في المحبّة، تجسيداً لدعوة الرب يسوع لنا".

    وختم غبطته موعظته ضارعاً "إلى الربّ يسوع في هذا المساء وفي الأيّام القادمة من هذا الأسبوع المبارك المخصَّص للصلاة من أجل الوحدة، مقتدين بآبائنا الملافنة السريان الذين ابتهلوا إلى الله في صلواتهم كي يجمع أبناءه المؤمنين إلى واحد، حسبما نصلّي في صلاة الفرض الأسبوعية البسيطة "الشحيمة": ܡܫܺܝܚܳܐ ܪܰܒ ܪ̈ܳܥܰܘܳܬܳܐ ܟܰܢܶܫ ܥܳܢ̈ܳܟ ܕܰܡܒܰܕܪܳܐ أيّها المسيح ربّ الرعاة، إجمع خرافك المبدَّدة" (تجدون النصّ الكامل لموعظة غبطته في خبر خاصّ على صفحة الأخبار هذه في الموقع الرسمي للبطريركية).

    وكان الأب طانيوس خليل مقرِّر لجنة العمل المسكوني في مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان وعميد كلّية العلوم الكنسية في جامعة الحكمة ببيروت، قد افتتح الصلاة بالتعريف بأسبوع الصلاة من أجل وحدة الكنائس الذي يقام كلّ عام، وإعلان انطلاقة أسبوع الصلاة لهذا العام.

    وقبل ختام الصلاة، ألقى سيادة المطران يوسف سويف رئيس لجنة العمل المسكوني في مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان وراعي أبرشية طرابلس المارونية، كلمةً شكر فيها غبطةَ أبينا البطريرك والآباءَ البطاركة والأساقفةَ والإكليروس والمؤمنين المشاركين في الصلاة، باسم اللجنة، وباسم مجلس كنائس الشرق الأوسط، منظِّمَي صلوات هذا الأسبوع، متعمّقاً بأهمّية الإيمان في حياة المؤمن، ورافعاً الصلاة من أجل أن تتحقّق وحدة المسيحيين كما يريدها الرب يسوع.

    وفي ختام الصلاة، انتقل الجميع إلى الصالون البطريركي، حيث استقبل غبطةُ أبينا البطريرك الآباءَ البطاركةَ والأساقفةَ والكهنةَ والإكليروس والمؤمنين، في لقاء محبّة بهذه المناسبة المباركة.