قناة عشتار الفضائية
 

البابا فرنسيس يستقبل بالفاتيكان المشاركين في الجمعيّة العامّة للجنة اللاهوتيّة الدّوليّة

 

عشتار تيفي كوم - الفاتيكان نيوز/

"في عالم معقَّد ومستقطبٍ في كثير من الأحيان، مطبوعٍ بشكل مأساويّ بسبب النّزاعات والعنف، تصبح محبّة الله التي ظهرت في المسيح وأُعطيت لنا في الرّوح القدس، نداءً موجّهًا إلى الجميع لكي نتعلّم أن نسير في الأخوّة، ونكون بُناة عدالة وسلام. بهذه الطّريقة فقط يمكننا أن نزرع بذار الرّجاء حيث نعيش" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في كلمته إلى المشاركين في الجمعيّة العامّة للجنة اللاهوتيّة الدّوليّة
 

استقبل قداسة البابا فرنسيس صباح الخميس في القصر الرسولي بالفاتيكان المشاركين في الجمعيّة العامّة للجنة اللاهوتيّة الدّوليّة وللمناسبة وجّه الأب الأقدس كلمة رحب بها بضيوفه وقال نحن قريبون من فتح الباب المقدّس لليوبيل، وقد اختتمنا قبل فترة قصيرة الجمعيّة العامّة العاديّة السّادسة عشرة لسينودس الأساقفة. انطلاقًا من هذَين الحدثَين، أودّ أن أوجّه إليكم فكرتَين: الأولى هي أن نضع المسيح مجددًا في محور الحياة، والثّانية هي أن نطوّر لاهوت للسّينودسيّة.


تابع البابا فرنسيس يقول أن نضع المسيح مجددًا في محور الحياة. يدعونا اليوبيل لكي نكتشف وجه المسيح مجدّدًا، ونركّز أنفسنا فِيهِ. خلال هذه السّنة المقدّسة، سنحتفل أيضًا بذكرى مرور ١٧٠٠ سنة على المجمع المسكونيّ الأوّل الكبير، مجمع نيقية. يشكّل هذا المجمع حجر الأساس في مسيرة الكنيسة، والبشريّة كلّها أيضًا، لأنّه صاغ إيماننا بيسوع، ابن الله الذي تجسّد من أجلنا ومن أجل خلاصنا، وأعلنه نورًا يُنير معنى واقع ومصير التّاريخ كلّه. وهكذا أجابت الكنيسة على دعوة بطرس الرّسول: "قدِّسوا الرَّبَّ المَسيحَ في قُلوبِكم. وكونوا دائِمًا مُستَعِدِّينَ لأَن تَرُدُّوا على مَن يَطلُبُ مِنكم دَليلَ ما أَنتم علَيه مِنَ الرَّجاء".

هذه الدّعوة، الموجّهة إلى جميع المسيحيّين، يمكن أن تُطبَّق بشكل خاصّ على الخدمة التي يُدعَى اللاهوتيّيون إلى تقديمها لشعب الله: أن يعززوا اللقاء مع المسيح، ويتعمّقوا في معنى سرّه، لكي نفهم بشكل أفضل "ما هو العَرْضُ والطُّول والعُلُوُّ والعُمق، ونَعرِف مَحبَّةَ المسيحِ الَّتي تَفوقُ كُلَّ مَعرِفة".


أضاف الأب الأقدس يقول لمّا أكّد مجمع نيقية أنّ الابن هو من جوهر الآب عينه، سلّط الضوء على أمر جوهري، وهو إنّنا في يسوع يمكننا أن نعرف وجه الله، وفي الوقت عينه، وجه الإنسان أيضًا، فنكتشف أننا أبناءً في الابن وإخوة في ما بيننا. أخوّة، متجذّرة في المسيح، تصبح لنا واجبًا أخلاقيًّا أساسيًّا. من المهمّ، إذن، أنّكم كرّستم جزءًا كبيرًا من هذه الجمعيّة العامّة للعمل على وثيقة تهدف لتَوضيح معنى الإيمان الحاضر الذي أُعلِنَ في نيقية. يمكن لهذه الوثيقة أن تكون ثمينة في سنة اليوبيل، لكي تُغذّي وتُعمّق إيمان المؤمنين، ولكي تقدّم أيضًا، انطلاقًا من شخصيّة يسوع، أفكارًا وتأمّلات مفيدة لنموذج ثقافيّ واجتماعيّ جديد، مُستَلهَمٍ من إنسانيّة المسيح.


تابع الحبر الأعظم يقول فاليوم، في الواقع، في عالم معقَّد ومستقطبٍ في كثير من الأحيان، مطبوعٍ بشكل مأساويّ بسبب النّزاعات والعنف، تصبح محبّة الله التي ظهرت في المسيح وأُعطيت لنا في الرّوح القدس، نداءً موجّهًا إلى الجميع لكي نتعلّم أن نسير في الأخوّة، ونكون بُناة عدالة وسلام. بهذه الطّريقة فقط يمكننا أن نزرع بذار الرّجاء حيث نعيش. أن نضع المسيح مجددًا في محور الحياة يعني أن نُعيد إشعال هذا الرّجاء مجدّدًا، واللّاهوت مدعو لكي يقوم بذلك، بعملٍ دائمٍ وحكيم، وفي حوار مع جميع المعارف الأخرى.


أضاف الأب الأقدس يقول ونأتي إلى نقطة التأمّل الثّانية: تطوير لاهوت للسّينودسيّة. لقد خصّصت الجمعيّة العامّة العاديّة لسينودس الأساقفة نقطة في الوثيقة النّهائيّة لمهمّة اللّاهوت، في سياق "المواهب والدّعوات والخِدْمَات من أجل الرّسالة"، وصاغت هذه الأمنية: "تدعو الجمعيّة المؤسّسات اللّاهوتيّة إلى مواصلة البحث الهادف إلى إيضاح وتعميق معنى السّينودسيّة". لذلك، بالإضافة إلى محورية المسيح، أودّ أن أدعوكم لكي تأخذوا بعين الاعتبار البعد الكنسيّ أيضًا، لكي تطوّروا بشكل أفضل هدف السّينودسيّة الإرساليّ، ومشاركة شعب الله بأسره في تنوّع ثقافاته وتقاليده. أودّ أن أقول إنّ الوقت قد حان للقيام بخطوة جريئة: أن نطوِّر لاهوتًا للسّينودسيّة، تأمّل لاهوتيّ يساعد ويشجّع ويُرافق العمليّة السّينودسيّة، في مرحلة إرساليّة جديدة، أكثر إبداعًا وجرأةً، تستلهم من إعلان الخلاص وتشمل جميع مكوّنات الكنيسة.


وخلص البابا فرنسيس إلى القول أختتم مع الأمنية: بأن تتمكنوا من أن تكونوا مثل يوحنّا الرّسول، الذي في ثقته كتلميذ محبوب، وضع رأسه على قلب يسوع. وكما ذكَّرتُ في الرّسالة العامّة، "لقد أحَبَّنا"، إنّ قلب يسوع الأقدس "هو المبدأ الموحِّد للواقع، لأنّ المسيح هو قلب العالم، وفصح موته وقيامته هو محور التّاريخ، الذي بفضله هو تاريخ خلاص". إذا بقيَ لاهوتكم مستندًا إلى قلب الرّبّ فسيستقي من الينبوع ويحمل ثمارًا في الكنيسة والعالم. أيّها الإخوة والأخوات، أشكركم على خدمتكم. أرافقكم ببركتي، وأطلب منكم من فضلكم أن تصلّوا من أجلي.